مقاوم
03-22-2007, 06:25 AM
الغرب بين ظاهرتي الإجهاض والإنتحار !
بقلم يحي أبوزكريّا*
1- الإجهاض المباح
تطالب العديد من المنظمات الإنسانيّة والدينيّة في السويد بضرورة وضع حدّ لظاهرة الإجهاض المستشري بشكل يفوق حدود التصوّر في السويد وفي دول شمال أوروبا , وفي الوقت الذي تستورد فيه دول شمال أوروبا البشر من مختلف دول العالم الثالث لإحداث توازن في منظومتها السكانيّة التي دبّت فيها الشيخوخة بسبب عدم إقدام سكان هذه المنطقة على الإنجاب , فإنّ دول شمال أوروبا تجيز الإجهاض بل وتعتبره حقّا مقدسّا للمرأة التي لا تريد الإحتفاظ بالجنين , ومعروف أنّ أغلب العلاقات بين الزوجين هي علاقات معاشرة بدون إرتباط قانوني أو كنسي , وكثيرا ما يصادف المرء في السويد مثلا رجلا يعاشر إمرأة منذ عشرين سنة وأنجبا أولادا , وبعد أن يكبر الأولاد يقررّ المتعاشران تسجيل زواجهما في الكنيسة وذلك بعد مرور سنوات على العشرة المحرّمة .
وبالعودة إلى الإجهاض فإنّ القانون السويدي والقانون السائد في دول شمال أوروبا يقول بالحرف :
أنّ الإجهاض يعني أنّ المرأة لها كامل الحقوق في إزالة ما في بطنها , و أنّها وحدها يحقّ لها إتخاذ قرار الإجهاض .
وبناءا على هذا القانون وحسب دراسة أخيرة حول الإجهاض في السويد فإنّ ثلاثين ألفا – 30000 – جنينا يتمّ إجهاضهم في السويد وحدها .
وأعمار المجهضات تتراوح بين ثلاث عشر سنة و الثلاثين , وإذا كان معظم المجهضات في السابق من السويديات فإنّ المجهضات اليوم فيهن قسم كبير من القادمات من العالم العربي والإسلامي , لكن الدراسة الأخيرة السويديّة لا تقدّم إحصاءات دقيقة حول نسبة السويديات والمهاجرات اللائي يتوجهنّ إلى المستشفيات للإجهاض .
وحسب هذه الدراسة , وكما تمّت المعاينة في المصالح النسائيّة فإنّه يكفي أن تتوجّه الحامل إلى أي عيادة نسائيّة وتطلب إزالة ما في بطنها ليتحققّ لها ذلك في غضون ساعات . والأخطر ما في الأمر أنّ الجنين قد يستخرج من الرحم قطعا قطعا , ولو حدث ذلك لكلب أو قطّة لتغيرّ النظام السياسي عن بكرة أبيه في الغرب .
والعجيب أنّ الحضارة الغربيّة التي وضعت القانون تلو القانون لحماية حقوق الإنسان لم تتمكّن من وضع قانون لحماية الأجنّة في الأرحام . وقد حاول الحزب الديموقراطي المسيحي في السويد وقف الإجهاض وطالب بذلك من خلال ممثليه في البرلمان لكنّه لم ينجح في وقف تنامي ظاهرة الإجهاض في السويد وخصوصا في ظل العلاقات الجنسية المباحة وفي ظلّ عدم وجود شيئ إسمه قيّم أو شرف . وقد سجلّ في المدة الأخيرة في السويد إرتفاع حالات الإجهاض من ثلاثين ألفا وإلى خمس وثلاثين ألف حالة إجهاض وهذه النسبة هي ربع حالات الولادات في السويد .
والإشكال كما يقول بعض الكتّاب في السويد ومنهم كايسا أولسون وغيرها أنّ الإجهاض لا يأتي نتيجة المعاشرة الجنسيّة غير المضبوطة , بل إنّ بعض الأزواج يقررون الإجهاض بمجرّد أنّهم لا يريدون مزيدا من الإطفال حفاظا على الوضع الإقتصادي للعائلة .
وتنتمي المجهضات إلى مختلف الطبقات الإجتماعيّة فمنهنّ الطالبة والمحاميّة والعاملة في المطعم وذات المؤهّل الجامعي وغير المؤهلّة جامعيّا , بمعنى أنّ معظم الفتيات المجهضات ومهما كان مستواهنّ الثقافي يرينّ أنّ الإجهاض هو مجرّد وسيلة للتخلص من عبئ ولا يعتبر بتاتا إزهاقا لروح محترمة في نظرهنّ . وغياب البعد الديني هو الذي أدّى إلى إنبلاج هذه الثقافة التي تقدّس الكلب أكثر ممّا تقدّس الروح البشريّة , و لعلّ هذا يوجز المعادلة التي تقوم عليها الحضارة الغربيّة .
2- الكآبة و الإنتحار
تعيش دول شمال أوروبا وهي السويد والنرويج وإيسلندا والدانمارك وفنلندا شبح الإنتحار المنتشر بين صغار السن والشباب على وجه التحديد , وتحاول مختلف المؤسسات الإجتماعية والنفسيّة دراسة هذه الظاهرة المتفشيّة وسط الشباب في محاولة لوضع حدّ لها , وكان الإعتقاد السائد أنّ موجة الانتحار في دول شمال العالم تكثر في فصل الشتاء حيث الغياب شبه الكامل للشمس والظلمة الحالكة والبرودة غير المتحمّلة وإرتفاع نسبة المكتئبين , غير أنّ دراسات عديدة عن ظاهرة الإنتحار صدرت في السويد والدانمارك أشارت إلى أنّ عدد المنتحرين في فصل الشتاء موازي لعدد المنتحرين في فصل الصيف أو بقيّة الفصول . وحسب الدراسات عينها فإنّ المنتحرين لا يعانون إطلاقا من مشاكل ماديّة , إذ أنّ الحكومات في شمال العالم تقدم دعما كبيرا للطالب الشاب وصغار السنّ . والأغرب من كل ذلك فأنّ جريدة أفتون بلادت Aftonbladet السويدية الذائعة الصيت نشرت موضوعا يتحدث عن تفكير مئات التلاميذ في المدارس السويدية في الإنتحار , وهي المعضلة نفسها السائدة في بقيّة دول شمال العالم , والذين ليس لهم الجرأة على الانتحار بدأوا يميلون إلى تعاطي المخدرات بمختلف أصنافها والتي تؤكّد دراسات سويدية جديدة أنّ المخدرات بدأت تروج بشكل فظيع في دول شمال العالم , وتذهب نفس الدراسة إلى القول أنّ بعض المدن السويدية التي لا يتجاوز عدد سكانها المائة ألف نسمة فانّ نسبة الأطفال فيها و الذين يتعاطون المخدارت دون السن الرابعة عشر جاوز 17 بالمائة . والدراسات التي حللت نفسية المنتحرين وقدمت ما كتبه المنتحرون من رسائل يبررون فيها إقدامهم على وضع حدّ لحياتهم , كشفت أنّ أسباب الإنتحار موزعة بين التيه والضياع , الرتابة والملل , الفراغ , خيانة الحبيبة والعيش بلا رفيقة أو رفيق , وبعبارة أخرى كما يقولها باحث نفساني من فنلندا هو الفراغ الروحي الدافع الأساس إلى هذا الإنتحار ويستدل على ذلك بقوله أنّ معظم المنتحرين لا علاقة لهم بالدين ولا يترددون على الكنيسة ولا يؤمنون بخالق لهذا الكون .
وتبينّ الدراسات مجتمعة أنّ الأجيال المهاجرة بدأ يسود بينها الانتحار و المنتحرون الذين هم من خلفيات مهاجرة أو هم مهاجرون بالأساس تختلف مبررات إنتحارهم عن مبررات إنتحار المواطن السويدي والدانماركي والفنلندي وغيرهم من مواطني شمال العالم .
ويلجأ العديد من الإيرانيين والعراقيين والبوسنيين والعرب إلى الانتحار في مراكز اللجوء بعد أن ترفض طلبات لجوءهم السياسي أو الإنساني أو اللجوء لإعتبارات أخرى ويطلب منهم الإستعداد للرحيل , وحتى لا يتم إجبارهم على الرحيل ينتحرون والبعض يتظاهر بالإنتحار جلبا للشفقة والرحمة حتى يبقى في مواطن ينتحر مواطنوها الأصليون .
ولأجل إعطاء معنى لحياة الناس في شمال العالم و إعادة تفعيل دور الدين في المجتمع تطالب الأحزاب المسيحيّة السياسية ذات الصبغة الدينية المسيحيّة بإعادة تدريس الديانة المسيحية بشكل رسمي وإلزامي في المدارس وهذه الدعوة يتبنّاها الحزب الديموقراطي المسيحي في السويد وجلّ الأحزاب المسيحية في بقية دول شمال العالم .
والمفارقة في الدراسات التي وضعت في دول شمال العالم لبحث موضوع الانتحار أشارت إلى لجوء أشخاص يتمتعون بمستويات ثقافية عالية بما فيهم كتّاب ومبدعون إلى الإنتحار ومنهم الكاتب السويدي الشهير وليام موبيري الذي وضع حدّا لحياته بعد أن أصبح عاجزا عن الإبداع والكتابة كما قال في وصيته .
*رئيس اللجنة الإعلامية في الحملة العالمية لمقاومة العدوان
بقلم يحي أبوزكريّا*
1- الإجهاض المباح
تطالب العديد من المنظمات الإنسانيّة والدينيّة في السويد بضرورة وضع حدّ لظاهرة الإجهاض المستشري بشكل يفوق حدود التصوّر في السويد وفي دول شمال أوروبا , وفي الوقت الذي تستورد فيه دول شمال أوروبا البشر من مختلف دول العالم الثالث لإحداث توازن في منظومتها السكانيّة التي دبّت فيها الشيخوخة بسبب عدم إقدام سكان هذه المنطقة على الإنجاب , فإنّ دول شمال أوروبا تجيز الإجهاض بل وتعتبره حقّا مقدسّا للمرأة التي لا تريد الإحتفاظ بالجنين , ومعروف أنّ أغلب العلاقات بين الزوجين هي علاقات معاشرة بدون إرتباط قانوني أو كنسي , وكثيرا ما يصادف المرء في السويد مثلا رجلا يعاشر إمرأة منذ عشرين سنة وأنجبا أولادا , وبعد أن يكبر الأولاد يقررّ المتعاشران تسجيل زواجهما في الكنيسة وذلك بعد مرور سنوات على العشرة المحرّمة .
وبالعودة إلى الإجهاض فإنّ القانون السويدي والقانون السائد في دول شمال أوروبا يقول بالحرف :
أنّ الإجهاض يعني أنّ المرأة لها كامل الحقوق في إزالة ما في بطنها , و أنّها وحدها يحقّ لها إتخاذ قرار الإجهاض .
وبناءا على هذا القانون وحسب دراسة أخيرة حول الإجهاض في السويد فإنّ ثلاثين ألفا – 30000 – جنينا يتمّ إجهاضهم في السويد وحدها .
وأعمار المجهضات تتراوح بين ثلاث عشر سنة و الثلاثين , وإذا كان معظم المجهضات في السابق من السويديات فإنّ المجهضات اليوم فيهن قسم كبير من القادمات من العالم العربي والإسلامي , لكن الدراسة الأخيرة السويديّة لا تقدّم إحصاءات دقيقة حول نسبة السويديات والمهاجرات اللائي يتوجهنّ إلى المستشفيات للإجهاض .
وحسب هذه الدراسة , وكما تمّت المعاينة في المصالح النسائيّة فإنّه يكفي أن تتوجّه الحامل إلى أي عيادة نسائيّة وتطلب إزالة ما في بطنها ليتحققّ لها ذلك في غضون ساعات . والأخطر ما في الأمر أنّ الجنين قد يستخرج من الرحم قطعا قطعا , ولو حدث ذلك لكلب أو قطّة لتغيرّ النظام السياسي عن بكرة أبيه في الغرب .
والعجيب أنّ الحضارة الغربيّة التي وضعت القانون تلو القانون لحماية حقوق الإنسان لم تتمكّن من وضع قانون لحماية الأجنّة في الأرحام . وقد حاول الحزب الديموقراطي المسيحي في السويد وقف الإجهاض وطالب بذلك من خلال ممثليه في البرلمان لكنّه لم ينجح في وقف تنامي ظاهرة الإجهاض في السويد وخصوصا في ظل العلاقات الجنسية المباحة وفي ظلّ عدم وجود شيئ إسمه قيّم أو شرف . وقد سجلّ في المدة الأخيرة في السويد إرتفاع حالات الإجهاض من ثلاثين ألفا وإلى خمس وثلاثين ألف حالة إجهاض وهذه النسبة هي ربع حالات الولادات في السويد .
والإشكال كما يقول بعض الكتّاب في السويد ومنهم كايسا أولسون وغيرها أنّ الإجهاض لا يأتي نتيجة المعاشرة الجنسيّة غير المضبوطة , بل إنّ بعض الأزواج يقررون الإجهاض بمجرّد أنّهم لا يريدون مزيدا من الإطفال حفاظا على الوضع الإقتصادي للعائلة .
وتنتمي المجهضات إلى مختلف الطبقات الإجتماعيّة فمنهنّ الطالبة والمحاميّة والعاملة في المطعم وذات المؤهّل الجامعي وغير المؤهلّة جامعيّا , بمعنى أنّ معظم الفتيات المجهضات ومهما كان مستواهنّ الثقافي يرينّ أنّ الإجهاض هو مجرّد وسيلة للتخلص من عبئ ولا يعتبر بتاتا إزهاقا لروح محترمة في نظرهنّ . وغياب البعد الديني هو الذي أدّى إلى إنبلاج هذه الثقافة التي تقدّس الكلب أكثر ممّا تقدّس الروح البشريّة , و لعلّ هذا يوجز المعادلة التي تقوم عليها الحضارة الغربيّة .
2- الكآبة و الإنتحار
تعيش دول شمال أوروبا وهي السويد والنرويج وإيسلندا والدانمارك وفنلندا شبح الإنتحار المنتشر بين صغار السن والشباب على وجه التحديد , وتحاول مختلف المؤسسات الإجتماعية والنفسيّة دراسة هذه الظاهرة المتفشيّة وسط الشباب في محاولة لوضع حدّ لها , وكان الإعتقاد السائد أنّ موجة الانتحار في دول شمال العالم تكثر في فصل الشتاء حيث الغياب شبه الكامل للشمس والظلمة الحالكة والبرودة غير المتحمّلة وإرتفاع نسبة المكتئبين , غير أنّ دراسات عديدة عن ظاهرة الإنتحار صدرت في السويد والدانمارك أشارت إلى أنّ عدد المنتحرين في فصل الشتاء موازي لعدد المنتحرين في فصل الصيف أو بقيّة الفصول . وحسب الدراسات عينها فإنّ المنتحرين لا يعانون إطلاقا من مشاكل ماديّة , إذ أنّ الحكومات في شمال العالم تقدم دعما كبيرا للطالب الشاب وصغار السنّ . والأغرب من كل ذلك فأنّ جريدة أفتون بلادت Aftonbladet السويدية الذائعة الصيت نشرت موضوعا يتحدث عن تفكير مئات التلاميذ في المدارس السويدية في الإنتحار , وهي المعضلة نفسها السائدة في بقيّة دول شمال العالم , والذين ليس لهم الجرأة على الانتحار بدأوا يميلون إلى تعاطي المخدرات بمختلف أصنافها والتي تؤكّد دراسات سويدية جديدة أنّ المخدرات بدأت تروج بشكل فظيع في دول شمال العالم , وتذهب نفس الدراسة إلى القول أنّ بعض المدن السويدية التي لا يتجاوز عدد سكانها المائة ألف نسمة فانّ نسبة الأطفال فيها و الذين يتعاطون المخدارت دون السن الرابعة عشر جاوز 17 بالمائة . والدراسات التي حللت نفسية المنتحرين وقدمت ما كتبه المنتحرون من رسائل يبررون فيها إقدامهم على وضع حدّ لحياتهم , كشفت أنّ أسباب الإنتحار موزعة بين التيه والضياع , الرتابة والملل , الفراغ , خيانة الحبيبة والعيش بلا رفيقة أو رفيق , وبعبارة أخرى كما يقولها باحث نفساني من فنلندا هو الفراغ الروحي الدافع الأساس إلى هذا الإنتحار ويستدل على ذلك بقوله أنّ معظم المنتحرين لا علاقة لهم بالدين ولا يترددون على الكنيسة ولا يؤمنون بخالق لهذا الكون .
وتبينّ الدراسات مجتمعة أنّ الأجيال المهاجرة بدأ يسود بينها الانتحار و المنتحرون الذين هم من خلفيات مهاجرة أو هم مهاجرون بالأساس تختلف مبررات إنتحارهم عن مبررات إنتحار المواطن السويدي والدانماركي والفنلندي وغيرهم من مواطني شمال العالم .
ويلجأ العديد من الإيرانيين والعراقيين والبوسنيين والعرب إلى الانتحار في مراكز اللجوء بعد أن ترفض طلبات لجوءهم السياسي أو الإنساني أو اللجوء لإعتبارات أخرى ويطلب منهم الإستعداد للرحيل , وحتى لا يتم إجبارهم على الرحيل ينتحرون والبعض يتظاهر بالإنتحار جلبا للشفقة والرحمة حتى يبقى في مواطن ينتحر مواطنوها الأصليون .
ولأجل إعطاء معنى لحياة الناس في شمال العالم و إعادة تفعيل دور الدين في المجتمع تطالب الأحزاب المسيحيّة السياسية ذات الصبغة الدينية المسيحيّة بإعادة تدريس الديانة المسيحية بشكل رسمي وإلزامي في المدارس وهذه الدعوة يتبنّاها الحزب الديموقراطي المسيحي في السويد وجلّ الأحزاب المسيحية في بقية دول شمال العالم .
والمفارقة في الدراسات التي وضعت في دول شمال العالم لبحث موضوع الانتحار أشارت إلى لجوء أشخاص يتمتعون بمستويات ثقافية عالية بما فيهم كتّاب ومبدعون إلى الإنتحار ومنهم الكاتب السويدي الشهير وليام موبيري الذي وضع حدّا لحياته بعد أن أصبح عاجزا عن الإبداع والكتابة كما قال في وصيته .
*رئيس اللجنة الإعلامية في الحملة العالمية لمقاومة العدوان