ابو شجاع
04-01-2007, 12:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطيئة لا تسوّغ الخطيئة!
إن لبنان ما زال يترنح في حالة اللاّوزن الذي يعاني منه، كلما خبت مشكلة تولدت مشكلات أخرى، فمن الفتن المتنقلة، إلى أزمة إدارة شؤون البلاد، مشكلة تلو أخرى تحط رحالها في بلد مستباح، ليس له أفق ولا مستقبل، ما يعطي دليلاً جديداً على عدم قدرة الكيان على القيام بذاته، فلا يستطيع دفع التدخلات الخارجية عن نفسه، بل يستدعي الخارج ليحمي نفسه من الخارج، أو من نفسه! وهذا ما جعله منذ نشأته ساحة صراع وتفجير.
ومنذ أن أعلنت الأجهزة الأمنية، قبل أيام، اكتشاف مدبّري حادثة "عين علق"، انشعبت القوى السياسية في التوظيف الإعلامي لهذا الحدث، فاستُغلّ في تصفية حسابات داخلية، وأخرى إقليمية - دولية. وآخر مستجدات الحدث، الاحتكاك المسلح في مخيم "نهر البارد" وسقوط ضحايا وجرحى.
ولا بدّ في هذا المجال، أن نوجه أصابع الاتهام إلى الذين يعالجون الخطيئة بالخطيئة، والذين يواجهون الجريمة السياسية أو الأمنية، بجرائم إنسانية، غير مبالين بأبسط حقوق البشر في العيش والتنقّل، بعد أن صار أهالي المخيمات في موقع الأذى بين مطرقة الموالاة، وسندان المعارضة!
أزمة مخيم "نهر البارد" هي جزء من أزمة المخيمات في لبنان: ذل وظلم وقهر وحرمان، واكتظاظ وفقر مدقع وبطالة تصل إلى حدود الـ 60٪! أربعون بالمئة من أطفال المخيمات هم خارج مقاعد الدراسة. عشرة آلاف أسرة شهيد فقدوا المعيل، يعيشون على مساعدات رمزية هي أقل من النزر اليسير. تفشت الأمراض بسبب ازدحام البيوت وضعف التهوئة وضيق الأزقة وانعدام الإنارة وانتشار القوارض والحشرات وتلوث مياه الشرب. وبحسب بعض المصادر، هناك 25000 حالة سرطان، وهناك فرد من كل خمسة يعاني من بعض عوارض الأمراض المزمنة، وهناك أقل من طبيب لكل 10 آلاف شخص، أما من لا يستطيع تأمين مصاريف العلاج فيترك للهلاك.
إن ما تعانيه المخيمات يُلْحِفُ كل القائمين على شؤون البلد والمتعاطين بالشأن العام بثوب العار، وينْدى له كل جبين في لبنان، بعد صمت أهله وتَجاهلهم لتلك المأساة، وكأن قاطني تلك المخيمات ليسوا أناساً، نساء ورجالاً، عائلات وأطفالاً، عجّزاً ومرضى. إنهم إخوة لهم حق الأخوّة التي يفرضها الإسلام على المسلمين، يعانون ما يعانونه، وسط عمى وتعامٍ وجهلٍ وتجاهل، حتى من يدّعي النظر بالمنظار الإنساني المجرد، نراه يتغاضى عن تلك الأوضاع الإنسانية المأساوية، وعليه قبل غيره، أن يضع وجهه في التراب خجلاً من سكوته على تلك المأساة المتواصلة منذ قرابة الستين عاماً.
إن مخيمات الفلسطينيين في لبنان تعيش قصة مأساة، آخر فصولها ما يحصل في مخيم "نهر البارد"، حيث رُوّع الأهالي، وقطّعت الأرزاق، والكل في حالة ترقّب وانتظار! ماذا بعد؟ حتّام تستمر تلك المآسي تتوالى على أبناء المخيمات؟!
إن مشكلة "فتح الإسلام" وأمثالها من المشاكل، لا يكون حلّها إلاّ بحل وضع كلّ المخيمات حلاًَ جذرياً، وذلك بإلغاء كل إجراءات عزل المخيمات، بل إلغاء تلك المخيمات، ورفع الحرمان والظلم عن قاطنيها، وإعطائهم حقوقهم الشرعية كاملة، من رعاية صحية، وخدمات، وتعليم، وسكن كريم، ورفع حرمانهم من العمل وحرمان كسبهم قوت يومهم بكرامة. والأمر لا يحتمل انتظاراً، فالمطلوب هو وضع آلية لإنهاء هذا الوضع المرفوض، بهذا تحل كل المشاكل، جديدها وقديمها، فنجنب العائلات المآسي المستمرة المتواصلة، ومنها القلق والرعب من التلويح بالحلول العسكرية، والحصار الخانق الذي يشكل عقوبة جماعية لأهالي المخيم جميعهم. إن الحلول الجزئية لن توصل إلاّ إلى مزيد من الظلم وسفك الدماء، وترويع الأهالي والتضييق عليهم في معيشتهم فوق ما هي مأساوية وضيِّقة، فهلاّ تحرّك المعنيون بالشأن العام في لبنان، لغسل وصمة العار التي أصابتهم، والتكفير عن تلك الخطيئة بعد طول صمت.
أما فلسطين، فتحررّها كاملةً جيوشُ المسلمين، بعد أن تكسر القيود، وتفك الأغلال التي كبّلتها بها الأنظمة العميلة الحاكمة في العالم الإسلامي، فتجتمع حول خليفة واحد يبايعه المسلمون. وتهب تلك الجيوش زاحفة بأمر الإمام وتحت راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راية العُقاب، لتقتلع كيان يهود من جذوره، وما ذلك على الله بعزيز.
وإلى أهالينا في مخيم نهر البارد، نقول:
احتكموا إلى الشرع الحنيف وابتعدوا عن الاحتكام إلى قوة السلاح، فهو لن يؤدي إلاّ إلى نتائج كارثية على الناس وممتلكاتهم، فالإسلام أمر بحقن دماء المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من حمل علينا السلاح فليس منا» (رواه البخاري)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» (رواه البخاري).
وعلى أهل الخير والصلاح أن يسعوا إلى حل الأزمة القائمة بما يجنب الناس الفتن والاقتتال، ويحفظ عليهم دماءهم وأموالهم ومعاشهم.
ونُهيب بكل المخلصين أن يسعوا سعياً جاداً لدرء الفتنة، آخذين بعين الاعتبار أن الله سبحانه وتعالى سائلهم عن كل ما كسبت أيديهم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}. فلا يجوز أن يبقى جمهور الناس، مادة رخيصة لمشاريع القوى الدولية التي لا تبحث إلا عن مصالحها الأنانية.
التاريخ 1 من ربيع الأول 1428 هـ
الموافق 20 اذار 2007 م
المكتب الاعلامي لحزب التحرير في لبنان
776792/03- 094404/03
http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/index.php/infoffice/single/1900
الخطيئة لا تسوّغ الخطيئة!
إن لبنان ما زال يترنح في حالة اللاّوزن الذي يعاني منه، كلما خبت مشكلة تولدت مشكلات أخرى، فمن الفتن المتنقلة، إلى أزمة إدارة شؤون البلاد، مشكلة تلو أخرى تحط رحالها في بلد مستباح، ليس له أفق ولا مستقبل، ما يعطي دليلاً جديداً على عدم قدرة الكيان على القيام بذاته، فلا يستطيع دفع التدخلات الخارجية عن نفسه، بل يستدعي الخارج ليحمي نفسه من الخارج، أو من نفسه! وهذا ما جعله منذ نشأته ساحة صراع وتفجير.
ومنذ أن أعلنت الأجهزة الأمنية، قبل أيام، اكتشاف مدبّري حادثة "عين علق"، انشعبت القوى السياسية في التوظيف الإعلامي لهذا الحدث، فاستُغلّ في تصفية حسابات داخلية، وأخرى إقليمية - دولية. وآخر مستجدات الحدث، الاحتكاك المسلح في مخيم "نهر البارد" وسقوط ضحايا وجرحى.
ولا بدّ في هذا المجال، أن نوجه أصابع الاتهام إلى الذين يعالجون الخطيئة بالخطيئة، والذين يواجهون الجريمة السياسية أو الأمنية، بجرائم إنسانية، غير مبالين بأبسط حقوق البشر في العيش والتنقّل، بعد أن صار أهالي المخيمات في موقع الأذى بين مطرقة الموالاة، وسندان المعارضة!
أزمة مخيم "نهر البارد" هي جزء من أزمة المخيمات في لبنان: ذل وظلم وقهر وحرمان، واكتظاظ وفقر مدقع وبطالة تصل إلى حدود الـ 60٪! أربعون بالمئة من أطفال المخيمات هم خارج مقاعد الدراسة. عشرة آلاف أسرة شهيد فقدوا المعيل، يعيشون على مساعدات رمزية هي أقل من النزر اليسير. تفشت الأمراض بسبب ازدحام البيوت وضعف التهوئة وضيق الأزقة وانعدام الإنارة وانتشار القوارض والحشرات وتلوث مياه الشرب. وبحسب بعض المصادر، هناك 25000 حالة سرطان، وهناك فرد من كل خمسة يعاني من بعض عوارض الأمراض المزمنة، وهناك أقل من طبيب لكل 10 آلاف شخص، أما من لا يستطيع تأمين مصاريف العلاج فيترك للهلاك.
إن ما تعانيه المخيمات يُلْحِفُ كل القائمين على شؤون البلد والمتعاطين بالشأن العام بثوب العار، وينْدى له كل جبين في لبنان، بعد صمت أهله وتَجاهلهم لتلك المأساة، وكأن قاطني تلك المخيمات ليسوا أناساً، نساء ورجالاً، عائلات وأطفالاً، عجّزاً ومرضى. إنهم إخوة لهم حق الأخوّة التي يفرضها الإسلام على المسلمين، يعانون ما يعانونه، وسط عمى وتعامٍ وجهلٍ وتجاهل، حتى من يدّعي النظر بالمنظار الإنساني المجرد، نراه يتغاضى عن تلك الأوضاع الإنسانية المأساوية، وعليه قبل غيره، أن يضع وجهه في التراب خجلاً من سكوته على تلك المأساة المتواصلة منذ قرابة الستين عاماً.
إن مخيمات الفلسطينيين في لبنان تعيش قصة مأساة، آخر فصولها ما يحصل في مخيم "نهر البارد"، حيث رُوّع الأهالي، وقطّعت الأرزاق، والكل في حالة ترقّب وانتظار! ماذا بعد؟ حتّام تستمر تلك المآسي تتوالى على أبناء المخيمات؟!
إن مشكلة "فتح الإسلام" وأمثالها من المشاكل، لا يكون حلّها إلاّ بحل وضع كلّ المخيمات حلاًَ جذرياً، وذلك بإلغاء كل إجراءات عزل المخيمات، بل إلغاء تلك المخيمات، ورفع الحرمان والظلم عن قاطنيها، وإعطائهم حقوقهم الشرعية كاملة، من رعاية صحية، وخدمات، وتعليم، وسكن كريم، ورفع حرمانهم من العمل وحرمان كسبهم قوت يومهم بكرامة. والأمر لا يحتمل انتظاراً، فالمطلوب هو وضع آلية لإنهاء هذا الوضع المرفوض، بهذا تحل كل المشاكل، جديدها وقديمها، فنجنب العائلات المآسي المستمرة المتواصلة، ومنها القلق والرعب من التلويح بالحلول العسكرية، والحصار الخانق الذي يشكل عقوبة جماعية لأهالي المخيم جميعهم. إن الحلول الجزئية لن توصل إلاّ إلى مزيد من الظلم وسفك الدماء، وترويع الأهالي والتضييق عليهم في معيشتهم فوق ما هي مأساوية وضيِّقة، فهلاّ تحرّك المعنيون بالشأن العام في لبنان، لغسل وصمة العار التي أصابتهم، والتكفير عن تلك الخطيئة بعد طول صمت.
أما فلسطين، فتحررّها كاملةً جيوشُ المسلمين، بعد أن تكسر القيود، وتفك الأغلال التي كبّلتها بها الأنظمة العميلة الحاكمة في العالم الإسلامي، فتجتمع حول خليفة واحد يبايعه المسلمون. وتهب تلك الجيوش زاحفة بأمر الإمام وتحت راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راية العُقاب، لتقتلع كيان يهود من جذوره، وما ذلك على الله بعزيز.
وإلى أهالينا في مخيم نهر البارد، نقول:
احتكموا إلى الشرع الحنيف وابتعدوا عن الاحتكام إلى قوة السلاح، فهو لن يؤدي إلاّ إلى نتائج كارثية على الناس وممتلكاتهم، فالإسلام أمر بحقن دماء المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من حمل علينا السلاح فليس منا» (رواه البخاري)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» (رواه البخاري).
وعلى أهل الخير والصلاح أن يسعوا إلى حل الأزمة القائمة بما يجنب الناس الفتن والاقتتال، ويحفظ عليهم دماءهم وأموالهم ومعاشهم.
ونُهيب بكل المخلصين أن يسعوا سعياً جاداً لدرء الفتنة، آخذين بعين الاعتبار أن الله سبحانه وتعالى سائلهم عن كل ما كسبت أيديهم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}. فلا يجوز أن يبقى جمهور الناس، مادة رخيصة لمشاريع القوى الدولية التي لا تبحث إلا عن مصالحها الأنانية.
التاريخ 1 من ربيع الأول 1428 هـ
الموافق 20 اذار 2007 م
المكتب الاعلامي لحزب التحرير في لبنان
776792/03- 094404/03
http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/index.php/infoffice/single/1900