الحسني
05-01-2007, 02:21 PM
موقوفو الشمال: 6 عوامل للصمت الحريري
(الأخبار 1/5/2007 م)
ليس مصادفة ولا مجرّد ترفّع، صمت رسميي الأكثرية حيال قضية الموقوفين من بعض المناطق الشمالية، والمتهمين بالانتماء إلى جهات إرهابية دولية، وبالتحضير للقيام بأعمال تفجير أو اغتيال. فبعد أكثر من أسبوعين على حملات الدهم والتوقيف المتكررة في طرابلس ومحيطها، وبعد التحرك الذي بدأه بعض أهالي الأشخاص المعتقلين لإثارة قضيتهم والمطالبة بإطلاق سراحهم، لوحظ أن أيّاً من أقطاب الأكثرية الحريرية لم يُدل بدلوه في الموضوع، ولم يعلن أي موقف متناغم مع الخلفيات الانتخابية المفترضة جامعةً بين الحريريين وبين البيئة الشعبية للموقوفين.
جهات مطّلعة بالتفصيل والتدقيق على المسألة أكدت أن ذلك معزوّ إلى أسباب عدّة أبرزها الآتي:
1 ــ «الأضرار الجانبية» التي لحقت بصورة التيار الحريري، بسبب اندفاعه في حملة إطلاق موقوفي الضنية ومجدل عنجر في تموز 2005. والأضرار نفسها تتالت إبّان حملة هذا التيار الانتخابية ذلك الصيف، وخصوصاً في المناطق الشمالية نفسها. وأبرز تلخيص لهذه الأضرار الاهتمام الغربي إعلامياً ودبلوماسياً بمنح أحمد فتفت في أيار الماضي ترخيصاً باسم «حزب التحرير»، كما استمرار الأدبيات الغربية، وآخرها لسيمور هيرش، في التذكير بالمبالغ المالية التي دفعها سعد الدين الحريري لتحرير المتهمين الأصوليين المقصودين.
2 ــ الصدقية الكبيرة التي «ينحني» لها أقطاب التيار الحريري عادةً، والتي لازمت قضية الشبكات الأصولية الأخيرة. ذلك أن المعلومات المؤكدة تشير إلى أن حملات التوقيف هذه لم تكن نتيجة مبادرات أمنية لبنانية. بل بدأ الأمر بعدما أوقفت السلطات الفرنسية شخصين من أصول مغربية في فرنسا، متهمَين بالتحضير لأعمال إرهابية. وما لبثت هذه السلطات أن اكتشفت علاقتهما بأحد الأشخاص اللبنانيين. فبادرت باريس إلى الطلب من بيروت القيام بالمقتضى، بعدما حدّدت هوية الشخص ورقم هاتفه الذي يتواصل بواسطته مع موقوفي فرنسا. وكانت المفاجأة أن رصد المشتبه به في لبنان وتعقّبه أدّيا إلى كشف المجموعات الأصولية الملاحقة حالياً.
3 ــ صدقية المصدر الفرنسي، عادت فأكدتها جدية الأدلة المكتشفة والمضبوطات، التي تؤكد بحسب المعلومات المؤكدة والموجودة في عهدة القضاء، أن الموقوفين كانت في حوزتهم كمية من الأعتدة والتجهيزات التي تتخطى نطاق السلاح الفردي، كما يقول مثيرو قضية توقيفهم.
4 ــ غير أن «الصدقية» الأهم، التي تدفع فريق الأكثرية إلى شبه الصمت حيال المسألة، هي تلك المرتبطة بالعامل السعودي. ذلك أن التحقيقات التي أجريت كشفت ارتباطات مهمة بين الموقوفين وبين بعض المشتبه بهم من الناشطين الأصوليين في السعودية. وتؤكد المعلومات نفسها أن تبادل المعطيات بين بيروت والرياض كان من العوامل التي ساهمت في كشف الشبكة الموقوفة في السعودية أخيراً، لا بل إن ثمة لبنانيين بين هؤلاء. وبالتالي فإن نتائج التحقيقات المجراة في بيروت، زكّتها وأكدتها التحقيقات السعودية نفسها، ما يجعل أي تشكيك في الأولى تشكيكاً في الأخيرة، وهو ما لا يمكن فريق الأكثرية الحريرية أن يقدم عليه.
5 ــ حرص المعنيين سياسياً ببيئة هؤلاء الموقوفين على تقديم صورة مغايرة لما برز قبل أسابيع في الإعلام الغربي، من مجلة «نيويوركر» في شباط الماضي، إلى «فورين آفيرز» قبل يومين، عن اتهامات مَسُوقة ضد بعض النظام السعودي وبعض القوى السنية اللبنانية، لجهة تمويل أصوليين من السلفيين السنّة القريبين من «القاعدة»، على خلفية مواجهة التيارات الشيعية الحركية في لبنان والمنطقة. هذا الحرص مثّل عاملاً إضافياً فرض في الشكل صمتاً أكثرياً حيال عمليات التوقيف، يضاف إلى عوامل الصمت السابقة والقائمة في مضمون القضية.
6 ــ النتائج الأمنية والسياسية والدبلوماسية الواضحة لحملات الدهم والتوقيف. ومنها مبادرة جهات أمنية رفيعة المستوى من عواصم قرار غربية، إلى تقديم طلبات لتبادل المعلومات المتوافرة عن الشبكات المكتشفة، والتنسيق الكامل بين بيروت وبين هذه العواصم لمتابعة الخلفيات والحيثيات والتداعيات الممكنة. ومن النتائج السياسية المصدّقة للعملية، توجّه تجمع «سياسي» شمالي سلفي إلى الانفراط، بعدما تبيّن أن ثمة علاقات وثيقة بين أركانه وبين عدد من الموقوفين.
أما أبرز النتائج الدبلوماسية المترتبة على القضية، فكان طلب سفير دولة عربية كبرى في بيروت، معنية بالقضية، تعزيز حمايته الشخصية ومواكبته من جانب الجهات الأمنية نفسها التي تولّت اكتشاف الشبكات الأصولية الشمالية وتوقيف أعضائها وإحالتهم على القضاء المختص.
لهذه الأسباب مجتمعةً، تؤكد المعلومات نفسها أن أقطاب الأكثرية الحريرية سيستمرون في الصمت حيال مسألة التوقيفات الشمالية. لكن ذلك لا يمنع بالطبع ذوي الموقوفين من إثارة الموضوع على خلفية الشروط العادلة للإجراءات المتخذة، واحترام حقوق الإنسان وحق الدفاع عن المتهم والتطبيق الدقيق لقانون أصول المحاكمات الجزائية، لجهة هوية الضابطة العدلية وصحة استنابتها وسوى ذلك من المسائل المفروض التزامها. كما أن تلك الأسباب لا تمنع الحسابات السياسية الشمالية المحلية، والانتخابية تحديداً، من متابعة القضية، تماماً على طريقة ما حصل في صيف 2005.
(الأخبار 1/5/2007 م)
ليس مصادفة ولا مجرّد ترفّع، صمت رسميي الأكثرية حيال قضية الموقوفين من بعض المناطق الشمالية، والمتهمين بالانتماء إلى جهات إرهابية دولية، وبالتحضير للقيام بأعمال تفجير أو اغتيال. فبعد أكثر من أسبوعين على حملات الدهم والتوقيف المتكررة في طرابلس ومحيطها، وبعد التحرك الذي بدأه بعض أهالي الأشخاص المعتقلين لإثارة قضيتهم والمطالبة بإطلاق سراحهم، لوحظ أن أيّاً من أقطاب الأكثرية الحريرية لم يُدل بدلوه في الموضوع، ولم يعلن أي موقف متناغم مع الخلفيات الانتخابية المفترضة جامعةً بين الحريريين وبين البيئة الشعبية للموقوفين.
جهات مطّلعة بالتفصيل والتدقيق على المسألة أكدت أن ذلك معزوّ إلى أسباب عدّة أبرزها الآتي:
1 ــ «الأضرار الجانبية» التي لحقت بصورة التيار الحريري، بسبب اندفاعه في حملة إطلاق موقوفي الضنية ومجدل عنجر في تموز 2005. والأضرار نفسها تتالت إبّان حملة هذا التيار الانتخابية ذلك الصيف، وخصوصاً في المناطق الشمالية نفسها. وأبرز تلخيص لهذه الأضرار الاهتمام الغربي إعلامياً ودبلوماسياً بمنح أحمد فتفت في أيار الماضي ترخيصاً باسم «حزب التحرير»، كما استمرار الأدبيات الغربية، وآخرها لسيمور هيرش، في التذكير بالمبالغ المالية التي دفعها سعد الدين الحريري لتحرير المتهمين الأصوليين المقصودين.
2 ــ الصدقية الكبيرة التي «ينحني» لها أقطاب التيار الحريري عادةً، والتي لازمت قضية الشبكات الأصولية الأخيرة. ذلك أن المعلومات المؤكدة تشير إلى أن حملات التوقيف هذه لم تكن نتيجة مبادرات أمنية لبنانية. بل بدأ الأمر بعدما أوقفت السلطات الفرنسية شخصين من أصول مغربية في فرنسا، متهمَين بالتحضير لأعمال إرهابية. وما لبثت هذه السلطات أن اكتشفت علاقتهما بأحد الأشخاص اللبنانيين. فبادرت باريس إلى الطلب من بيروت القيام بالمقتضى، بعدما حدّدت هوية الشخص ورقم هاتفه الذي يتواصل بواسطته مع موقوفي فرنسا. وكانت المفاجأة أن رصد المشتبه به في لبنان وتعقّبه أدّيا إلى كشف المجموعات الأصولية الملاحقة حالياً.
3 ــ صدقية المصدر الفرنسي، عادت فأكدتها جدية الأدلة المكتشفة والمضبوطات، التي تؤكد بحسب المعلومات المؤكدة والموجودة في عهدة القضاء، أن الموقوفين كانت في حوزتهم كمية من الأعتدة والتجهيزات التي تتخطى نطاق السلاح الفردي، كما يقول مثيرو قضية توقيفهم.
4 ــ غير أن «الصدقية» الأهم، التي تدفع فريق الأكثرية إلى شبه الصمت حيال المسألة، هي تلك المرتبطة بالعامل السعودي. ذلك أن التحقيقات التي أجريت كشفت ارتباطات مهمة بين الموقوفين وبين بعض المشتبه بهم من الناشطين الأصوليين في السعودية. وتؤكد المعلومات نفسها أن تبادل المعطيات بين بيروت والرياض كان من العوامل التي ساهمت في كشف الشبكة الموقوفة في السعودية أخيراً، لا بل إن ثمة لبنانيين بين هؤلاء. وبالتالي فإن نتائج التحقيقات المجراة في بيروت، زكّتها وأكدتها التحقيقات السعودية نفسها، ما يجعل أي تشكيك في الأولى تشكيكاً في الأخيرة، وهو ما لا يمكن فريق الأكثرية الحريرية أن يقدم عليه.
5 ــ حرص المعنيين سياسياً ببيئة هؤلاء الموقوفين على تقديم صورة مغايرة لما برز قبل أسابيع في الإعلام الغربي، من مجلة «نيويوركر» في شباط الماضي، إلى «فورين آفيرز» قبل يومين، عن اتهامات مَسُوقة ضد بعض النظام السعودي وبعض القوى السنية اللبنانية، لجهة تمويل أصوليين من السلفيين السنّة القريبين من «القاعدة»، على خلفية مواجهة التيارات الشيعية الحركية في لبنان والمنطقة. هذا الحرص مثّل عاملاً إضافياً فرض في الشكل صمتاً أكثرياً حيال عمليات التوقيف، يضاف إلى عوامل الصمت السابقة والقائمة في مضمون القضية.
6 ــ النتائج الأمنية والسياسية والدبلوماسية الواضحة لحملات الدهم والتوقيف. ومنها مبادرة جهات أمنية رفيعة المستوى من عواصم قرار غربية، إلى تقديم طلبات لتبادل المعلومات المتوافرة عن الشبكات المكتشفة، والتنسيق الكامل بين بيروت وبين هذه العواصم لمتابعة الخلفيات والحيثيات والتداعيات الممكنة. ومن النتائج السياسية المصدّقة للعملية، توجّه تجمع «سياسي» شمالي سلفي إلى الانفراط، بعدما تبيّن أن ثمة علاقات وثيقة بين أركانه وبين عدد من الموقوفين.
أما أبرز النتائج الدبلوماسية المترتبة على القضية، فكان طلب سفير دولة عربية كبرى في بيروت، معنية بالقضية، تعزيز حمايته الشخصية ومواكبته من جانب الجهات الأمنية نفسها التي تولّت اكتشاف الشبكات الأصولية الشمالية وتوقيف أعضائها وإحالتهم على القضاء المختص.
لهذه الأسباب مجتمعةً، تؤكد المعلومات نفسها أن أقطاب الأكثرية الحريرية سيستمرون في الصمت حيال مسألة التوقيفات الشمالية. لكن ذلك لا يمنع بالطبع ذوي الموقوفين من إثارة الموضوع على خلفية الشروط العادلة للإجراءات المتخذة، واحترام حقوق الإنسان وحق الدفاع عن المتهم والتطبيق الدقيق لقانون أصول المحاكمات الجزائية، لجهة هوية الضابطة العدلية وصحة استنابتها وسوى ذلك من المسائل المفروض التزامها. كما أن تلك الأسباب لا تمنع الحسابات السياسية الشمالية المحلية، والانتخابية تحديداً، من متابعة القضية، تماماً على طريقة ما حصل في صيف 2005.