ابو شجاع
06-04-2007, 01:11 PM
التوطين: حلم أم كابوس!؟
الحمد لله الذي بصّرنا بالعروة الوثقى التي نسترشد بها في إدراك ما نأتي أو ما ندع من الأعمال، معرضين عن سلالات أبي لهب وأبي جهل، والصلاة والسلام على مؤسس دولة الإسلام، محطّم جبروت الأصنام، أبي القاسم محمّد، وعلى آله وأصحابه، فرسان ميادين العزّة، الذين بسطوا ألوية الفتح في الكون، حتّى لا تعلو كلمة فوق كلمة الله، وانخلعوا من رابطة الأرض والدم، داخلين في رحاب الرابطة المثلى: أخوّةٍ في الله، لا تفكّ أواصرَها مَسافاتٌ أو سنوات.
وبعد...أيها السادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها نحن نلتقي، في جمْعٍ من الذين تشغلهم شؤون الأمة وشجونها، نتدارس قضية فلسطين، حاضنةِ المسجد الأقصى، في أحد ملفّاتها الحسّاسة، ملفّ التوطين. فجزى الله خيراً الإخوة الذين عملوا على أن يكون هذا اللقاء، وأسال الله أن يعمّهم الخير والأجر، وأن يرفع مراتبهم في جنّة الخلد.
وقبل أن ألج في موضوعنا، لا بدّ من توجيه خالص التحيّة إلى إخوتنا المجاهدين في المسجد الأقصى، وما حوله، وإلى سائر مجاهدي الأمة، في العراق وأفغانستان وكشمير والشيشان. إنّ الثقافة التي تعمل دوائر الغرب على زرعها في الأمة، ثقافة انهزام، ثقافةُ حرص على الحياة، ولو كانت مغموسة بالهوان، ثقافةُ استجداء الحلول الترقيعية، ثقافة المساكنة المحرَّمة بين المضطهَد والمضطهِد، ثقافةُ الاستجابة لضغط الواقع، أياً كان هذا الواقع. ولا ريب أنّ الذين أُشربوا عقيدة الإسلام بمفاهيم السلطان والجهاد، سيحطّمون هذه المعادلة، الأمر الذي يدركه الغرب، فيسعى إلى استباق المعركة الفاصلة بين الإسلام والكفر، بحرب دعائية وقائية، ولكن سيُدرِك الموتُ، بإذن اللهِ، حضارةَ الغرب الاستعمارية، وإفرازاتِها النتنةَ، ولو كانتْ في بروجٍ مشيّدة!
والحديث عن التوطين، لا بد فيه من توطئة صغيرة عن مفهوم الوطن، في شريعتنا الغرّاء:
إنّ الوطن لا ينبغي به أن يغيّر انتماءً، ولا أن يحدّد سلوكاً، ولا أن يمليَ وجهة نظر، فليس في بقعة الأرض التي يسكنها الإنسان أو الشعب، قدرة على إملاء واجب إضافي، أو سلب حقّ سابق. إنّ القيم في عرف الإسلام تنبثق عن ثوابت، جعلها القرآن عامّة في كلّ زمان ومكان، لأنّ رسالة الإسلام جُعِلت للناسّ كافّة، لا ينسخها قرْن بعد قرْن، ولا جواز سفر، ولا أحد من أفراد أسرة سايكس بيكو،!
إن التعصّب للأوطان مَقيت، حذّر الإسلام منه، في سياقات عديدة، قد أكتفي منها بأنّ نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، أقرّ بأنّ مكّة أحبّ الأمكنة إلى قلبه، لأنها أحبّ البلاد إلى الله، لا لأنها وطن عبد الله بن عبد المطّلب، أو آمنة بنت وهب، وهذا الأمر منه يتطلب بأن تكون مكّة أحبّ البقاع إلى قلوبنا جميعاً. ثمّ إن محمداً صلى الله عليه وسلم، ترك مكّة، واختار المدينة المنوّرة عاصمة لدولتها، فحملت اسمه حياً، وضمّت جسده الشريف ميّتاً، فطاب الضامّ والمضموم.
أيها السادة الحضور
سأوجز في سرد مسألة التوطين عبر أطرها المطروحة، لأردف ذلك بكلام يشرح ما أرى أنه الموقف الشرعي في المسألة.
إنّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الصادر بتاريخ 11 كانون أول 1948، أعطى «اللاجئين» ثلاثة خيارات رئيسية لتوطينهم، وهذه الخيارات تتضمن البنود التالية:
1- العودة إلى الديار التي هجروا منها.
2- البقاء في الدول المضيفة التي يعيشون فيها.
3- المطالبة بإعادة توطينهم في بلد ثالث.
واللافت للنظر أنه لا وجود لحقّ في التوطين من بين الحلول الثلاثة المطروحة أمام اللاجئين. فالكلام يدلّ على أنّ العودة فقط هي الحق الوحيد بموجب القانون الدولي، وأن اللاجئين الذين يختارون التوطين لا يزال بإمكانهم ممارسة حقهم في العودة، ولو حصلوا على المواطنة في أي دولة أخرى، ويبقى التوطين مجرّد أمر غير مضمون، وإنما يحقّ للفلسطينيّ أن يُطالب به، وفرْق بين حقّ المطالبة به، وحقّ الحصول عليه!
ولا يدخل في إطار التوطين العودة إلى أراضي 1948، بل إلى ما يسمّى حالياً بمناطق السلطة الفلسطينية، لأنَّ معظم النازحين من داخل الخط الأخضر، ولن يسمح كيان يهود لهم يعودوا إلى ديارهم التي أُخرِجوا منها!
لقد رفض هذا الكيان بكل شدة، إعادة التوطين في القرى الفلسطينية المهجرة، تحت حجج الأمن والاستيطان الصهيوني. ونقرأ ذلك فيما كتبه «اليشاع سولتس» حاكم الناصرة في وثيقة سرية بعنوان «ترحيل السكان العرب»، ففيها يقول حول قضاء بيسان وقراه: «هذه القرى تقع في منطقة خالية من السكان العرب الآن، وداخل مناطق استيطان يهودية مكتظة، لا مجال لإسكان أو إعادة لاجئين أو سكان لهذه القرى، لئلا نعيق تطور الاستيطان في منطقة يهودية صرفة، وعلى تخوم حدود الدولة.»
وجاء في السيرة الذاتية لشارون: «إنني أعتقد أنه حان الوقت لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وإنني مستعد للقيام بذلك ... كان أساس خطتي (مطلع السبعينات) هو التخلص من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كلياً.... وسيكون من مصلحتنا إلى حد كبير أن نقضي عليها نهائياً وإلى الأبد، وفي رأيي أن مثل هذا الأمر ممكن.»
ومن أبرز مشاريع كيان يهود، توطين عشرات الآلاف من اللاجئين. وقد شملت المشاريع الجديدة أحياء في الشيخ رضوان بالقرب من مخيم الشاطئ، ومشروع "حي الأمل" بجانب مخيم خانيونس، ومشروعي "البرازيل" و"تل السلطان" بجانب مخيم رفح، ومشروع النزلة بالقرب من مخيم البريج.
وثمّة نماذج أخرى للتوطين في الخارج:
إذ شهد عقد الخمسينات، مشروعين إسرائيليين حكوميين لتوطين الفلسطينيين، الأول يسمى "عملية يوحنان" (1950-1953)، والثاني يسمى "العملية الليبية" (1953-1958). وقد هدف مشروع "عملية يوحنان" إلى ترحيل الفلسطينيين من الجليل إلى الأرجنتين. حيث كتب يوسف فايتس، في حزيران 1951 إلى يعكوف تسور، سفير إسرائيل في الأرجنتين: إن الغرض الأساسي لهذا الأمر (عملية يوحنان) هو ترحيل السكان العرب من إسرائيل، وقد انتهت فكرة يوحنان بعد أن أبدي الفلسطينيون عدم رغبة في الرحيل، حيث أثبت الترحيل الإرادي فشله. والعملية الثانية: أعدها يوسف فايتس أيضاً، وتهدف إلى توطين الفلسطينيين في كيان يهود، واللاجئين خارجها، على الأراضي الليبية، حيث اعتمد في ذلك على قضية الجذب الاقتصادي والترحيل الإرادي، ومن أجل ذلك قامت السلطات الإسرائيلية بالاتصال بمستعمرين إيطاليين في ليبيا لشراء الأراضي التي كان من المفروض أن تمنح إلى العرب واللاجئين. إلا أن الخطة قد كُشِفتْ، ما أدى إلى فشلها.
ومن المشاريع التي نكتفي بذكرها دون تفصيل بنودها: مشروع "ماك جي" 1949- مشروع (كلاب) 1949- مشروع تامير- مشروع (سيناء) 1953- مشروع ييغال ألون- مشروع أبا ايبان- مشروع أرئيل شارون...
وفي العام 1950، قامت لجنة التوفيق الدولية(UNCCP) بمجموعة من التدخلات لدى الدول العربية، لضمان الحصول على مساحات أراضٍ يستقر عليها «اللاجئون» الفلسطينيون الذين اختاروا عدم العودة. وافقت حكومتا الأردن وسوريا على إعادة توطينهم، شرط أن يكون قد توفر لهم خيار العودة إلى مواطنهم الموجودة الآن داخل كيان يهود، أما الحكومة المصرية فقد قالت للجنة التوفيق إنه سيكون من الصعب توطين اللاجئين في مصر، لاعتبارات الكثافة السكانية ونقص الأراضي الصالحة للزراعة.
وقد عبر السكرتير العام للأمم المتحدة سنة 1959 في أعقاب انهيار الجهود الدولية لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر برامج الأونروا بقوله: «لن يكون أي اندماج مرضياً أو حتى ممكناً، إذا ما تم عن طريق إجبار الناس على الوجود في أوضاع جديدة بخلاف إرادتهم.»
أمّا توطين الفلسطينيين في العراق، ففكرة ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة جداً سبقت قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين. فمنذ العام 1911 اقترح الداعية الروسي الصهيوني "جوشواه بو خميل"، مشروع ترحيل عرب فلسطين إلى شمال سوريا والعراق، وكان ذلك أمام لجنة فلسطين التابعة للمؤتمر الصهيوني العاشر المنعقد في (بازل)، وقد تحول هذا الأمر إلى مطلب لقادة الحركة الصهيونية من الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا أثناء انعقاد مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 . فقد كان متوقعاً في مدى عشرين عاماً أن يوافق العراق على استيعاب نحو مليون لاجئ.
الحمد لله الذي بصّرنا بالعروة الوثقى التي نسترشد بها في إدراك ما نأتي أو ما ندع من الأعمال، معرضين عن سلالات أبي لهب وأبي جهل، والصلاة والسلام على مؤسس دولة الإسلام، محطّم جبروت الأصنام، أبي القاسم محمّد، وعلى آله وأصحابه، فرسان ميادين العزّة، الذين بسطوا ألوية الفتح في الكون، حتّى لا تعلو كلمة فوق كلمة الله، وانخلعوا من رابطة الأرض والدم، داخلين في رحاب الرابطة المثلى: أخوّةٍ في الله، لا تفكّ أواصرَها مَسافاتٌ أو سنوات.
وبعد...أيها السادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها نحن نلتقي، في جمْعٍ من الذين تشغلهم شؤون الأمة وشجونها، نتدارس قضية فلسطين، حاضنةِ المسجد الأقصى، في أحد ملفّاتها الحسّاسة، ملفّ التوطين. فجزى الله خيراً الإخوة الذين عملوا على أن يكون هذا اللقاء، وأسال الله أن يعمّهم الخير والأجر، وأن يرفع مراتبهم في جنّة الخلد.
وقبل أن ألج في موضوعنا، لا بدّ من توجيه خالص التحيّة إلى إخوتنا المجاهدين في المسجد الأقصى، وما حوله، وإلى سائر مجاهدي الأمة، في العراق وأفغانستان وكشمير والشيشان. إنّ الثقافة التي تعمل دوائر الغرب على زرعها في الأمة، ثقافة انهزام، ثقافةُ حرص على الحياة، ولو كانت مغموسة بالهوان، ثقافةُ استجداء الحلول الترقيعية، ثقافة المساكنة المحرَّمة بين المضطهَد والمضطهِد، ثقافةُ الاستجابة لضغط الواقع، أياً كان هذا الواقع. ولا ريب أنّ الذين أُشربوا عقيدة الإسلام بمفاهيم السلطان والجهاد، سيحطّمون هذه المعادلة، الأمر الذي يدركه الغرب، فيسعى إلى استباق المعركة الفاصلة بين الإسلام والكفر، بحرب دعائية وقائية، ولكن سيُدرِك الموتُ، بإذن اللهِ، حضارةَ الغرب الاستعمارية، وإفرازاتِها النتنةَ، ولو كانتْ في بروجٍ مشيّدة!
والحديث عن التوطين، لا بد فيه من توطئة صغيرة عن مفهوم الوطن، في شريعتنا الغرّاء:
إنّ الوطن لا ينبغي به أن يغيّر انتماءً، ولا أن يحدّد سلوكاً، ولا أن يمليَ وجهة نظر، فليس في بقعة الأرض التي يسكنها الإنسان أو الشعب، قدرة على إملاء واجب إضافي، أو سلب حقّ سابق. إنّ القيم في عرف الإسلام تنبثق عن ثوابت، جعلها القرآن عامّة في كلّ زمان ومكان، لأنّ رسالة الإسلام جُعِلت للناسّ كافّة، لا ينسخها قرْن بعد قرْن، ولا جواز سفر، ولا أحد من أفراد أسرة سايكس بيكو،!
إن التعصّب للأوطان مَقيت، حذّر الإسلام منه، في سياقات عديدة، قد أكتفي منها بأنّ نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، أقرّ بأنّ مكّة أحبّ الأمكنة إلى قلبه، لأنها أحبّ البلاد إلى الله، لا لأنها وطن عبد الله بن عبد المطّلب، أو آمنة بنت وهب، وهذا الأمر منه يتطلب بأن تكون مكّة أحبّ البقاع إلى قلوبنا جميعاً. ثمّ إن محمداً صلى الله عليه وسلم، ترك مكّة، واختار المدينة المنوّرة عاصمة لدولتها، فحملت اسمه حياً، وضمّت جسده الشريف ميّتاً، فطاب الضامّ والمضموم.
أيها السادة الحضور
سأوجز في سرد مسألة التوطين عبر أطرها المطروحة، لأردف ذلك بكلام يشرح ما أرى أنه الموقف الشرعي في المسألة.
إنّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الصادر بتاريخ 11 كانون أول 1948، أعطى «اللاجئين» ثلاثة خيارات رئيسية لتوطينهم، وهذه الخيارات تتضمن البنود التالية:
1- العودة إلى الديار التي هجروا منها.
2- البقاء في الدول المضيفة التي يعيشون فيها.
3- المطالبة بإعادة توطينهم في بلد ثالث.
واللافت للنظر أنه لا وجود لحقّ في التوطين من بين الحلول الثلاثة المطروحة أمام اللاجئين. فالكلام يدلّ على أنّ العودة فقط هي الحق الوحيد بموجب القانون الدولي، وأن اللاجئين الذين يختارون التوطين لا يزال بإمكانهم ممارسة حقهم في العودة، ولو حصلوا على المواطنة في أي دولة أخرى، ويبقى التوطين مجرّد أمر غير مضمون، وإنما يحقّ للفلسطينيّ أن يُطالب به، وفرْق بين حقّ المطالبة به، وحقّ الحصول عليه!
ولا يدخل في إطار التوطين العودة إلى أراضي 1948، بل إلى ما يسمّى حالياً بمناطق السلطة الفلسطينية، لأنَّ معظم النازحين من داخل الخط الأخضر، ولن يسمح كيان يهود لهم يعودوا إلى ديارهم التي أُخرِجوا منها!
لقد رفض هذا الكيان بكل شدة، إعادة التوطين في القرى الفلسطينية المهجرة، تحت حجج الأمن والاستيطان الصهيوني. ونقرأ ذلك فيما كتبه «اليشاع سولتس» حاكم الناصرة في وثيقة سرية بعنوان «ترحيل السكان العرب»، ففيها يقول حول قضاء بيسان وقراه: «هذه القرى تقع في منطقة خالية من السكان العرب الآن، وداخل مناطق استيطان يهودية مكتظة، لا مجال لإسكان أو إعادة لاجئين أو سكان لهذه القرى، لئلا نعيق تطور الاستيطان في منطقة يهودية صرفة، وعلى تخوم حدود الدولة.»
وجاء في السيرة الذاتية لشارون: «إنني أعتقد أنه حان الوقت لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وإنني مستعد للقيام بذلك ... كان أساس خطتي (مطلع السبعينات) هو التخلص من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كلياً.... وسيكون من مصلحتنا إلى حد كبير أن نقضي عليها نهائياً وإلى الأبد، وفي رأيي أن مثل هذا الأمر ممكن.»
ومن أبرز مشاريع كيان يهود، توطين عشرات الآلاف من اللاجئين. وقد شملت المشاريع الجديدة أحياء في الشيخ رضوان بالقرب من مخيم الشاطئ، ومشروع "حي الأمل" بجانب مخيم خانيونس، ومشروعي "البرازيل" و"تل السلطان" بجانب مخيم رفح، ومشروع النزلة بالقرب من مخيم البريج.
وثمّة نماذج أخرى للتوطين في الخارج:
إذ شهد عقد الخمسينات، مشروعين إسرائيليين حكوميين لتوطين الفلسطينيين، الأول يسمى "عملية يوحنان" (1950-1953)، والثاني يسمى "العملية الليبية" (1953-1958). وقد هدف مشروع "عملية يوحنان" إلى ترحيل الفلسطينيين من الجليل إلى الأرجنتين. حيث كتب يوسف فايتس، في حزيران 1951 إلى يعكوف تسور، سفير إسرائيل في الأرجنتين: إن الغرض الأساسي لهذا الأمر (عملية يوحنان) هو ترحيل السكان العرب من إسرائيل، وقد انتهت فكرة يوحنان بعد أن أبدي الفلسطينيون عدم رغبة في الرحيل، حيث أثبت الترحيل الإرادي فشله. والعملية الثانية: أعدها يوسف فايتس أيضاً، وتهدف إلى توطين الفلسطينيين في كيان يهود، واللاجئين خارجها، على الأراضي الليبية، حيث اعتمد في ذلك على قضية الجذب الاقتصادي والترحيل الإرادي، ومن أجل ذلك قامت السلطات الإسرائيلية بالاتصال بمستعمرين إيطاليين في ليبيا لشراء الأراضي التي كان من المفروض أن تمنح إلى العرب واللاجئين. إلا أن الخطة قد كُشِفتْ، ما أدى إلى فشلها.
ومن المشاريع التي نكتفي بذكرها دون تفصيل بنودها: مشروع "ماك جي" 1949- مشروع (كلاب) 1949- مشروع تامير- مشروع (سيناء) 1953- مشروع ييغال ألون- مشروع أبا ايبان- مشروع أرئيل شارون...
وفي العام 1950، قامت لجنة التوفيق الدولية(UNCCP) بمجموعة من التدخلات لدى الدول العربية، لضمان الحصول على مساحات أراضٍ يستقر عليها «اللاجئون» الفلسطينيون الذين اختاروا عدم العودة. وافقت حكومتا الأردن وسوريا على إعادة توطينهم، شرط أن يكون قد توفر لهم خيار العودة إلى مواطنهم الموجودة الآن داخل كيان يهود، أما الحكومة المصرية فقد قالت للجنة التوفيق إنه سيكون من الصعب توطين اللاجئين في مصر، لاعتبارات الكثافة السكانية ونقص الأراضي الصالحة للزراعة.
وقد عبر السكرتير العام للأمم المتحدة سنة 1959 في أعقاب انهيار الجهود الدولية لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر برامج الأونروا بقوله: «لن يكون أي اندماج مرضياً أو حتى ممكناً، إذا ما تم عن طريق إجبار الناس على الوجود في أوضاع جديدة بخلاف إرادتهم.»
أمّا توطين الفلسطينيين في العراق، ففكرة ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة جداً سبقت قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين. فمنذ العام 1911 اقترح الداعية الروسي الصهيوني "جوشواه بو خميل"، مشروع ترحيل عرب فلسطين إلى شمال سوريا والعراق، وكان ذلك أمام لجنة فلسطين التابعة للمؤتمر الصهيوني العاشر المنعقد في (بازل)، وقد تحول هذا الأمر إلى مطلب لقادة الحركة الصهيونية من الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا أثناء انعقاد مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 . فقد كان متوقعاً في مدى عشرين عاماً أن يوافق العراق على استيعاب نحو مليون لاجئ.