تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الاصطياد في الماء العكر!!



ابو شجاع
05-31-2007, 02:24 PM
الاصطياد في الماء العكر!!



هذا أفضل ما يمكن أن يوصَف به الافتراء الذي ينزلق إليه، من غابت عنهم أو غُيِّبَت، بصيرة الأمانة، وهي العبء الثقيل الذي لا ينهض به أبناء الظلم، أو عشّاق الجهل، أو سدنة هيكل النفاق. قال تعالى: ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً. لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) [الأحزاب، الآيتان 72و73].

أقول هذا تعليقاً على حملة منظّمة، شنّها «مفكّرون»، أو «محلِّلون»، تناولوا الأحداث التي رافقت اشتباكات مخيّم نهر البارد، وخلصوا منها إلى أنّ حزب التحرير يدعم مجموعة فتح الإسلام!! بل لقد أورد بعضهم، في غمرة من غمرات عبثه، أنّ مسلّحين من الحزب شاركوا في الاشتباكات الدائرة بين الجيش اللبناني، ومقاتلي «فتح الإسلام».
إنّ هذا الخبر عارٍ عن الصحّة، قطعاً، ويثير الضَّحك، قطعاً، فليس في منهج حزب التحرير، أن يلجأ إلى أعمال عسكرية، لا في هذا الخندق، ولا ذاك، ولا سيما أنها ليست معركة على جبهة من جبهات مواجهة أعداء الأمة! وليس في آليّات عمل الحزبِ التذبذبُ، والتصريح بكلام يخالفه العمل.

وقد أرسل المكتب الإعلامي للحزب في لبنان، بياناً إلى الإعلام، وبيّن الصّواب، مع أنّ الأمر لا يخفى على أيّ متابعٍ لنشاط الحزب، ومنهاجه في العمل، وثوابته، التي يستند فيها إلى نصوص واضحة.

وليست هذه هي المرّة الأولى التي يقع فيها بعض الإعلام، وبعض أصحاب الأقلام، في فخّ أخبار ملفّقة، لا تلبث أن تزول كفقاعات الصابون، ويبقى شأن الحزب على ما يعرفه القاصي والداني، لا يضيره أيّ افتراء.

وكان حزب التحرير- ولاية لبنان، قد أصدر، في بداية الاشتباكات، بياناً واضحاً في الأمر، وصل إلى كلّ وسائل الإعلام، التي أبرزت مضمونه، وفيه وصف الاشتباكات بـ «الأحداث الأليمة»، و«الأحداث الدامية»، و«الجريمة الفظيعة»، و«التصرفات الانفعالية»، وتحميلُ أصحاب القرار، في أي جهة كانوا، مسؤولية دماء الأبرياء، التي يُكشَف النقاب عن بعضها، ويُحاصِر بعضُ الجهاتِ الإعلامَ، لئلا ينشر البعض الآخر!

وقد عقد الأستاذ أحمد القصص، رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير في لبنان، مؤتمراً صحافياً، في فندق ميريدان كومودور- الحمرا- بيروت، يوم 6 من جمادى الأولى 1428هـ- 23 من أيــــــــــــار 2007م، لإيضاح موقف الحزب من اشتباكات مخيم نهر البارد، وفيه عبارات واضحة في هذه المجموعة:

1. «منذ شهور عدة دفعت الأجهزة الحاكمة في سوريا، مجموعة من المقاتلين الوافدين من بلاد عديدة من العالم الاسلامي للقتال في العراق، دفعتهم بعد استيعابهم والاستحواذ على قرارهم إلى الأراضي اللبنانية، حيث كانت هيّأت لهم بعض المراكز والمباني ليتركّزوا فيها داخل مخيم نهر البارد. وبعد مضي أيام خرج ناطقون باسمهم يعلنون عن قيام حركة جديدة في مخيم نهر البارد تسمى "فتح الإسلام"، وأنها انشقت عن حركة "فتح الانتفاضة" الموالية للنظام السوري. »

2. «...وبدل أن تتصرف الدولة اللبنانية من خلال مؤسساتها كافة، تصرفاً منسّقاً وواعياً لمعالجة هذه الظاهرة، وجدناها تتحول إلى قضية للتجاذب السياسي بين الأطراف المتصارعة في لبنان، بحيث تسابقت الأطراف السياسية اللبنانية على استيعابهم واختراقهم وتسخيرهم لأهدافها المختلفة....»

3. «إلام يستمر أفواج من المسلمين، ولا سيما من شبابهم، يستدرجون بقلة وعيهم، وفورة حماستهم، إلى تسخيرهم لأهداف قوى لا تمت إليهم بصلة من أنظمة محلية واقليمية أو دولية. بحيث كانت أفواج من المتحمسين المسلمين وقوداً لاشعال الفتنة المذهبية والحروب الأهلية في لبنان وفلسطين والعراق والجزائر وجزيرة العرب وقتل المدنيين من المسلمين وغير المسلمين؟!»

4. «إذا كانت أزمة "فتح الإسلام" حلقة ضمن سلسلة تسخير المسلمين لتحقيق مصالح الآخرين ولتشويه صورة الإسلام وحملة الإسلام السياسي، فإننا من داخل هذه الأجواء كما في أي جو آخر، ندعو الجميع إلى دراسة الإسلام الحق، بوصفه نظاماً للحياة والمجتمع والدولة، وبوصفه المشروع الوحيد الذي يخلص الأمة بما فيها أهل لبنان، من شرور النظام العالمي الغربي، والمشروع الحضاري الوحيد القادر على أن يعبر عن شخصية الأمة بدلاً من أنظمة لا تملك الاستمرار إلا مرتكزة على تبعية وعمالة للقوى العالمية الكبرى.»

كلّ هذا الوضوح، أطاح به بعض أصحاب القلم، في غفلة من المسؤولية، والدقّة، وفي غياب الرقابة الذاتية! هل الأمر أنّ بوش بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، من الناس أحد أمرين: كونوا معنا، أو كونوا علينا!!؟ لقد بات واضحاً أنّ منهج بوش، الذي أرساه ليكون نبراساً لأتباعه، بات يغزو الأدمغة دون استئذان، إلاّ من عصمه الله. إنّ أصحاب هذه الأدمغة باتوا يرون أنّ عليك أن تنحى أحد منحيين، فإمّا في هذا الخندق، وإمّا في ذاك، وفي كلا الخندقين، عليك أن تكون أعمى، تستمع إلى قول فرعون، الذي سجّله القرآن: (مَا أُرِيكُمْ إِلاّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاّ سَبِيلَ الرَّشَادِ).

أليس من هذا القبيل أن يفهم بعض المتابعين أن حزب التحرير، حليف فتح الإسلام، حين يرفض اقتحام مخيم نهر البارد، أو تدميره على رؤوس سكّانه؟؟؟ هل المطلوب أن نتغزّل بشلالات الدمّ، ونثني على مستنقعات الفتن، حتّى نحصل على وثيقة حسْن سلوك، ندخل بها إلى الجنّة التي وعد بها بوش، المذعنين؟! هل المطلوب أنْ نبارك الاقتتال، واستنساخ مأساة المشرّدين الفلسطينيين، حتّى يصدر عفو من أعلى مستوى، عن حزب التحرير: أن بُورِكتم، فلستم من حلفاء الإرهاب، ولن تطاردكم كلابنا البوليسية المدرّبة!؟

أمّا من يزعم أنه يريد القضاء على الفأرة في بيته، بتدمير كلّ غرف المنزل، أسوة بأبطال الرسوم المتحرّكة، فلا يجدر به أن يحكم، لا دولة، ولا بيتاً. كيف ترضى الدولة في لبنان، أن توقع المخيّم بأسره، في دائرة النيران، وفي حومة الحصار، وفي مستنقع الدم، لإلقاء القبض على مجموعة، كانت تتنامى رويداً رويداً، تحت سمعها وبصرها! أمّ أن قول الله تعالى: ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ، قد نزل على قوم آخرين!!؟

وأمّا من رأى أنّ هيبة الدولة، باتت على المحكّ، إثر مقتل جنودها، فأخبِروه أنّ العطّار لا يصلحُ ما أفسد الدهر، أخبروه أنّ هذه الهيبة وُلِدت ميتة، وأخبروه أنّ هذه الهيبة داست جثّتها دبابات كيان يهود، عندما دكّت منازل لبنان، على رؤوس قاطنيها، في صيف 2006، وكانت دبابات الدولة في خدورها، منقّبة، خجولة. وأخبروه أنّ طائرات كيان يهود، في إطلالاتها اليومية، تزيّن سماء لبنان، بينما هيبة الدولة في إجازة مفتوحة!!

وأمّا من يرفع سيف الاتهامات، في وجه من يفضح الظلم في حكم الرعية، ويبيّن سوء المعالجة في الإدارة، فاسألوه: هل تلقّى هذا السيف، هديةً مُلحَقةً بكنوز الإمدادات العسكرية الأميركية، التي باركت مطار لبنان، حين قرّر الانتقام لسيادته، بضرب المخيّم!؟

د.أيمن أحمد رؤوف القادري

14 جمادى الأولى 1428هـ=30 أيار 2007م

http://www.alokab.com/politicals/details.php?id=939_0_8_0_M (http://www.alokab.com/politicals/details.php?id=939_0_8_0_M)