أبو جهاد الشامي
06-12-2007, 11:08 PM
اليهود في لبنان
بين الماضي والحاضر
محمد عطوي- باحث لبناني
مقدمة
طالبت اسرائيل اخيرا بتعويض اليهود الذين كانوا يعيشون في البلاد العربية قبل هجرتهم اليها, وذلك النهم تركوا وراءهم ممتلكاتهم وارزاقهم. وخير مثال على اصل يهود البلاد العربية وكيفية معاملتهم من قبل العرب وكيفية هجرتهم الى اسرائيل هم يهود لبنان.
يعود الوجود اليهودي في البلاد العربية, بما في ذلك, في لبنان الى موجات متتالية اقدمها في القرن السادس قبل الميلاد. ثم كانت الموجة اليهودية الكبرى من اسبانيا بعد زوال الحكم العربي (وهم السقارديون- اليهود الشرقيون- الناطقون بلغة اللادينو) فانتشر القادمون اليهود في البالد العربية حتى اسيا الصغرى واصبحت العربية اللغة المشتركة بينهم وبين يهود البلاد القدامى.
ثم بدات مع بداية القرن التاسع عشر هرة اليهود من شرق اوروبا الى الدولة العثمانية (وهم الاشكنازيون- اي اليهود الغربيون- الذي يتكلمون في الغلب لغة الييديش). وقد زادت هذه الهجرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر, وتوجهت مع ظهور الحركة الصهيونية في بازل في سويسرا في عام 1897 نحو فلسطين.
ويقسم يهود البلاد العربية الى فئتين: الاولى: فئة اليهود الحاخاميين, والثانية: هي الفئة التي تضم جماعة القرائين وفرقة السامرين.
ولا يمكن معرفلة عدد اليهود في البلاد العربية بدقة قبل عم 1948. وقد قدرت الوكالة اليهودية عددهم (باستثناء يهود فلسطين) في لاحصاء الذي قدمته الى لجنة التحقيق الانكلو- اميركية عام 1946 بنحو 800 الف يهودي. غير ان احصاءات اخرى اكثر دقة تشير الى ان عددهم كان يراوح بين 644 الفا و701 الف, وكانوا موعين في الاقطار العربية المتعددة, اما عدد يهود فلسطين عام 1948 فكان 608,00 نسمة, وعدد العرب 1,267,000 نسمة. وكان عدد اليهود في لبنان في العام 1924 نحو 6,261 نسمة. وزاد عددهم بعد عام 1947 بقدوم مهاجرين يهود من سوريا فبلغ 11,000 نسمة عام 1955 وهاجر الى اسرائيل 6000 يهودي.
لقد اندمح يهود البلاد العربية, وخاصة لبنان, في حياة البلاد وتمتعوا بجميع الحقوق التي تمتع بها المواطنون العرب. وهذا امر لم يتوافر لليهود في اي مكان اخر. ففي الوقت الذي عاشوا فيه اوروبا داخل اطار الغيتوا (الحي السكني المنعزل) وتعرضوا للاضطهاد الديني كانوا في البلاد العربية, وخصة في لبنان, يشعرون بانهم جزء من المجتمع المحلي مع احتفاظهم بحريتهم الدينية وتراثهم وانتمائهم الطائفي.
وتمتع اليهود في لبنان ايام العثمانيين بحرية رعاية شؤون طائفتهم واعترف صك الانتداب بحقوق الطوائف الدينية. وكان المجلس الملي في بيروت يتولى ادراة شؤون الطائفة اليهودية.
وقد عملت غالبية اليهود في لبنان بالتجارة والصيرفة والصناعة والمهن الحرة والسياحة والترفيه, ووصل بعضهم الى مراكز عالية في بقض دوائر وزارة الاقتصاد, كما امتلك عدد منهم اراضي في جنوب لبنان.
وشكل اليهود القدامى في لبنان الطبةق العليا اجتماعيا. واما القادمون من سوريا فشكلوا الطبقة الوسطى. ورغم تأثرهم بالمدنية الفرنسية, فان معظمهم اندمج في المجتمع اللبناني. وكانت لهم مدارس خاصة طورت مناهجها على نسق المدارس الاجنبية, كما انشأت مؤسسة "الاليانس" اليهودية المدارس التي كانت تعلم بالفرنسية الى جانب العربية والعبرية, بالاضافة الى المدارس الدينية ومركز للتدريب المهني, وقد التحق عدد من اليهود بالجامعتين الاميركية واليسوعية في بيروت.
ومنح الدستور اللبناني في العام 1926 اليهود كغيرهم من الطوائف- الحقوق الادارية والسياسية الكاملة وقد احتج الزعماء اللبنانيون على اجراء سلطات فيشي ضد اليهود عام 1940.
ولم يوجه الشعور المعادي للصهيونية في لبنان بعد عام 1945 ضد اليهود ولا اثر قانون مقاطعة البضائع الصهيونية عام 1945 على وضعهم الاقتصادي. وقد عبر المجلس الملي اليهودي عن ولائه للبنان. ولم تمنع اجراءات الامن ثناء حرب 1948 اليهود من الاستمرار في اعمالهم التجارية, ودعا ممثلوهم الى جمع التبرعات لمناصرة القضية الفلسطينية والى استنكار الصهيونية. وقد الغيت الاجراءات الامنية الاحتياطية اللبنانية ضد اليهود بعد حرب فلسطين في العام 1948. وفي اجتماعات لجنة الهدنة اللبنانية- الاسرائيلية عام 1949 سمح لعدد محدود من الهيود بالهجرة من لبنان.
وقد حرص العرب في صراعهم مع الحركة الصهيونية على ان يؤكدوا دائما التمييز بين المواطنين اليهود الذين عاشوا معهم على مر العصور واليهود الصهيونيين الذين حملوا الفكرة السياسية المتمثلة في الدعوة الى الوطن القومي اليهودي.
ومع ذلك, فقد وجهت الحركة الصهيونية, ولا سيما بعد قيام اسرائيل عام 1948, حملة مركزة لزعزعة وجود اليهود في مجتمعاتهم العربية وحملهم على الهجرة الجماعية الى اسرائيل لدعم قدراتها البشرية والاقتصادية. واخذت الدراسات الاسرائيلية تركز على اوضاع الطوائف الهيودية في البلاد العربية وتظهرها مجدتمعات منفصلة تعيش في الدياسبورا (الشتات) وتنتظر العودة الى "ارض الميعاد" (فلسطين).
وظلت احوال اليهود في لبنان مزدهرة بعد عام 1948. الا ان اسرائيل قامت بحملة اعلامية واسعة في المحافل الدولية بحجة التدقيق في اوضاع يهود لبنان, ودبرت بعد عام 1965 خطة لحمل عدد من العاملين في الشركات والمصارف اللبنانية على تصفية اعمالهم في لبنان لزعزعة اقتصاده. واما ما حدث من هجرة يهودية من لبنان- هاجر من لبنان خلال الفترة 1948 و1972 الى اسرائيل نحو 6000 يهودي- فكان للبحث عن فرص افضل, ولا سيما لدى يهود لبنان وسوريا والعراق وايران الذين هاجر قسم منهم الى استراليا والاميركتين بمحض ارادتهم ولم يستجيبوا لمحاولات اسرائيل جذبهم اليها.
واما الموقف العربي من هجرة يهود البلاد العربية فهو ان هؤلاء اليهود هاجروا بملء ارادتهم وعليهم ان يعودوا الى وطنهم الاصلي, ولذا, لا يمكن تقديم التعويضات عليهم. ويذكر انه لا يزال في لبنان نحو مئة يهودي يعيشون وما زالوا يتمتعون بالحقوق نفسها لتي كانوا يتمتعون بها قبل قيام اسرائيل, اذ ان باستطاعتهم ممارسة حقهم في الانتخابات النيابية
بين الماضي والحاضر
محمد عطوي- باحث لبناني
مقدمة
طالبت اسرائيل اخيرا بتعويض اليهود الذين كانوا يعيشون في البلاد العربية قبل هجرتهم اليها, وذلك النهم تركوا وراءهم ممتلكاتهم وارزاقهم. وخير مثال على اصل يهود البلاد العربية وكيفية معاملتهم من قبل العرب وكيفية هجرتهم الى اسرائيل هم يهود لبنان.
يعود الوجود اليهودي في البلاد العربية, بما في ذلك, في لبنان الى موجات متتالية اقدمها في القرن السادس قبل الميلاد. ثم كانت الموجة اليهودية الكبرى من اسبانيا بعد زوال الحكم العربي (وهم السقارديون- اليهود الشرقيون- الناطقون بلغة اللادينو) فانتشر القادمون اليهود في البالد العربية حتى اسيا الصغرى واصبحت العربية اللغة المشتركة بينهم وبين يهود البلاد القدامى.
ثم بدات مع بداية القرن التاسع عشر هرة اليهود من شرق اوروبا الى الدولة العثمانية (وهم الاشكنازيون- اي اليهود الغربيون- الذي يتكلمون في الغلب لغة الييديش). وقد زادت هذه الهجرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر, وتوجهت مع ظهور الحركة الصهيونية في بازل في سويسرا في عام 1897 نحو فلسطين.
ويقسم يهود البلاد العربية الى فئتين: الاولى: فئة اليهود الحاخاميين, والثانية: هي الفئة التي تضم جماعة القرائين وفرقة السامرين.
ولا يمكن معرفلة عدد اليهود في البلاد العربية بدقة قبل عم 1948. وقد قدرت الوكالة اليهودية عددهم (باستثناء يهود فلسطين) في لاحصاء الذي قدمته الى لجنة التحقيق الانكلو- اميركية عام 1946 بنحو 800 الف يهودي. غير ان احصاءات اخرى اكثر دقة تشير الى ان عددهم كان يراوح بين 644 الفا و701 الف, وكانوا موعين في الاقطار العربية المتعددة, اما عدد يهود فلسطين عام 1948 فكان 608,00 نسمة, وعدد العرب 1,267,000 نسمة. وكان عدد اليهود في لبنان في العام 1924 نحو 6,261 نسمة. وزاد عددهم بعد عام 1947 بقدوم مهاجرين يهود من سوريا فبلغ 11,000 نسمة عام 1955 وهاجر الى اسرائيل 6000 يهودي.
لقد اندمح يهود البلاد العربية, وخاصة لبنان, في حياة البلاد وتمتعوا بجميع الحقوق التي تمتع بها المواطنون العرب. وهذا امر لم يتوافر لليهود في اي مكان اخر. ففي الوقت الذي عاشوا فيه اوروبا داخل اطار الغيتوا (الحي السكني المنعزل) وتعرضوا للاضطهاد الديني كانوا في البلاد العربية, وخصة في لبنان, يشعرون بانهم جزء من المجتمع المحلي مع احتفاظهم بحريتهم الدينية وتراثهم وانتمائهم الطائفي.
وتمتع اليهود في لبنان ايام العثمانيين بحرية رعاية شؤون طائفتهم واعترف صك الانتداب بحقوق الطوائف الدينية. وكان المجلس الملي في بيروت يتولى ادراة شؤون الطائفة اليهودية.
وقد عملت غالبية اليهود في لبنان بالتجارة والصيرفة والصناعة والمهن الحرة والسياحة والترفيه, ووصل بعضهم الى مراكز عالية في بقض دوائر وزارة الاقتصاد, كما امتلك عدد منهم اراضي في جنوب لبنان.
وشكل اليهود القدامى في لبنان الطبةق العليا اجتماعيا. واما القادمون من سوريا فشكلوا الطبقة الوسطى. ورغم تأثرهم بالمدنية الفرنسية, فان معظمهم اندمج في المجتمع اللبناني. وكانت لهم مدارس خاصة طورت مناهجها على نسق المدارس الاجنبية, كما انشأت مؤسسة "الاليانس" اليهودية المدارس التي كانت تعلم بالفرنسية الى جانب العربية والعبرية, بالاضافة الى المدارس الدينية ومركز للتدريب المهني, وقد التحق عدد من اليهود بالجامعتين الاميركية واليسوعية في بيروت.
ومنح الدستور اللبناني في العام 1926 اليهود كغيرهم من الطوائف- الحقوق الادارية والسياسية الكاملة وقد احتج الزعماء اللبنانيون على اجراء سلطات فيشي ضد اليهود عام 1940.
ولم يوجه الشعور المعادي للصهيونية في لبنان بعد عام 1945 ضد اليهود ولا اثر قانون مقاطعة البضائع الصهيونية عام 1945 على وضعهم الاقتصادي. وقد عبر المجلس الملي اليهودي عن ولائه للبنان. ولم تمنع اجراءات الامن ثناء حرب 1948 اليهود من الاستمرار في اعمالهم التجارية, ودعا ممثلوهم الى جمع التبرعات لمناصرة القضية الفلسطينية والى استنكار الصهيونية. وقد الغيت الاجراءات الامنية الاحتياطية اللبنانية ضد اليهود بعد حرب فلسطين في العام 1948. وفي اجتماعات لجنة الهدنة اللبنانية- الاسرائيلية عام 1949 سمح لعدد محدود من الهيود بالهجرة من لبنان.
وقد حرص العرب في صراعهم مع الحركة الصهيونية على ان يؤكدوا دائما التمييز بين المواطنين اليهود الذين عاشوا معهم على مر العصور واليهود الصهيونيين الذين حملوا الفكرة السياسية المتمثلة في الدعوة الى الوطن القومي اليهودي.
ومع ذلك, فقد وجهت الحركة الصهيونية, ولا سيما بعد قيام اسرائيل عام 1948, حملة مركزة لزعزعة وجود اليهود في مجتمعاتهم العربية وحملهم على الهجرة الجماعية الى اسرائيل لدعم قدراتها البشرية والاقتصادية. واخذت الدراسات الاسرائيلية تركز على اوضاع الطوائف الهيودية في البلاد العربية وتظهرها مجدتمعات منفصلة تعيش في الدياسبورا (الشتات) وتنتظر العودة الى "ارض الميعاد" (فلسطين).
وظلت احوال اليهود في لبنان مزدهرة بعد عام 1948. الا ان اسرائيل قامت بحملة اعلامية واسعة في المحافل الدولية بحجة التدقيق في اوضاع يهود لبنان, ودبرت بعد عام 1965 خطة لحمل عدد من العاملين في الشركات والمصارف اللبنانية على تصفية اعمالهم في لبنان لزعزعة اقتصاده. واما ما حدث من هجرة يهودية من لبنان- هاجر من لبنان خلال الفترة 1948 و1972 الى اسرائيل نحو 6000 يهودي- فكان للبحث عن فرص افضل, ولا سيما لدى يهود لبنان وسوريا والعراق وايران الذين هاجر قسم منهم الى استراليا والاميركتين بمحض ارادتهم ولم يستجيبوا لمحاولات اسرائيل جذبهم اليها.
واما الموقف العربي من هجرة يهود البلاد العربية فهو ان هؤلاء اليهود هاجروا بملء ارادتهم وعليهم ان يعودوا الى وطنهم الاصلي, ولذا, لا يمكن تقديم التعويضات عليهم. ويذكر انه لا يزال في لبنان نحو مئة يهودي يعيشون وما زالوا يتمتعون بالحقوق نفسها لتي كانوا يتمتعون بها قبل قيام اسرائيل, اذ ان باستطاعتهم ممارسة حقهم في الانتخابات النيابية