ابو شجاع
04-07-2007, 01:13 PM
من كتاب:
أسياد العالم الجدد
أحببت أن أنقل لكم أيها الأعزة بعض الفقرات. لعلها تفيد من يتابع التضليلات الإعلامية، ولعلها تفيد من يريد التوثيق الكتابي، أما التوثيق الحي فمشاهد ومحسوس.
قاتل الله الكفار المجرمين المضللين الكذابين وإعلامهم المزيف. “إعلام العقلية النقدية”!!!...هو فعلا نقدي، ولكن أي نقد؟ النقد العقلي أم النقد المالي؟!!
على أية حال، نقرأ معا…
ما يدهش في حرب الخليج قلة الصحفيين الذين شككوا بحقيقة هذه الصور، أو استعلموا عن كيفية تحرير الأشرطة. وهم، على غرار المعلقين في الوطن، كانوا واقعين في أسر “ الدقة الشديدة للأسلحة الجديدة"، كما قال مراسل هيئة الإذاعة البريطانية ديفيد ديملبي. في الواقع، كان أقل من 7 بالمئة من الأسلحة المستخدمة في عاصفة الصحراء “ذكية"، كما أقر البنتاغون بعد وقت طويل على انتهاء الحرب. وقد أخطأت 70 بالمئة من 88500 قنبلة أسقطت على العراق والكويت – ما يعادل سبع قنابل هيروشيما – أهدافها بشكل تام، وكثير منها سقط في مناطق آهلة بالسكان. قيل ان مواقع إطلاق صواريخ سكود العراقية قد دمرت، لكن لم يدمر أي منها. (54). ولم يفد عن أي من ذلك في حينه. لقد كذب على الصحافيين، وقبلوا هم الكذبات ونقلوها إلى الجمهور.
لقد كان طريق البصرة الذي صوره كن جارك واحداً من الكثير من المجازر. ولم يفد من المجازر الأخرى. ولم يعرف الصحافيون أنه في اليومين الأخيرين قبل وقف اطلاق النار، نشرت الجرافات المدرعة الأميركية ليلاً لدفن العراقيين أحياء في خنادقهم، بمن فيهم الجرحى. وبعد ستة أشهر كشفت “ نيويورك نيوزداي” عن أن ثلاثة ألوية من فرقة المشاة الميكانيكية الأولى الأميركية “ استخدمت محاريث ثلج ركبت على الدبابات وناقلات التراب لدفن آلاف من الجنود العراقيين – وبعضهم لا زال حيا – في خنادق يزيد طولها على 70 ميلاً”. وقال قائد أحد الألوية العقيد أنطوني مورينو : “ كل ما أعرفه أنه كان بإمكاننا قتل الآلاف”.
...
كانت سياسة الجنرال شوارتزكوف تقضي بعدم عد القتلى العراقيين. “ هذه أول حرب في الأزمنة الحديثة يقدم فيها حساب عن كل مفك براغ وكل مسمار"، قال أحد كبار الضبط متفاخراً. أما بالنسبة للبشر فقال : “ لا أعتقد أن هناك من سيخرج برقم دقيق عن القتلى العراقيين” ( 58 ) . غير أن شوارتزكوف قدم أرقاماً إلى الكونغرس تشير إلى أن 100000 جندي عراقي قتلوا على الأقل. ولم يقدّم أي تقدير للإصابات بين المدنيين. (59).
قبل عيد الميلاد سنة 1991 بقليل، أصدرت مؤسسة التعليم الطبي في لندن دراسة شاملة عن الإصابات. قتل أو مات ما يصل إلى ربع مليون رجل وامرأة وطفل كنتيجة مباشرة للهجوم الذي قادته أميركا على العراق. وذلك يؤكد تقديرات الاستخبارات الفرنسية والأميركية بسقوط “ ما يزيد على 200000 قتيل” (61( ولم يدخل قط الحجم الخالص لهذه المقتلة الإدراك العام في الغرب.
أبلغ منسق الأخبار التلفزيونية الأميركي الشهير دان راذر جمهوره الوطني قائلاً : “ ثمة أمر واحد يمكننا الاتفاق عليه جميعاً، وهو بطولة الـ148 أميركياً الذين ضحوا بحياتهم لكي تحيا الحرية”. والواقع أن ربعهم قتلوا، على غرار رفاقهم البريطانيين، بأيدي أميركيين آخرين. كما أن الروايات الرسمية التي تصف كيفية مقتل الأميركيين ببطولة كانت مزورة (62(
عندما تغفل الحقائق الكبرى، تحل الأساطير محلها، ولا تفسر طبيعة القوة العظمى وشكلها أمام الجمهور قط. وبدلاً من ذلك يقدّم المذهب العسكري بمثابة لعبة أخلاقية. ومرة أخرى يطبّق بلير وسيلته لستر العيوب الأخلاقية، فيقول : “ أياً تكن أخطاؤنا، بريطانيا أمة أخلاقية جداً ولديها إحساس قوية بالخطأ والصواب. وسوف يهزم النسيج الأخلاقي تعصب أولئك الإرهابيين ومسانديهم” (63)
...
اتبعت بريطانيا بيع ثلثي أسلحتها الفتاكة ومعداتها العسكرية إلى حكومات ذات سجل مخيف في حقوق الإنسان، حيث تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في حجم مبيعات الأسلحة. وتعتبر بريطانيا من الموردين الرئيسيين للسلاح إلى خمسة بلدان يسودها صراع داخلي، حيث بلت أرقام القتلى الإجمالية فيها نحو مليون نسمة. كما أن من زبائنها بلدان على شفير الحرب بعضها مع بعض، مثل الهند وباكستان. وقد زودت بريطانيا القتلة الأندونيسيين في تيمور الشرقية بالسلاح لمدة عشرين سنة.
عندما تسلمت حكومة بلير السلطة، وأذاع كوك بيانه الوزاري، التقى بالفائزين بجائزة نوبل للسلام عام 1997، المطران كارلوس بيلو وخوسيه راموس – هورتا، من تيمور الشرقية. وقد طمأنهما بأن بريطانيا لن تجيز بيع السلاح الذي قد يستخدم في القمع الداخلي في بلدهما. وفي اجتماع عام في لندن بعد ذلك بقليل، استمعت إلى المطران بيلو يوجه مناشدة عاطفية إلى الحكومة قائلاً: “ أرجوكم، وأتوسل إليكم ألا تساعدوا على استمرار الصراع الذي لولا هذه المبيعات لكان يمكن ألا يندلع في المقام الأول، ولا أن يستمر طويلا”. ولعله كان يتحدث بلسان قسم كبير من البشر.
كان رد الحكومة زيادة شحنات الأسلحة إلى أندونيسيا تحت غطاء قانون الأسرار الرسمية. .. وفيما 11 أيلول\سبتمبر 2001، فيما كانت أميركا تتعرض للهجوم،كانت حكومة بلير تستضيف “معرضاَ للأسلحة” في دوكلندر بلندن حضره العديد من منتهكي حقوق الإنسان. احتراماً لضحايا الاعتداء على برجي مركز التجارة العالمي، اختصر مؤتمر الاتحاد العمالي العام إلى جانب مواعيد المباريات الرياضية والأحداث العامة. لكن معرض الأسلحة استمر. وبعد مرور وقت قليل على ذلك، في مقابلة مع ديفيد فروست، أعلن بلير أن الطريق إلى إلحاق الهزيمة بالإرهابيين هي إيقاف “ الأشخاص الذين قدموا لهم السلاح”. ولم يقل فروست شيئا (65).
...
عندما فتحت أسواق الأوراق المالية ثانية بعد الهجمات، كانت الشركات القليلة التي أظهرت زيادة في قيمتها شركات التعهدات العسكرية رايثيون وألاينت تك سيستمز ونورثروب غرومان، ولوكهيد مارتن. وقد ارتفعت قيمة سهم لوكهيد مارتن 30 بالمئة باعتبارها أكبر مورد للجيش الأميركي.
...
وفي غضون ستة أسابيع من الهجمات على برجي مركز التجارة العالمي، أمنت لوكهيد مارتن أكبر طلبية عسكرية في التاريخ : عقد بقيمة 200 مليار دولار لتطوير طائرة مقاتلة...وقال أحد المدراء التنفيذيين في الشركة : “ إن ما يحدث لاستثماراتنا في أميركا أخبار طيبة وسط كل الأخبار السيئة في هذه الأيام” (66(
وازدهرت صناعة الأسلحة البريطانية منذ 11 أيلول\سبتمبر. ففي أثناء كتابة هذه السطور، باعت شركة بي أ إي سيستمز نظام دفاع جوي بقيمة 40 مليون دولار إلى تنزانيا، وهي واحدة من أفقر دول العالم حيث يبلغ الدخل الفردي 250 دولاراً في السنة، ولا يحصل نصف السكان على مياه جارية نظيفة، ويموت طفل من بين كل أربعة أطفال قبل السنة الخامسة من عمره. ومن أن البنك الدولي عارض البيع، فقد دعمه طوني بلير، ولا شك أن ذلك تم بروح خطابه الإنجيلي أمام مؤتمر حزب العمال الذي وصف فيه الفقر في إفريقيا بأنه “ ندبة في ضمير العالم” (67).
بوجود وسائل الإعلام الأنكلو أميركية في أيدي حراس الحقائق الموافقة عليها، تتم الإفادة عن الإمبريالية الجديدة ومصير الشعوب البعيدة ومناقشتها بناء على المقدمة المنطقية بأن حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا تعارضان العنف، والإرهاب بالطبع، كوسيلة لحل النزاعات الدولية. والمسألة هي دائماً: ما أفضل السبل التي نتعامل بها “ نحن” مع مشكلة “الهم”.
تبقى الحقائق الأكثر بروزاً من المحرمات في بريطانيا، المحظور الأول هو أن الإمبريالية البريطانية لم تكن رقيقة. وهكذا فإن مطالبة بلير في إقامة حجاب أمام الأعمال الإمبريالية الحاضرة تقدم تبريراً بمفعول رجعي للماضي. وتقوم الصحافة ومناهج البحث باتباع ذلك عامة. فعلى سبيل المثال، قلما ذكرت التقارير عن الفصل العنصري. وفي خمسينات القرن العشرين، لم يكن التصرف البريطاني في الملايو يختلف كثيراً عن السجل الأميركي في فيتنام، بل تبين أنه كان ملهماً له: منع وصول الطعام وتحويل القرى إلى معسكرات اعتقال وتجريد أكثر من نصف مليون نسمة من ملكياتهم بالقوة.
أسياد العالم الجدد
أحببت أن أنقل لكم أيها الأعزة بعض الفقرات. لعلها تفيد من يتابع التضليلات الإعلامية، ولعلها تفيد من يريد التوثيق الكتابي، أما التوثيق الحي فمشاهد ومحسوس.
قاتل الله الكفار المجرمين المضللين الكذابين وإعلامهم المزيف. “إعلام العقلية النقدية”!!!...هو فعلا نقدي، ولكن أي نقد؟ النقد العقلي أم النقد المالي؟!!
على أية حال، نقرأ معا…
ما يدهش في حرب الخليج قلة الصحفيين الذين شككوا بحقيقة هذه الصور، أو استعلموا عن كيفية تحرير الأشرطة. وهم، على غرار المعلقين في الوطن، كانوا واقعين في أسر “ الدقة الشديدة للأسلحة الجديدة"، كما قال مراسل هيئة الإذاعة البريطانية ديفيد ديملبي. في الواقع، كان أقل من 7 بالمئة من الأسلحة المستخدمة في عاصفة الصحراء “ذكية"، كما أقر البنتاغون بعد وقت طويل على انتهاء الحرب. وقد أخطأت 70 بالمئة من 88500 قنبلة أسقطت على العراق والكويت – ما يعادل سبع قنابل هيروشيما – أهدافها بشكل تام، وكثير منها سقط في مناطق آهلة بالسكان. قيل ان مواقع إطلاق صواريخ سكود العراقية قد دمرت، لكن لم يدمر أي منها. (54). ولم يفد عن أي من ذلك في حينه. لقد كذب على الصحافيين، وقبلوا هم الكذبات ونقلوها إلى الجمهور.
لقد كان طريق البصرة الذي صوره كن جارك واحداً من الكثير من المجازر. ولم يفد من المجازر الأخرى. ولم يعرف الصحافيون أنه في اليومين الأخيرين قبل وقف اطلاق النار، نشرت الجرافات المدرعة الأميركية ليلاً لدفن العراقيين أحياء في خنادقهم، بمن فيهم الجرحى. وبعد ستة أشهر كشفت “ نيويورك نيوزداي” عن أن ثلاثة ألوية من فرقة المشاة الميكانيكية الأولى الأميركية “ استخدمت محاريث ثلج ركبت على الدبابات وناقلات التراب لدفن آلاف من الجنود العراقيين – وبعضهم لا زال حيا – في خنادق يزيد طولها على 70 ميلاً”. وقال قائد أحد الألوية العقيد أنطوني مورينو : “ كل ما أعرفه أنه كان بإمكاننا قتل الآلاف”.
...
كانت سياسة الجنرال شوارتزكوف تقضي بعدم عد القتلى العراقيين. “ هذه أول حرب في الأزمنة الحديثة يقدم فيها حساب عن كل مفك براغ وكل مسمار"، قال أحد كبار الضبط متفاخراً. أما بالنسبة للبشر فقال : “ لا أعتقد أن هناك من سيخرج برقم دقيق عن القتلى العراقيين” ( 58 ) . غير أن شوارتزكوف قدم أرقاماً إلى الكونغرس تشير إلى أن 100000 جندي عراقي قتلوا على الأقل. ولم يقدّم أي تقدير للإصابات بين المدنيين. (59).
قبل عيد الميلاد سنة 1991 بقليل، أصدرت مؤسسة التعليم الطبي في لندن دراسة شاملة عن الإصابات. قتل أو مات ما يصل إلى ربع مليون رجل وامرأة وطفل كنتيجة مباشرة للهجوم الذي قادته أميركا على العراق. وذلك يؤكد تقديرات الاستخبارات الفرنسية والأميركية بسقوط “ ما يزيد على 200000 قتيل” (61( ولم يدخل قط الحجم الخالص لهذه المقتلة الإدراك العام في الغرب.
أبلغ منسق الأخبار التلفزيونية الأميركي الشهير دان راذر جمهوره الوطني قائلاً : “ ثمة أمر واحد يمكننا الاتفاق عليه جميعاً، وهو بطولة الـ148 أميركياً الذين ضحوا بحياتهم لكي تحيا الحرية”. والواقع أن ربعهم قتلوا، على غرار رفاقهم البريطانيين، بأيدي أميركيين آخرين. كما أن الروايات الرسمية التي تصف كيفية مقتل الأميركيين ببطولة كانت مزورة (62(
عندما تغفل الحقائق الكبرى، تحل الأساطير محلها، ولا تفسر طبيعة القوة العظمى وشكلها أمام الجمهور قط. وبدلاً من ذلك يقدّم المذهب العسكري بمثابة لعبة أخلاقية. ومرة أخرى يطبّق بلير وسيلته لستر العيوب الأخلاقية، فيقول : “ أياً تكن أخطاؤنا، بريطانيا أمة أخلاقية جداً ولديها إحساس قوية بالخطأ والصواب. وسوف يهزم النسيج الأخلاقي تعصب أولئك الإرهابيين ومسانديهم” (63)
...
اتبعت بريطانيا بيع ثلثي أسلحتها الفتاكة ومعداتها العسكرية إلى حكومات ذات سجل مخيف في حقوق الإنسان، حيث تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في حجم مبيعات الأسلحة. وتعتبر بريطانيا من الموردين الرئيسيين للسلاح إلى خمسة بلدان يسودها صراع داخلي، حيث بلت أرقام القتلى الإجمالية فيها نحو مليون نسمة. كما أن من زبائنها بلدان على شفير الحرب بعضها مع بعض، مثل الهند وباكستان. وقد زودت بريطانيا القتلة الأندونيسيين في تيمور الشرقية بالسلاح لمدة عشرين سنة.
عندما تسلمت حكومة بلير السلطة، وأذاع كوك بيانه الوزاري، التقى بالفائزين بجائزة نوبل للسلام عام 1997، المطران كارلوس بيلو وخوسيه راموس – هورتا، من تيمور الشرقية. وقد طمأنهما بأن بريطانيا لن تجيز بيع السلاح الذي قد يستخدم في القمع الداخلي في بلدهما. وفي اجتماع عام في لندن بعد ذلك بقليل، استمعت إلى المطران بيلو يوجه مناشدة عاطفية إلى الحكومة قائلاً: “ أرجوكم، وأتوسل إليكم ألا تساعدوا على استمرار الصراع الذي لولا هذه المبيعات لكان يمكن ألا يندلع في المقام الأول، ولا أن يستمر طويلا”. ولعله كان يتحدث بلسان قسم كبير من البشر.
كان رد الحكومة زيادة شحنات الأسلحة إلى أندونيسيا تحت غطاء قانون الأسرار الرسمية. .. وفيما 11 أيلول\سبتمبر 2001، فيما كانت أميركا تتعرض للهجوم،كانت حكومة بلير تستضيف “معرضاَ للأسلحة” في دوكلندر بلندن حضره العديد من منتهكي حقوق الإنسان. احتراماً لضحايا الاعتداء على برجي مركز التجارة العالمي، اختصر مؤتمر الاتحاد العمالي العام إلى جانب مواعيد المباريات الرياضية والأحداث العامة. لكن معرض الأسلحة استمر. وبعد مرور وقت قليل على ذلك، في مقابلة مع ديفيد فروست، أعلن بلير أن الطريق إلى إلحاق الهزيمة بالإرهابيين هي إيقاف “ الأشخاص الذين قدموا لهم السلاح”. ولم يقل فروست شيئا (65).
...
عندما فتحت أسواق الأوراق المالية ثانية بعد الهجمات، كانت الشركات القليلة التي أظهرت زيادة في قيمتها شركات التعهدات العسكرية رايثيون وألاينت تك سيستمز ونورثروب غرومان، ولوكهيد مارتن. وقد ارتفعت قيمة سهم لوكهيد مارتن 30 بالمئة باعتبارها أكبر مورد للجيش الأميركي.
...
وفي غضون ستة أسابيع من الهجمات على برجي مركز التجارة العالمي، أمنت لوكهيد مارتن أكبر طلبية عسكرية في التاريخ : عقد بقيمة 200 مليار دولار لتطوير طائرة مقاتلة...وقال أحد المدراء التنفيذيين في الشركة : “ إن ما يحدث لاستثماراتنا في أميركا أخبار طيبة وسط كل الأخبار السيئة في هذه الأيام” (66(
وازدهرت صناعة الأسلحة البريطانية منذ 11 أيلول\سبتمبر. ففي أثناء كتابة هذه السطور، باعت شركة بي أ إي سيستمز نظام دفاع جوي بقيمة 40 مليون دولار إلى تنزانيا، وهي واحدة من أفقر دول العالم حيث يبلغ الدخل الفردي 250 دولاراً في السنة، ولا يحصل نصف السكان على مياه جارية نظيفة، ويموت طفل من بين كل أربعة أطفال قبل السنة الخامسة من عمره. ومن أن البنك الدولي عارض البيع، فقد دعمه طوني بلير، ولا شك أن ذلك تم بروح خطابه الإنجيلي أمام مؤتمر حزب العمال الذي وصف فيه الفقر في إفريقيا بأنه “ ندبة في ضمير العالم” (67).
بوجود وسائل الإعلام الأنكلو أميركية في أيدي حراس الحقائق الموافقة عليها، تتم الإفادة عن الإمبريالية الجديدة ومصير الشعوب البعيدة ومناقشتها بناء على المقدمة المنطقية بأن حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا تعارضان العنف، والإرهاب بالطبع، كوسيلة لحل النزاعات الدولية. والمسألة هي دائماً: ما أفضل السبل التي نتعامل بها “ نحن” مع مشكلة “الهم”.
تبقى الحقائق الأكثر بروزاً من المحرمات في بريطانيا، المحظور الأول هو أن الإمبريالية البريطانية لم تكن رقيقة. وهكذا فإن مطالبة بلير في إقامة حجاب أمام الأعمال الإمبريالية الحاضرة تقدم تبريراً بمفعول رجعي للماضي. وتقوم الصحافة ومناهج البحث باتباع ذلك عامة. فعلى سبيل المثال، قلما ذكرت التقارير عن الفصل العنصري. وفي خمسينات القرن العشرين، لم يكن التصرف البريطاني في الملايو يختلف كثيراً عن السجل الأميركي في فيتنام، بل تبين أنه كان ملهماً له: منع وصول الطعام وتحويل القرى إلى معسكرات اعتقال وتجريد أكثر من نصف مليون نسمة من ملكياتهم بالقوة.