نور1
02-15-2007, 12:53 PM
ماذا حدث في مخيمات حزب بني فارس و حلفائهم خلال تظاهرة وفاء للشهيد الحريري في 14 شباط.
نقلا" عن جريدة السفير التي هي مصدر ذو مصداقية عند الشيعة بشكل خاص.
«تقديرات» المعارضين للحشد تراوحت بين «10 آلاف.. و100 مليون»
الجيش يحمي مخيم المعارضة وحزب الله يحمي ظهر الموالاة
جهاد بزي- جريدة السفير
الجيش يقطع جهتي جادة بشارة الخوري بعد التقاطع، بأسلاك شائكة، ومنذ الصباح الباكر. الآتون من غربي بيروت يكملون باتجاه السوديكو. الآتون من صوب رأس النبع يأخذون يمينهم أيضاً. جسر فؤاد شهاب مقطوع والطريقان إلى طرفيه مقطوعان. الجيش اللبناني يحاصر مخيم المعارضة، أو بالأحرى يحميه. هكذا كان الجيش قد حمى مخيم الحرية يوم 8 آذار من العام .2005
العاشرة صباحاً. عند نقطة العبور الى مخيم المعارضة، تحت جسر فؤاد شهاب، يسأل عنصر حزب الله رجلاً يقف أمامه عن وجهته. يقول هذا إنه نازل إلى التظاهرة. الرجل الذي نجهل مدى معرفته بلبنان هذه الأيام يظن أنه يستطيع العبور من قلب مخيم المعارضة إلى تظاهرة الموالاة. عنصر حزب الله يدلّه الى الأشرفية. يلتف الرجل ويذهب. في هذه الساعة من الصباح، ما زال الجو مشحوناً عند مداخل المخيم. الجميع يُسأل عن وجهته. قاصدو المخيم قلائل أصلاً.
في المخيم لا بأس من استنتاج غريب غير انه حقيقي: حزب الله يحمي ظهر الموالاة. النقطة الأخيرة التي يمكن لمواطن عادي الوصول إليها تبعد عن جامع محمد الأمين أكثر من عشرين متراً. عديد وعتاد الجيش اللبناني يبدأ عند هذه النقطة التي ارتفعت عندها الحدود عالية. عشرات الجنود والآليات العسكرية وسيارة إطفاء وانتشار على طول «الحدود» بين الساحتين وصولاً إلى آخر الصيفي وبداية الجميزة. أمام الجيش يقف صف شديد التنظيم من عناصر الانضباط. العناصر ينظرون باتجاه مخيمهم. أمام الصف تمتد منطقة خالية من الناس. حزب الله افرغ عشرين متراً للفصل بين المعارضين وبين الجيش ومن خلفه جمهور الموالاة. في الجهة الأخرى من الحدود، تنتشر رؤوس بقبعات حمراء، تعطي ظهرها للمعارضة. هؤلاء انضباط الموالاة. جادة رياض الصلح بدءاً من مبنى اللعازارية صعوداً نحو جامع الأمين منطقة محظورة. الشوارع الأخرى أقل استنفاراً.
عنصر الانضباط الجالس على رصيف مبنى اللعازارية يبدو ضجراً. يقول إن اكثر من أربعمئة شاب انضباط يقفون على «قصب سيقانهم» من الصباح من أجل ضبط الأمن. «نحن لا نتعدى على أحد. هم الذين يتعدون». ومن دون سؤاله ينتقل إلى الحشد الخصم ليقدر عدده: «عشرة أو 15 ألفا. ما بيوصلوا للعشرين». لا أثر لأي مزاح في كلامه. هو جدي وأكيد من رقمه.
في نهار المخيم الهادئ، وقبل أن تصدح أصوات زعماء الموالاة، تتطاير، من كل مكان، التعليقات الساخرة حول عدد جمهور الخصم: «صاروا ثلاثة ملايين». «ستة ملايين». «مئة مليون. جلبوا ناساً من الصين الشعبية». لا أحد هنا يمكنه ان يرى الحشد بأم العين. سخريتهم مبنية على مواقفهم السياسية، وعلى اعتدادهم بأن الخصم مهما فعل، لن تصل أرقام جماهيره الى أرقامهم هم.
الآتي الى اعتصام المعارضة المفتوح في الوقت نفسه من الأيام الأخرى، ينتبه الى الفارق. الشبان الذين يرتدون الأسود يوم أمس كانوا بالمئات. ينتشرون في زاويا الساحتين، الشهداء والصلح. يجلسون في جماعات مسترخية أو ينتظمون في نقاط حراسة. كثير منهم يحمل أجهزة اللاسلكي، لكن لا عصي ظاهرة ولا غيرها. يبتسم واحد منهم عند الاستفسار عن العدد: «الوجود اليوم مكثف. لا أحد يعلم ما الذي قد يقع».
لم يقع شيء. ساحة رياض الصلح في كوكب آخر بعيد كل البعد عما يجري. حتى صوت جماهير «14 آذار» لا يصل إليها. في أقصى الجهة الأخرى من مخيم الاعتصام، عند خيمات التيار الوطني الحر، يتسامر عنصر انضباط حزب الله مع مناصرة للتيار. هي من الأشرفية وهو من بعلبك. وئام سياسي هائل. يرصدان الرايات التي تلوح من فوق نصب الشهداء. هي مهتمة براية نصفها ابيض ونصفها الثاني أحمر. خائفة من البقعة التي تتراءى لها، من بعيد، برتقالية. ترتاح حين تعلم أن الراية للوطنيين الأحرار. هو يتوجس من راية سوداء عليها رسوم بعيدة. يشك في أنها قومية سورية، ويسأل إذا كان القوميون مقسومين. يرتاح بدوره حين يعلم ان الراية لحركة «المرابطون». يسخران من الخطباء المفترضين. هي تقول: الآن يطل جعجع ويبدأ: والبحر من ورائكم والعدو من امامكم والارض من تحتكم والقمر فوقكم. يعطينا درساً في الجغرافيا والفلك». هو يتوقع أن إلا ينتهي خطاب سعد الحريري قبل المساء حتى ولو كان الخطاب قصيراً. يغمز من بطء الحريري في الكلام.
حالمتان بلبنان أفضل
لم يكرر سمير جعجع عبارته. لاحقاً، وأمام شاشة انتصبت على رصيف مطعم صغير في اللعازارية سينصت شبان حزب الله وآخرون الى جعجع يعدد أنواع المقاومات ويحكي عن سلاح المقاومة. وسيصمتون تماماً وهم يحدقون في الشاشة. الشتائم ستنهال على «الحكيم» من مراهقين يتفرجون. وحين يطل النائب وليد جنبلاط، ويقف متلفتاً حوله بينما العريف يكيل المديح في تقديمه، سيضحك الجميع عفوياً.. ثم، وعندما يبدأ خطابه مكرراً عبارته الأولى، سيقول أحدهم: «الله. شِعر». بعدها، وكلما ارتفع صوت جنبلاط مطلقاً النعت تلو الآخر، ازداد منسوب التعليقات الشديدة اللهجة ضده، وصولاً الى الشتائم. الهادئ بينهم رجل أربعيني راح يستغرب مرة بعد مرة: «أوف! أوف! شو هيدا؟ لغة شوارع! يا عيب الشوم عليه!».
في الشهداء، أجراس الكنائس مختلطة بأذان الجوامع، لم تكن قد أثارت انتباهاً كبيراً لدى المتجمهرين. واحد قال: «يمكن بدهون يصلوا «صلاة الوحشة» التي يشعرون بها بسبب عددهم القليل. الثاني مسح على وجهه بكفيه لحظة الأذان وقال: اشهد أن علياً ولي الله».
أثار ظهور النائبة نايلة معوض سيلا من الشتائم الشديدة البذاءة. بعدها ساد الجمع القليل ضجر عميق من المتوالين على المنبر واحداً بعد واحد، وبخاصة أن هؤلاء ما عادوا يميزون بين صوت خطيب وآخر، بالكاد يسمعونه ولا يفهمون ما الذي يقوله.
عندما بدأ صوت النائب سعد الحريري يصل الى المتجمعين، راح مراهقون يصيحون ويرددون الهتافات وهم يلحقون بفتاتين مرتا بالقرب منهم. الشابتان تخترقان المخيم وإحداهما تضع على قميصها صورة صغيرة للرئيس الراحل رفيق الحريري. الثانية يتدلى من سلسلة في عنقها قلب ازرق. يبدو أنهما اضاعتا الطريق الى التظاهرة، وها هما تتعرضان للمطاردة الصارخة. يقف عناصر حزب الله سداً في طريق المراهقين ويمنعونهم من ملاحقة الفتاتين بينما يدلهما واحد الى طريق الخروج من المخيم نحو «الصيفي». بعد خروجهما سترويان قصتهما الغريبة: صديقتان. الأولى، التي تضع صورة الحريري، سنيّة من بيروت اسمها سامية. الثانية تضع في السلسلة الى القلب الأزرق مجسماً فضياً لسيف «ذو الفقار». شيعية من الجنوب واسمها زهراء. دخلتا المخيم بقرار. تريدان أن تقولا إن الاختلاف السياسي لا يعني العداء. سحر تحب الحريري وزهراء تحب نصر الله. وهذا لا يمنعهما من ان تكونا صديقتين. تلك كانت رسالتهما لمخيم المعارضة. تتوجهان الى اعتصام الموالاة من اجل الرسالة نفسها. لا همّ ما الذي ستسمعانه من الطرفين. هما مصرتان على إشهار هذه الصداقة لتكون بمثابة درس الى اللبنانيين جميعاً.
تغادر الحالمتان بدرسهما الوحدوي الى المعسكر الآخر. يكون سعد الحريري قد انهى كلمته.. يبدأ المراهقون بمغادرة المخيم. انتهت فرجتهم على تظاهرة بعيدة لا يرونها. يظل عناصر حزب الله بالمئات.
في الطريق الى بشارة الخوري، تخرج من أحد مفارق خندق الغميق زمرة من مراهقين اكبرهم في الخامسة عشرة. يهتفون لدم الشيعة الذي يغلي. بعضهم يحمل عصياً. تتحرك أكثر من خمس ملالات للجيش اللبناني وعشرات الجنود. تقطع ثلاثة مفارق آتية من الخندق. يركض المراهقون الى شارع سوريا لينزلوا منه الى اول جسر الرينغ. يردهم الجيش وانضباط حزب الله. يُخمد تحركهم بسرعة. يضجرون ويتفرقون. يكون الجيش قد احاط بخندق الغميق من كل جهاته. ينتشر عند مفارقه المؤدية الى البسطة. يقف حاجباً للرؤية بين شبان الخندق، وبين العائدين إلى بيوتهم، ملتفين بالازرق. يعود الأخضر المرقط ليكون، مرة جديدة، اللون الحيادي الوحيد في لبنان. الأخضر المرقط الذي يتفق الجميع على انتمائه الخالص إلى بلده. انتهى.
في الختام أقول شهد شاهد من أهلها ...
نقلا" عن جريدة السفير التي هي مصدر ذو مصداقية عند الشيعة بشكل خاص.
«تقديرات» المعارضين للحشد تراوحت بين «10 آلاف.. و100 مليون»
الجيش يحمي مخيم المعارضة وحزب الله يحمي ظهر الموالاة
جهاد بزي- جريدة السفير
الجيش يقطع جهتي جادة بشارة الخوري بعد التقاطع، بأسلاك شائكة، ومنذ الصباح الباكر. الآتون من غربي بيروت يكملون باتجاه السوديكو. الآتون من صوب رأس النبع يأخذون يمينهم أيضاً. جسر فؤاد شهاب مقطوع والطريقان إلى طرفيه مقطوعان. الجيش اللبناني يحاصر مخيم المعارضة، أو بالأحرى يحميه. هكذا كان الجيش قد حمى مخيم الحرية يوم 8 آذار من العام .2005
العاشرة صباحاً. عند نقطة العبور الى مخيم المعارضة، تحت جسر فؤاد شهاب، يسأل عنصر حزب الله رجلاً يقف أمامه عن وجهته. يقول هذا إنه نازل إلى التظاهرة. الرجل الذي نجهل مدى معرفته بلبنان هذه الأيام يظن أنه يستطيع العبور من قلب مخيم المعارضة إلى تظاهرة الموالاة. عنصر حزب الله يدلّه الى الأشرفية. يلتف الرجل ويذهب. في هذه الساعة من الصباح، ما زال الجو مشحوناً عند مداخل المخيم. الجميع يُسأل عن وجهته. قاصدو المخيم قلائل أصلاً.
في المخيم لا بأس من استنتاج غريب غير انه حقيقي: حزب الله يحمي ظهر الموالاة. النقطة الأخيرة التي يمكن لمواطن عادي الوصول إليها تبعد عن جامع محمد الأمين أكثر من عشرين متراً. عديد وعتاد الجيش اللبناني يبدأ عند هذه النقطة التي ارتفعت عندها الحدود عالية. عشرات الجنود والآليات العسكرية وسيارة إطفاء وانتشار على طول «الحدود» بين الساحتين وصولاً إلى آخر الصيفي وبداية الجميزة. أمام الجيش يقف صف شديد التنظيم من عناصر الانضباط. العناصر ينظرون باتجاه مخيمهم. أمام الصف تمتد منطقة خالية من الناس. حزب الله افرغ عشرين متراً للفصل بين المعارضين وبين الجيش ومن خلفه جمهور الموالاة. في الجهة الأخرى من الحدود، تنتشر رؤوس بقبعات حمراء، تعطي ظهرها للمعارضة. هؤلاء انضباط الموالاة. جادة رياض الصلح بدءاً من مبنى اللعازارية صعوداً نحو جامع الأمين منطقة محظورة. الشوارع الأخرى أقل استنفاراً.
عنصر الانضباط الجالس على رصيف مبنى اللعازارية يبدو ضجراً. يقول إن اكثر من أربعمئة شاب انضباط يقفون على «قصب سيقانهم» من الصباح من أجل ضبط الأمن. «نحن لا نتعدى على أحد. هم الذين يتعدون». ومن دون سؤاله ينتقل إلى الحشد الخصم ليقدر عدده: «عشرة أو 15 ألفا. ما بيوصلوا للعشرين». لا أثر لأي مزاح في كلامه. هو جدي وأكيد من رقمه.
في نهار المخيم الهادئ، وقبل أن تصدح أصوات زعماء الموالاة، تتطاير، من كل مكان، التعليقات الساخرة حول عدد جمهور الخصم: «صاروا ثلاثة ملايين». «ستة ملايين». «مئة مليون. جلبوا ناساً من الصين الشعبية». لا أحد هنا يمكنه ان يرى الحشد بأم العين. سخريتهم مبنية على مواقفهم السياسية، وعلى اعتدادهم بأن الخصم مهما فعل، لن تصل أرقام جماهيره الى أرقامهم هم.
الآتي الى اعتصام المعارضة المفتوح في الوقت نفسه من الأيام الأخرى، ينتبه الى الفارق. الشبان الذين يرتدون الأسود يوم أمس كانوا بالمئات. ينتشرون في زاويا الساحتين، الشهداء والصلح. يجلسون في جماعات مسترخية أو ينتظمون في نقاط حراسة. كثير منهم يحمل أجهزة اللاسلكي، لكن لا عصي ظاهرة ولا غيرها. يبتسم واحد منهم عند الاستفسار عن العدد: «الوجود اليوم مكثف. لا أحد يعلم ما الذي قد يقع».
لم يقع شيء. ساحة رياض الصلح في كوكب آخر بعيد كل البعد عما يجري. حتى صوت جماهير «14 آذار» لا يصل إليها. في أقصى الجهة الأخرى من مخيم الاعتصام، عند خيمات التيار الوطني الحر، يتسامر عنصر انضباط حزب الله مع مناصرة للتيار. هي من الأشرفية وهو من بعلبك. وئام سياسي هائل. يرصدان الرايات التي تلوح من فوق نصب الشهداء. هي مهتمة براية نصفها ابيض ونصفها الثاني أحمر. خائفة من البقعة التي تتراءى لها، من بعيد، برتقالية. ترتاح حين تعلم أن الراية للوطنيين الأحرار. هو يتوجس من راية سوداء عليها رسوم بعيدة. يشك في أنها قومية سورية، ويسأل إذا كان القوميون مقسومين. يرتاح بدوره حين يعلم ان الراية لحركة «المرابطون». يسخران من الخطباء المفترضين. هي تقول: الآن يطل جعجع ويبدأ: والبحر من ورائكم والعدو من امامكم والارض من تحتكم والقمر فوقكم. يعطينا درساً في الجغرافيا والفلك». هو يتوقع أن إلا ينتهي خطاب سعد الحريري قبل المساء حتى ولو كان الخطاب قصيراً. يغمز من بطء الحريري في الكلام.
حالمتان بلبنان أفضل
لم يكرر سمير جعجع عبارته. لاحقاً، وأمام شاشة انتصبت على رصيف مطعم صغير في اللعازارية سينصت شبان حزب الله وآخرون الى جعجع يعدد أنواع المقاومات ويحكي عن سلاح المقاومة. وسيصمتون تماماً وهم يحدقون في الشاشة. الشتائم ستنهال على «الحكيم» من مراهقين يتفرجون. وحين يطل النائب وليد جنبلاط، ويقف متلفتاً حوله بينما العريف يكيل المديح في تقديمه، سيضحك الجميع عفوياً.. ثم، وعندما يبدأ خطابه مكرراً عبارته الأولى، سيقول أحدهم: «الله. شِعر». بعدها، وكلما ارتفع صوت جنبلاط مطلقاً النعت تلو الآخر، ازداد منسوب التعليقات الشديدة اللهجة ضده، وصولاً الى الشتائم. الهادئ بينهم رجل أربعيني راح يستغرب مرة بعد مرة: «أوف! أوف! شو هيدا؟ لغة شوارع! يا عيب الشوم عليه!».
في الشهداء، أجراس الكنائس مختلطة بأذان الجوامع، لم تكن قد أثارت انتباهاً كبيراً لدى المتجمهرين. واحد قال: «يمكن بدهون يصلوا «صلاة الوحشة» التي يشعرون بها بسبب عددهم القليل. الثاني مسح على وجهه بكفيه لحظة الأذان وقال: اشهد أن علياً ولي الله».
أثار ظهور النائبة نايلة معوض سيلا من الشتائم الشديدة البذاءة. بعدها ساد الجمع القليل ضجر عميق من المتوالين على المنبر واحداً بعد واحد، وبخاصة أن هؤلاء ما عادوا يميزون بين صوت خطيب وآخر، بالكاد يسمعونه ولا يفهمون ما الذي يقوله.
عندما بدأ صوت النائب سعد الحريري يصل الى المتجمعين، راح مراهقون يصيحون ويرددون الهتافات وهم يلحقون بفتاتين مرتا بالقرب منهم. الشابتان تخترقان المخيم وإحداهما تضع على قميصها صورة صغيرة للرئيس الراحل رفيق الحريري. الثانية يتدلى من سلسلة في عنقها قلب ازرق. يبدو أنهما اضاعتا الطريق الى التظاهرة، وها هما تتعرضان للمطاردة الصارخة. يقف عناصر حزب الله سداً في طريق المراهقين ويمنعونهم من ملاحقة الفتاتين بينما يدلهما واحد الى طريق الخروج من المخيم نحو «الصيفي». بعد خروجهما سترويان قصتهما الغريبة: صديقتان. الأولى، التي تضع صورة الحريري، سنيّة من بيروت اسمها سامية. الثانية تضع في السلسلة الى القلب الأزرق مجسماً فضياً لسيف «ذو الفقار». شيعية من الجنوب واسمها زهراء. دخلتا المخيم بقرار. تريدان أن تقولا إن الاختلاف السياسي لا يعني العداء. سحر تحب الحريري وزهراء تحب نصر الله. وهذا لا يمنعهما من ان تكونا صديقتين. تلك كانت رسالتهما لمخيم المعارضة. تتوجهان الى اعتصام الموالاة من اجل الرسالة نفسها. لا همّ ما الذي ستسمعانه من الطرفين. هما مصرتان على إشهار هذه الصداقة لتكون بمثابة درس الى اللبنانيين جميعاً.
تغادر الحالمتان بدرسهما الوحدوي الى المعسكر الآخر. يكون سعد الحريري قد انهى كلمته.. يبدأ المراهقون بمغادرة المخيم. انتهت فرجتهم على تظاهرة بعيدة لا يرونها. يظل عناصر حزب الله بالمئات.
في الطريق الى بشارة الخوري، تخرج من أحد مفارق خندق الغميق زمرة من مراهقين اكبرهم في الخامسة عشرة. يهتفون لدم الشيعة الذي يغلي. بعضهم يحمل عصياً. تتحرك أكثر من خمس ملالات للجيش اللبناني وعشرات الجنود. تقطع ثلاثة مفارق آتية من الخندق. يركض المراهقون الى شارع سوريا لينزلوا منه الى اول جسر الرينغ. يردهم الجيش وانضباط حزب الله. يُخمد تحركهم بسرعة. يضجرون ويتفرقون. يكون الجيش قد احاط بخندق الغميق من كل جهاته. ينتشر عند مفارقه المؤدية الى البسطة. يقف حاجباً للرؤية بين شبان الخندق، وبين العائدين إلى بيوتهم، ملتفين بالازرق. يعود الأخضر المرقط ليكون، مرة جديدة، اللون الحيادي الوحيد في لبنان. الأخضر المرقط الذي يتفق الجميع على انتمائه الخالص إلى بلده. انتهى.
في الختام أقول شهد شاهد من أهلها ...