fakher
03-26-2007, 11:58 AM
حاوره : جهاد نافع
اكد الشيخ ابراهيم الصالح ان مرجعيات سياسية سنية كثيرة وموزعة على مساحة لبنان كله ترى في سلاح المقاومة سلاحا ضروريا لحماية لبنان وصون وحدته الداخلية.واعتبر الشيخ الصلح انه نتيجة مواقف المرجعية الدينية تصخب المساجد بالخطب النارية التي تستنبش قبر الحسين وتبرز افعال «يزيد».
وشدد على انه يستحيل ان يتعمم ما حصل في الطريق الجديدة والجامعة العربية وانه لن تقع فتنة مذهبية سنية - شيعية لكن قال ان لبنان كله اليوم يتسلح واعلن عن وجود قوى اصولية مرتبطة بالقاعدة تعمل بشكل سري في طرابلس والشمال ...وكانت للشيخ الصالح مواقف وقراءة في واقع الشارع الاسلامي السني في طرابلس والشمال ...
فالشيخ ابراهيم الصالح كان سابقا رئيسا للمكتب السياسي في حركة التوحيد الاسلامي - مجلس القيادة وهو احد ابرز الناشطين على الساحة الاسلامية السنية في طرابلس في الشمال وله باع طويلة في الانشطة السياسية على الساحة الشمالية.
كان لـ«الديار» معه هذا الحوار:
* هل تعتقد ان الشحن المذهبي السني - الشعبي، والمشاعر المذهبية السنية في طرابلس والشمال قد تراجعت ام انها لم تزل على حالها؟
- طرابلس ليست مقياسا للشحن المذهبي، لانه لا يعيش في طرابلس وجوارها الا السنة فلا يوجد فيها شيعة بل فيها وفي جوارها مسيحيون، الا ان مسلمي طرابلس والشمال قد تأثروا بالاحداث التي اعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما تأثروا بالاحداث التي جرت في بيروت لكن هذه التأثيرات لا تتجه كلها في اتجاه واحد فقط، التوتر المذهبي، وان كان هذا اليوم عاما فهناك وجهتا نظر في المدينة تبرزان بشكل واضح اولهما تدعو الى وأد الفتنة والحفاظ على وحدة لبنان، ولا يمكن الحفاظ على وحدة البلد الاّ في الحفاظ على وحدته المجتمعية، والحفاظ على الوحدة المجتمعية يشترط استمرار وجود العائلة اللبنانية المشتركة التي هي بلا شك حالة فريدة في العالم فلا يوجد تنوع في العالم متعدد كالذي يوجد في لبنان لا في العهد ولا من حيث البقعة الجغرافية التي يشتمل عليها التعدد. كما هناك وجهة نظر مجازا لانها تجمع الكثير من اليائسين من امكانية استمرار هذا البلد في ظل تصاعد التوترات المذهبية فيه، لذلك ابتدأوا بالبحث عن مواطن اخرى من الممكن ان يستقروا فيها وان تقدم لهم ملاذا آمنا في ظل الظروف التي تحيط بلبنان من جهة وبالمنطقة من جهة ثانية، فتلك التوترات تجعل الارزاق والاعمال في حالة يائسة جدا، تكاد الاعمال في البلد تساوي صفرا، ولعل هذا الجزء هوالجزء الاكبر من الشعب لان المنتمين الى الفرقاء المتنازعين قلة والذين يملكون رأيا اخر ايضا قلة، فالكثرة الساحقة من اليائسين الذين راحوا يرون في البلد مقبرة غير قابلة للحياة خصوصا ان الضخ المالي الذي كانت تغذيه الحياة السياسية المستقرة سواء في الانتخابات النيابية او البلدية او المهرجانات السياسية اصبحت معدومة ولم يعد هناك من ضخ للمال السياسي في الشارع الا قليلا، فلذلك انا ممن يقولون ان طرابلس المتأثرة بالمناخ المذهبي لا يكاد هذا التأثير ان يفعل فعله لسببين الاول بعدها عن الطائفة الشيعية بالجغرافيا، والثاني ان الحالة الاجتماعية اصبحت يائسة مما يحرك كل الناس باتجاه الهجرة.
* طرابلس اليوم بات لها طابعها السياسي العام المؤيد لتيار المستقبل وقوى 14 آذار، والشارع السني فيها يغلب عليه هذا الطابع ؟؟
- مما لا شك فيه ان الانتخابات النيابية الماضية ابرزت طرابلس والشمال في صورة اللاعبين الاساسيين لمصلحة وريث الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الشيخ سعد الحريري، وقد لعبت المطالبة بدم الرئيس الحريري دورا مؤثرا في حياة الناس وفي قراراتهم الوقتية، ورغم ان الصورة من بعيد ما زالت تشير الى ان هذا المناخ ما زال موجودا فبنتيجة مواقف المرجعية الدينية تصخب المساجد بالخطب النارية التي تستنبش قبر الحسين وتبرر افعال «يزيد» بعض الاحيان، وتذهب ابعد بكثير من المواقف السياسية للزعامة السنية التي ترتبط اليوم بالولاء لقصر قريطم ... الا ّ ان حقيقة الشارع ليست كحقيقة هؤلاء الخطباء الذين اصبحوا ميسورين بالاموال التي ما زالت تضخ في جيوبهم لان الزعيم السياسي قد اختصر المجتمع بهم وبأمثالهم .. المناخ العام تأثر نعم .. ولكن ليس فعالا .. ربما من الممكن ان يُسقط صوتا في صندوق الانتخابات لمصلحة لائحة النائب سعد الحريري مرة اخرى، ولكنه ليس مستعدا لحمل بندقية في صراع داخلي لا يغني ولا يثمن من جوع، خاصة وان الامور في لبنان محكومة في النهاية بسقف الصيغة اللبنانية لا غالب ولا مغلوب التي وعاها الناس عبر الحروب الاهلية المتكررة في لبنان، والتي اجلست في النهاية وليد جنبلاط المسؤول عن ازهاق الالاف من الارواح المسيحية المارونية مع من كان يدافع عنهم سمير جعجع، وجعلتهم في خانة سياسية واحدة .. او ذلك الناخب الطرابلسي الذي نسي ان اباه او اخاه او خاله او عمه او صديقه او ابن حيه كانوا ممن قتلوا على حاجز البربارة، تناسى هذا الناخب كل ذلك ورمى في الصندوق ورقة تحمل اسم انطوان زهرة المسؤول عن ذلك الحاجز ...ان هذه التجربة اللبنانية الفريدة التي تجمع القاتل والمقتول وان يتصالحا وان يتصادقا بل اكثر من ذلك هي حية في عقل المواطن اللباني الذي اصبح لا يقل ذكاء ومهارة عن رؤسائه وزعمائه فيحتال عليهم ليحافظ على مصالحه ..
* تقول ذلك واليوم هناك حديث عن تسليح ضمن الشارع السني وان المئات يسارعون الى الانضمام الى ما سمي بشركات الامن برواتب 400 الف للعازب و700 الف للمتزوج ومعظم الذين سارعوا الى هذه الوظيفة هم من ابناء عكار وطرابلس والضنية ؟؟..
- مما لا شك فيه ان المحاولات السياسية المتكررة ومن اطراف داخلية وخارجية لتجنيد اهل السنة المسلمين ليكونوا بيضة قبان في وجه التجمع السياسي العسكري الاسلامي الشيعي ما زال يجري حتى هذه اللحظة وفي صور مختلفة، الا ان امكانية وقوع معركة سنية - شيعية رغم ما حدث في منطقة الطريق الجديدة والجامعة العربية ومحيطها، يستحيل ان يتعمم، وما يحدث في العراق ممنوع عليه ان يصل الى لبنان، فالاطراف التي تسعى الى تفجير النزاع بين المسلمين على اساس مذهبي سني - شيعي هم الذين ما زالوا يطوقون حتى هذه اللحظة هذا النزاع ويجعلونه في العراق فقط لان آثاره فيما لو امتدت، لا اقول فقط غير محمودة، ولكن اقول لا يمكن التنبؤ باتجاهاتها ولا بنتائجها ولا بآثارها ولا بحجمها ولا بأي شيء يرتبط بها .. ولا يشبه نزاع مذهبي بين السنة والشيعة الا نزاع العصبيات القبلية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية قبل الاسلام والتي تعيدنا الى ما قبل التاريخ، لذلك فلو ان هذه الحرب المذهبية استطاعت ان تقطع الطريق من العراق الى لبنان، فهي لن تتوقف عند لبنان بل ستكمل طريقها سريعا الى الكويت والبحرين والامارات والسعودية والباكستان، ولا ادري الى اين ايضا اي ان كل منطقة الخليج بضفتيها ستعانى من نتائج هكذا حرب التي لو قدر لها ان تستمر حتى نهايتها.. فالشيعة اقلية في العالم الاسلامي، والسنة اكثرية ولن تنتهي الا بانتصار سني، ولكن مع خسارة 400 مليون نفس بشرية، اي اخطر بكثير من عشرات القنابل الذرية وهو ما يجعل امكانية اضرام هذه الحرب خطيرة جداً لجهة نتائجها على النفس البشرية اولا ولجهة انها تغير الواقع السياسي فيما لو حدثت... وستصل الى احياء مشاعر عداوة بين السنة والشيعة لتتشكل دول مدنية حول هذه العقائد من جديد مما يعني تغيير الخارطة السياسية في المنطقة، وفي تلك الحالة التي يسيطر فيها السنّة على الشرق الاوسط او الهلال الخصيب، فماذا يفعلون بالعدو الغاصب لفلسطين، هل يعقدون سلاماً مع العدو الغاصب ام ان صلاح الدين ينتفض من جديد في استعادة للابطال التاريخيين من السنة.. فهذا مشروع صعب على الاميركي ان يمضي فيه الى النهاية... وصعب على الانظمة العربية ان تمضي فيه حتى النهاية وصعب علينا في لبنان ان نمضي فيه حتى النهاية، لذلك اقول ان هذه التعبئة التي نشاهدها وما زلنا، ما هي الا محاولة من اعضاء الحلف الاميركي للحوار مع ايران وسوريا لتجميع الاوراق قبل الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة يطلب فيها الاميركي من خصومه ان ينسحب من المنطقة شرط ان تحفظ تلك القوى مصالحها الاقتصادية فيها. فالاميركي الهرم سواء كان جمهوريا ام دمقراطيا يهتم بمصالحه الاقتصادية اكثرمن اي شيء آخر الى درجة ان احد المعلقين المشهورين في «فوكس نيوز» والمشهور بقربه من اللوبي اليهودي قال ان رئيس اميركا عندما راح يقرأ النتائج الاولى في الايام الاولى لحرب اليهود الصهاينة على لبنان في تموز الماضي راح يتساءل: هل يستأهل جيش تنفق عليه اميركا عشرة مليارات دولار في السنة وتسلّحه باشد الاسلحة تطوراً ولا يستطيع ان ينتصر على عصبة قليلة شبه نظامية غير مسلحة الا بالقديم من السلاح ولا يستطيع ان ينتصر عليها فهل يستأهل كل هذا المال الذي ينفق عليه؟ لقد قالها بوش ساخراً من اولمرت عندما التقاه بعد حرب تموز: اذهب ودرّب جيشك، وبلغة اخرى اذهب واهتم بشؤونك الخاصة...
* كيف تفسر الاحداث المؤسفة التي وقعت بين التبانة وبعل محسن... الم تعتقد انها احدى نتائج الشحن المذهبي؟
- لا يمكن اعتبار ما حدث في التبانة بين طرفيها بعل محسن والجبل حرباً مذهبية، فالعلويون لا ينتمون اصلاً للتشيع من جهة كما ان البعل الذي يعتبر سنياً ربما يكون فيه اكثر من النصف من الطائفة العلوية، وبين قادة حركة التوحيد ايام ابو عربي في التبانة... كان الكثير الكثير من العلويين، هو محاولة لتعميم صورة غير حقيقية... صحيح ربما القلة العلوية في طرابلس تحذرمن امكانية حصول هكذا معركة لكن لو كان ممكنا ان تحدث لما توقفت اصلاً ولما استطاع احد ان يطوقها ولا يمكن ان تحدث الا اذا كان هناك طرف يعتدي... بعض شبان طرابلس على الطرف الآخر، وعندها يكون هذا الطرف معتدياً ولا توجد فتنة مذهبية، وهذا ما حدث بالامس القريب.
* هناك شائعات عن سلاح دخل التبانة ما صحة هذه الشائعات؟
- كل لبنان يتسلح اليوم، وكل الاطراف تُسلّح، والافق مسدود، والامور سوداء، لكن اقول ان كل الاطراف في لبنان ضعيفة بما فيها اقواها حزب الله صاحب المقاومة الذي كرر ويكرر انه لن يدخل الحرب الاهلية مهما حدث ويحدث، لذلك كل الاطراف ضعيفة، وهذا الضعف يجعلها اداة في يد الممول والمسلح الذي لم يقرر بعد تفجير هذا الصراع واظنه لن يستطيع ذلك.
* نلاحظ ان الشارع الاسلامي السني الطرابلسي خاصة والشمالي عامة منقسم بين المرجعيات السنية في غياب مرجعية اسلامية سنية واحدة تجمعهم، ما هي الاسباب والى متى؟
- لا يوجد في طرابلس اليوم مرجعية دينية بعد استقالة المفتي الشيخ الدكتور طه الصابونجي الذي كان من اشد الرجال تعقلاً وتفهما، ولم تجد طرابلس بديلاً له حتى هذه اللحظة لاسباب مختلفة الا ان المرشحين لخلافته، وان كنت احترمهم جميعاً، لم يبرز اي واحد منهم كمرجع اسلامي غير رسمي من الممكن ان يسيطر على الحالة الفالتة في اوساط المشايخ ورجال الدين المسلمين... اما المراجع السياسية فجزء منها ممن يسعرون الحرب المذهبية وتسعير المعركة المذهبية يجري بشكل صريح بايقاد دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اما الطرف الآخر فهو بدأ يتشكل حديثاً او يُعيد تشكيل نفسه كما فعل الرئيس عمر كرامي في اطلاق حزبه، او كما تشكلت جبهة العمل الاسلامي برئاسة الداعية الشيخ فتحي يكن التي لها حضورها في طرابلس. يبقى الرئيس نجيب ميقاتي الذي يحافظ في موقعه على الابتعاد عن كلا الطرفين ويشهر موقفا وسطيا معتدلا يُبعده وجمهوره عن ان يكونوا وقوداً في هذه المعركة، لذلك هذا الاختلاف في طرابلس لا يسمح بتطاير شرر الفتنة فيها، كما انه لا يستطيع في هذه اللحظة ان يوقفها وان كنت ارى المدينة تتجه كذلك في حالة حيادية نسبيا، حيادية اي غير فعالة في هذه المعركة المذهبية بدون ان يكون لها وازع من مرجعياتها.
* طرابلس هي منبع الحركات الاسلامية الاصولية المتطرفة منها والمعتدلة. مَنْ مِنْ هذه الحركات يسيطر على الشارع السني في طرابلس برأيكم وحسب خبرتكم؟ كما انها تشكل نقطة ارتكاز لتيار المستقبل؟
- مما لا شك فيه ان طرابلس تشكل بيضة الميزان في الثقل السني في لبنان فهي ومحيطها السني العمود الفقري، ليس فقط للحركات الاصولية وايضاً للاسلام التقليدي السني الذي وفّر للشيخ سعد الحريري ان يحقق اهم انتصاراته بالصوت السني في الشمال عبر طرابلس وجوارها، الا ان هذا الحضور السني المتجانس التقليدي والاصولي إن كان ينفع في صناديق الانتخابات فهو لا ينفع في الحرب. فإن كانت قوة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في لحظة السلام والانتخابات هي الكلمة الساحقة فالكلمة في الحرب هي للفئات الأصولية التي تعشعش افكارها في كل الشمال والتي ترتبط بشكل غير منظم مع افكار «القاعدة» في كثير من الاحيان. وهذا ما يجعل السياسات التي يمضي فيها النائب سعد الحريري متناقضة مع السياسات التي يحملها أكثر اهل الشمال وبالاخص قواهم الاصولية التي أصلا لا تهتم لا للبنان ولا لوجود لبنان وانما تهتم لاقامة الخلافة الاسلامية، لذلك اقول ان طرابلس والشمال ليست المنطقة الصالحة للاعتماد عليها في حرب اهلية مذهبية..
* ذكرت «تنظيم القاعدة» هل تعتقد بوجود تنظيم «للقاعدة» في طرابلس والشمال؟
ـ يوجد قوى اصولية مرتبطة بالقاعدة، لكنها غير معلنة وتعمل بشكل سري، والاهم من ذلك يوجد مناخ عام يساند القاعدة وافكارها خصوصاً عندما يرى هذا المسلم السني العدوان الظالم ينزل بالفلسطينيين وبالافغان وبالعراقيين، مما لا شك فيه ان هذا المسلم تلتهب مشاعر جنونا فيستعيد صور التاريخ الجهادي فيستقرئه من جديد في شخصية اسامة بن لادن او شخصية أيمن الظواهري ويرى نفسه في موقع طبيعي معهما في مواجهة مخططات «الصليبيين» او الصهاينة المرتبطين بالصهاينة في فلسطين والعراق وفي كل بقعة من بقاع العالم الاسلامي، هذا مناخ عام تمخر فيه المذهبية اليوم لذلك اقول انه لا يمكن توجيه هذا المد بشكل قطعي في اتجاه سياسي محدد فانك لا تدري في اي لحظة يعود الى قناعاته الاصلية التي حركّته اساسا.
* هل هذا الارتباط «بالقاعدة» هو ارتباط تنظيمي او ارتباط روحي معنوي فقط؟
- لا أعلم، كل ما اعلمه حول هذا الموضوع ان هناك كثيرا من الشباب في طرابلس والشمال وحتى في البقاع الغربي، والكل يذكر قضية الشهيد الخطيب الذي مات تحت التعذيب لانه كان قد ذهب وبعض اصدقائه الى العراق، فترتبط هذه العلاقة المعلومة المجهولة في الوقت نفسه...
* في الشارع السني الطرابلسي نسمع الكثير من مرجعيات دينية ينظرّون عن خطر سلاح المقاومة لانه - حسب رأيهم - هو سلاح شيعي يشكل خطرا على السنة وانه سوف يرتد لقتال السنة، فما هو رأيكم في هذه الاقاويل وكيف تواجهونها ؟
- أولا لا يوجد رأي سني موحد حول سلاح المقاومة فاذا احصينا المرجعيات السياسية السنية التي ليست موالية للشيخ سعد الحريري لوجدناها كثيرة ومتوزعة في كل لبنان، وكلها لا أقول لا ترى في سلاح المقاومة خطرا على السنة بل ترى فيه سلاحا ضروريا لحماية لبنان وصون وحدته الداخلية ورغم كل المحاولا الاميركية لتفتيت رصيد حزب الله بعد انتصارات الصيف الماضي الا ان تلك المحاولات لم تستطع ان تتخطى صورتها كعصفور يأكل في بيدر، فانتصار المقاومة على اليهود كان ساحقاً براً وبحراً وكان رادعاً في القصف المضاد فقد استطاعت المقاومة ان تهدد مصفاة حيفا والصناعات البتروكيميائية الموجودة فيها مما اضطر اليهود لتضييق الاهداف اقول ذلك والاخطر انه استطاعت المقاومة ان تدمر العقيدة الصهيونية العسكرية التي قامت على التفوق الجوي كما قام الاميركيون في حرب كوسوفو دمروا الخطط الاستراتيجية لهذا الجيش وردوه سنوات الى الخلف واصبحت وزارة الدفاع الصهيونية العدوة مضطرة لإعادة توزيع اموالها على قطع جيش العدو كله بعد ان كانت محصورة في تطوير سلاح الجو، هي مضطرة لإعادة تطوير سلاح المدرعات، بعد ان ظنت ان التطورات التي وصلت اليها كدبابة ميركافا 4 - هي اعلى تطور لدبابة في العالم، هي مضطرة اليوم للإنفاق على القوات الخاصة تعيد تكليفها بمهام التعامل مع المواقف التي كانت تطلق منها الصواريخ ولم يستطع الطيران ان يتعامل معها ويسكتها وهي مضطرة لإعادة بناء سلاح المشاة والانفاق عليه وعلى تدريباته وعلى احتياطيه وتحميلهم مهام جديدة لم تكن مضطرة في السابق لها. بعد ان كان الجيش الاسرائيلي يظن نفسه متخطيا لهذه التجربة. حيث دمرت الحكومة الخطط التفصيلية لهذا الجيش ولا يمكن للخطط الاميركية النفسية والتسويقية وكل البرامج المستحدثة ان تشوّه صورة السيد حسن نصر الله كقائد مقاوم ألحق الهزيمة المنكرة بجيش العدو الصهيوني، وعندما قال فيلتمان في اميركا ان صورة حسن نصر الله ضعفت اليوم في العالم العربي، فيكفي المقاومة الاسلامية دفع راجمات الصواريخ على العدو الصهيوني في لحظة عدوانه على الشعب الفلسطيني العربي المسلم السني ان تعيد لنصر الله بريقه اكبر بكثير لا اقول مما فقد بل مما حصّل في الماضي، ان سحر الاعلام يوهمك بأن الآخر فقد كثيرا من دون ان يفقد في الحقيقة شيئا من صورته، لذلك اقول لا يمكن مطلقا للمسلم السني ان يرى في قرارة نفسه ان سلاح المقاومة سلاح خطر عليه بل في حقيقة امره ان المسلم العربي السني يبحث اليوم وكل يوم عن دوره المنافس للمسلم الشيعي في القتال ضد اليهود وفي نصرة اهل فلسطين المظلومين المقهورين المحتجزين في ارضهم الذين يرتبط بهم برباط العروبة والاسلام والتسنن، وان يكون معهم ليقاتل معهم دفاعا عن شرفه وعن شرفهم تحقيقا لأمر رسول الله محمد (صلعم) ولأمر القرآن الكريم حتى ندخل بيت المقدس محررين من جديد..
* يبقى فضيلة الشيخ ان نستوضح منكم عن سرّ عدم تعيين او تكليف او انتخاب مفتٍ لطرابلس بعد استقالة المفتي الشيخ الصابونجي، حتى الآن؟
- منذ أن خرج الجيش السوري الشقيق من لبنان لم يتحول البـلد الى اكثر ديموقراطية، وانما تحول الى اكثر تفتتا واكـثر صــراعا داخليا اشد للأسف، رغم ان اللبنانيين ونظامهم الديموقراطي يختلف كما يبدو عن مزاج السوريين ونظامهم الا ان اللبنانيين لم يتجهوا لتكريس منطق الديموقراطية وتداول السلطة بل ان منطق الملوك والامراء ومشايخ العشائر هو الذي سيطر، فرغم ان الانتخابات النيابية جرت في الشمال الا ان سماحة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني لم يجرِِ انتخابا لمفتي عكار، انما عينه تعيينا وهو امر مخالف للأصول ومخالف لكل المراسيم المتعلقة بتنظيم الاحوال الداخلية للطائفة السنية، فإن كان هذا الامر حصل في عكار لأن هناك هيمنة لمرجعية قريطم وللنائب سعد الحريري فيها، الا ان الامور تعثرت في طرابلس بسبب ان حليف النائب سعد الحريري الاساسي، النائب محمد الصفدي وكتلته هم اكثر قوة وتأثيراً في طرابلس وهم يريدون ان يكون المفتي معينا عن طريقهم، والان الرئيس عمر كرامي يريد ان تكون له الكلمة في هذا المجال ولانه من غير الممكن ان يعيّن مفتٍ في طرابلس الا بعد استشارة الرئيس نجيب ميقاتي وأخذ رأيه، فلقد كان لتعدد المرجعيات في طرابلس شأن في عدم الوصول الى اتفاق على مفتٍ يعيّن تعييناً خاصة ان الذهاب الى انتخاب مفتٍ بالمعايير الموجودة حاليا ليست نتائجه مضمونة بالنسبة للمتحكمين سياسياً او للاقوى سياسياً في لبنان، لذلك صُرف النظر عن تعيين مفتٍ او انتخابه حتى يشاء الله...
اكد الشيخ ابراهيم الصالح ان مرجعيات سياسية سنية كثيرة وموزعة على مساحة لبنان كله ترى في سلاح المقاومة سلاحا ضروريا لحماية لبنان وصون وحدته الداخلية.واعتبر الشيخ الصلح انه نتيجة مواقف المرجعية الدينية تصخب المساجد بالخطب النارية التي تستنبش قبر الحسين وتبرز افعال «يزيد».
وشدد على انه يستحيل ان يتعمم ما حصل في الطريق الجديدة والجامعة العربية وانه لن تقع فتنة مذهبية سنية - شيعية لكن قال ان لبنان كله اليوم يتسلح واعلن عن وجود قوى اصولية مرتبطة بالقاعدة تعمل بشكل سري في طرابلس والشمال ...وكانت للشيخ الصالح مواقف وقراءة في واقع الشارع الاسلامي السني في طرابلس والشمال ...
فالشيخ ابراهيم الصالح كان سابقا رئيسا للمكتب السياسي في حركة التوحيد الاسلامي - مجلس القيادة وهو احد ابرز الناشطين على الساحة الاسلامية السنية في طرابلس في الشمال وله باع طويلة في الانشطة السياسية على الساحة الشمالية.
كان لـ«الديار» معه هذا الحوار:
* هل تعتقد ان الشحن المذهبي السني - الشعبي، والمشاعر المذهبية السنية في طرابلس والشمال قد تراجعت ام انها لم تزل على حالها؟
- طرابلس ليست مقياسا للشحن المذهبي، لانه لا يعيش في طرابلس وجوارها الا السنة فلا يوجد فيها شيعة بل فيها وفي جوارها مسيحيون، الا ان مسلمي طرابلس والشمال قد تأثروا بالاحداث التي اعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما تأثروا بالاحداث التي جرت في بيروت لكن هذه التأثيرات لا تتجه كلها في اتجاه واحد فقط، التوتر المذهبي، وان كان هذا اليوم عاما فهناك وجهتا نظر في المدينة تبرزان بشكل واضح اولهما تدعو الى وأد الفتنة والحفاظ على وحدة لبنان، ولا يمكن الحفاظ على وحدة البلد الاّ في الحفاظ على وحدته المجتمعية، والحفاظ على الوحدة المجتمعية يشترط استمرار وجود العائلة اللبنانية المشتركة التي هي بلا شك حالة فريدة في العالم فلا يوجد تنوع في العالم متعدد كالذي يوجد في لبنان لا في العهد ولا من حيث البقعة الجغرافية التي يشتمل عليها التعدد. كما هناك وجهة نظر مجازا لانها تجمع الكثير من اليائسين من امكانية استمرار هذا البلد في ظل تصاعد التوترات المذهبية فيه، لذلك ابتدأوا بالبحث عن مواطن اخرى من الممكن ان يستقروا فيها وان تقدم لهم ملاذا آمنا في ظل الظروف التي تحيط بلبنان من جهة وبالمنطقة من جهة ثانية، فتلك التوترات تجعل الارزاق والاعمال في حالة يائسة جدا، تكاد الاعمال في البلد تساوي صفرا، ولعل هذا الجزء هوالجزء الاكبر من الشعب لان المنتمين الى الفرقاء المتنازعين قلة والذين يملكون رأيا اخر ايضا قلة، فالكثرة الساحقة من اليائسين الذين راحوا يرون في البلد مقبرة غير قابلة للحياة خصوصا ان الضخ المالي الذي كانت تغذيه الحياة السياسية المستقرة سواء في الانتخابات النيابية او البلدية او المهرجانات السياسية اصبحت معدومة ولم يعد هناك من ضخ للمال السياسي في الشارع الا قليلا، فلذلك انا ممن يقولون ان طرابلس المتأثرة بالمناخ المذهبي لا يكاد هذا التأثير ان يفعل فعله لسببين الاول بعدها عن الطائفة الشيعية بالجغرافيا، والثاني ان الحالة الاجتماعية اصبحت يائسة مما يحرك كل الناس باتجاه الهجرة.
* طرابلس اليوم بات لها طابعها السياسي العام المؤيد لتيار المستقبل وقوى 14 آذار، والشارع السني فيها يغلب عليه هذا الطابع ؟؟
- مما لا شك فيه ان الانتخابات النيابية الماضية ابرزت طرابلس والشمال في صورة اللاعبين الاساسيين لمصلحة وريث الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الشيخ سعد الحريري، وقد لعبت المطالبة بدم الرئيس الحريري دورا مؤثرا في حياة الناس وفي قراراتهم الوقتية، ورغم ان الصورة من بعيد ما زالت تشير الى ان هذا المناخ ما زال موجودا فبنتيجة مواقف المرجعية الدينية تصخب المساجد بالخطب النارية التي تستنبش قبر الحسين وتبرر افعال «يزيد» بعض الاحيان، وتذهب ابعد بكثير من المواقف السياسية للزعامة السنية التي ترتبط اليوم بالولاء لقصر قريطم ... الا ّ ان حقيقة الشارع ليست كحقيقة هؤلاء الخطباء الذين اصبحوا ميسورين بالاموال التي ما زالت تضخ في جيوبهم لان الزعيم السياسي قد اختصر المجتمع بهم وبأمثالهم .. المناخ العام تأثر نعم .. ولكن ليس فعالا .. ربما من الممكن ان يُسقط صوتا في صندوق الانتخابات لمصلحة لائحة النائب سعد الحريري مرة اخرى، ولكنه ليس مستعدا لحمل بندقية في صراع داخلي لا يغني ولا يثمن من جوع، خاصة وان الامور في لبنان محكومة في النهاية بسقف الصيغة اللبنانية لا غالب ولا مغلوب التي وعاها الناس عبر الحروب الاهلية المتكررة في لبنان، والتي اجلست في النهاية وليد جنبلاط المسؤول عن ازهاق الالاف من الارواح المسيحية المارونية مع من كان يدافع عنهم سمير جعجع، وجعلتهم في خانة سياسية واحدة .. او ذلك الناخب الطرابلسي الذي نسي ان اباه او اخاه او خاله او عمه او صديقه او ابن حيه كانوا ممن قتلوا على حاجز البربارة، تناسى هذا الناخب كل ذلك ورمى في الصندوق ورقة تحمل اسم انطوان زهرة المسؤول عن ذلك الحاجز ...ان هذه التجربة اللبنانية الفريدة التي تجمع القاتل والمقتول وان يتصالحا وان يتصادقا بل اكثر من ذلك هي حية في عقل المواطن اللباني الذي اصبح لا يقل ذكاء ومهارة عن رؤسائه وزعمائه فيحتال عليهم ليحافظ على مصالحه ..
* تقول ذلك واليوم هناك حديث عن تسليح ضمن الشارع السني وان المئات يسارعون الى الانضمام الى ما سمي بشركات الامن برواتب 400 الف للعازب و700 الف للمتزوج ومعظم الذين سارعوا الى هذه الوظيفة هم من ابناء عكار وطرابلس والضنية ؟؟..
- مما لا شك فيه ان المحاولات السياسية المتكررة ومن اطراف داخلية وخارجية لتجنيد اهل السنة المسلمين ليكونوا بيضة قبان في وجه التجمع السياسي العسكري الاسلامي الشيعي ما زال يجري حتى هذه اللحظة وفي صور مختلفة، الا ان امكانية وقوع معركة سنية - شيعية رغم ما حدث في منطقة الطريق الجديدة والجامعة العربية ومحيطها، يستحيل ان يتعمم، وما يحدث في العراق ممنوع عليه ان يصل الى لبنان، فالاطراف التي تسعى الى تفجير النزاع بين المسلمين على اساس مذهبي سني - شيعي هم الذين ما زالوا يطوقون حتى هذه اللحظة هذا النزاع ويجعلونه في العراق فقط لان آثاره فيما لو امتدت، لا اقول فقط غير محمودة، ولكن اقول لا يمكن التنبؤ باتجاهاتها ولا بنتائجها ولا بآثارها ولا بحجمها ولا بأي شيء يرتبط بها .. ولا يشبه نزاع مذهبي بين السنة والشيعة الا نزاع العصبيات القبلية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية قبل الاسلام والتي تعيدنا الى ما قبل التاريخ، لذلك فلو ان هذه الحرب المذهبية استطاعت ان تقطع الطريق من العراق الى لبنان، فهي لن تتوقف عند لبنان بل ستكمل طريقها سريعا الى الكويت والبحرين والامارات والسعودية والباكستان، ولا ادري الى اين ايضا اي ان كل منطقة الخليج بضفتيها ستعانى من نتائج هكذا حرب التي لو قدر لها ان تستمر حتى نهايتها.. فالشيعة اقلية في العالم الاسلامي، والسنة اكثرية ولن تنتهي الا بانتصار سني، ولكن مع خسارة 400 مليون نفس بشرية، اي اخطر بكثير من عشرات القنابل الذرية وهو ما يجعل امكانية اضرام هذه الحرب خطيرة جداً لجهة نتائجها على النفس البشرية اولا ولجهة انها تغير الواقع السياسي فيما لو حدثت... وستصل الى احياء مشاعر عداوة بين السنة والشيعة لتتشكل دول مدنية حول هذه العقائد من جديد مما يعني تغيير الخارطة السياسية في المنطقة، وفي تلك الحالة التي يسيطر فيها السنّة على الشرق الاوسط او الهلال الخصيب، فماذا يفعلون بالعدو الغاصب لفلسطين، هل يعقدون سلاماً مع العدو الغاصب ام ان صلاح الدين ينتفض من جديد في استعادة للابطال التاريخيين من السنة.. فهذا مشروع صعب على الاميركي ان يمضي فيه الى النهاية... وصعب على الانظمة العربية ان تمضي فيه حتى النهاية وصعب علينا في لبنان ان نمضي فيه حتى النهاية، لذلك اقول ان هذه التعبئة التي نشاهدها وما زلنا، ما هي الا محاولة من اعضاء الحلف الاميركي للحوار مع ايران وسوريا لتجميع الاوراق قبل الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة يطلب فيها الاميركي من خصومه ان ينسحب من المنطقة شرط ان تحفظ تلك القوى مصالحها الاقتصادية فيها. فالاميركي الهرم سواء كان جمهوريا ام دمقراطيا يهتم بمصالحه الاقتصادية اكثرمن اي شيء آخر الى درجة ان احد المعلقين المشهورين في «فوكس نيوز» والمشهور بقربه من اللوبي اليهودي قال ان رئيس اميركا عندما راح يقرأ النتائج الاولى في الايام الاولى لحرب اليهود الصهاينة على لبنان في تموز الماضي راح يتساءل: هل يستأهل جيش تنفق عليه اميركا عشرة مليارات دولار في السنة وتسلّحه باشد الاسلحة تطوراً ولا يستطيع ان ينتصر على عصبة قليلة شبه نظامية غير مسلحة الا بالقديم من السلاح ولا يستطيع ان ينتصر عليها فهل يستأهل كل هذا المال الذي ينفق عليه؟ لقد قالها بوش ساخراً من اولمرت عندما التقاه بعد حرب تموز: اذهب ودرّب جيشك، وبلغة اخرى اذهب واهتم بشؤونك الخاصة...
* كيف تفسر الاحداث المؤسفة التي وقعت بين التبانة وبعل محسن... الم تعتقد انها احدى نتائج الشحن المذهبي؟
- لا يمكن اعتبار ما حدث في التبانة بين طرفيها بعل محسن والجبل حرباً مذهبية، فالعلويون لا ينتمون اصلاً للتشيع من جهة كما ان البعل الذي يعتبر سنياً ربما يكون فيه اكثر من النصف من الطائفة العلوية، وبين قادة حركة التوحيد ايام ابو عربي في التبانة... كان الكثير الكثير من العلويين، هو محاولة لتعميم صورة غير حقيقية... صحيح ربما القلة العلوية في طرابلس تحذرمن امكانية حصول هكذا معركة لكن لو كان ممكنا ان تحدث لما توقفت اصلاً ولما استطاع احد ان يطوقها ولا يمكن ان تحدث الا اذا كان هناك طرف يعتدي... بعض شبان طرابلس على الطرف الآخر، وعندها يكون هذا الطرف معتدياً ولا توجد فتنة مذهبية، وهذا ما حدث بالامس القريب.
* هناك شائعات عن سلاح دخل التبانة ما صحة هذه الشائعات؟
- كل لبنان يتسلح اليوم، وكل الاطراف تُسلّح، والافق مسدود، والامور سوداء، لكن اقول ان كل الاطراف في لبنان ضعيفة بما فيها اقواها حزب الله صاحب المقاومة الذي كرر ويكرر انه لن يدخل الحرب الاهلية مهما حدث ويحدث، لذلك كل الاطراف ضعيفة، وهذا الضعف يجعلها اداة في يد الممول والمسلح الذي لم يقرر بعد تفجير هذا الصراع واظنه لن يستطيع ذلك.
* نلاحظ ان الشارع الاسلامي السني الطرابلسي خاصة والشمالي عامة منقسم بين المرجعيات السنية في غياب مرجعية اسلامية سنية واحدة تجمعهم، ما هي الاسباب والى متى؟
- لا يوجد في طرابلس اليوم مرجعية دينية بعد استقالة المفتي الشيخ الدكتور طه الصابونجي الذي كان من اشد الرجال تعقلاً وتفهما، ولم تجد طرابلس بديلاً له حتى هذه اللحظة لاسباب مختلفة الا ان المرشحين لخلافته، وان كنت احترمهم جميعاً، لم يبرز اي واحد منهم كمرجع اسلامي غير رسمي من الممكن ان يسيطر على الحالة الفالتة في اوساط المشايخ ورجال الدين المسلمين... اما المراجع السياسية فجزء منها ممن يسعرون الحرب المذهبية وتسعير المعركة المذهبية يجري بشكل صريح بايقاد دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اما الطرف الآخر فهو بدأ يتشكل حديثاً او يُعيد تشكيل نفسه كما فعل الرئيس عمر كرامي في اطلاق حزبه، او كما تشكلت جبهة العمل الاسلامي برئاسة الداعية الشيخ فتحي يكن التي لها حضورها في طرابلس. يبقى الرئيس نجيب ميقاتي الذي يحافظ في موقعه على الابتعاد عن كلا الطرفين ويشهر موقفا وسطيا معتدلا يُبعده وجمهوره عن ان يكونوا وقوداً في هذه المعركة، لذلك هذا الاختلاف في طرابلس لا يسمح بتطاير شرر الفتنة فيها، كما انه لا يستطيع في هذه اللحظة ان يوقفها وان كنت ارى المدينة تتجه كذلك في حالة حيادية نسبيا، حيادية اي غير فعالة في هذه المعركة المذهبية بدون ان يكون لها وازع من مرجعياتها.
* طرابلس هي منبع الحركات الاسلامية الاصولية المتطرفة منها والمعتدلة. مَنْ مِنْ هذه الحركات يسيطر على الشارع السني في طرابلس برأيكم وحسب خبرتكم؟ كما انها تشكل نقطة ارتكاز لتيار المستقبل؟
- مما لا شك فيه ان طرابلس تشكل بيضة الميزان في الثقل السني في لبنان فهي ومحيطها السني العمود الفقري، ليس فقط للحركات الاصولية وايضاً للاسلام التقليدي السني الذي وفّر للشيخ سعد الحريري ان يحقق اهم انتصاراته بالصوت السني في الشمال عبر طرابلس وجوارها، الا ان هذا الحضور السني المتجانس التقليدي والاصولي إن كان ينفع في صناديق الانتخابات فهو لا ينفع في الحرب. فإن كانت قوة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في لحظة السلام والانتخابات هي الكلمة الساحقة فالكلمة في الحرب هي للفئات الأصولية التي تعشعش افكارها في كل الشمال والتي ترتبط بشكل غير منظم مع افكار «القاعدة» في كثير من الاحيان. وهذا ما يجعل السياسات التي يمضي فيها النائب سعد الحريري متناقضة مع السياسات التي يحملها أكثر اهل الشمال وبالاخص قواهم الاصولية التي أصلا لا تهتم لا للبنان ولا لوجود لبنان وانما تهتم لاقامة الخلافة الاسلامية، لذلك اقول ان طرابلس والشمال ليست المنطقة الصالحة للاعتماد عليها في حرب اهلية مذهبية..
* ذكرت «تنظيم القاعدة» هل تعتقد بوجود تنظيم «للقاعدة» في طرابلس والشمال؟
ـ يوجد قوى اصولية مرتبطة بالقاعدة، لكنها غير معلنة وتعمل بشكل سري، والاهم من ذلك يوجد مناخ عام يساند القاعدة وافكارها خصوصاً عندما يرى هذا المسلم السني العدوان الظالم ينزل بالفلسطينيين وبالافغان وبالعراقيين، مما لا شك فيه ان هذا المسلم تلتهب مشاعر جنونا فيستعيد صور التاريخ الجهادي فيستقرئه من جديد في شخصية اسامة بن لادن او شخصية أيمن الظواهري ويرى نفسه في موقع طبيعي معهما في مواجهة مخططات «الصليبيين» او الصهاينة المرتبطين بالصهاينة في فلسطين والعراق وفي كل بقعة من بقاع العالم الاسلامي، هذا مناخ عام تمخر فيه المذهبية اليوم لذلك اقول انه لا يمكن توجيه هذا المد بشكل قطعي في اتجاه سياسي محدد فانك لا تدري في اي لحظة يعود الى قناعاته الاصلية التي حركّته اساسا.
* هل هذا الارتباط «بالقاعدة» هو ارتباط تنظيمي او ارتباط روحي معنوي فقط؟
- لا أعلم، كل ما اعلمه حول هذا الموضوع ان هناك كثيرا من الشباب في طرابلس والشمال وحتى في البقاع الغربي، والكل يذكر قضية الشهيد الخطيب الذي مات تحت التعذيب لانه كان قد ذهب وبعض اصدقائه الى العراق، فترتبط هذه العلاقة المعلومة المجهولة في الوقت نفسه...
* في الشارع السني الطرابلسي نسمع الكثير من مرجعيات دينية ينظرّون عن خطر سلاح المقاومة لانه - حسب رأيهم - هو سلاح شيعي يشكل خطرا على السنة وانه سوف يرتد لقتال السنة، فما هو رأيكم في هذه الاقاويل وكيف تواجهونها ؟
- أولا لا يوجد رأي سني موحد حول سلاح المقاومة فاذا احصينا المرجعيات السياسية السنية التي ليست موالية للشيخ سعد الحريري لوجدناها كثيرة ومتوزعة في كل لبنان، وكلها لا أقول لا ترى في سلاح المقاومة خطرا على السنة بل ترى فيه سلاحا ضروريا لحماية لبنان وصون وحدته الداخلية ورغم كل المحاولا الاميركية لتفتيت رصيد حزب الله بعد انتصارات الصيف الماضي الا ان تلك المحاولات لم تستطع ان تتخطى صورتها كعصفور يأكل في بيدر، فانتصار المقاومة على اليهود كان ساحقاً براً وبحراً وكان رادعاً في القصف المضاد فقد استطاعت المقاومة ان تهدد مصفاة حيفا والصناعات البتروكيميائية الموجودة فيها مما اضطر اليهود لتضييق الاهداف اقول ذلك والاخطر انه استطاعت المقاومة ان تدمر العقيدة الصهيونية العسكرية التي قامت على التفوق الجوي كما قام الاميركيون في حرب كوسوفو دمروا الخطط الاستراتيجية لهذا الجيش وردوه سنوات الى الخلف واصبحت وزارة الدفاع الصهيونية العدوة مضطرة لإعادة توزيع اموالها على قطع جيش العدو كله بعد ان كانت محصورة في تطوير سلاح الجو، هي مضطرة لإعادة تطوير سلاح المدرعات، بعد ان ظنت ان التطورات التي وصلت اليها كدبابة ميركافا 4 - هي اعلى تطور لدبابة في العالم، هي مضطرة اليوم للإنفاق على القوات الخاصة تعيد تكليفها بمهام التعامل مع المواقف التي كانت تطلق منها الصواريخ ولم يستطع الطيران ان يتعامل معها ويسكتها وهي مضطرة لإعادة بناء سلاح المشاة والانفاق عليه وعلى تدريباته وعلى احتياطيه وتحميلهم مهام جديدة لم تكن مضطرة في السابق لها. بعد ان كان الجيش الاسرائيلي يظن نفسه متخطيا لهذه التجربة. حيث دمرت الحكومة الخطط التفصيلية لهذا الجيش ولا يمكن للخطط الاميركية النفسية والتسويقية وكل البرامج المستحدثة ان تشوّه صورة السيد حسن نصر الله كقائد مقاوم ألحق الهزيمة المنكرة بجيش العدو الصهيوني، وعندما قال فيلتمان في اميركا ان صورة حسن نصر الله ضعفت اليوم في العالم العربي، فيكفي المقاومة الاسلامية دفع راجمات الصواريخ على العدو الصهيوني في لحظة عدوانه على الشعب الفلسطيني العربي المسلم السني ان تعيد لنصر الله بريقه اكبر بكثير لا اقول مما فقد بل مما حصّل في الماضي، ان سحر الاعلام يوهمك بأن الآخر فقد كثيرا من دون ان يفقد في الحقيقة شيئا من صورته، لذلك اقول لا يمكن مطلقا للمسلم السني ان يرى في قرارة نفسه ان سلاح المقاومة سلاح خطر عليه بل في حقيقة امره ان المسلم العربي السني يبحث اليوم وكل يوم عن دوره المنافس للمسلم الشيعي في القتال ضد اليهود وفي نصرة اهل فلسطين المظلومين المقهورين المحتجزين في ارضهم الذين يرتبط بهم برباط العروبة والاسلام والتسنن، وان يكون معهم ليقاتل معهم دفاعا عن شرفه وعن شرفهم تحقيقا لأمر رسول الله محمد (صلعم) ولأمر القرآن الكريم حتى ندخل بيت المقدس محررين من جديد..
* يبقى فضيلة الشيخ ان نستوضح منكم عن سرّ عدم تعيين او تكليف او انتخاب مفتٍ لطرابلس بعد استقالة المفتي الشيخ الصابونجي، حتى الآن؟
- منذ أن خرج الجيش السوري الشقيق من لبنان لم يتحول البـلد الى اكثر ديموقراطية، وانما تحول الى اكثر تفتتا واكـثر صــراعا داخليا اشد للأسف، رغم ان اللبنانيين ونظامهم الديموقراطي يختلف كما يبدو عن مزاج السوريين ونظامهم الا ان اللبنانيين لم يتجهوا لتكريس منطق الديموقراطية وتداول السلطة بل ان منطق الملوك والامراء ومشايخ العشائر هو الذي سيطر، فرغم ان الانتخابات النيابية جرت في الشمال الا ان سماحة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني لم يجرِِ انتخابا لمفتي عكار، انما عينه تعيينا وهو امر مخالف للأصول ومخالف لكل المراسيم المتعلقة بتنظيم الاحوال الداخلية للطائفة السنية، فإن كان هذا الامر حصل في عكار لأن هناك هيمنة لمرجعية قريطم وللنائب سعد الحريري فيها، الا ان الامور تعثرت في طرابلس بسبب ان حليف النائب سعد الحريري الاساسي، النائب محمد الصفدي وكتلته هم اكثر قوة وتأثيراً في طرابلس وهم يريدون ان يكون المفتي معينا عن طريقهم، والان الرئيس عمر كرامي يريد ان تكون له الكلمة في هذا المجال ولانه من غير الممكن ان يعيّن مفتٍ في طرابلس الا بعد استشارة الرئيس نجيب ميقاتي وأخذ رأيه، فلقد كان لتعدد المرجعيات في طرابلس شأن في عدم الوصول الى اتفاق على مفتٍ يعيّن تعييناً خاصة ان الذهاب الى انتخاب مفتٍ بالمعايير الموجودة حاليا ليست نتائجه مضمونة بالنسبة للمتحكمين سياسياً او للاقوى سياسياً في لبنان، لذلك صُرف النظر عن تعيين مفتٍ او انتخابه حتى يشاء الله...