FreeMuslim
02-12-2007, 07:00 AM
«معركة بغداد» تقرر مستقبل العراق / هدى الحسيني
الشرق الاوسط
من الذي سينقذ العراق، وينقذ بغداد بالذات من «فرق الموت» التي تحصد من تشاء، وترمي الجثث المشوهة والمحروقة بالاسيد، وتخفي بطولة عاجزة ومكبوتة وراء أقنعة سوداء هي أقنعة الموت.
الكل يعرف ان «فرق الموت» هذه تابعة لجيش المهدي، ولفيلق بدر. الكل يعرف من وراءها، وبيان صولاغ جبر الذي فتح ابواب وزارة الداخلية لفرق الموت هذه، تم نقله الى وزارة المال لتسهيل تمويل تلك الفرق، بعدما وفّر تسليحها.
الأسبوع الماضي كان اسبوعاً أسود، تنقلت أيادي الشر فيه بين لبنان والاراضي الفلسطينية، ولم يخفف هذا شيئاً عما يجري في العراق، لا بل بدأت الرذاذات تصل اليمن.
صار هناك شبه توافق عام على ان الحرب الاميركية ـ الإيرانية مستمرة، واذا كانت جبهة الجنوب اللبناني اغلقت اليوم أمام خط المواجهة الايرانية ـ الإسرائيلية الذي كانت تتحكم فيه سوريا وايران، فإن خط مواجهة جديداً فُتح مع اسرائيل عبر الاقتتال في غزة ما بين مسلحي السلطة الفلسطينية ومسلحي حماس، ثم هناك العراق وافغانستان.
هذا لا يعني ان الحسم يصب في مصلحة ايران، لا بل بدأت طهران تشعر بعمق الضغوط عليها تمهيداً لما هو أبعد. وهي انما تحاول اشعال حرائق متنقلة كإشارات الى من يهمه الأمر، على اتساع قطر الدائرة التي يتوزع فيها نفوذها داخل المنطقة.
بين كل هذه الحالات، يبقى الأكثر اثارة للألم واليأس ما يجري في العراق.
مساء الاثنين الماضي بثت القناة الرابعة البريطانية ضمن برنامج «ديسباتشز» حلقة عن «فرق الموت» الشيعية في بغداد. وكانت صحيفة «الغارديان» اجرت يوم الجمعة الماضي (26 كانون الثاني/ يناير) حديثاً مع احد «قادة» جيش المهدي، حيث شرح بالتفصيل كيف يتم خطف السنّة وطلب فدية من أهاليهم، ثم قتلهم. ما التقت حوله الصحيفة والبرنامج التلفزيوني كان دور وزارة الداخلية التي «اسسها» في «العراق الجديد» بيان صولاغ جبر الذي كان لاجئاً في ايران، وهو من كبار اعضاء المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (رئيسه عبد العزيز الحكيم).
وبث برنامج «ديسباتشز» افلاماً مصورة تظهر بشاعة ما يجري، وان الانتقام بين العراقيين انفسهم غطى على كل عمليات الاحتلال. تنتشرالجثث الممثل بها على الطرقات صباح كل يوم. وبعدما تعرضت الجامعات والمدارس لعمليات ارهابية، الهدف منها نشر التخلف في العراق على يد تعاليم مقتدى الصدر، انتشرت «فرق الموت» في المستشفيات لتهريب الأطباء والجراحين ولقتل الجرحى ومن يقترب للاطمئنان عليهم، كما انتشرت مجموعة من المقاتلين الشيعة امام مشرحة بغداد، كي يضاعفوا عدد الجثث بقتل الأحياء الذين يجرؤون على السؤال عن قتلاهم.
وسط كل هذا الموت الهابط على بغداد، يحذر موفق الربيعي من أي عملية أميركية لإيقافه: «عندها سيُعتبر الأميركيون طرفاً ضد طرف».
ويعد كما وعد نوري المالكي رئيس الحكومة يوم الخميس الماضي امام البرلمان العراق بـ«الأمل»، اذ: «لا خيار امامنا سوى استعمال القوة، وكل مكان تنطلق منه النار لن يكون آمنا، أكان ذلك المكان مدرسة او مسجداً او حزباً سياسياً او منزلاً. لن يكون هناك في العراق مكان آمن للارهابيين»!
كان هذا وقت مزاح ان كان من المالكي أو من الربيعي. اذ لم يقل أي منهما كيف ستتم حماية المدنيين من الارهابيين المحميين من الحكومة، ومتى سيحصل هذا.
لكن عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية أجاب عن ذلك، عندما أعلن يوم الاثنين ان لا حل للعراق سوى بالفيدرالية «حسب ما جاء في الدستور»، ودعا الى انشاء أقليم الوسط واقليم الجنوب واقليم بغداد.
ان كل ما يجري من عمليات قتل هو لتحديد مستقبل بغداد، ولمن يكون «اقليم بغداد»، للشيعة ام للسنة؟
منذ ان قرر المالكي محاربة الارهابيين، سقطت القذائف على مدرسة للبنات فقتلت 5 طالبات كلهن من السنّة، وقالت مجموعة سنية تطلق على نفسها: «المؤتمر العام لشعب العراق»، ان العلامات على القذائف تظهر انها «صُنعت في ايران».
السنّة بدورهم لم يكونوا أقل إرهابا من الشيعة في عمليات سبقت احتفالات الشيعة بذكرى عاشوراء، حيث قتل اكثر من 150 شخصاً، وسبق هذا «معارك شارع حيفا» التي قالت الحكومة انها استهدفت القضاء على «الارهابيين والخارجين عن القانون من السنّة».
المالكي وعد بخطة أمنية تستهدف الميليشيات السنّية والشيعية، لكن اكثر ما يقلق هو تحالف المالكي مع مقتدى الصدر وجيش المهدي.
في تحقيق صحيفة «الغارديان» يقول احد المسؤولين الشيعة، ان الكل يعرف ان «جيش المهدي» يقف وراء قتل وخطف السنّة ورمي جثثهم في الشوارع ليلا، لكن لا أحد يريد مواجهته: «اذا كان في العائلة احد الافراد المختلين عقلياً فهل تتخلى عنه»؟
ان الحراس الشخصيين للمالكي هم اعضاء في «جيش المهدي»، وفي حساب بسيط، فهو بصفته رئيساً للوزراء يقدم لهم الحماية، وهم يقدمون له الولاء لإبقائه رئيساً للوزراء. فمقتدى الصدر بعد تعليقه عضوية نوابه ووزرائه بسبب عدم انصياع المالكي لأوامره الشهر الماضي، بعدم الاجتماع بالرئيس الاميركي جورج دبليو بوش في عمان، عاد عن قراره، بعدما شعر ان الكل يكاد ان يتفق ضده من الحكيم والأكراد والسنة والاميركيين.
ليس هناك من طرف عراقي يسير الى نهاية الخط، حتى آية الله علي السيستاني، لا يشجع على نزع اسلحة ميليشيا مقتدى الصدر، على اساس ان جيش المهدي قادر على توفير الحماية للمناطق الشيعية.
الغريب في الامر أن الرئيس الأميركي يريد انجاح الخطة الأمنية لبغداد، ولم يأخذ في الاعتبار التحالف المستجد بين المالكي والصدر، وقد اتصل في نهاية الاسبوع الماضي ليجدد دعمه للمالكي ولخطته الأمنية المتعلقة ببغداد!
ليس معروفاً الى ما ستؤول اليه الأوضاع في العراق، خصوصاً بين الاميركيين والايرانيين الذين اعترف سفيرهم الى بغداد، بأن الذين اعتقلتهم القوات الاميركية في اربيل في بداية هذه السنة، هم من الأمن الايراني وليسوا دبلوماسيين كما كان يصر سابقا.
على كل، لا يزال الصراع بين الطرفين مستمراً. وكل منهما بدأ يراجع حساباته، لقد كان هدف اميركا تشكيل حكومة اتحاد وطني موالية لواشنطن، اما ايران فكانت تتطلع اما الى اقامة حكومة موالية لها في بغداد، او تقسيم العراق الى ثلاثة اقسام تكون هي صاحبة النفوذ القوي في الجزء الجنوبي. وبعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي وعندما ظهر ان السنّة صاروا مستعدين للمشاركة في العملية السياسية، استعملت ايران نفوذها لدى الاطراف الشيعية الموالين لها لعرقلة هذه المشاركة وتوتير الوضع. وطالما استمرت ايران في اتباع هذه السياسة، فإن الاستراتيجيات الأميركية لن تنج في العراق.
الآن عادت الى طاولة الخيارات مسألة توجيه ضربة عسكرية الى ايران، بحجة وقف برنامجها النووي، وتحتار ايران في تقييمها مدى صحة هذا الاحتمال او اعتباره تهديداً. يقول احد المؤرخين الغربيين: «ان الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت، ظل يصر علناً على ان اميركا لن تدخل الحرب العالمية الثانية، في وقت كان المسؤولون الأميركيون والبريطانيون يضعون خطط ذلك التدخل». وانه في الخمسينات ظل وزير الخارجية الاميركي جون فوستر دالاس يؤكد على ان هدف اميركا هو تحرير اوروبا الشرقية من الاتحاد السوفياتي، في حين انه لم تكن هناك خطط، او قدرة أو توقع لذلك.
ولأن ايران تريد ان تستبق كل الاحتمالات، فإن الوضع في العراق بالذات سيزداد تأججاً وعنفاً من اجل الوصول الى عراق فيدرالي، كي نتجنب استعمال عبارة تفكيك العراق. وهذا ما عاد يشير اليه عبد العزيز الحكيم.
ان الدعوة الى عراق فيدرالي توحي بأن ايران تساهم بطريقة غير مباشرة في تحسين الوضع الأمني، فأكثر ما يخيفها هو عراق موحد في ظل نفوذ أو تحت سيطرة اميركا مثلاً. ثم ان عراقاً غير موحد لن يشكل خطراً على ايران، ويتيح لها السيطرة على الجزء الجنوبي منه، ويبقى منطقة فاصلة بينها وبين دول الخليج العربي، تعتقد انها قادرة على التحكم فيها.
هناك سهولة في هذا الطرح، لأن معركة بغداد لم تحسم بعد، ولن تحسم اذا لم تنسحب منها القوات الأميركية. ثم هل ان عبد العزيز الحكيم، يضمن انه بعد الفيدرالية سيقبل الشيعة العراقيون بالنفوذ الايراني على اقليمهم؟
يقول لي مصدر اميركي مطلع: «الاعتقاد السائد هو أن أميركا بسبب ورطتها في العراق، لن تُقدم على ضرب ايران، لكنني اقول، انه بسبب هذه الورطة بالذات، فإن احتمال توجيه ضربة عسكرية ضد ايران، صار كبيراً جداً!
الشرق الاوسط
من الذي سينقذ العراق، وينقذ بغداد بالذات من «فرق الموت» التي تحصد من تشاء، وترمي الجثث المشوهة والمحروقة بالاسيد، وتخفي بطولة عاجزة ومكبوتة وراء أقنعة سوداء هي أقنعة الموت.
الكل يعرف ان «فرق الموت» هذه تابعة لجيش المهدي، ولفيلق بدر. الكل يعرف من وراءها، وبيان صولاغ جبر الذي فتح ابواب وزارة الداخلية لفرق الموت هذه، تم نقله الى وزارة المال لتسهيل تمويل تلك الفرق، بعدما وفّر تسليحها.
الأسبوع الماضي كان اسبوعاً أسود، تنقلت أيادي الشر فيه بين لبنان والاراضي الفلسطينية، ولم يخفف هذا شيئاً عما يجري في العراق، لا بل بدأت الرذاذات تصل اليمن.
صار هناك شبه توافق عام على ان الحرب الاميركية ـ الإيرانية مستمرة، واذا كانت جبهة الجنوب اللبناني اغلقت اليوم أمام خط المواجهة الايرانية ـ الإسرائيلية الذي كانت تتحكم فيه سوريا وايران، فإن خط مواجهة جديداً فُتح مع اسرائيل عبر الاقتتال في غزة ما بين مسلحي السلطة الفلسطينية ومسلحي حماس، ثم هناك العراق وافغانستان.
هذا لا يعني ان الحسم يصب في مصلحة ايران، لا بل بدأت طهران تشعر بعمق الضغوط عليها تمهيداً لما هو أبعد. وهي انما تحاول اشعال حرائق متنقلة كإشارات الى من يهمه الأمر، على اتساع قطر الدائرة التي يتوزع فيها نفوذها داخل المنطقة.
بين كل هذه الحالات، يبقى الأكثر اثارة للألم واليأس ما يجري في العراق.
مساء الاثنين الماضي بثت القناة الرابعة البريطانية ضمن برنامج «ديسباتشز» حلقة عن «فرق الموت» الشيعية في بغداد. وكانت صحيفة «الغارديان» اجرت يوم الجمعة الماضي (26 كانون الثاني/ يناير) حديثاً مع احد «قادة» جيش المهدي، حيث شرح بالتفصيل كيف يتم خطف السنّة وطلب فدية من أهاليهم، ثم قتلهم. ما التقت حوله الصحيفة والبرنامج التلفزيوني كان دور وزارة الداخلية التي «اسسها» في «العراق الجديد» بيان صولاغ جبر الذي كان لاجئاً في ايران، وهو من كبار اعضاء المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (رئيسه عبد العزيز الحكيم).
وبث برنامج «ديسباتشز» افلاماً مصورة تظهر بشاعة ما يجري، وان الانتقام بين العراقيين انفسهم غطى على كل عمليات الاحتلال. تنتشرالجثث الممثل بها على الطرقات صباح كل يوم. وبعدما تعرضت الجامعات والمدارس لعمليات ارهابية، الهدف منها نشر التخلف في العراق على يد تعاليم مقتدى الصدر، انتشرت «فرق الموت» في المستشفيات لتهريب الأطباء والجراحين ولقتل الجرحى ومن يقترب للاطمئنان عليهم، كما انتشرت مجموعة من المقاتلين الشيعة امام مشرحة بغداد، كي يضاعفوا عدد الجثث بقتل الأحياء الذين يجرؤون على السؤال عن قتلاهم.
وسط كل هذا الموت الهابط على بغداد، يحذر موفق الربيعي من أي عملية أميركية لإيقافه: «عندها سيُعتبر الأميركيون طرفاً ضد طرف».
ويعد كما وعد نوري المالكي رئيس الحكومة يوم الخميس الماضي امام البرلمان العراق بـ«الأمل»، اذ: «لا خيار امامنا سوى استعمال القوة، وكل مكان تنطلق منه النار لن يكون آمنا، أكان ذلك المكان مدرسة او مسجداً او حزباً سياسياً او منزلاً. لن يكون هناك في العراق مكان آمن للارهابيين»!
كان هذا وقت مزاح ان كان من المالكي أو من الربيعي. اذ لم يقل أي منهما كيف ستتم حماية المدنيين من الارهابيين المحميين من الحكومة، ومتى سيحصل هذا.
لكن عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية أجاب عن ذلك، عندما أعلن يوم الاثنين ان لا حل للعراق سوى بالفيدرالية «حسب ما جاء في الدستور»، ودعا الى انشاء أقليم الوسط واقليم الجنوب واقليم بغداد.
ان كل ما يجري من عمليات قتل هو لتحديد مستقبل بغداد، ولمن يكون «اقليم بغداد»، للشيعة ام للسنة؟
منذ ان قرر المالكي محاربة الارهابيين، سقطت القذائف على مدرسة للبنات فقتلت 5 طالبات كلهن من السنّة، وقالت مجموعة سنية تطلق على نفسها: «المؤتمر العام لشعب العراق»، ان العلامات على القذائف تظهر انها «صُنعت في ايران».
السنّة بدورهم لم يكونوا أقل إرهابا من الشيعة في عمليات سبقت احتفالات الشيعة بذكرى عاشوراء، حيث قتل اكثر من 150 شخصاً، وسبق هذا «معارك شارع حيفا» التي قالت الحكومة انها استهدفت القضاء على «الارهابيين والخارجين عن القانون من السنّة».
المالكي وعد بخطة أمنية تستهدف الميليشيات السنّية والشيعية، لكن اكثر ما يقلق هو تحالف المالكي مع مقتدى الصدر وجيش المهدي.
في تحقيق صحيفة «الغارديان» يقول احد المسؤولين الشيعة، ان الكل يعرف ان «جيش المهدي» يقف وراء قتل وخطف السنّة ورمي جثثهم في الشوارع ليلا، لكن لا أحد يريد مواجهته: «اذا كان في العائلة احد الافراد المختلين عقلياً فهل تتخلى عنه»؟
ان الحراس الشخصيين للمالكي هم اعضاء في «جيش المهدي»، وفي حساب بسيط، فهو بصفته رئيساً للوزراء يقدم لهم الحماية، وهم يقدمون له الولاء لإبقائه رئيساً للوزراء. فمقتدى الصدر بعد تعليقه عضوية نوابه ووزرائه بسبب عدم انصياع المالكي لأوامره الشهر الماضي، بعدم الاجتماع بالرئيس الاميركي جورج دبليو بوش في عمان، عاد عن قراره، بعدما شعر ان الكل يكاد ان يتفق ضده من الحكيم والأكراد والسنة والاميركيين.
ليس هناك من طرف عراقي يسير الى نهاية الخط، حتى آية الله علي السيستاني، لا يشجع على نزع اسلحة ميليشيا مقتدى الصدر، على اساس ان جيش المهدي قادر على توفير الحماية للمناطق الشيعية.
الغريب في الامر أن الرئيس الأميركي يريد انجاح الخطة الأمنية لبغداد، ولم يأخذ في الاعتبار التحالف المستجد بين المالكي والصدر، وقد اتصل في نهاية الاسبوع الماضي ليجدد دعمه للمالكي ولخطته الأمنية المتعلقة ببغداد!
ليس معروفاً الى ما ستؤول اليه الأوضاع في العراق، خصوصاً بين الاميركيين والايرانيين الذين اعترف سفيرهم الى بغداد، بأن الذين اعتقلتهم القوات الاميركية في اربيل في بداية هذه السنة، هم من الأمن الايراني وليسوا دبلوماسيين كما كان يصر سابقا.
على كل، لا يزال الصراع بين الطرفين مستمراً. وكل منهما بدأ يراجع حساباته، لقد كان هدف اميركا تشكيل حكومة اتحاد وطني موالية لواشنطن، اما ايران فكانت تتطلع اما الى اقامة حكومة موالية لها في بغداد، او تقسيم العراق الى ثلاثة اقسام تكون هي صاحبة النفوذ القوي في الجزء الجنوبي. وبعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي وعندما ظهر ان السنّة صاروا مستعدين للمشاركة في العملية السياسية، استعملت ايران نفوذها لدى الاطراف الشيعية الموالين لها لعرقلة هذه المشاركة وتوتير الوضع. وطالما استمرت ايران في اتباع هذه السياسة، فإن الاستراتيجيات الأميركية لن تنج في العراق.
الآن عادت الى طاولة الخيارات مسألة توجيه ضربة عسكرية الى ايران، بحجة وقف برنامجها النووي، وتحتار ايران في تقييمها مدى صحة هذا الاحتمال او اعتباره تهديداً. يقول احد المؤرخين الغربيين: «ان الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت، ظل يصر علناً على ان اميركا لن تدخل الحرب العالمية الثانية، في وقت كان المسؤولون الأميركيون والبريطانيون يضعون خطط ذلك التدخل». وانه في الخمسينات ظل وزير الخارجية الاميركي جون فوستر دالاس يؤكد على ان هدف اميركا هو تحرير اوروبا الشرقية من الاتحاد السوفياتي، في حين انه لم تكن هناك خطط، او قدرة أو توقع لذلك.
ولأن ايران تريد ان تستبق كل الاحتمالات، فإن الوضع في العراق بالذات سيزداد تأججاً وعنفاً من اجل الوصول الى عراق فيدرالي، كي نتجنب استعمال عبارة تفكيك العراق. وهذا ما عاد يشير اليه عبد العزيز الحكيم.
ان الدعوة الى عراق فيدرالي توحي بأن ايران تساهم بطريقة غير مباشرة في تحسين الوضع الأمني، فأكثر ما يخيفها هو عراق موحد في ظل نفوذ أو تحت سيطرة اميركا مثلاً. ثم ان عراقاً غير موحد لن يشكل خطراً على ايران، ويتيح لها السيطرة على الجزء الجنوبي منه، ويبقى منطقة فاصلة بينها وبين دول الخليج العربي، تعتقد انها قادرة على التحكم فيها.
هناك سهولة في هذا الطرح، لأن معركة بغداد لم تحسم بعد، ولن تحسم اذا لم تنسحب منها القوات الأميركية. ثم هل ان عبد العزيز الحكيم، يضمن انه بعد الفيدرالية سيقبل الشيعة العراقيون بالنفوذ الايراني على اقليمهم؟
يقول لي مصدر اميركي مطلع: «الاعتقاد السائد هو أن أميركا بسبب ورطتها في العراق، لن تُقدم على ضرب ايران، لكنني اقول، انه بسبب هذه الورطة بالذات، فإن احتمال توجيه ضربة عسكرية ضد ايران، صار كبيراً جداً!