omar89
04-23-2007, 11:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الوطنية فكرة سياسية استعمارية خبيثة خطرة على الإنسان
الحمد لله حمداً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والشكر لله على نعمه التي لا تحصى وعلى رأسها نعمة الخلق والإسلام وحمل الدعوة، والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
وبعد: الوطنية مصدر صناعي لكلمة الوطن، والوطن في اللغة محل الإقامة. والوطنية المستعملة من قبل القوى السياسية والمفكرين وعموم الناس هي اصطلاح غربي من ثقافة الغرب ومفاهيمه، وهذا الاصطلاح يتعلق بواقع معين وله مدلول يتصل بهذا الواقع، أما مدلول أو مضمون أو مفهوم هذا الإصطلاح أي الوطنية فهو إرتباط الإنسان بالإنسان على أساس الوطن، فالوطن هو أساس العلاقة بين الناس وعليه فإن الوطنية هي أساس الأخوة والتكتلات والأحزاب وأساس الشخصية والثقافة والعمل والفكر والدافع والغاية، وأساس الدولة الوطنية، ولهذا يقال حزب وطني، وحكومة وطنية، وثقافة وطنية، وأخوة المواطنة، والوحدة الوطنية، والعمل الوطني، والفكر الوطني، والشعور الوطني، وغايات الوطن، والشخصية الوطنية، وعلم الوطن، ودستور الوطن، وثقافة الوطن، ونحو ذلك.
فالوطنية هي أساس يربط الناس بعضهم ببعض الذين يقنطون وطناً معيناً بغض النظر عن دينهم أو أعراقهم أو مذاهبهم أو أفكارهم أو معتقداتهم، فالأمر الجامع لهؤلاء الناس هو الوطن، فالوطنية تجمع المسلم والنصراني واليهودي والشيوعي والبوذي وكل من يعيش في وطن واحد، وبما أن هؤلاء مختلفو العقائد والمفاهيم لذلك كانت الثقافة التي تجمع هؤلاء هي الثقافة الوطنية، وبما أن الوطن الذي هو محل الإقامة لا يتضمن أفكاراً ولا ثقافة ولا مفاهيم ولا دستور ولا أنظمة حياة، كالنظام الإقتصادي والإجتماعي والحكم والسياسة، لذلك كانت الثقافة المسماة بالثقافة الوطنية في العالم الإسلامي خصوصاً هي ثقافة الغرب الكافر المستعمر، فأدخلت الثقافة الغربية إلى العالم الإسلامي تحت شعار الوطنية، والكافر هو الذي قسم العالم الإسلامي من وحدة واحدة إلى أكثر من خمسين كياناً وهو الذي رسم حدود بلدان العالم الإسلامي ونصب عليها حكام عملاء، وهو الذي وضع علم الدول في بلاد المسلمين وهو الذي وضع مناهج التعليم ودستور البلاد، وبهذا كانت الوطنية ستاراً يخفي هيمنة وسيطرة الغرب الكافر على بلاد المسلمين فالحاكم المسمى بالحاكم الوطني هو في الحقيقة حاكم تابع وعميل للغرب، والإقتصاد المطبق هو الإقتصاد الرأسمالي، وأنظمة الحكم السائدة هي أنظمة الغرب كالديمقراطية التي هي شعار يطرح، أما الناحية الفعلية فهي الاستبداد والسيطرة من قبل الغرب الكافر عن طريق أدواته من الحكام وأعوانهم، أما التشريع الذي يقال إنه للشعب مع أن هذه الفكرة هي فكرة كفر في نظر الإسلام لأن التشريع في الإسلام لله حسب شرعه الوارد في الكتاب والسنة، إلا أن الواقع في العالم الإسلامي هو أن التشريع السائد هو تشريع الغرب الكافر.
وعليه فالوطنية فكرة سياسية أي فكرة يرعى شؤون الناس على أساسها، وبما أنها لا تشمل أنظمة تعالج مشاكل الحياة، لهذا فهي بالنسبة للعالم الإسلامي إطار إستعماري خبيث يراد منه عدة أهداف أهمها:
أولاً: حرف المسلمين عن عقيدتهم الإسلامية التي تعتبر أن العقيدة هي أساس ارتباط المسلمين بعضهم مع بعض وتعتبر أن غير المسلم كافر وهو عدو للإسلام والمسلمين ولا تجوز موالاته ولا يجوز الإستعانة بالدول الكافرة أو اللجوء إليها لحل مشاكل المسلمين، قال تعالى:" إنما المؤمنون أخوة" فالأخوة محصورة بالمؤمنين، فالعلاقة التي تربط المسلمين بعضهم ببعض هي علاقة الإسلام وأخوة الإسلام لا أخوة الوطن، فالنصراني واليهودي والشيوعي والبوذي والعلماني والرأسمالي كل هؤلاء في نظر الإسلام كفار، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقرُهُ".
ثانياً: حرف المسلمين عن أحكام الإسلام وعن تطبيق شرع الله عليهم وذلك تحت ذريعة الوطنية، فالوحدة الوطنية والدم الفلسطيني أو اللبناني أو غير ذلك هو ستار لدفع المسلمين عن التخلي عن أحكام الشرع وإرتكاب المحرمات بحجة الوطنية.
ثالثاً: زرع الثقافة الغربية الفاسدة في أبناء المسلمين تحت شعار الثقافة الوطنية لإبعاد المسلمين عن الإسلام ومفاهيمه ليبقى الكافر مسيطراً على عقولنا ونفوسنا وبلادنا.
رابعاً: إخفاء حقيقة أن الدول في العالم الإسلامي هي دول تابعة للغرب فكرياً وسياسياً وإقتصادياً وعسكرياً، أي أن العالم الإسلامي مستعمرة من مستعمرات الغرب.
خامساً: تكريس التجزئة للأمة الإسلامية بالحدود المصطنعة التي رسمها الكافر لتقسيم الأمة وتفتيتها إلى أكثر من خمسين دولة، وها هو يخطط إلى تقسيمها إلى أكثر من مائة دولة، لتبقى الأمة ضعيفة ومسيطراً عليها من قبل الكفار، وكل مقاومة أو جهاد ضده يكون غير قادر على طرده من بلاد المسلمين، لأن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينين، وهكذا، فتكون البلاد الإسلامية والأمة الإسلامية مفرقة ومقسمة فلا تتمكن من طرده من بلاد المسلمين لأن قواه جبارة وهائلة بالنسبة للوطن الواحد أما بالنسبة للأمة الإسلامية فهي قادرة على طرده وإقتلاع جذوره بل وملاحقته في عقر داره.
سادساً: تغيير الدوافع والأفكار لكل من يقاوم المحتل، فالأصل أن أي بلد يتعرض للإحتلال من قبل الكفار فيجب على المسلمين إعلان الجهاد ضده، وبما أن هذا هو الأمر الطبيعي عند المسلم وهو التحرك بدافع الإسلام وأفكار الإسلام، لذلك جاء الكافر بفكرة الوطنية ليكون الدفاع عن البلاد بدافع وطني وبأفكار وطنية وعن طريق حركات وطنية عميلة للكافر لكي يتمكن من المسلمين وهم مفرقين ومقسمين وليكون الدفاع عن البلاد تحت سيطرته فيحكم إستعماره وقبضته على بلاد المسلمين ويلغي أثر العقيدة الإسلامية في القتال ويلغي فكرة الجهاد.
فالوطنية شر قاتل وسم زعاف، وفكرة إستعمارية خبيثة من أجل أن تتمكن الدول الإستعمارية من فرض سيطرتها على المسلمين وديمومة هذه السيطرة، أما نظرة الإسلام إلى الوطنية، فالإسلام يحرم الإرتباط بين الناس على أساس الوطن ويوجب الإرتباط بين الناس على أساس مبدأ الإسلام العالمي الذي يدعو كافة البشر لإعتناقه والخضوع لشرعه عن طريق دولة الخلافة العالمية التي ليس لها حدود بل العالم كله هو مجالها، فالإسلام بعقيدته وأنظمته هو أساس الإرتباط بين الناس وأساس الأحزاب وأساس الدولة والثقافة والحضارة والشخصية والدستور والقوانين.
والإسلام لا يعترف بالوطنية بل ينبذها لأنه يشكل مبدأ عالمياً يصهر كافة الأوطان والشعوب والدول في بوتقة واحدة، فهو مبدأ ينتج عنه حزب عالمي وأمةعالمية ودولة عالمية بالإسم والفعل، فهو يصهر كل الكيانات في كيان واحد، ويصهرالأفراد والشعوب في أمة واحدة هي الأمة الإسلامية، وهذا ما تحقق عملياً مع دولة الإسلام التي أقامها الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة، فالدولة لم تكن محصورة في إطار المدينة أي في إطار الوطن وإنما توسعت حتى شملت معظم العالم، فلم يكن لدولة الإسلام خط طول أو خط عرض أو حدود يحدها شمالاً كذا وجنوباً كذا بل هي دولة عالمية ودولة وحدة وليست دولة إتحاد. يقول الله تعالى:" وما أرسلناك إلا كافة للناس"، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:" بعثت إلى الأحمر والأسود من الناس".
وهذا ما تحقق عملياً مع الأمة الإسلامية الموحدة فهي قد صهرت أهل الحجاز ونجد ومصر وبلاد الشام والبربر وغيرهم من الشعوب التي إعتنقت الإسلام وأصبحت جزءاً من الأمة الإسلامية. ومبدأ الإسلام هو الذي يشكل نظرة المسلمين وهو أساس ثقافتهم ومفاهيمهم وليس المبدأ الرأسمالي وثقافته. وحكم الله هو الذي يطبق وليس حكم الطاغوت كالديمقراطية والتشريعات الغربية، وراية المسلمين هي راية رسول الله راية العقاب، وعلم المسلمين هو علم رسول الله، وليس رايات وأعلام الدول الكافرة الإستعمارية، والإسلام هو أساس الدستور والقانون في الإسلام وليس الدساتير والقوانين الغربية الكافرةوالذي جمع بين الرسول عليه السلام وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي إنما هو الإسلام والذي باعد بين الرسول عليه السلام وبين عمه أبي لهب إنما هو الإسلام، فالإسلام هو الرابط بين الإنسان والإنسان بغض النظر عن الوطنية والقومية، فالإسلام لا يعترف بهما وينبذهما.
إن كل من له بصيرة في واقع الوطنية يدرك تمام الإدراك مدى مناقضتها للإسلام كل المناقضة، ولكن هناك بعض المضللين تابعين للغرب أو أدواته من الحكام الخونة والعملاء يروجون للوطنية بحجة أن الرسول عليه السلام كان يحب مكة أي يحب مكان إقامته وأنه كان يحب أن يمكث فيه لولا أنهم أي كفار قريش أخرجوه منها، والحقيقة أن حب الوطن بمعنى حب مكان الإقامة أمر طبيعي في الإنسان، فالإنسان بطبعه يحب المكان الذي يولد ويترعرع فيه، وهذ علاقة بين الفرد والوطن، وهذه العلاقة غير مفهوم الوطنية السائد في العالم، فالوطنية لا تعني حب الفرد لوطنه وإنما تعني إرتباط الناس بعضم ببعض على أساس الوطن، فهي رابطة بين الإنسان والإنسان وليست رابطة بين الفرد والوطن، ومن هنا يتبين بوضوح لا غموض فيه تناقض الوطنية مع الإسلام.
أما كون فكرة الوطنية فكرة إستعمارية فذلك لأن الإستعمار البريطاني والفرنسي، حين قام بغزو بلاد المسلمين بثقافته ومفاهيمه عمد على نشر فكرة الوطنية بين أبناء المسلمين، وكان عملاء الغرب هم الذين ينشرون هذه الفكرة الإستعمارية بين أبناء المسلمين لضرب الإسلام وتحطيم دولة الخلافة ولتمزيق الأمة وبلاد المسلمين إلى كيانات وطنية بحدود يرسمها الإستعمار، وفعلاً حين تمكنت بريطانيا رأس الكفر وعدوة الإسلام الأولى من هدم دولة الخلافة مزقت الأمة والدولة إلى أوطان ودول ليسهل أحكام سيطرتها على المسلمين ونصبت حكام عملاء لها سموا بحكام وطنيين، ورسمت الحدود المصطنعة للدول، ووضعت لهم الأعلام والرايات والدساتير ومناهج التعليم وغير ذلك، وأقامت حركات وطنية تقاوم الإستعمار لتكون هذه الحركات القوة التي تقوم بإحتواء خطر مقاومة الإستعمار على أساس الجهاد وعلى أساس الحركات المخلصة ليكون الدافع للمقاومة هو دافع وطني وليس دافعاً إسلامياً ومن أجل الإبقاء على تمزيق الأمة وتفتيت المقاومة وأحكام سيطرتها على المقاومة عن طريق الحركات العميلة للإستعمار تحت إسم الحركات الوطنية التي تقاوم الإستعمار.
وما زال الكافر يبث فكرة الوطنية في بلاد المسلمين ليحكم سيطرته عليها.
فيجب على الأمة نبذ الوطنية وكل ثقافة غربية وكل من يدعو لهما، والتمسك بالإسلام ووحدة الأمة وبالعمل للخلافة لتحقيق هذه الوحدة عملياً عن طريق حزب التحرير.
أما أن فكرة الوطنية فكرة خطرة على الإنسان، فذلك أن الدول الإستعمارية قامت بنشر داء الوطنية في العالم، واعتبروا أن كل دولة في العالم لها حدود فلا يجوز أن تتعداها، وذلك لجعل دول العالم منفردة وضعيفة وأجازوا لأنفسهم التوسع عن طريق إستعمار الدول والتدخل في شؤونها وفرض السيطرة عليها عن طريق هيئة الأمم وتحت شعاراتها الكاذبة والخادعة كحفظ السلام والأمن وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب وخطر إمتلاكها للأسلحة النووية والمحافظة على التوازن ونحو ذلك من الشعارات التي تخدع فيها شعوبها وشعوب العالم، فالدول الإستعمارية والكبرى يحق لها إمتلاك الأسلحة النووية وممارسة الإرهاب والتدخل في شؤون الدول وإحتلال البلدان وإستعمار الدول بمبررات وذرائع وأفكار خبيثة لكي تبقى هي الأقوى وهي المسيطرة على العالم، فالوطنية إذن هي شعار إستعماري خبيث خطير على الإنسان لإنها تجعل نظرة الدول والشعوب والأفراد نظرة محلية، وتجعلها ضعيفة ومستهدفة من قبل الدول الإستعمارية وغير قادرة على الإنعتاق من ربقة الإستعمار كما هو حاصل مع دول أمريكا اللاتينية وبعض دول أوروبا وسائر الدول الضعيفة أما الدول الكبرى الإستعمارية فإنها تحمي نفسها من هذا الخطر بقوتها كما هو حاصل مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
والوطنية كشعور غريزي يظهر حين يكون هناك إعتداء على الوطن ولا يظهر هذا الشعور في حالة سلامة الوطن من الإعتداء الأجنبي بل تظهر الصراعات والمشاكل بين أبناء الوطن بفعل الدول الإستعمارية من أجل فرض سيطرتها على هذه الدول وعلى شعوبها وأحزابها وحتى أفرادها وبما أن هذه الدول المستهدفة من قبل الدول الإستعمارية لا يوجد لديها مبدأ يوحد كيانها وشعبها وأعمالها وثقافتها لذلك يسهل إستعمارها وفرض الهيمنة عليها أما الدول الإستعمارية فإنها تحمي نفسها بمنع الدول من التدخل في شؤونها وتوحد كيانها وشعبها عن طريق المبدأ الذي تعتنقه وهو المبدأ الرأسمالي، وبذلك تحمي نفسها من خطر الوطنية، وعليه فالرابطة الوطنية هي رابطة مؤقتة توجد في حالة الإعتداء أما في الحالة الأصلية والطبيعية فلا وجود لهذه الرابطة، وعليه فهي لا تصلح لربط الإنسان بالإنسان حين يسير في طريق النهوض، وطريق النهوض يحتم وجود أفكار مبدئية عالمية تدفع الإنسان من أجل إنهاض البشرية نهضة صحيحة تقوم على مبدأصحيح، والرابطة الصحيحة التي تربط الإنسان بالإنسان هي الرابطة المبدئية، والمبدأ الصحيح هو الإسلام فهو المبدأ الوحيد الذي يصلح لقيادة قطار العالم نحو الأمن والسلامة والطمأنينة والتحرير الحقيقي.
فالإسلام ودولة الخلافة هما السبيل لإنقاذ العالم من الفوضى والبؤس والشقاء والهلاك والإستعمار والفقر والفساد النفسي والعقلي والمعاناة والدوامة التي تعيش فيها الشعوب، والحلقة المفرغة التي تدور فيها.
فيا أمة الإسلام انبذي الوطنية والقومية والرأسمالية والطائفية والثقافة الغربية وانهضي من أجل تحرير العالم وسعادة الإنسان بالإسلام وعن طريق الخلافة العالمية فقد وصلت الحاجة للإسلام ولدولة الإسلام عند الغرب والشرق حد الجوع الملح، ودولة الخلافة أضحت حاجة ماسة للأمة الإسلامية فقد دقت الساعة وحان وقتها، لهذا يجب على الأمة أن تزمجر لكي تقيمها وتضحي بالغالي والنفيس من أجل بقائها وتوسعها لتشمل العالم كله
الوطنية فكرة سياسية استعمارية خبيثة خطرة على الإنسان
الحمد لله حمداً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والشكر لله على نعمه التي لا تحصى وعلى رأسها نعمة الخلق والإسلام وحمل الدعوة، والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
وبعد: الوطنية مصدر صناعي لكلمة الوطن، والوطن في اللغة محل الإقامة. والوطنية المستعملة من قبل القوى السياسية والمفكرين وعموم الناس هي اصطلاح غربي من ثقافة الغرب ومفاهيمه، وهذا الاصطلاح يتعلق بواقع معين وله مدلول يتصل بهذا الواقع، أما مدلول أو مضمون أو مفهوم هذا الإصطلاح أي الوطنية فهو إرتباط الإنسان بالإنسان على أساس الوطن، فالوطن هو أساس العلاقة بين الناس وعليه فإن الوطنية هي أساس الأخوة والتكتلات والأحزاب وأساس الشخصية والثقافة والعمل والفكر والدافع والغاية، وأساس الدولة الوطنية، ولهذا يقال حزب وطني، وحكومة وطنية، وثقافة وطنية، وأخوة المواطنة، والوحدة الوطنية، والعمل الوطني، والفكر الوطني، والشعور الوطني، وغايات الوطن، والشخصية الوطنية، وعلم الوطن، ودستور الوطن، وثقافة الوطن، ونحو ذلك.
فالوطنية هي أساس يربط الناس بعضهم ببعض الذين يقنطون وطناً معيناً بغض النظر عن دينهم أو أعراقهم أو مذاهبهم أو أفكارهم أو معتقداتهم، فالأمر الجامع لهؤلاء الناس هو الوطن، فالوطنية تجمع المسلم والنصراني واليهودي والشيوعي والبوذي وكل من يعيش في وطن واحد، وبما أن هؤلاء مختلفو العقائد والمفاهيم لذلك كانت الثقافة التي تجمع هؤلاء هي الثقافة الوطنية، وبما أن الوطن الذي هو محل الإقامة لا يتضمن أفكاراً ولا ثقافة ولا مفاهيم ولا دستور ولا أنظمة حياة، كالنظام الإقتصادي والإجتماعي والحكم والسياسة، لذلك كانت الثقافة المسماة بالثقافة الوطنية في العالم الإسلامي خصوصاً هي ثقافة الغرب الكافر المستعمر، فأدخلت الثقافة الغربية إلى العالم الإسلامي تحت شعار الوطنية، والكافر هو الذي قسم العالم الإسلامي من وحدة واحدة إلى أكثر من خمسين كياناً وهو الذي رسم حدود بلدان العالم الإسلامي ونصب عليها حكام عملاء، وهو الذي وضع علم الدول في بلاد المسلمين وهو الذي وضع مناهج التعليم ودستور البلاد، وبهذا كانت الوطنية ستاراً يخفي هيمنة وسيطرة الغرب الكافر على بلاد المسلمين فالحاكم المسمى بالحاكم الوطني هو في الحقيقة حاكم تابع وعميل للغرب، والإقتصاد المطبق هو الإقتصاد الرأسمالي، وأنظمة الحكم السائدة هي أنظمة الغرب كالديمقراطية التي هي شعار يطرح، أما الناحية الفعلية فهي الاستبداد والسيطرة من قبل الغرب الكافر عن طريق أدواته من الحكام وأعوانهم، أما التشريع الذي يقال إنه للشعب مع أن هذه الفكرة هي فكرة كفر في نظر الإسلام لأن التشريع في الإسلام لله حسب شرعه الوارد في الكتاب والسنة، إلا أن الواقع في العالم الإسلامي هو أن التشريع السائد هو تشريع الغرب الكافر.
وعليه فالوطنية فكرة سياسية أي فكرة يرعى شؤون الناس على أساسها، وبما أنها لا تشمل أنظمة تعالج مشاكل الحياة، لهذا فهي بالنسبة للعالم الإسلامي إطار إستعماري خبيث يراد منه عدة أهداف أهمها:
أولاً: حرف المسلمين عن عقيدتهم الإسلامية التي تعتبر أن العقيدة هي أساس ارتباط المسلمين بعضهم مع بعض وتعتبر أن غير المسلم كافر وهو عدو للإسلام والمسلمين ولا تجوز موالاته ولا يجوز الإستعانة بالدول الكافرة أو اللجوء إليها لحل مشاكل المسلمين، قال تعالى:" إنما المؤمنون أخوة" فالأخوة محصورة بالمؤمنين، فالعلاقة التي تربط المسلمين بعضهم ببعض هي علاقة الإسلام وأخوة الإسلام لا أخوة الوطن، فالنصراني واليهودي والشيوعي والبوذي والعلماني والرأسمالي كل هؤلاء في نظر الإسلام كفار، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقرُهُ".
ثانياً: حرف المسلمين عن أحكام الإسلام وعن تطبيق شرع الله عليهم وذلك تحت ذريعة الوطنية، فالوحدة الوطنية والدم الفلسطيني أو اللبناني أو غير ذلك هو ستار لدفع المسلمين عن التخلي عن أحكام الشرع وإرتكاب المحرمات بحجة الوطنية.
ثالثاً: زرع الثقافة الغربية الفاسدة في أبناء المسلمين تحت شعار الثقافة الوطنية لإبعاد المسلمين عن الإسلام ومفاهيمه ليبقى الكافر مسيطراً على عقولنا ونفوسنا وبلادنا.
رابعاً: إخفاء حقيقة أن الدول في العالم الإسلامي هي دول تابعة للغرب فكرياً وسياسياً وإقتصادياً وعسكرياً، أي أن العالم الإسلامي مستعمرة من مستعمرات الغرب.
خامساً: تكريس التجزئة للأمة الإسلامية بالحدود المصطنعة التي رسمها الكافر لتقسيم الأمة وتفتيتها إلى أكثر من خمسين دولة، وها هو يخطط إلى تقسيمها إلى أكثر من مائة دولة، لتبقى الأمة ضعيفة ومسيطراً عليها من قبل الكفار، وكل مقاومة أو جهاد ضده يكون غير قادر على طرده من بلاد المسلمين، لأن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينين، وهكذا، فتكون البلاد الإسلامية والأمة الإسلامية مفرقة ومقسمة فلا تتمكن من طرده من بلاد المسلمين لأن قواه جبارة وهائلة بالنسبة للوطن الواحد أما بالنسبة للأمة الإسلامية فهي قادرة على طرده وإقتلاع جذوره بل وملاحقته في عقر داره.
سادساً: تغيير الدوافع والأفكار لكل من يقاوم المحتل، فالأصل أن أي بلد يتعرض للإحتلال من قبل الكفار فيجب على المسلمين إعلان الجهاد ضده، وبما أن هذا هو الأمر الطبيعي عند المسلم وهو التحرك بدافع الإسلام وأفكار الإسلام، لذلك جاء الكافر بفكرة الوطنية ليكون الدفاع عن البلاد بدافع وطني وبأفكار وطنية وعن طريق حركات وطنية عميلة للكافر لكي يتمكن من المسلمين وهم مفرقين ومقسمين وليكون الدفاع عن البلاد تحت سيطرته فيحكم إستعماره وقبضته على بلاد المسلمين ويلغي أثر العقيدة الإسلامية في القتال ويلغي فكرة الجهاد.
فالوطنية شر قاتل وسم زعاف، وفكرة إستعمارية خبيثة من أجل أن تتمكن الدول الإستعمارية من فرض سيطرتها على المسلمين وديمومة هذه السيطرة، أما نظرة الإسلام إلى الوطنية، فالإسلام يحرم الإرتباط بين الناس على أساس الوطن ويوجب الإرتباط بين الناس على أساس مبدأ الإسلام العالمي الذي يدعو كافة البشر لإعتناقه والخضوع لشرعه عن طريق دولة الخلافة العالمية التي ليس لها حدود بل العالم كله هو مجالها، فالإسلام بعقيدته وأنظمته هو أساس الإرتباط بين الناس وأساس الأحزاب وأساس الدولة والثقافة والحضارة والشخصية والدستور والقوانين.
والإسلام لا يعترف بالوطنية بل ينبذها لأنه يشكل مبدأ عالمياً يصهر كافة الأوطان والشعوب والدول في بوتقة واحدة، فهو مبدأ ينتج عنه حزب عالمي وأمةعالمية ودولة عالمية بالإسم والفعل، فهو يصهر كل الكيانات في كيان واحد، ويصهرالأفراد والشعوب في أمة واحدة هي الأمة الإسلامية، وهذا ما تحقق عملياً مع دولة الإسلام التي أقامها الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة، فالدولة لم تكن محصورة في إطار المدينة أي في إطار الوطن وإنما توسعت حتى شملت معظم العالم، فلم يكن لدولة الإسلام خط طول أو خط عرض أو حدود يحدها شمالاً كذا وجنوباً كذا بل هي دولة عالمية ودولة وحدة وليست دولة إتحاد. يقول الله تعالى:" وما أرسلناك إلا كافة للناس"، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:" بعثت إلى الأحمر والأسود من الناس".
وهذا ما تحقق عملياً مع الأمة الإسلامية الموحدة فهي قد صهرت أهل الحجاز ونجد ومصر وبلاد الشام والبربر وغيرهم من الشعوب التي إعتنقت الإسلام وأصبحت جزءاً من الأمة الإسلامية. ومبدأ الإسلام هو الذي يشكل نظرة المسلمين وهو أساس ثقافتهم ومفاهيمهم وليس المبدأ الرأسمالي وثقافته. وحكم الله هو الذي يطبق وليس حكم الطاغوت كالديمقراطية والتشريعات الغربية، وراية المسلمين هي راية رسول الله راية العقاب، وعلم المسلمين هو علم رسول الله، وليس رايات وأعلام الدول الكافرة الإستعمارية، والإسلام هو أساس الدستور والقانون في الإسلام وليس الدساتير والقوانين الغربية الكافرةوالذي جمع بين الرسول عليه السلام وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي إنما هو الإسلام والذي باعد بين الرسول عليه السلام وبين عمه أبي لهب إنما هو الإسلام، فالإسلام هو الرابط بين الإنسان والإنسان بغض النظر عن الوطنية والقومية، فالإسلام لا يعترف بهما وينبذهما.
إن كل من له بصيرة في واقع الوطنية يدرك تمام الإدراك مدى مناقضتها للإسلام كل المناقضة، ولكن هناك بعض المضللين تابعين للغرب أو أدواته من الحكام الخونة والعملاء يروجون للوطنية بحجة أن الرسول عليه السلام كان يحب مكة أي يحب مكان إقامته وأنه كان يحب أن يمكث فيه لولا أنهم أي كفار قريش أخرجوه منها، والحقيقة أن حب الوطن بمعنى حب مكان الإقامة أمر طبيعي في الإنسان، فالإنسان بطبعه يحب المكان الذي يولد ويترعرع فيه، وهذ علاقة بين الفرد والوطن، وهذه العلاقة غير مفهوم الوطنية السائد في العالم، فالوطنية لا تعني حب الفرد لوطنه وإنما تعني إرتباط الناس بعضم ببعض على أساس الوطن، فهي رابطة بين الإنسان والإنسان وليست رابطة بين الفرد والوطن، ومن هنا يتبين بوضوح لا غموض فيه تناقض الوطنية مع الإسلام.
أما كون فكرة الوطنية فكرة إستعمارية فذلك لأن الإستعمار البريطاني والفرنسي، حين قام بغزو بلاد المسلمين بثقافته ومفاهيمه عمد على نشر فكرة الوطنية بين أبناء المسلمين، وكان عملاء الغرب هم الذين ينشرون هذه الفكرة الإستعمارية بين أبناء المسلمين لضرب الإسلام وتحطيم دولة الخلافة ولتمزيق الأمة وبلاد المسلمين إلى كيانات وطنية بحدود يرسمها الإستعمار، وفعلاً حين تمكنت بريطانيا رأس الكفر وعدوة الإسلام الأولى من هدم دولة الخلافة مزقت الأمة والدولة إلى أوطان ودول ليسهل أحكام سيطرتها على المسلمين ونصبت حكام عملاء لها سموا بحكام وطنيين، ورسمت الحدود المصطنعة للدول، ووضعت لهم الأعلام والرايات والدساتير ومناهج التعليم وغير ذلك، وأقامت حركات وطنية تقاوم الإستعمار لتكون هذه الحركات القوة التي تقوم بإحتواء خطر مقاومة الإستعمار على أساس الجهاد وعلى أساس الحركات المخلصة ليكون الدافع للمقاومة هو دافع وطني وليس دافعاً إسلامياً ومن أجل الإبقاء على تمزيق الأمة وتفتيت المقاومة وأحكام سيطرتها على المقاومة عن طريق الحركات العميلة للإستعمار تحت إسم الحركات الوطنية التي تقاوم الإستعمار.
وما زال الكافر يبث فكرة الوطنية في بلاد المسلمين ليحكم سيطرته عليها.
فيجب على الأمة نبذ الوطنية وكل ثقافة غربية وكل من يدعو لهما، والتمسك بالإسلام ووحدة الأمة وبالعمل للخلافة لتحقيق هذه الوحدة عملياً عن طريق حزب التحرير.
أما أن فكرة الوطنية فكرة خطرة على الإنسان، فذلك أن الدول الإستعمارية قامت بنشر داء الوطنية في العالم، واعتبروا أن كل دولة في العالم لها حدود فلا يجوز أن تتعداها، وذلك لجعل دول العالم منفردة وضعيفة وأجازوا لأنفسهم التوسع عن طريق إستعمار الدول والتدخل في شؤونها وفرض السيطرة عليها عن طريق هيئة الأمم وتحت شعاراتها الكاذبة والخادعة كحفظ السلام والأمن وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب وخطر إمتلاكها للأسلحة النووية والمحافظة على التوازن ونحو ذلك من الشعارات التي تخدع فيها شعوبها وشعوب العالم، فالدول الإستعمارية والكبرى يحق لها إمتلاك الأسلحة النووية وممارسة الإرهاب والتدخل في شؤون الدول وإحتلال البلدان وإستعمار الدول بمبررات وذرائع وأفكار خبيثة لكي تبقى هي الأقوى وهي المسيطرة على العالم، فالوطنية إذن هي شعار إستعماري خبيث خطير على الإنسان لإنها تجعل نظرة الدول والشعوب والأفراد نظرة محلية، وتجعلها ضعيفة ومستهدفة من قبل الدول الإستعمارية وغير قادرة على الإنعتاق من ربقة الإستعمار كما هو حاصل مع دول أمريكا اللاتينية وبعض دول أوروبا وسائر الدول الضعيفة أما الدول الكبرى الإستعمارية فإنها تحمي نفسها من هذا الخطر بقوتها كما هو حاصل مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
والوطنية كشعور غريزي يظهر حين يكون هناك إعتداء على الوطن ولا يظهر هذا الشعور في حالة سلامة الوطن من الإعتداء الأجنبي بل تظهر الصراعات والمشاكل بين أبناء الوطن بفعل الدول الإستعمارية من أجل فرض سيطرتها على هذه الدول وعلى شعوبها وأحزابها وحتى أفرادها وبما أن هذه الدول المستهدفة من قبل الدول الإستعمارية لا يوجد لديها مبدأ يوحد كيانها وشعبها وأعمالها وثقافتها لذلك يسهل إستعمارها وفرض الهيمنة عليها أما الدول الإستعمارية فإنها تحمي نفسها بمنع الدول من التدخل في شؤونها وتوحد كيانها وشعبها عن طريق المبدأ الذي تعتنقه وهو المبدأ الرأسمالي، وبذلك تحمي نفسها من خطر الوطنية، وعليه فالرابطة الوطنية هي رابطة مؤقتة توجد في حالة الإعتداء أما في الحالة الأصلية والطبيعية فلا وجود لهذه الرابطة، وعليه فهي لا تصلح لربط الإنسان بالإنسان حين يسير في طريق النهوض، وطريق النهوض يحتم وجود أفكار مبدئية عالمية تدفع الإنسان من أجل إنهاض البشرية نهضة صحيحة تقوم على مبدأصحيح، والرابطة الصحيحة التي تربط الإنسان بالإنسان هي الرابطة المبدئية، والمبدأ الصحيح هو الإسلام فهو المبدأ الوحيد الذي يصلح لقيادة قطار العالم نحو الأمن والسلامة والطمأنينة والتحرير الحقيقي.
فالإسلام ودولة الخلافة هما السبيل لإنقاذ العالم من الفوضى والبؤس والشقاء والهلاك والإستعمار والفقر والفساد النفسي والعقلي والمعاناة والدوامة التي تعيش فيها الشعوب، والحلقة المفرغة التي تدور فيها.
فيا أمة الإسلام انبذي الوطنية والقومية والرأسمالية والطائفية والثقافة الغربية وانهضي من أجل تحرير العالم وسعادة الإنسان بالإسلام وعن طريق الخلافة العالمية فقد وصلت الحاجة للإسلام ولدولة الإسلام عند الغرب والشرق حد الجوع الملح، ودولة الخلافة أضحت حاجة ماسة للأمة الإسلامية فقد دقت الساعة وحان وقتها، لهذا يجب على الأمة أن تزمجر لكي تقيمها وتضحي بالغالي والنفيس من أجل بقائها وتوسعها لتشمل العالم كله