مقاوم
05-03-2007, 10:35 AM
مؤتمر شرم الشيخ
هل يكون طوق نجاة لأمريكا ؟
بقلم أ. ربيع حداد*
بات واضحاً عِظم الورطة الداخلية التي تعاني منها إدارة جورج بوش الحالية فيما يتعلق بالملف العراقي تحديداً. فباستخدامه حق النقض الرئاسي على مشروع قانون جدولة انسحاب القوات الأمريكية من العراق أصبحت الهوة بينه وبين الديمقراطيين في الكونغرس أعمق بكثير مما كانت عليه، وهذا متوقع.
لكن الجدير بالاهتمام هو ازدياد أصوات الجمهوريين المعارضين لسياسات بوش في العراق وغيره وارتفاع عقيرتها. فبعد أن تفككت عصبة الصقور من حوله وتورط أفرادها في فضائح سياسية وأخلاقية مختلفة؛ أصيبت إدارة بوش إصابات خطيرة في العمق الأيديولوجي كما على المستوى التنفيذي، وهذا من شأنه أن ينعكس بشكل مباشر على ملفات متعددة في السياسة الخارجية لهذه الإدارة وعلى رأسها ملف العراق.
الشعور السائد في أوساط الشعب الأميركي هو أن حرب العراق كانت خطأ فادحاً، وأن قادة هذا كذبوا في تبريراتهم لهذه الحرب، وقد انعكس هذا على إحصائيات شعبية الرئيس بوش حيث حطم ثلاثة أرقام قياسية لم يسبق لرئيس أمريكي أن حطمها، فإنّ نسبة شعبيته وتأييد الشعب له بلغت رقماً قياسياً بعيد تفجيرات 11 أيلول ثم انحدرت في هذه الأيام إلى أدنى مستوى عرفه رئيس أمريكي كما لم يسبق لرئيس قبله أن جمع بين الأمرين.
إن تخبط الإدارة الأمريكية في العراق أفرز واقعاً خطيراً جداً أمنياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً. ومع نماء المعارضة داخلياً يخشى أن تتدهور الأمور بشكل قد يؤدي إلى عواقب أشد سوءاً مما يشهده العراق حالياً. فالحرب في العراق أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل الإدارة الحالية داخلياً وخارجياً، وأصبحت على حد تعبير بعض المراقبين: "تبحث عن طوق نجاة".
مؤتمر شرم الشيخ الذي تحضره أكثر من 60 دولة من بينها دول جوار العراق وعلى رأسها إيران التي أكدت (وإن متأخراً) حضورها تتفاوت التوقعات بشأنه. فمن قائل أنه لا يتوقع ولا يعوِّل عليه الشيء الكثير كمصر مثلاً، إلى متفائل بالخروج منه بصيغة تسوية ليس فقط للعراق وإنما للمنطقة بأسرها.
كوندليزا رايس من جهتها أعلنت أنها قد تلتقي وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي على هامش المؤتمر مما شكل الحافز الأكبر لحضور الإيرانيين بحسب بعض المحللين. لكن مشكلة أمريكا في العراق ليست سياسية فقط وخلاصها فيه يحتاج إلى بلورة استراتيجية طويلة الأمد للمنطقة بأسرها. فالملف النووي الإيراني يراوح مكانه عند الأمريكان، وملف القضية الفلسطينية لم يحقق الاختراق الذي توقعه الكثيرون عقب اتفاق مكة، وملف سوريا ولبنان وحزب الله وملفات أخرى عديدة تمتد خيوطها وتتفرع باتجاهات مختلفة.
إلا إن لإيران خيط في كلٍ منها، فهل سيكون حضور السيدة رايس في شرم الشيخ حضوراً إملائياً كالعادة بحيث تصدر أوامرها المباشرة وغير المباشرة وتمضي، أم أنها ستنصت وتسمع وتأخذ وتعطي ؟
المستفيد الأكبر من المؤتمر لن يكون العراق!! هذا أصبح من المسلمات، لكن هل ستكون الولايات المتحدة هي المستفيد الأول أم ستستأثر إيران بذلك؟ لو كنت من أهل الرهان لراهنت على إيران. لا أقول هذا تأييداً لإيران وسياساتها في المنطقة، وإنما استقراءاً لواقع أثبتت فيه إيران كفاءة وجدارة كلاعب أساسي على مستوى السياسة الخارجية، الإقليمية والدولية، وكمعطى يستحيل إهماله أو إغفاله أو حتى تحجيمه والأيام حبلى.
*المدير التنفيذي للحملة العالمية لمقاومة العدوان
هل يكون طوق نجاة لأمريكا ؟
بقلم أ. ربيع حداد*
بات واضحاً عِظم الورطة الداخلية التي تعاني منها إدارة جورج بوش الحالية فيما يتعلق بالملف العراقي تحديداً. فباستخدامه حق النقض الرئاسي على مشروع قانون جدولة انسحاب القوات الأمريكية من العراق أصبحت الهوة بينه وبين الديمقراطيين في الكونغرس أعمق بكثير مما كانت عليه، وهذا متوقع.
لكن الجدير بالاهتمام هو ازدياد أصوات الجمهوريين المعارضين لسياسات بوش في العراق وغيره وارتفاع عقيرتها. فبعد أن تفككت عصبة الصقور من حوله وتورط أفرادها في فضائح سياسية وأخلاقية مختلفة؛ أصيبت إدارة بوش إصابات خطيرة في العمق الأيديولوجي كما على المستوى التنفيذي، وهذا من شأنه أن ينعكس بشكل مباشر على ملفات متعددة في السياسة الخارجية لهذه الإدارة وعلى رأسها ملف العراق.
الشعور السائد في أوساط الشعب الأميركي هو أن حرب العراق كانت خطأ فادحاً، وأن قادة هذا كذبوا في تبريراتهم لهذه الحرب، وقد انعكس هذا على إحصائيات شعبية الرئيس بوش حيث حطم ثلاثة أرقام قياسية لم يسبق لرئيس أمريكي أن حطمها، فإنّ نسبة شعبيته وتأييد الشعب له بلغت رقماً قياسياً بعيد تفجيرات 11 أيلول ثم انحدرت في هذه الأيام إلى أدنى مستوى عرفه رئيس أمريكي كما لم يسبق لرئيس قبله أن جمع بين الأمرين.
إن تخبط الإدارة الأمريكية في العراق أفرز واقعاً خطيراً جداً أمنياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً. ومع نماء المعارضة داخلياً يخشى أن تتدهور الأمور بشكل قد يؤدي إلى عواقب أشد سوءاً مما يشهده العراق حالياً. فالحرب في العراق أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل الإدارة الحالية داخلياً وخارجياً، وأصبحت على حد تعبير بعض المراقبين: "تبحث عن طوق نجاة".
مؤتمر شرم الشيخ الذي تحضره أكثر من 60 دولة من بينها دول جوار العراق وعلى رأسها إيران التي أكدت (وإن متأخراً) حضورها تتفاوت التوقعات بشأنه. فمن قائل أنه لا يتوقع ولا يعوِّل عليه الشيء الكثير كمصر مثلاً، إلى متفائل بالخروج منه بصيغة تسوية ليس فقط للعراق وإنما للمنطقة بأسرها.
كوندليزا رايس من جهتها أعلنت أنها قد تلتقي وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي على هامش المؤتمر مما شكل الحافز الأكبر لحضور الإيرانيين بحسب بعض المحللين. لكن مشكلة أمريكا في العراق ليست سياسية فقط وخلاصها فيه يحتاج إلى بلورة استراتيجية طويلة الأمد للمنطقة بأسرها. فالملف النووي الإيراني يراوح مكانه عند الأمريكان، وملف القضية الفلسطينية لم يحقق الاختراق الذي توقعه الكثيرون عقب اتفاق مكة، وملف سوريا ولبنان وحزب الله وملفات أخرى عديدة تمتد خيوطها وتتفرع باتجاهات مختلفة.
إلا إن لإيران خيط في كلٍ منها، فهل سيكون حضور السيدة رايس في شرم الشيخ حضوراً إملائياً كالعادة بحيث تصدر أوامرها المباشرة وغير المباشرة وتمضي، أم أنها ستنصت وتسمع وتأخذ وتعطي ؟
المستفيد الأكبر من المؤتمر لن يكون العراق!! هذا أصبح من المسلمات، لكن هل ستكون الولايات المتحدة هي المستفيد الأول أم ستستأثر إيران بذلك؟ لو كنت من أهل الرهان لراهنت على إيران. لا أقول هذا تأييداً لإيران وسياساتها في المنطقة، وإنما استقراءاً لواقع أثبتت فيه إيران كفاءة وجدارة كلاعب أساسي على مستوى السياسة الخارجية، الإقليمية والدولية، وكمعطى يستحيل إهماله أو إغفاله أو حتى تحجيمه والأيام حبلى.
*المدير التنفيذي للحملة العالمية لمقاومة العدوان