تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الكذاب الأكبر



FreeMuslim
04-16-2007, 06:11 AM
الكذاب الأكبر!

أ.د. حلمي محمد القاعود

قبل أربعة أعوام ؛ فى مثل هذه الأيام ، سقطت عاصمة الرشيد واستباحها ، الهمج الهامج ، وأقام الصليبيون الاستعماريون الجدد نظاماً جديداً يقوم على القتل والنهب والرعب!
كانت الحجة التى دخلوا بها عاصمة الرشيد تتركز في وجود أسلحة دمار شامل ، وتشجيع الإرهاب من خلال تنظيم القاعدة .. بالإضافة إلى الزعم بأن التحالف الصليبي الاستعماري يسعى إلى إقامة نظام ديمقراطي يكون بداية لتحرير ما يُسمّى الشرق الأوسط من الأنظمة الديكتاتورية المستبدة ، التى حكمت على شعوبه بالتخلف والجمود وتفريخ الإرهاب والتطرف !
حمل عبء هذه المزاعم والأكاذيب " كولن باول " وزير خارجية أمريكا الأسبق ، وقد ردّد مزاعمه وأكاذيبه أكثر من سبعين مرة ( يُحددها بعضهم بأربع وسبعين مرة ) أمام مجلس الأمن وفى المؤتمرات الصحفية ، فضلاً عن لقاءاته بالمسئولين الدوليّين والعرب : حيث كان يقنعهم أو يقنع بعضهم – فالأغلبية كانت مقتنعة – بضرورة تدمير العراق وتغيير نظام حكمه ، حتى يعيشوا في أمان وسلام !
الكذاب الأكبر لم يملّ من ترديد أكاذيبه ، ووجد من يُصدّقه ، ودخلت قوات الغزو الصليبي الهمجي ، إلى كل بقعة في العراق ، بعد أن دمرت كل المؤسسات والمرافق والبنية الأساسية وقتلت أكثر من مليون عراقي بلا ذنب ولا جريرة ، ولم تجد أسلحة دمار شامل ، ولا تنظيماً للقاعدة ، ثم إنها لم تقم نظاماً ديمقراطيَاً بعد مرور أربع سنوات!
الكذاب الأكبر من أصل إفريقي ، أي إن آباءه وأجداده كانوا من العبيد الأفارقة الذين نقلهم تجار الرقيق من المهاجرين الصليبيين الهمج إلى أمريكا قبل قرنين من الزمان .. ويُلاحظ أن هؤلاء الأفارقة المتأمركين أشدّ تعصّبا وكراهية للشعوب غير الصليبية ، من البيض الأوروبيين المهاجرين الهمج .. (تأمل سلوك ومواقف وأفكار كونداليزا رايس!).
وأعتقد أن العرب والمسلمين مطالبون الآن ، وقبل أي وقت مضى بالاعتبار من درس الكذاب الأكبر، والكذابين السابقين عليه، منذ أول كذّاب فى العصر الحديث (أعنى نابليون بونابرت) الذي ادّعى أنه مسلم، وأنه حضر إلى مصر ليخلصها من حكم المماليك ، حتى الكذّابين المعاصرين الذين لا يكفّون عن ترديد الأكاذيب الفجّة على مسامع الأمة وحكامها، ومع ذلك يجدون من يصدقهم، ويستجيب لأكاذيبهم وترهاتهم ..
لقد كانت نتيجة تصديق الأكاذيب والاستجابة لها:
1- احتلال قطر عربي والسيطرة عليه وسرقة آثاره وثرواته ، وإعدام رئيسه – أيَاً كان الرأى فيه – فى مشهد مهين للأمة كلها .
2- تمزيق العراق من الداخل على المستوى المذهبي والطائفي والعرقي ، بعد تفكيك قواته المسلحة وفتح المجال أمام العبث الخارجي بأهله وناسه وتراثه ولغته وعقيدته وأمنه .
3- خصم قوة عسكرية كبيرة من حساب الأمة العربية فى مواجهة العدو النازي اليهودي الاستيطاني ، وإتاحة الفرصة له كي يلعب بمخابراته وعملائه فى شمال العراق ، والتسلّل إلى أجهزته السياسية والاقتصادية والثقافية ، في فرصة غير مسبوقة .
4- تقديم أسوأ نموذج للأمة العربية ، في إيقاظ العصبيات الجاهلية : مذهبية وطائفية وعرقية لتصحو وتتحرك ، وتعمل على تحقيق وجودها العدواني ، ولو جاء ذلك على حساب أمنها وسلامها ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية (تأمل ما جرى ويجرى في لبنان والسودان واليمن ومصر والمغرب العربي).
بالطبع لم يتحقق أي هدف مما أعلنه الصليبيون الاستعماريون الهمج الذين دمّروا العراق ، وبعد أن ثبت كذب الكذاب الأكبر ، لم يعثر الغزاة المعتدون على أثر لأسلحة الدمار الشامل ، أو تنظيم القاعدة ،و لم يُحققوا ما تحدثوا عنه طويلاً ، وهو إقامة نظام ديمقراطي حقيقي، يكون واحة للحرية والرخاء والسلام في الشرق الأوسط .
إن العالم يُشاهد الآن مع مطلع كل صباح أنهار الدم تتدفق في العراق الأسير ، وتملأ الفرات ودجلة وشط العرب .. وصارت هذه المشاهد روتينية ومعتادة ، لا تحرك القلوب الميتة في واشنطن ، ولا تؤرق الضمائر الغائبة في لندن ، ولا تدهش العواطف الباردة في برلين !
إن ما جرى في العراق درس التاريخ في أواخر القرن العشرين للعرب والمسلمين ، فقد حبا الله العراق بفضله ووهبه ثروة النفط ، التي جعلته صاحب أكبر مخزون نفطي في آسيا ، ومنحه نهرين عظيمين جعلاه بلداً زراعياً مهمَاً ، وكان لديه الرجال والعلماء الذين أسسوا قاعدة جيدة فى الصناعة والبحث العلمي ، فضلاً عن الثروة الثقافية والتجارية بحكم الموقع الاستراتيجي المهم ..
ولكن شياطين الاستعمار الصليبي ، دفعوا الحاكم العراقي ، ومعه حكام عرب إلى دخول معارك لا مسوغ لها ، وإنفاق المليارات على " خراب " لم يكن ضرورياً ، وكانت حرب " البوابة الشرقية " مع إيران عملاً طائشاً بكل المقاييس ، لأنه لم يمنع الخطر الفارسى ، ولم يحقق قوة العرب ، ولم يضعف قوة العدوّ النازي اليهودي في فلسطين ..
ثم كانت كذبة أخرى من أكاذيب الاستعمار الصليبي الهمجي ، وهى احتلال الكويت ، وما ترتب عليه من " خراب " أكبر ؛ مات بسببه الآلاف ، وحوصر الملايين ، وجرب القتلة الصليبيّون المجرمون أسلحتهم البيولوجية والكيمائية في الشعب العراقي المبتلى بحكامه وأعدائه على السواء !
العراق البائس فقد كل شيء: الحرية ، الثروة ، الآثار ، الرجال ، ولم يبق له إلا السيارات المفخخة ، والمروحيات التي تقصفه بالحمم ، والحكام الطائفيين والعرقيين العملاء ، والنخب اليسارية المتأمركة التي تبيع العراق وثقافته وإسلامه لصالح التقسيم والفيدرالية والمذهبية !
لم يبق للعراق اليوم إلا شيء واحد وهو المقاومة .. المقاومة الباسلة الشجاعة التي تتجاوز الطائفية والعرقية ، وتتوحد تحت راية لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، وتواجه الغزاة الصليبيين الهمج ، والعملاء الخونة ..
على المقاومة العراقية الباسلة أن تحرّم الدم العراقي مهما كانت الأسباب والدوافع ، وأن تتوجه بكل طاقاتها إلى إرغام المجرم الصليبي المعتدى على الرحيل والخروج فراراً وهرباً .. إنه لا يفهم غير لغة واحدة هي المقاومة ، حتى لو سمَاها إرهاباً ، فهو الإرهابي الحقيقي ، والقاتل الحقيقي ، ثم إنه الكذاب الأكبر الذي لم يصدق في يوم ما ..
ونحن لا نلومه على كذبه وخداعه ، ولكن نلوم أنفسنا ، حين نصدقه إذا كان نابليون مدعى الإسلام ، أو فريزر مدعى الدفاع عن مصر ، أو سايكس – بيكو مدعى الاستقلال ، أو كولن باول مدعى البحث عن أسلحة الدمار الشامل وتنظيم القاعدة .
إن الكذاب الأكبر لصُ، جاء من أجل حزمة أهداف ، تخدم لصوصيته ودمويته وظلمه ، فإضافة إلى سرقة البترول والتراث ، فهو يُثبت أنه قوى يجب أن نخضع له ، ونذل ، ثم إنه يُريد منا القبول بقاعدته العسكرية الاستعمارية أو الاستيطانية التي تقتطع الأرض المقدسة (فلسطين) ، وتفرض هيمنتها البوليسية والاقتصادية على ما حولها .
المقاومة الموحدة هي الحلّ في مواجهة الكذاب الأكبر وبقية الكذابين!