هل تعود تركيا لأحضان الشرق؟
عمر عبد الهادي - 2/5/2007 م

في هذه الأيام تدخل تركيا مرحلة خطيره , انها مرحلة تحديد لهويتها كما اراها , لمن تنتمي..؟ للشرق الذي ارست فيه تاريخا مجيدا ام للغرب الذي عادته وعاداها الى ان وقفت على بابه تطرقه ولا من مجيب..!

الى متى تبقى تركيا واقفة على بوابة الغرب تستجدي الدخول ؟ الى متى سيواصل دعاة التغريب من ابنائها دفعها نحو الغرب قسرا ؟ كيف لتركيا العملاقه بإنتمائها للشرق ان تتحول الى قزم صغير في البيت الاوروبي ؟

ان الشعوب العربيه والاسلاميه تنظر لتركيا نظرتها لأخ كبير شريك لها في التاريخ والجغرافيا , شريك لها في امجاد الماضي وتريد شراكتها في صنع المستقبل لشعوب المنطقه الذي سيكون اكثر اشراقا مع تركيا . بل ان الجماهير العربيه والاسلاميه تحتاج لخبرة تركيا ولنكهتها الديمقراطيه اضافة لخبراتها التقنيه كي تفيد بها شعوب المنطقه العطاشى للديمقراطيه والتقدم العلمي بعد أن باتت حبيسه في سجون انظمتنا .

ان التفاتة تركيا نحو الشرق هي مصالحة مع الذات قبل أي شيء وان اصرار بعض ابنائها بالمضي نحو الغرب ليس اكثر من محاولة للخروج من الجلد الأصلي , انها محاوله التخلي عن الاصاله من اجل الجري خلف التقليد والاوهام وما نشاهده في هذه الأيام من انتصار الشعب التركي لصالح اصالته ولصالح تاريخه وجغرافيته ما هو الا بشائر التغيير القادم , لقد دخلت عوامل التغيير في تفاعلات شاركت فيها قوى متباينه وقد استلت هذه القوى سيوفها مستعرضة عضلاتها لفرض هيبتها ورأيها على الاطراف الاخرى . إن الجيش الذي كان على مدى العقود الماضيه بمثابة البعبع الذي ادخل الرعب في قلوب السياسيين الأتراك اثر نجاحه في الإنقضاض على عدة حكومات شرعيه منتخبه واسقاطها , هذا الجيش لوح من جديد بتدخله غير المشروع في العمل السياسي المشروع متسلحا بدعواه الدائمه (حماية النظام العلماني الذي ارساه اتاتورك) . إن الشعب التركي هو من جاء بحكومته الحاليه وهو من جاء بحزب العداله والتنميه عن طريق صناديق الإقتراع ويقضي النظام الديمقراطي بعدم اسقاط الحكومه المنتخبه الا بعد الإحتكام الى نفس الصناديق .

تخوض الحكومه (ذات التوجه الإسلامي المعتدل) بقيادة السيد رجب طيب اردوغان ومعه وزير خارجيته السيد عبد الله غول (مرشح لرئاسة الجمهوريه من قبل الحزب الحاكم) معركة ضاريه مع غلاة العلمانيين وعلى رأسهم كبار قادة الجيش وفي هذه المره لا يبدو ان الغلبه ستكون للجيش لان زمن الانقلابات العسكريه ولّى , إن تركيا تعيش اليوم في زمن الإحتكام للقضاء ولصناديق الانتخاب فإن لم ياتيها الإنصاف من المحكمه الدستوريه فإن حكومة اردوغان سوف تنصفها (كما هو منتظر) الإنتخابات المبكره التي قد يتم اللجوء اليها في مرحلة قريبه لاحقه.

اذا تمكنت حكومة اردوغان الإسلاميه المعتدله من كسب هذه المعركه المصيريه فقد يكون هذا تحولا او انعطافا في المسيره التركيه السياسيه والإجتماعيه نحو التحامها من جديد بمحيطها الشرقي , محيطها العربي الإسلامي

بشائر هذا التحول لا يمكن ان تخطئ رؤيتها اعين جماهير العرب والمسلمين ولا يمكن لهذه الجماهير الا ان تكون سعيده بعودة اخ كبير ليقيم في احضانها.