محمد دغيدى
04-24-2007, 03:27 PM
البعث والمقاومة العراقية : من الاعداد حتى الجهاد
شبكة البصرة
صلاح المختار
مقدمة لابد منها
هناك حقيقة اخذت تظهر بوضوح تام : ان المرحلة الحالية التي يمر بها العراق هي مرحلة الحسم الاخير والنهائي، ولذلك فان كافة القوى والخيارات الحاسمة، والتي أجلت بعض الاطراف المتصارعة اخراجها وزجها في الصراع سابقا انتظارا للحسم، نراها الان تستخدم في ساحة الصراع بكامل فاعليتها لتحقيق النصر وحسم الصراع. وفي هذا الاطار يلاحظ ان جهات عديدة منسجمة ومتناقضة تلتقي، في هذه اللحظة المصيرية بالذات، عند نقطة واحدة وهي معاداة البعث، رغم تناقضها فيما بينها، وممارسة سياسات واساليب تقوم على محاولات تغييب دور البعث اوتشويه صورته امام الراي العام وامام مجاهديه بشكل خاص لبث الياس والتردد في النفوس. لقد اطلقت كل دبابير الاعداء المدربة على اللدغ المؤذي بوجه البعث فالاغتيالات لكوادر البعث المجاهدة قد ازدادت على نحولم يسبق له مثيل منذ الغزووبلغ عدد الكوادر فقط التي اغتيلت اكثر من 1300 كادر، اضافة لالاف الاعضاء، وحملات الاعتقال للبعثيين ازدادت واصبحت تتكرر في مدن عديدة، لاجل زج الاف اخرى من البعثيين في السجون، ومحاولات التامر على الحزب من الداخل والخارج لاجل شقه قد توسع اطار من يشارك فيها من خارج الحزب واصبحت المخابرات الامريكية هي المايستروالصريح الذي يحرك المتامرين على الحزب، وهجمات وتصريحات لعناصر واشخاص تنتمي لفصائل اخرى على البعث تشتد وتزداد وقاحة واستفزازا دون ان يكون البعث قد تجاوز على احد اواستفزه، ومحاولات انكار دور البعث في المقاومة تتصاعد، والاعلام العربي يكثف حملاته للاساءة للبعث ومواقفه وسياساته فتطلق التقارير وتبث البرامج القائمة على تزوير الحقائق ومنع البعثيين من الرد عليها، ومهاجمة رموز البعث السياسية الاعلامية بشراسة غير مسبوقة!
كل هذه النشاطات والتحركات تثير اسئلة جوهرية منها : لم تكثفت وازدادت الحملات المعادية للبعث الان؟ هل لذلك صلة مباشرة بوصول الثورة المسلحة الى مرحلة الحسم؟ واذا كان الجواب نعم : ماهي الاسباب التي تجعل الحسم مقترنا بتصعيد حملات شيطنة البعث، التي كانت اولا سياسة امريكية – اسرئيلية – أيرانية لكنها الان اصبحت أيضا سياسة اشخاص محسوبين على بعض الفصائل التكفيرية واجهزة اعلام تظاهرت بالحيادية؟ وما معنى جعل البعث قبل الغزووبعده الهدف الاول لامريكا في العراق؟ وأيهما، في الواقع وليس في الدعاية، اخطر بالنسبة لامريكا البعث ام التكفيريين؟ قبل الاجابة لابد من توضيح بعض النقاط الحيوية لاننا نعيش في عصر أصبح التضليل فيه هواساس عمل القوى المعادية وغيرها!
قصور فهم اساليب الاعداء
هناك نقيصة في ثقافتنا السياسية بشكل عام وفي وعينا الستراتيجي بشكل خاص، وفي معلوماتنا عن الالعاب الاستخبارية السرية بشكل اخص، وهي اننا نتعامل مع الاحداث الكبرى من خلال مظاهر الامور ووثائق الدول الرسمية المعلنة، والتحفظ على، وغالبا رفض، ما قد تستبطنه تلك المواقف اوالسياسات الخاصة بأعدائنا اوخصومنا الدوليين والاقليميين من خطط سرية اواهداف مناقضة لما اعلن في السياسات الرسمية، في حين ان عدونا المشترك (امريكا واطراف اوربية والصهيونية وايران) يخطط لمديات طويلة، واحيانا طويلة جدا، كما هوالحال مع بروتوكولات حكماء الصهيونية وبروتوكولات حكماء ايران، التي تمتد لمئات السنين، وخطط الغرب الاستعماري، التي تمتد لعقود من الزمن، تجري خلالها عمليات الانتقال من خطوة الى اخرى طبقا للمخطط الموضوع وليس طبقا لاجتهادات من يحل في السلطة محل سابقه. وبسبب هذا الامتداد الزمني الطويل ودقة رسم الخطط لا يكتشف الكثيرون ان هناك بروتوكولات اسرائيلية اوفارسية قومية اوخطط استعمارية امريكية واوربية بل يرى احداثا متناثرة لا يظهر رابطا قويا بينها، وهذا هوالفخ الذكي المنصوب للامة العربية!
ان بروتوكولات حكماء صهيون، وتوأمها المكمل بروتوكولات حكماء الفرس وخطط الهيمنة الاستعمارية الراسمالية الغربية، هي نماذج لهذا النمط من التخطيط الستراتيجي السري الطبيعة، والتي تنكر من قبل من ينفذها، مثل أنكار الجهات الرسمية الامريكية وجود مطامع في النفط العربي، قبل وبعد غزوالعراق، مع ان احد اهم عمودين ثابتين في سياسة امريكا تجاه العرب هوعمود النفط، ومثلما كانت ايران تنكر انها تروج لدعوة طائفية في الوطن العربي وتنكر ان لها اهدافا توسعية قومية، لكن غزوالعراق كشف النقاب عن الحقيقة الكاملة لخطط ايران الاستعمارية والتي تكاد تتطابق من حيث الاهداف والاساليب مع الحركة الصهيونية، ومثلما كانت الحركة الصهيونية تنكر انها تريد الإساءة للعرب وانها تريد فقط وطنا آمنا لليهود يوقف اضطهادهم. لكن الواقع يشهد انها مخططات حقيقية وتطبق بتدرج وتخطيط محكم لكي يمتص ويحتوى زخم الرد الشامل والمدروس من قبل الضحايا وهم العرب في اجواء التضليل الاعلامي الشامل.
ومن اهم نتائج تنفيذ هذه المخططات الفعلية، التي تؤكد وجود المؤامرة، هي احتلال فلسطين كنتاج للبروتوكولات الصهيونية، واحتلال الاحواز العربية والجزر العربية في الخليج العربي من قبل ايران كنتاج لوجود بروتوكولات فارسية، واحتلال العراق من قبل امريكا بصفته تأكيد لوجود خطة شاملة للسيطرة على كافة منابع النفط مباشرة وابتزاز العالم بقوته. وهنا يجب ان نذكرّ بان من الحقائق المعروفة تقليد ان بريطانيا وامريكا لا تكشفان اسرار سياستهما الا بعد مرور نصف قرن من الزمن تكون خلالها كل المعطيات قد تغيرت فلا يلحق الضرر بهما بل يعد من مخلفات الماضي الذي انتهى مع ان الحاضر يشهد تنفيذ خطط سرية جديدة! والسؤال المهم هنا هو: لماذا تخفى الاسرار اذا لم تكن هناك خططا سرية غير معلنة وتتناقض مع ما هومعلن؟
ماذا يحصل لمن يخوض صراعا مصيريا مع اعداء اذكياء وحكماء وطامعين وقتلة من الطراز الاول وهولا يفهم لعبتهم الحقيقية واصولها القائمة على اظهار الاعداء له عكس ما يستبطنون؟ الارباك في افضل الاحوال والتضليل في أسوأها. وفي حالتي الارباك والتضليل فان العدوالمشترك يضمن السيطرة على مسرح العمليات الاساسي، وهوالعقل والمنطق، ويجبر الضحية على اتباع سياسات الفعل ورد الفعل، وهي سياسات قاصرة ومنهكة ومدمرة تقود في نهاية المطاف لهزيمة الضحية مهما قاتل ببسالة، في حين ان العدوالمشترك ينفذ مخططا ستراتيجيا بعيد المدى وثابت الاهداف. ان قيام الجهد الاساسي للضحية على اعمال رد الفعل يفقده القدرة على الفعل الاصلي المبادر فيحرم من اكتشاف ما يخبئه العدوالمشترك لانه يقصر تعامله مع التحدي الاني وعدم الانتباه بالقدر الكافي للتحديات الاخطر القادمة، وهوبالضبط ما يرده العدو.
بتعبير اخر ان ان العفوية في القتال لدى الضحية تغيّب القدرة على اكتشاف آليات تفكير العدووانماط العابه الاستخبارية والستراتيجية فيقع فريسة غموض في فهم ابعاد الصراع وتساوي الاحتمالات لديه والعجز عن فرز الاحتمال الارجح عن الاخر الاقل اهمية، ومن ثم تفشل الضحية بالقيام بحشد القوى وتوزيعها بشكل صحيح، طبقا لاهمية كل معركة! يقترن ذلك بما هو اسوأ وهوتغيير الخطط اعتباطيا لمجرد التخلص من تحد قد يكون مفبركا لاجل الارباك، وذلك هوالطريق المفضي الى الهزيمة مهما كان القتال بطوليا، لقد حدد العدوالمقتل في سلوك الضحية وهومقتل خطط العدولابرازه وضربه في الوقت المناسب.
ولحسن الحظ فان عصرنا هذا قد سمح بكسر الكثير من الاسرار، فاكتشف كثير منا بان ماتعرضنا له من احداث في العقود الماضية، لم يكن كما لاحظنا في الظواهر، بل انه كان يستخدم الظواهر لتحقيق ما اخفاه عمدا في البواطن. فمثلا لم تدرك القوى الوطنية العربية بان الصراعات فيما بينها، والتي تفجرت في نهاية الخمسينيات، كانت مخططا لها من قبل العدوالصهيويني – الغربي، بل كنا نظن انها غالبا ثمرة نقص الخبرة وعواطف التحزب وأنانيات الزعماء، اما الان، ورغم اهمية العوامل التي ذكرت، فاننا اخذنا نكتشف وعلى نحومتزايد بان ثمة تخطيطا بعيد المدى قد وضع ونفذ، خصوصا منذ صعود القومية العربية ببزوغ عصر القائد المرحوم جمال عبدالناصر، اساسه تدمير وحدة القوى الوطنية العربية، خصوصا القوى القومية التقدمية الوحدوية منها، وتهيئة البيئة لاحلال قوى تشرذم ولا توحد الصف العربي محلها في قيادة الشارع العربي اوالسلطة.
ولا يمكن لاي عاقل يستخدم ذكاءه ان يتجاهل ان مانواجهه الان من تشرذم كان ثمرة تخطيط غربي صهيوني محكم لم تكن اخطاء وقصور وتخلف العرب الا عاملا مساعدا له وليس خالقه. والمفارقة المذهلة في قصور وعي بعضنا تتجسد في اننا نملك تراثا وتقاليدا عريقة عمرها الاف السنين وسبقت نشوء الغرب مثل معرفتنا لشعار (فرق تسد)، ولكننا لم نتعمق في فهم آليات واساليب قيام الاعداء بتفريقنا كي يسودوا بل اكتفينا بالتعميم المباشر ونسينا الغوص في التفاصيل الشيطانية لهذا الشعار وهذا التكتيك.
في ضوء ما تقدم ندخل في موضوعنا الاساسي وهودور البعث في المقاومة العراقية المسلحة، الذي اصبح الان، وبعد تعزز دور الحزب وتعاظم جماهيريته على نحولم يسبق له مثيل، خصوصا عقب اغتيال امينه العام سيد الشهداء صدام حسين ورفاقه الابطال على يد الاحتلالين الامريكي والايراني، هدفا لحملات اعلامية اشد ضراوة مما سبق تلتقي فيها قوى تبدومتناقضة لكنها تتفق على امر جوهري وهواجتثاث البعث، سواء بالإبادة الجسدية اوبالتشويه المتعمد لدوره وهويته. ومن اهم ما لا حظناه هوان العدوالمشترك، خصوصا امتدادته التجسسية داخل بعض من يقاومون الاحتلال، واجهزة اعلام معروفة الهوية، يحاولون الان انكار دور البعث في المقاومة العراقية اوالتقليل من شأنه، ولكي لا يضيعنا العدوالمشترك في متاهات العابه الذكية علينا ان نضع انفسنا داخل خطي السكة الحديدية الصارمة للواقع العراقي وان لا نخرج منها حتى نصل الى الحقيقة ونسقط الدعايات الخبيثة، وسكة الحقيقة هذه هي قراءة الواقع العراقي كما هولا كما يريد العدوان يظهره هووطابوره الخامس مهما تعددت اسماء افراد هذا الطابور.
ستراتيجية الخداع الشامل
لم يعد سرا ان الخداع الشامل كان الاساس الذي بني عليه غزوالعراق واسقاط النظام الوطني فيه، ولكن الذي قد لا ينتبه اليه كثيرون هوان ستراتيجية الخداع الشامل مازالت هي العمود الفقري في عمل الاحتلال الامريكي في العراق خصوصا فيما يتعلق بالبند الاول في برنامجه في العراق المحتل وهواجتثاث البعث. كيف تتجلى ستراتيجية الخداع الشامل عندما تحرك وتنفذ قانون اجتثات البعث؟ ان ما يجري الان يجسد خير تجسيد خطوات واساليب الخداع الشامل الذي تقوم به امريكا في العراق. ومن اهم مظاهر ذلك ما يلي :
1 – ان من اهم الاساليب خبثا التي تتبعها قوات الاحتلال هواسلوب تقزيم المقاومة العراقية من خلال محاولة تصوير عملها وكأنه يقتصر على نسف الاليات المعادية وان عمليات النسف الوحيدة التي تجري هي تلك التي تصور! أين يكمن الخبث والتقزيم؟
أ – الخبث هوفي تقديم انطباع مضلل وهوان المقاومة العراقية المسلحة صارت عبارة عن مفخخات بالاساس، الامر الذي يخفي الاهمية الحاسمة للعمليات القتالية الاخرى وهي اهم بكثير من المفخخات التي تعتمد على وسائط قتالية وليس على قتال جبهي يقوم به بشر. فالمفخخة لا تكلف سوى ثمن صنعها وزرعها ثم تفجر عن بعد، فهي تخلوا من المخاطرة الكبيرة ومهما كانت اضرارها على الاحتلال، بينما القتال مع العدوهومواجهة بين المجاهدين والاحتلال تعتمد اساسا على التضحية بالنفس والقدرة القتالية الخاصة. لقد انزل تكتيك ابراز المفخخات مرتبة القتال الجبهي الى مستوى واطئ اوالاهمال، فيما رفعت قيمة المفخخات لتصبح الرمز الاساسي للمقاومة مع انه رمز ثانوي لها.
ب – ان الاعتماد على تصوير العمليات الخاصة بنسف الاليات واعتبار ذلك هوالدليل الوحيد على الفعل الجهادي، كما تدعي عناصر معينة اواجهزة اعلامية معينة، انما هواحلال للجهاد الاعلامي محل الجهاد العسكري، ومن ثم تحويل المقاومة الى فعل دعائي في المقام الاول يجير لخدمة طرف اوعناصر دورها القتالي الحقيقي ثانوي.
ج – بجعل المعيار الجهادي الاول والاهم هوالتغطية الاعلامية سوف يصبح ممكنا الاساءة لفصائل تقاتل العدوبالرجال والمعدات القتالية المباشرة كالرشاشات والقنابل، ولا تقوم بزرع مفخخات، بتحديها ان تبث فيلما يثبت انها قامت بعمل جهادي! ان هذه الخدعة لا تظهر خباثتها الا اذا تذكرنا ان تصوير مفخخة امر سهل لانه لا يتم اثناء القتال بل اثناء الهدوء وحينما يحدث الانفجار وتتطاير الالية يتم التصوير من بعد ودون اضرار اوخسائر لذلك فان التصوير امر ممكن. اما حينما تخوض المقاومة معركة دفاعية اوهجومية شرسة ضد الاحتلال واعوانه فان التفكير بالتصوير يصبح غباء مفرطا لان المقاتل يكون منغمسا في الهجوم اوالدفاع في اجواء تفوق عسكري وتكنولوجي كبير جدا للعدووفي وقت قصير لا يسمح احيانا حتى باكمال مستلزمات المعركة الاساسية كحشد المقاتلين اوتوفير العتاد.
د – بجعل معيار التغطية الاعلامية هوالفصل فيمن يجاهد ومن لا يجاهد ستتضخم الانا لدى فصائل صغيرة جدا، يقتصر دورها اساسا على زرع المفخخات، وهوعمل يمكن لفرد واحد ان يقوم به، وتصبح قادرة على التجاوز على الفصائل الاساسية واستفزازها والانتقاص من دورها، خصوصا في اجواء لا تخلوا من قلة الوعي وضعف الثقافة، وهكذا تبرز مشاكل تنظيم سلوك المجاهدين بصورة عقلانية تؤمن الحد الادنى من الانسجام والتوافق لتجنب الصراعات غير المبررة.
ه – يصبح ممكنا للاحتلال الادعاء بان من يقاوم هم انفار ومجموعات صغيرة تزرع المفخخات في الطرق ثم تفجرها، الامر الذي يجعل المقاومة بعيون من لا يعرف ولا يعي جيدا عمل مغامر، وكل عمل مغامر محكوم عليه بالفشل في النهاية، بعكس المقاومة القائمة على مقاتلة العدوبالرجال فانها عمل مخطط ويعتمد على جماهير غفيرة ومقاتلين مدربين واستعداد للموت. يضاف الى ذلك ان المقاومة عمل فدائي وبهذا المعنى فان القتال وليس زرع المفخخات هومعيار العمل الفدائي الاساسي.
6 – لقد اثبتت التجربة الواقعية لغزوالعراق بان تصوير الكلمات وبثها اوتصوير العمليات غالبا ما يؤدي على انكسارات امنية، لان العدوسرعان ما يحلل الافلام والصور المبثوثة ويحدد اماكن ومناطق ووجوه من خلال القدرات التكنولوجيا المتفوقة التي يمتلكها، فتكون النتيجة اعتقالات واسر اشخاص كان يمكن حمايتهم لولم يتم التصوير. بل يجب المصارحة الان بان الضغط على البعثيين لبث خطب اوافلام مصورة كان ومازال مدفوعا من قبل الاحتلال، بصورة غير مباشرة غالبا، لانه سيساعد على تحديد احداثيات واكتشاف معلومات مطلوبة للمتابعة الامنية، فمثلا حينما بث خطاب مسجل للمجاهد عزت الدوري اعقب ذلك حملة اعتقالات طالت المئات من المواطنين خصوصا في المناطق التي توقع العدوان يكون فيها المجاهد الدوري.
ان من اكبر عناصر الخداع الامريكي هي خطة تحويل التغطية الاعلامية الى بديل عن الواقع العراقي، واختصار المقاومة باعمال المفخخات واهمال اهم ما فيها وهوالقتال بين بشر محتلين وبشر محررين! فهل يختلف هذا النوع من الخداع عن خداع الاعداد لغزوالعراق؟ الان المطلوب من قبل الاحتلال هوتجيير المقاومة لمن هوالاقل قدرة والاصغر حجما والاندر فاعلية، وحرمان الاكثر والانشط والذي يتحمل مخاطر القتال من تقديم صورة حقيقية عنه في الاعلام!
7 – ان الدليل الحاسم على خباثة امريكا، والدليل على انسياق بعض اصحاب المفخخات وراء خداعها القائل بان من لا يملك افلاما مصورة لا دور جهادي له، هوالحقيقة التالية : اعترف الاحتلال رسميا بان عدد العمليات العسكرية للمقاومة قد تجاوزت 140 عملية يوميا، واذا قبلنا هذا الرقم، وهوالحد الادنى للعمليات العسكرية والتي تقدرها اوساط المقاومة باكثر من 300 عملية يوميا، فان دور وحجم عمليات المفخخات يظهر بوضوح تام ويسقط لعبة الخباثة الامريكية. فمن المعروف ان ما يبث من عمليات نسف اليات لا يتجاوز العملية في اليوم، ولكن لنفترض انها عشرة عمليات في اليوم، فهل يشكل هذا العدد شيئا مقارنة بعدد العمليات العسكرية من الانواع الاخرى للمقاومة والتي تبلغ في الحد الادنى 130 عملية بعد انقاص عمليات المفخخات؟
نعم المقاومة تشن عمليات قتالية في مختلف انحاء العراق تتوزع ما بين جمع معلومات استخبارية وقصف معسكرات ومهاجمة قوات والدفاع عن الاحياء والمناطق التي تهاجم من قبل الاحتلال... الخ، وهي اهم انواع المقاومة واكثرها تأثيرا على الاحتلال. وهذه العمليات لا تصور لاسباب عملية صرفة كما قلنا، لذلك فان السؤال الذي يفضح الخبث الامريكي هولماذا يتم اهمال اوتجاهل اوتقزيم العمليات العسكرية الاساسية للمقاومة؟ الجواب لان من يقوم بها هم مقاتلون محترفون يمثلون القوة الاساسية في المقاومة العراقية وينتمون لفصائل جهادية بعثية وغير بعثية تنتمي كلها تقريبا للجيش الوطني الذي حله الاحتلال فتحول بقوى كبيرة منه الى العمل المقاوم السري والمنظم. وهذه القوة هي التي يراهن عليها في تحرير العراق بسبب انتشارها في كل العراق وخضوع اغلبها لتنظيم سياسي واحد يوجهها ويحدد مسارات ضرباتها بما يضمن تقريب يوم النصر. لذلك فان التعتيم عليها لا يقصد به حجب عملياتها فقط عن الراي العام واقناعه بأنها ضعفت اوزال دورها بل اساسا المطلوب هوتفتيت هذه القوة الضاربة وشقها ورزع الارتباك في صفوفها، وتقديم نخب مقاتلة بدلا عنها تفتقر الى القاعدة الجماهيرية والعسكرية، لان الاحتلال يعرف يقينا انها نخب لا تستطيع السيطرة على العراق بسبب محدودية بشرها وفقر خبرتها وتشرذمها واستحالة اتفاق النخب على موقف واحد تجاه الاحتلال وسعي كل منها للانفراد بالسلطة وتكفير الاخرين، فهي لذلك مشاريع تفتيت وشرذمة وتفتقر بشدة الى الرؤية العقلانية والموضوعية للواقع العراقي.
ما الذي يترتب على هذه الملاحظات الجوهرية؟ اول ما يجب الانتباه اليه هوان العدوالامريكي يتبع اساليب خداع وتضليل ذكية جدا وفعالة جدا قبل ان تكشف ومنها التي اشرنا اليها، ولذلك، ولاكتشاف الحقيقة، يجب تفكيك قصص الاحتلال ومن يشاركه ترويجها لتحديد ما هوصحيح فيها وما هوتضليل محض. لقد اكتشفنا ان الاحتلال والاعلام العربي وفصائل فرحة بعمليات المفخخات، وهوفرح مشروع طبعا، قد قدم صورة مضللة عن واقع المقاومة العراقية باختصارها وتقزيمها بجعل تصوير نسف الاليات هوالعمل الاساسي مع انه عمل ثانوي مقارنة بالقتال الجبهي بين البشر، وترتب على هذا تغييب دور من يقاتل بلا مفخخات على ارض العراق ويقوم باكثر من 130 عملية من بين 140 عملية يومية!
ان البعث لا يحتاج لشهادة من احد ابدا لانه هوالذي يمنح الشهادات للاخرين ليس انطلاقا من غرور تحزبي بل من واقع عياني معروف وهودور البعث الجهادي قبل الغزوودوره في الاعداد للمقاومة وتفجيرها ومواصلتها رغم انه الاكثر تعرضا للابادة الجسدية!
مداخل الفهم الصحيح
علينا اولا وقبل كل شيء لفهم الامور بصورة صحيحة ان نفكك مكونات حملة الخداع الشامل من خلال تثبيت الحقائق التي تغيّب عمدا ومنها ما تلخصه الاسئلة والاجوبة التالية :
1 – من هوالعدوالاول والرئيسي للاحتلال والصهيونية وايران كما نراه في الواقع الفعلي وليس في الاعلام، والذي تركز هذه الاطراف الثلاثة كل الجهود لتصفيته جذريا؟
الجواب : انه البعث والنظام الوطني بقيادة الشهيد صدام حسين كما اثبتت وقائع غزوالعراق وحسمت الامر، فالحروب والهجمات لم تقع الا على البعث ونظامه الوطني، اما حروب الكلام والرصاص الخلب، والتي كان هدفها تأهيل اطراف للعب دور تخريبي تحت غطاء محبوب، فكانت مع الاخرين.
2 – من خاض ويخوض المعركة الرئيسية مع امريكا والصهيونية وايران؟
الجواب : انه البعث والنظام الوطني، وهي حقيقة اكدها اضطرار امريكا لخوض حرب شاملة ضد العراق، وبتواصل واصرار استمرا منذ عام 1988 فخاضت امريكا وحلفاء لها حربين ضد العراق (في عام 1991 وعام 2003)، وبلغ عدد الدول الحليفة والداعمة لامريكا ضد العراق حوالي اربعين دولة، وهوعدد من الدول اكثر واهم واقوى من الدول التي اشتركت في الحرب العالمية الثانية ضد النازية، فهل هذا الحشد كان صدفة اونتيجة غضب؟ ام انه حصيلة حسابات ستراتيجية دقيقة حددت العدوالرئيسي في عراق البعث وصدام حسين؟ واذا كان هناك طرف اخر يشكل عدوا رئيسيا لامريكا لم لم يتعرض لنفس المستوى من الحروب؟
3 – كيف تتم عمليات تصفية البعث فكريا وسياسيا وتنظيميا وجهاديا وماليا ودعائيا؟
الجواب : تتبع امريكا في تصفية البعث كافة الطرق المتاحة من اغتيالات واعدامات لمئات الكوادر ولالاف المناضلين وزج عشرات الالاف في الاسر ومصادرة الاموال والطرد من الوظائف والتشويه الفكري وتلفيق الاكاذيب وعدم السماح للبعث بالرد من خلال منع الاعلام من اعطاء مناضليه فرص الرد اوتوضيح مواقفه، والعمل على شق الحزب والسطوعلى اسمه وتهجير الالاف من أعضاءه من العراق. باختصار شديد ان الجهد الشامل لامريكا وايران واسرائيل واطراف اخرى يتركز على محوالبعث، هوية ووجودا ماديا، من العراق والوطن العربي، فهل واجه اويواجه حزب اوطرف اخر هذا النمط المركب من الحملات الاجتثاثية؟ بالتاكيد كلا، ومن يقول غير ذلك فليقدم دليله.
4 – ما هوأثر ذلك على البعث وافعاله وردود افعاله في الساحات كافة؟ هل يملك حرية نسبية اومطلقة للتحرك مثل باقي الفصائل؟
الجواب : ان الاثر المباشر وغير المباشر لهذا التركيز الخاص جدا على اجتثاث البعث يظهر في اختفاءه ظاهريا عن ساحات العمل الاعلامي والسياسي، بقرار من الحزب لحماية كيانه التنظيمي من الابادة المستمرة، اما على المستوى العسكري الجهادي فانه الطرف الاكثر سرية والاشد تمويها على عمله وتحركاته وفعالياته العسكرية، لانه هوالمستهدف الاول وهوالعدوالاول والاخطر للاحتلال، لذلك فانه تخلى منذ البداية عن ترف مخاطبة الاعلام وركز على البقاء المادي والتوسع الفعلي على الارض لتجنب كارثة الهزيمة امام الاحتلال، رغم انه لم يضيع فرصة للتعبير عن رايه كلما سنحت. ان الفصائل الاخرى دون استثناء تتمتع ببيئة اكثر أمنا للتحرك من البعثيين وتجد من العدوتساهلا كثيرا في مجال الدعاية وجمع الاموال والحصول على السلاح وتجنب الاعتقالات والاغتيالات. ومع ذلك فان البعث كان ومازال يشكل الجسم الرئيسي المقاتل في الساحة ويعمل تحت مسميات مختلفة اغلبها تستخدم للتمويه وخداع العدووتقليل فرصه على تحديد من هوالبعثي ومن هوغير البعثي من بين المجاهدين.
5 – كيف ينظر العدوالمشترك للاطراف الاخرى المناهضة للاحتلال من حيث :
أ – أنها تأتي من حيث الخطورة الستراتيجية البعيدة المدى، وليس التكتيكية الآنية، بعد العدوالرئيسي والاول.
الجواب : انها قوى تخدم الاحتلال بصورة غير مباشرة لان مشروعها تشرذمي وبدون رؤية ستراتيجية متماسكة ولذلك يمكن تحريك عناصر الشرذمة لديها لخلخلة المشروع المقاوم وتمزيق بنادقه، رغم انها تكتيكيا تلحق ضررا ماديا ومعنويا به. ومن ينظر الان للساحة العراقية يرى بوضوع ان عوامل الشرذمة قد بدأت تطل برأسها حتى بين التنظيمات الاسلاموية المتشابهة الهوية.
ب – انها يمكن ان تستغل من قبل العدولضرب اواضعاف القوة الرئيسية، سواء بوعيها اوبدون ذلك.
الجواب : من يراقب الان العراق يرى ان الهجمات والاغتيالات التي تطال مجاهدين بعثيين وغير بعثيين تتم بيد مجاهدين اخرين، وهي ظاهرة لا تخدم بالتاكيد الا الاحتلال وكان يحلم بها ويريد حصولها منذ وقع في الفخ العراقي، والان تقوم عناصر بهذا العمل مع ان المرحلة هي مرحلة حسم حرب تحرير العراق! فهل يوجد استغلال اخطر من هذا لتلك العناصر التكفيرية التي لم تجد الا هذا الوقت لتصفية الاخرين جسديا وسياسيا وعسكريا وهي مهمة مستحيلة النجاح وكل ما ستؤدي اليه هوشق الصفوف؟ ان العدوالاساسي الذي يخشاه الاحتلال هوالبعث بحكم حجمه ودوره القتالي وكونه الحزب الوطني الوحيد الذي يغطي القطر تنظيميا وشعبيا ويمثل كافة مكونات الشعب، لذلك فان مهاجمة البعث لا تخدم الا الاحتلال.
6 – ماذا جرى في الواقع العراقي خلال الفترة بين 1980 و2003؟ هل اعد البعث للحرب والغزوفي عام 2003؟ وكيف جرى ذلك؟ وما اثر ذلك على مستوى ونوعية المقاومة العراقية حاليا؟ وهل كانت المقاومة ستكون بهذا المستوى الفريد لولا اعداد مسبق وطويل لها؟
الجواب سياتي فيما بعد.
7 – من فجر المقاومة المسلحة وقادها بمفرده اولا ثم التحق اخرون به فيما بعد؟
الجواب سياتي فيما بعد.
هذه اسئلة مهمة جدا وضرورية لتقديم صورة امينة وحقيقية عما حصل ويحصل في العراق منذ الغزوبعيدا عن الدعاية والتضليل تساعد على اسقاط ما يروج دون التورط في دهاليز مظلمة قد يكون الخروج منه مكلفا جدا. لذلك يجب ان نتأمل في اجابات هذه الاسئلة بهدوء ونستخلص معانيها ونتائجها كما رأها العراقيون والعالم.
العامل الستراتيجي : من هوالعدوالرئيسي؟
منذ عام 1988، وهوعام الانتصار العراقي على ايران، تحددت صورة الصراع الستراتيجي الرئيسي القادم في منطقتنا وفي العالم، واصبح واضحا رسميا وفعليا، ان معارك العالم ستتركز حول العراق، خصوصا وان بوادر التفكك في المعسكر الاشتراكي اصبحت تظهر بوضوح. وحينما بدأ انهيار اوربا الشرقية في المانيا وبلغاريا، وقبل ان تكتمل عملية الانهيار، عرفنا بوضوح تام بان المعركة القادمة ستكون مع العراق،وكان الرئسي الشهيد صدام حسين يعرف ذلك. في نهاية عام 1989 عقد لقاء للسيد الرئيس الشهيد حضره سفراء العراق في اوربا واليابان ونخبة من رجال الاعلام، وحضرته بصفتي مديرا عاما للاعلام انذاك، وبعض الاكاديميين، لمناقشة اثار انهيار المانيا الشرقية وبلغاريا على العالم وبالاخص على الامة العربية. وبعد نقاش مطول طرحت رأيي بوضوح ويتلخص كالاتي : ان الحرب الامريكية – الصهيونية القادمة ستكون مع العراق حتى اذا حل الصراع العربي - الصهيوني بمضمونه الفلسطيني، لانه سيكتسب مضمونا عراقيا ويبقى صراعا عربيا – اسرائيليا ولكن جوهر القضية سيصبح الصراع مع العراق. ويذكر من حضر هذا لاجتماع وهم عشرات واكثرهم احياء وبعضهم انضم للصف المعادي، مادار فيه وكانت فكرة ان العراق سيكون الهدف هي المحور الاساسي مبنية على ما يلي :
1 – ان اقليم النفط، حسب التعابير الامريكية، سيكون اعظم اسلحة الحرب في مرحلة ما بعد انهيار الشيوعية في بعض اوربا وربما سيشملها كلها، كما ان الاتحاد السوفيتي في زمن ميخائيل غورباتشوف كان سائرا نحوالراسمالية، من خلال الغلاسنوست (الشفافية) والبيروسترويكا (الاصلاح) وتخلى عن حلفاءه بوضوح واخذ يعزز علاقاته بالغرب. من هنا فان حلم امريكا الاعظم في اقامة امبراطورية عالمية بزعامتها اصبح ممكن التحقيق. ولكن طبيعة علاقات القوى انذاك كانت لاتسمح لامريكا بالسيطرة بالقوة وانما كان يجب ان تمسك العالم من بين ساقيه وتشله عن الحركة، وعندها تتحرك بحرية. واقليم النفط هوكلمة السر في تحقيق ذلك فمن يسيطر على كل منابع النفط سيسيطر على العالم بلا حروب عسكرية، والعراق هوالقطر الوحيد القادر على كسر الاحتكار النفطي الامريكي اذا سيطرت امريكاعلى بقية منابع النفط دون العراق، بحكم ثقله النفطي المعروف وهوبحدود 120 مليار برميل الاحتياطي الثابت، وثقله المقدر والحقيقي الذي عرفته امريكا قبل العراق عن طريق المسح الجوي وهوان العراق يملك الاحتياطي الاكبر في العالم ويبلغ بين 250 – 300 مليار برميل، وان نفطه افضل وارخص تكلفة من نفوط السعودية وغيرها، من هنا فان احتواء العراق شرط مسبق لاحكام القبضة على اقليم النفط. واستنادا الى ذلك فان أي عملية لاستثمار الفراغ الذي بدأ يظهر في اوربا الشرقية والسيطرة على العالم مرهون بالسيطرة على العراق لتجنب الغزوالعسكري المستحيل للعالم. وهذه الحقيقة الجيوستراتيجية تسقط الرد الاقتصادي المبتذل الذي تقدمه امريكا واتباعها خبراء النفط وهي ان امريكا تحصل على النفط بلا حرب اوغزوفلماذا تغزومن اجله؟
2 – ان العراق هوالقطر الوحيد الذي بقي يرفض الاعتراف باسرائيل اوالمساومة حولها ويتمسك بالحقوق الثابتة والكاملة للشعب الفلسطيني، لذلك يجب التخلص من نظامه لاجل تحقيق نظام شرق اوسطي جديد.
3 – ان العراق هوالقطر الوحيد الذي لديه مشروع نهضوي قومي ووطني بدأ بناءه واخذت ثمراته تظهر للعيان، في تحقيق تقدم سريع ونهضة تنموية وانشاء بنية تحتية ستراتيجية وتأهيل جيش من العلماء والمهندسين والقضاء على الفقر والامية وغيرها. وفي اطار تقسيم العمل الدولي غير مسموح لقطر مستقل وطموح كالعراق ان يكمل بناء مشروعه النهضوي خصوصا وانه مرتبط بفكرة انه قاعدة انطلاق لمشروع نهضوي قومي عربي وحدوي.
4 – لقد نجح العراق في تجاوز محاولات احتواءه، أي السيطرة عليه بطرق مختلفة، وحافظ على استقلاله الوطني، وعززه باقامة نواة صناعة عسكرية متطورة لانهاء الاعتماد الطفيلي العربي على مصنعي السلاح الاجانب، وكانت تلك خطوة خطيرة من وجهة نظر امريكية صهيونية.
5 – لقد افلت العراق من محاولات الاحتواء التي قامت بها امريكا سواء بالضغوط اوغيرها، فاصبح في اطار ما يسمى ب(الدول المارقة)، أي التي لا تخصع لنفود امريكا ولا تقبل العمل في خدمتها. اما نحن فقد اطلقنا على هذه السياسة تسمية (تجاوز الخطوط الحمر الامريكية والصهيونية)، وهي سياسة ان كانت ممكنة التحمل من قبل امريكا والصهيونية اثناء الحرب الباردة فانها اصبحت غير قابلة للاحتمال مع بدء انهيار الحرب الباردة وازدادت ضرورة التخلص من كل من لا يخضع للخطوط الحمر هذه بعد زوال الاتحاد السوفيتي وانعزال الصين وتراجع اوربا عن السياسة الاستقلالية.
تلك هي الاسباب الستراتيجية الكامنة خلف نظرة امريكا والصهيونية واوساط اوربية للعراق تحت قيادة البعث والشهيد صدام حسين بصفته العقبة الاساسية التي تعترض قيام الامبراطورية الامريكية على مستوى عالمي.
شبكة البصرة
صلاح المختار
مقدمة لابد منها
هناك حقيقة اخذت تظهر بوضوح تام : ان المرحلة الحالية التي يمر بها العراق هي مرحلة الحسم الاخير والنهائي، ولذلك فان كافة القوى والخيارات الحاسمة، والتي أجلت بعض الاطراف المتصارعة اخراجها وزجها في الصراع سابقا انتظارا للحسم، نراها الان تستخدم في ساحة الصراع بكامل فاعليتها لتحقيق النصر وحسم الصراع. وفي هذا الاطار يلاحظ ان جهات عديدة منسجمة ومتناقضة تلتقي، في هذه اللحظة المصيرية بالذات، عند نقطة واحدة وهي معاداة البعث، رغم تناقضها فيما بينها، وممارسة سياسات واساليب تقوم على محاولات تغييب دور البعث اوتشويه صورته امام الراي العام وامام مجاهديه بشكل خاص لبث الياس والتردد في النفوس. لقد اطلقت كل دبابير الاعداء المدربة على اللدغ المؤذي بوجه البعث فالاغتيالات لكوادر البعث المجاهدة قد ازدادت على نحولم يسبق له مثيل منذ الغزووبلغ عدد الكوادر فقط التي اغتيلت اكثر من 1300 كادر، اضافة لالاف الاعضاء، وحملات الاعتقال للبعثيين ازدادت واصبحت تتكرر في مدن عديدة، لاجل زج الاف اخرى من البعثيين في السجون، ومحاولات التامر على الحزب من الداخل والخارج لاجل شقه قد توسع اطار من يشارك فيها من خارج الحزب واصبحت المخابرات الامريكية هي المايستروالصريح الذي يحرك المتامرين على الحزب، وهجمات وتصريحات لعناصر واشخاص تنتمي لفصائل اخرى على البعث تشتد وتزداد وقاحة واستفزازا دون ان يكون البعث قد تجاوز على احد اواستفزه، ومحاولات انكار دور البعث في المقاومة تتصاعد، والاعلام العربي يكثف حملاته للاساءة للبعث ومواقفه وسياساته فتطلق التقارير وتبث البرامج القائمة على تزوير الحقائق ومنع البعثيين من الرد عليها، ومهاجمة رموز البعث السياسية الاعلامية بشراسة غير مسبوقة!
كل هذه النشاطات والتحركات تثير اسئلة جوهرية منها : لم تكثفت وازدادت الحملات المعادية للبعث الان؟ هل لذلك صلة مباشرة بوصول الثورة المسلحة الى مرحلة الحسم؟ واذا كان الجواب نعم : ماهي الاسباب التي تجعل الحسم مقترنا بتصعيد حملات شيطنة البعث، التي كانت اولا سياسة امريكية – اسرئيلية – أيرانية لكنها الان اصبحت أيضا سياسة اشخاص محسوبين على بعض الفصائل التكفيرية واجهزة اعلام تظاهرت بالحيادية؟ وما معنى جعل البعث قبل الغزووبعده الهدف الاول لامريكا في العراق؟ وأيهما، في الواقع وليس في الدعاية، اخطر بالنسبة لامريكا البعث ام التكفيريين؟ قبل الاجابة لابد من توضيح بعض النقاط الحيوية لاننا نعيش في عصر أصبح التضليل فيه هواساس عمل القوى المعادية وغيرها!
قصور فهم اساليب الاعداء
هناك نقيصة في ثقافتنا السياسية بشكل عام وفي وعينا الستراتيجي بشكل خاص، وفي معلوماتنا عن الالعاب الاستخبارية السرية بشكل اخص، وهي اننا نتعامل مع الاحداث الكبرى من خلال مظاهر الامور ووثائق الدول الرسمية المعلنة، والتحفظ على، وغالبا رفض، ما قد تستبطنه تلك المواقف اوالسياسات الخاصة بأعدائنا اوخصومنا الدوليين والاقليميين من خطط سرية اواهداف مناقضة لما اعلن في السياسات الرسمية، في حين ان عدونا المشترك (امريكا واطراف اوربية والصهيونية وايران) يخطط لمديات طويلة، واحيانا طويلة جدا، كما هوالحال مع بروتوكولات حكماء الصهيونية وبروتوكولات حكماء ايران، التي تمتد لمئات السنين، وخطط الغرب الاستعماري، التي تمتد لعقود من الزمن، تجري خلالها عمليات الانتقال من خطوة الى اخرى طبقا للمخطط الموضوع وليس طبقا لاجتهادات من يحل في السلطة محل سابقه. وبسبب هذا الامتداد الزمني الطويل ودقة رسم الخطط لا يكتشف الكثيرون ان هناك بروتوكولات اسرائيلية اوفارسية قومية اوخطط استعمارية امريكية واوربية بل يرى احداثا متناثرة لا يظهر رابطا قويا بينها، وهذا هوالفخ الذكي المنصوب للامة العربية!
ان بروتوكولات حكماء صهيون، وتوأمها المكمل بروتوكولات حكماء الفرس وخطط الهيمنة الاستعمارية الراسمالية الغربية، هي نماذج لهذا النمط من التخطيط الستراتيجي السري الطبيعة، والتي تنكر من قبل من ينفذها، مثل أنكار الجهات الرسمية الامريكية وجود مطامع في النفط العربي، قبل وبعد غزوالعراق، مع ان احد اهم عمودين ثابتين في سياسة امريكا تجاه العرب هوعمود النفط، ومثلما كانت ايران تنكر انها تروج لدعوة طائفية في الوطن العربي وتنكر ان لها اهدافا توسعية قومية، لكن غزوالعراق كشف النقاب عن الحقيقة الكاملة لخطط ايران الاستعمارية والتي تكاد تتطابق من حيث الاهداف والاساليب مع الحركة الصهيونية، ومثلما كانت الحركة الصهيونية تنكر انها تريد الإساءة للعرب وانها تريد فقط وطنا آمنا لليهود يوقف اضطهادهم. لكن الواقع يشهد انها مخططات حقيقية وتطبق بتدرج وتخطيط محكم لكي يمتص ويحتوى زخم الرد الشامل والمدروس من قبل الضحايا وهم العرب في اجواء التضليل الاعلامي الشامل.
ومن اهم نتائج تنفيذ هذه المخططات الفعلية، التي تؤكد وجود المؤامرة، هي احتلال فلسطين كنتاج للبروتوكولات الصهيونية، واحتلال الاحواز العربية والجزر العربية في الخليج العربي من قبل ايران كنتاج لوجود بروتوكولات فارسية، واحتلال العراق من قبل امريكا بصفته تأكيد لوجود خطة شاملة للسيطرة على كافة منابع النفط مباشرة وابتزاز العالم بقوته. وهنا يجب ان نذكرّ بان من الحقائق المعروفة تقليد ان بريطانيا وامريكا لا تكشفان اسرار سياستهما الا بعد مرور نصف قرن من الزمن تكون خلالها كل المعطيات قد تغيرت فلا يلحق الضرر بهما بل يعد من مخلفات الماضي الذي انتهى مع ان الحاضر يشهد تنفيذ خطط سرية جديدة! والسؤال المهم هنا هو: لماذا تخفى الاسرار اذا لم تكن هناك خططا سرية غير معلنة وتتناقض مع ما هومعلن؟
ماذا يحصل لمن يخوض صراعا مصيريا مع اعداء اذكياء وحكماء وطامعين وقتلة من الطراز الاول وهولا يفهم لعبتهم الحقيقية واصولها القائمة على اظهار الاعداء له عكس ما يستبطنون؟ الارباك في افضل الاحوال والتضليل في أسوأها. وفي حالتي الارباك والتضليل فان العدوالمشترك يضمن السيطرة على مسرح العمليات الاساسي، وهوالعقل والمنطق، ويجبر الضحية على اتباع سياسات الفعل ورد الفعل، وهي سياسات قاصرة ومنهكة ومدمرة تقود في نهاية المطاف لهزيمة الضحية مهما قاتل ببسالة، في حين ان العدوالمشترك ينفذ مخططا ستراتيجيا بعيد المدى وثابت الاهداف. ان قيام الجهد الاساسي للضحية على اعمال رد الفعل يفقده القدرة على الفعل الاصلي المبادر فيحرم من اكتشاف ما يخبئه العدوالمشترك لانه يقصر تعامله مع التحدي الاني وعدم الانتباه بالقدر الكافي للتحديات الاخطر القادمة، وهوبالضبط ما يرده العدو.
بتعبير اخر ان ان العفوية في القتال لدى الضحية تغيّب القدرة على اكتشاف آليات تفكير العدووانماط العابه الاستخبارية والستراتيجية فيقع فريسة غموض في فهم ابعاد الصراع وتساوي الاحتمالات لديه والعجز عن فرز الاحتمال الارجح عن الاخر الاقل اهمية، ومن ثم تفشل الضحية بالقيام بحشد القوى وتوزيعها بشكل صحيح، طبقا لاهمية كل معركة! يقترن ذلك بما هو اسوأ وهوتغيير الخطط اعتباطيا لمجرد التخلص من تحد قد يكون مفبركا لاجل الارباك، وذلك هوالطريق المفضي الى الهزيمة مهما كان القتال بطوليا، لقد حدد العدوالمقتل في سلوك الضحية وهومقتل خطط العدولابرازه وضربه في الوقت المناسب.
ولحسن الحظ فان عصرنا هذا قد سمح بكسر الكثير من الاسرار، فاكتشف كثير منا بان ماتعرضنا له من احداث في العقود الماضية، لم يكن كما لاحظنا في الظواهر، بل انه كان يستخدم الظواهر لتحقيق ما اخفاه عمدا في البواطن. فمثلا لم تدرك القوى الوطنية العربية بان الصراعات فيما بينها، والتي تفجرت في نهاية الخمسينيات، كانت مخططا لها من قبل العدوالصهيويني – الغربي، بل كنا نظن انها غالبا ثمرة نقص الخبرة وعواطف التحزب وأنانيات الزعماء، اما الان، ورغم اهمية العوامل التي ذكرت، فاننا اخذنا نكتشف وعلى نحومتزايد بان ثمة تخطيطا بعيد المدى قد وضع ونفذ، خصوصا منذ صعود القومية العربية ببزوغ عصر القائد المرحوم جمال عبدالناصر، اساسه تدمير وحدة القوى الوطنية العربية، خصوصا القوى القومية التقدمية الوحدوية منها، وتهيئة البيئة لاحلال قوى تشرذم ولا توحد الصف العربي محلها في قيادة الشارع العربي اوالسلطة.
ولا يمكن لاي عاقل يستخدم ذكاءه ان يتجاهل ان مانواجهه الان من تشرذم كان ثمرة تخطيط غربي صهيوني محكم لم تكن اخطاء وقصور وتخلف العرب الا عاملا مساعدا له وليس خالقه. والمفارقة المذهلة في قصور وعي بعضنا تتجسد في اننا نملك تراثا وتقاليدا عريقة عمرها الاف السنين وسبقت نشوء الغرب مثل معرفتنا لشعار (فرق تسد)، ولكننا لم نتعمق في فهم آليات واساليب قيام الاعداء بتفريقنا كي يسودوا بل اكتفينا بالتعميم المباشر ونسينا الغوص في التفاصيل الشيطانية لهذا الشعار وهذا التكتيك.
في ضوء ما تقدم ندخل في موضوعنا الاساسي وهودور البعث في المقاومة العراقية المسلحة، الذي اصبح الان، وبعد تعزز دور الحزب وتعاظم جماهيريته على نحولم يسبق له مثيل، خصوصا عقب اغتيال امينه العام سيد الشهداء صدام حسين ورفاقه الابطال على يد الاحتلالين الامريكي والايراني، هدفا لحملات اعلامية اشد ضراوة مما سبق تلتقي فيها قوى تبدومتناقضة لكنها تتفق على امر جوهري وهواجتثاث البعث، سواء بالإبادة الجسدية اوبالتشويه المتعمد لدوره وهويته. ومن اهم ما لا حظناه هوان العدوالمشترك، خصوصا امتدادته التجسسية داخل بعض من يقاومون الاحتلال، واجهزة اعلام معروفة الهوية، يحاولون الان انكار دور البعث في المقاومة العراقية اوالتقليل من شأنه، ولكي لا يضيعنا العدوالمشترك في متاهات العابه الذكية علينا ان نضع انفسنا داخل خطي السكة الحديدية الصارمة للواقع العراقي وان لا نخرج منها حتى نصل الى الحقيقة ونسقط الدعايات الخبيثة، وسكة الحقيقة هذه هي قراءة الواقع العراقي كما هولا كما يريد العدوان يظهره هووطابوره الخامس مهما تعددت اسماء افراد هذا الطابور.
ستراتيجية الخداع الشامل
لم يعد سرا ان الخداع الشامل كان الاساس الذي بني عليه غزوالعراق واسقاط النظام الوطني فيه، ولكن الذي قد لا ينتبه اليه كثيرون هوان ستراتيجية الخداع الشامل مازالت هي العمود الفقري في عمل الاحتلال الامريكي في العراق خصوصا فيما يتعلق بالبند الاول في برنامجه في العراق المحتل وهواجتثاث البعث. كيف تتجلى ستراتيجية الخداع الشامل عندما تحرك وتنفذ قانون اجتثات البعث؟ ان ما يجري الان يجسد خير تجسيد خطوات واساليب الخداع الشامل الذي تقوم به امريكا في العراق. ومن اهم مظاهر ذلك ما يلي :
1 – ان من اهم الاساليب خبثا التي تتبعها قوات الاحتلال هواسلوب تقزيم المقاومة العراقية من خلال محاولة تصوير عملها وكأنه يقتصر على نسف الاليات المعادية وان عمليات النسف الوحيدة التي تجري هي تلك التي تصور! أين يكمن الخبث والتقزيم؟
أ – الخبث هوفي تقديم انطباع مضلل وهوان المقاومة العراقية المسلحة صارت عبارة عن مفخخات بالاساس، الامر الذي يخفي الاهمية الحاسمة للعمليات القتالية الاخرى وهي اهم بكثير من المفخخات التي تعتمد على وسائط قتالية وليس على قتال جبهي يقوم به بشر. فالمفخخة لا تكلف سوى ثمن صنعها وزرعها ثم تفجر عن بعد، فهي تخلوا من المخاطرة الكبيرة ومهما كانت اضرارها على الاحتلال، بينما القتال مع العدوهومواجهة بين المجاهدين والاحتلال تعتمد اساسا على التضحية بالنفس والقدرة القتالية الخاصة. لقد انزل تكتيك ابراز المفخخات مرتبة القتال الجبهي الى مستوى واطئ اوالاهمال، فيما رفعت قيمة المفخخات لتصبح الرمز الاساسي للمقاومة مع انه رمز ثانوي لها.
ب – ان الاعتماد على تصوير العمليات الخاصة بنسف الاليات واعتبار ذلك هوالدليل الوحيد على الفعل الجهادي، كما تدعي عناصر معينة اواجهزة اعلامية معينة، انما هواحلال للجهاد الاعلامي محل الجهاد العسكري، ومن ثم تحويل المقاومة الى فعل دعائي في المقام الاول يجير لخدمة طرف اوعناصر دورها القتالي الحقيقي ثانوي.
ج – بجعل المعيار الجهادي الاول والاهم هوالتغطية الاعلامية سوف يصبح ممكنا الاساءة لفصائل تقاتل العدوبالرجال والمعدات القتالية المباشرة كالرشاشات والقنابل، ولا تقوم بزرع مفخخات، بتحديها ان تبث فيلما يثبت انها قامت بعمل جهادي! ان هذه الخدعة لا تظهر خباثتها الا اذا تذكرنا ان تصوير مفخخة امر سهل لانه لا يتم اثناء القتال بل اثناء الهدوء وحينما يحدث الانفجار وتتطاير الالية يتم التصوير من بعد ودون اضرار اوخسائر لذلك فان التصوير امر ممكن. اما حينما تخوض المقاومة معركة دفاعية اوهجومية شرسة ضد الاحتلال واعوانه فان التفكير بالتصوير يصبح غباء مفرطا لان المقاتل يكون منغمسا في الهجوم اوالدفاع في اجواء تفوق عسكري وتكنولوجي كبير جدا للعدووفي وقت قصير لا يسمح احيانا حتى باكمال مستلزمات المعركة الاساسية كحشد المقاتلين اوتوفير العتاد.
د – بجعل معيار التغطية الاعلامية هوالفصل فيمن يجاهد ومن لا يجاهد ستتضخم الانا لدى فصائل صغيرة جدا، يقتصر دورها اساسا على زرع المفخخات، وهوعمل يمكن لفرد واحد ان يقوم به، وتصبح قادرة على التجاوز على الفصائل الاساسية واستفزازها والانتقاص من دورها، خصوصا في اجواء لا تخلوا من قلة الوعي وضعف الثقافة، وهكذا تبرز مشاكل تنظيم سلوك المجاهدين بصورة عقلانية تؤمن الحد الادنى من الانسجام والتوافق لتجنب الصراعات غير المبررة.
ه – يصبح ممكنا للاحتلال الادعاء بان من يقاوم هم انفار ومجموعات صغيرة تزرع المفخخات في الطرق ثم تفجرها، الامر الذي يجعل المقاومة بعيون من لا يعرف ولا يعي جيدا عمل مغامر، وكل عمل مغامر محكوم عليه بالفشل في النهاية، بعكس المقاومة القائمة على مقاتلة العدوبالرجال فانها عمل مخطط ويعتمد على جماهير غفيرة ومقاتلين مدربين واستعداد للموت. يضاف الى ذلك ان المقاومة عمل فدائي وبهذا المعنى فان القتال وليس زرع المفخخات هومعيار العمل الفدائي الاساسي.
6 – لقد اثبتت التجربة الواقعية لغزوالعراق بان تصوير الكلمات وبثها اوتصوير العمليات غالبا ما يؤدي على انكسارات امنية، لان العدوسرعان ما يحلل الافلام والصور المبثوثة ويحدد اماكن ومناطق ووجوه من خلال القدرات التكنولوجيا المتفوقة التي يمتلكها، فتكون النتيجة اعتقالات واسر اشخاص كان يمكن حمايتهم لولم يتم التصوير. بل يجب المصارحة الان بان الضغط على البعثيين لبث خطب اوافلام مصورة كان ومازال مدفوعا من قبل الاحتلال، بصورة غير مباشرة غالبا، لانه سيساعد على تحديد احداثيات واكتشاف معلومات مطلوبة للمتابعة الامنية، فمثلا حينما بث خطاب مسجل للمجاهد عزت الدوري اعقب ذلك حملة اعتقالات طالت المئات من المواطنين خصوصا في المناطق التي توقع العدوان يكون فيها المجاهد الدوري.
ان من اكبر عناصر الخداع الامريكي هي خطة تحويل التغطية الاعلامية الى بديل عن الواقع العراقي، واختصار المقاومة باعمال المفخخات واهمال اهم ما فيها وهوالقتال بين بشر محتلين وبشر محررين! فهل يختلف هذا النوع من الخداع عن خداع الاعداد لغزوالعراق؟ الان المطلوب من قبل الاحتلال هوتجيير المقاومة لمن هوالاقل قدرة والاصغر حجما والاندر فاعلية، وحرمان الاكثر والانشط والذي يتحمل مخاطر القتال من تقديم صورة حقيقية عنه في الاعلام!
7 – ان الدليل الحاسم على خباثة امريكا، والدليل على انسياق بعض اصحاب المفخخات وراء خداعها القائل بان من لا يملك افلاما مصورة لا دور جهادي له، هوالحقيقة التالية : اعترف الاحتلال رسميا بان عدد العمليات العسكرية للمقاومة قد تجاوزت 140 عملية يوميا، واذا قبلنا هذا الرقم، وهوالحد الادنى للعمليات العسكرية والتي تقدرها اوساط المقاومة باكثر من 300 عملية يوميا، فان دور وحجم عمليات المفخخات يظهر بوضوح تام ويسقط لعبة الخباثة الامريكية. فمن المعروف ان ما يبث من عمليات نسف اليات لا يتجاوز العملية في اليوم، ولكن لنفترض انها عشرة عمليات في اليوم، فهل يشكل هذا العدد شيئا مقارنة بعدد العمليات العسكرية من الانواع الاخرى للمقاومة والتي تبلغ في الحد الادنى 130 عملية بعد انقاص عمليات المفخخات؟
نعم المقاومة تشن عمليات قتالية في مختلف انحاء العراق تتوزع ما بين جمع معلومات استخبارية وقصف معسكرات ومهاجمة قوات والدفاع عن الاحياء والمناطق التي تهاجم من قبل الاحتلال... الخ، وهي اهم انواع المقاومة واكثرها تأثيرا على الاحتلال. وهذه العمليات لا تصور لاسباب عملية صرفة كما قلنا، لذلك فان السؤال الذي يفضح الخبث الامريكي هولماذا يتم اهمال اوتجاهل اوتقزيم العمليات العسكرية الاساسية للمقاومة؟ الجواب لان من يقوم بها هم مقاتلون محترفون يمثلون القوة الاساسية في المقاومة العراقية وينتمون لفصائل جهادية بعثية وغير بعثية تنتمي كلها تقريبا للجيش الوطني الذي حله الاحتلال فتحول بقوى كبيرة منه الى العمل المقاوم السري والمنظم. وهذه القوة هي التي يراهن عليها في تحرير العراق بسبب انتشارها في كل العراق وخضوع اغلبها لتنظيم سياسي واحد يوجهها ويحدد مسارات ضرباتها بما يضمن تقريب يوم النصر. لذلك فان التعتيم عليها لا يقصد به حجب عملياتها فقط عن الراي العام واقناعه بأنها ضعفت اوزال دورها بل اساسا المطلوب هوتفتيت هذه القوة الضاربة وشقها ورزع الارتباك في صفوفها، وتقديم نخب مقاتلة بدلا عنها تفتقر الى القاعدة الجماهيرية والعسكرية، لان الاحتلال يعرف يقينا انها نخب لا تستطيع السيطرة على العراق بسبب محدودية بشرها وفقر خبرتها وتشرذمها واستحالة اتفاق النخب على موقف واحد تجاه الاحتلال وسعي كل منها للانفراد بالسلطة وتكفير الاخرين، فهي لذلك مشاريع تفتيت وشرذمة وتفتقر بشدة الى الرؤية العقلانية والموضوعية للواقع العراقي.
ما الذي يترتب على هذه الملاحظات الجوهرية؟ اول ما يجب الانتباه اليه هوان العدوالامريكي يتبع اساليب خداع وتضليل ذكية جدا وفعالة جدا قبل ان تكشف ومنها التي اشرنا اليها، ولذلك، ولاكتشاف الحقيقة، يجب تفكيك قصص الاحتلال ومن يشاركه ترويجها لتحديد ما هوصحيح فيها وما هوتضليل محض. لقد اكتشفنا ان الاحتلال والاعلام العربي وفصائل فرحة بعمليات المفخخات، وهوفرح مشروع طبعا، قد قدم صورة مضللة عن واقع المقاومة العراقية باختصارها وتقزيمها بجعل تصوير نسف الاليات هوالعمل الاساسي مع انه عمل ثانوي مقارنة بالقتال الجبهي بين البشر، وترتب على هذا تغييب دور من يقاتل بلا مفخخات على ارض العراق ويقوم باكثر من 130 عملية من بين 140 عملية يومية!
ان البعث لا يحتاج لشهادة من احد ابدا لانه هوالذي يمنح الشهادات للاخرين ليس انطلاقا من غرور تحزبي بل من واقع عياني معروف وهودور البعث الجهادي قبل الغزوودوره في الاعداد للمقاومة وتفجيرها ومواصلتها رغم انه الاكثر تعرضا للابادة الجسدية!
مداخل الفهم الصحيح
علينا اولا وقبل كل شيء لفهم الامور بصورة صحيحة ان نفكك مكونات حملة الخداع الشامل من خلال تثبيت الحقائق التي تغيّب عمدا ومنها ما تلخصه الاسئلة والاجوبة التالية :
1 – من هوالعدوالاول والرئيسي للاحتلال والصهيونية وايران كما نراه في الواقع الفعلي وليس في الاعلام، والذي تركز هذه الاطراف الثلاثة كل الجهود لتصفيته جذريا؟
الجواب : انه البعث والنظام الوطني بقيادة الشهيد صدام حسين كما اثبتت وقائع غزوالعراق وحسمت الامر، فالحروب والهجمات لم تقع الا على البعث ونظامه الوطني، اما حروب الكلام والرصاص الخلب، والتي كان هدفها تأهيل اطراف للعب دور تخريبي تحت غطاء محبوب، فكانت مع الاخرين.
2 – من خاض ويخوض المعركة الرئيسية مع امريكا والصهيونية وايران؟
الجواب : انه البعث والنظام الوطني، وهي حقيقة اكدها اضطرار امريكا لخوض حرب شاملة ضد العراق، وبتواصل واصرار استمرا منذ عام 1988 فخاضت امريكا وحلفاء لها حربين ضد العراق (في عام 1991 وعام 2003)، وبلغ عدد الدول الحليفة والداعمة لامريكا ضد العراق حوالي اربعين دولة، وهوعدد من الدول اكثر واهم واقوى من الدول التي اشتركت في الحرب العالمية الثانية ضد النازية، فهل هذا الحشد كان صدفة اونتيجة غضب؟ ام انه حصيلة حسابات ستراتيجية دقيقة حددت العدوالرئيسي في عراق البعث وصدام حسين؟ واذا كان هناك طرف اخر يشكل عدوا رئيسيا لامريكا لم لم يتعرض لنفس المستوى من الحروب؟
3 – كيف تتم عمليات تصفية البعث فكريا وسياسيا وتنظيميا وجهاديا وماليا ودعائيا؟
الجواب : تتبع امريكا في تصفية البعث كافة الطرق المتاحة من اغتيالات واعدامات لمئات الكوادر ولالاف المناضلين وزج عشرات الالاف في الاسر ومصادرة الاموال والطرد من الوظائف والتشويه الفكري وتلفيق الاكاذيب وعدم السماح للبعث بالرد من خلال منع الاعلام من اعطاء مناضليه فرص الرد اوتوضيح مواقفه، والعمل على شق الحزب والسطوعلى اسمه وتهجير الالاف من أعضاءه من العراق. باختصار شديد ان الجهد الشامل لامريكا وايران واسرائيل واطراف اخرى يتركز على محوالبعث، هوية ووجودا ماديا، من العراق والوطن العربي، فهل واجه اويواجه حزب اوطرف اخر هذا النمط المركب من الحملات الاجتثاثية؟ بالتاكيد كلا، ومن يقول غير ذلك فليقدم دليله.
4 – ما هوأثر ذلك على البعث وافعاله وردود افعاله في الساحات كافة؟ هل يملك حرية نسبية اومطلقة للتحرك مثل باقي الفصائل؟
الجواب : ان الاثر المباشر وغير المباشر لهذا التركيز الخاص جدا على اجتثاث البعث يظهر في اختفاءه ظاهريا عن ساحات العمل الاعلامي والسياسي، بقرار من الحزب لحماية كيانه التنظيمي من الابادة المستمرة، اما على المستوى العسكري الجهادي فانه الطرف الاكثر سرية والاشد تمويها على عمله وتحركاته وفعالياته العسكرية، لانه هوالمستهدف الاول وهوالعدوالاول والاخطر للاحتلال، لذلك فانه تخلى منذ البداية عن ترف مخاطبة الاعلام وركز على البقاء المادي والتوسع الفعلي على الارض لتجنب كارثة الهزيمة امام الاحتلال، رغم انه لم يضيع فرصة للتعبير عن رايه كلما سنحت. ان الفصائل الاخرى دون استثناء تتمتع ببيئة اكثر أمنا للتحرك من البعثيين وتجد من العدوتساهلا كثيرا في مجال الدعاية وجمع الاموال والحصول على السلاح وتجنب الاعتقالات والاغتيالات. ومع ذلك فان البعث كان ومازال يشكل الجسم الرئيسي المقاتل في الساحة ويعمل تحت مسميات مختلفة اغلبها تستخدم للتمويه وخداع العدووتقليل فرصه على تحديد من هوالبعثي ومن هوغير البعثي من بين المجاهدين.
5 – كيف ينظر العدوالمشترك للاطراف الاخرى المناهضة للاحتلال من حيث :
أ – أنها تأتي من حيث الخطورة الستراتيجية البعيدة المدى، وليس التكتيكية الآنية، بعد العدوالرئيسي والاول.
الجواب : انها قوى تخدم الاحتلال بصورة غير مباشرة لان مشروعها تشرذمي وبدون رؤية ستراتيجية متماسكة ولذلك يمكن تحريك عناصر الشرذمة لديها لخلخلة المشروع المقاوم وتمزيق بنادقه، رغم انها تكتيكيا تلحق ضررا ماديا ومعنويا به. ومن ينظر الان للساحة العراقية يرى بوضوع ان عوامل الشرذمة قد بدأت تطل برأسها حتى بين التنظيمات الاسلاموية المتشابهة الهوية.
ب – انها يمكن ان تستغل من قبل العدولضرب اواضعاف القوة الرئيسية، سواء بوعيها اوبدون ذلك.
الجواب : من يراقب الان العراق يرى ان الهجمات والاغتيالات التي تطال مجاهدين بعثيين وغير بعثيين تتم بيد مجاهدين اخرين، وهي ظاهرة لا تخدم بالتاكيد الا الاحتلال وكان يحلم بها ويريد حصولها منذ وقع في الفخ العراقي، والان تقوم عناصر بهذا العمل مع ان المرحلة هي مرحلة حسم حرب تحرير العراق! فهل يوجد استغلال اخطر من هذا لتلك العناصر التكفيرية التي لم تجد الا هذا الوقت لتصفية الاخرين جسديا وسياسيا وعسكريا وهي مهمة مستحيلة النجاح وكل ما ستؤدي اليه هوشق الصفوف؟ ان العدوالاساسي الذي يخشاه الاحتلال هوالبعث بحكم حجمه ودوره القتالي وكونه الحزب الوطني الوحيد الذي يغطي القطر تنظيميا وشعبيا ويمثل كافة مكونات الشعب، لذلك فان مهاجمة البعث لا تخدم الا الاحتلال.
6 – ماذا جرى في الواقع العراقي خلال الفترة بين 1980 و2003؟ هل اعد البعث للحرب والغزوفي عام 2003؟ وكيف جرى ذلك؟ وما اثر ذلك على مستوى ونوعية المقاومة العراقية حاليا؟ وهل كانت المقاومة ستكون بهذا المستوى الفريد لولا اعداد مسبق وطويل لها؟
الجواب سياتي فيما بعد.
7 – من فجر المقاومة المسلحة وقادها بمفرده اولا ثم التحق اخرون به فيما بعد؟
الجواب سياتي فيما بعد.
هذه اسئلة مهمة جدا وضرورية لتقديم صورة امينة وحقيقية عما حصل ويحصل في العراق منذ الغزوبعيدا عن الدعاية والتضليل تساعد على اسقاط ما يروج دون التورط في دهاليز مظلمة قد يكون الخروج منه مكلفا جدا. لذلك يجب ان نتأمل في اجابات هذه الاسئلة بهدوء ونستخلص معانيها ونتائجها كما رأها العراقيون والعالم.
العامل الستراتيجي : من هوالعدوالرئيسي؟
منذ عام 1988، وهوعام الانتصار العراقي على ايران، تحددت صورة الصراع الستراتيجي الرئيسي القادم في منطقتنا وفي العالم، واصبح واضحا رسميا وفعليا، ان معارك العالم ستتركز حول العراق، خصوصا وان بوادر التفكك في المعسكر الاشتراكي اصبحت تظهر بوضوح. وحينما بدأ انهيار اوربا الشرقية في المانيا وبلغاريا، وقبل ان تكتمل عملية الانهيار، عرفنا بوضوح تام بان المعركة القادمة ستكون مع العراق،وكان الرئسي الشهيد صدام حسين يعرف ذلك. في نهاية عام 1989 عقد لقاء للسيد الرئيس الشهيد حضره سفراء العراق في اوربا واليابان ونخبة من رجال الاعلام، وحضرته بصفتي مديرا عاما للاعلام انذاك، وبعض الاكاديميين، لمناقشة اثار انهيار المانيا الشرقية وبلغاريا على العالم وبالاخص على الامة العربية. وبعد نقاش مطول طرحت رأيي بوضوح ويتلخص كالاتي : ان الحرب الامريكية – الصهيونية القادمة ستكون مع العراق حتى اذا حل الصراع العربي - الصهيوني بمضمونه الفلسطيني، لانه سيكتسب مضمونا عراقيا ويبقى صراعا عربيا – اسرائيليا ولكن جوهر القضية سيصبح الصراع مع العراق. ويذكر من حضر هذا لاجتماع وهم عشرات واكثرهم احياء وبعضهم انضم للصف المعادي، مادار فيه وكانت فكرة ان العراق سيكون الهدف هي المحور الاساسي مبنية على ما يلي :
1 – ان اقليم النفط، حسب التعابير الامريكية، سيكون اعظم اسلحة الحرب في مرحلة ما بعد انهيار الشيوعية في بعض اوربا وربما سيشملها كلها، كما ان الاتحاد السوفيتي في زمن ميخائيل غورباتشوف كان سائرا نحوالراسمالية، من خلال الغلاسنوست (الشفافية) والبيروسترويكا (الاصلاح) وتخلى عن حلفاءه بوضوح واخذ يعزز علاقاته بالغرب. من هنا فان حلم امريكا الاعظم في اقامة امبراطورية عالمية بزعامتها اصبح ممكن التحقيق. ولكن طبيعة علاقات القوى انذاك كانت لاتسمح لامريكا بالسيطرة بالقوة وانما كان يجب ان تمسك العالم من بين ساقيه وتشله عن الحركة، وعندها تتحرك بحرية. واقليم النفط هوكلمة السر في تحقيق ذلك فمن يسيطر على كل منابع النفط سيسيطر على العالم بلا حروب عسكرية، والعراق هوالقطر الوحيد القادر على كسر الاحتكار النفطي الامريكي اذا سيطرت امريكاعلى بقية منابع النفط دون العراق، بحكم ثقله النفطي المعروف وهوبحدود 120 مليار برميل الاحتياطي الثابت، وثقله المقدر والحقيقي الذي عرفته امريكا قبل العراق عن طريق المسح الجوي وهوان العراق يملك الاحتياطي الاكبر في العالم ويبلغ بين 250 – 300 مليار برميل، وان نفطه افضل وارخص تكلفة من نفوط السعودية وغيرها، من هنا فان احتواء العراق شرط مسبق لاحكام القبضة على اقليم النفط. واستنادا الى ذلك فان أي عملية لاستثمار الفراغ الذي بدأ يظهر في اوربا الشرقية والسيطرة على العالم مرهون بالسيطرة على العراق لتجنب الغزوالعسكري المستحيل للعالم. وهذه الحقيقة الجيوستراتيجية تسقط الرد الاقتصادي المبتذل الذي تقدمه امريكا واتباعها خبراء النفط وهي ان امريكا تحصل على النفط بلا حرب اوغزوفلماذا تغزومن اجله؟
2 – ان العراق هوالقطر الوحيد الذي بقي يرفض الاعتراف باسرائيل اوالمساومة حولها ويتمسك بالحقوق الثابتة والكاملة للشعب الفلسطيني، لذلك يجب التخلص من نظامه لاجل تحقيق نظام شرق اوسطي جديد.
3 – ان العراق هوالقطر الوحيد الذي لديه مشروع نهضوي قومي ووطني بدأ بناءه واخذت ثمراته تظهر للعيان، في تحقيق تقدم سريع ونهضة تنموية وانشاء بنية تحتية ستراتيجية وتأهيل جيش من العلماء والمهندسين والقضاء على الفقر والامية وغيرها. وفي اطار تقسيم العمل الدولي غير مسموح لقطر مستقل وطموح كالعراق ان يكمل بناء مشروعه النهضوي خصوصا وانه مرتبط بفكرة انه قاعدة انطلاق لمشروع نهضوي قومي عربي وحدوي.
4 – لقد نجح العراق في تجاوز محاولات احتواءه، أي السيطرة عليه بطرق مختلفة، وحافظ على استقلاله الوطني، وعززه باقامة نواة صناعة عسكرية متطورة لانهاء الاعتماد الطفيلي العربي على مصنعي السلاح الاجانب، وكانت تلك خطوة خطيرة من وجهة نظر امريكية صهيونية.
5 – لقد افلت العراق من محاولات الاحتواء التي قامت بها امريكا سواء بالضغوط اوغيرها، فاصبح في اطار ما يسمى ب(الدول المارقة)، أي التي لا تخصع لنفود امريكا ولا تقبل العمل في خدمتها. اما نحن فقد اطلقنا على هذه السياسة تسمية (تجاوز الخطوط الحمر الامريكية والصهيونية)، وهي سياسة ان كانت ممكنة التحمل من قبل امريكا والصهيونية اثناء الحرب الباردة فانها اصبحت غير قابلة للاحتمال مع بدء انهيار الحرب الباردة وازدادت ضرورة التخلص من كل من لا يخضع للخطوط الحمر هذه بعد زوال الاتحاد السوفيتي وانعزال الصين وتراجع اوربا عن السياسة الاستقلالية.
تلك هي الاسباب الستراتيجية الكامنة خلف نظرة امريكا والصهيونية واوساط اوربية للعراق تحت قيادة البعث والشهيد صدام حسين بصفته العقبة الاساسية التي تعترض قيام الامبراطورية الامريكية على مستوى عالمي.