علي عقيل الحمروني
02-05-2007, 06:32 PM
( (الحلقة الأولى )
نزعم ، أن إخفاق أي حوار في تحقيق رؤية متجانسة ، للموضوع المطروح لا يغضي قط ، من أهمية ما يمكن أن يوفره ، هذا الحوار من مؤهلات للتفاهم ، على صيغ مشتركة ، تجنب منطق التجاوب ، والانفتاح ، والمداولة من السقوط ، والانهيار، وهذا إذا كان، فإنه وحده يعد كافياً لجعل أي حوار يرتدي بعداً ودياً ، متسامحاً باستمرار.
ولا شك إن حدوث مثل هذا الأمر سيساهم في جعل الحوار، منبراً للعلم ، والمعرفة ، وبيئة صالحة لتوالد الخلق ، والإبداع في مجال الفكر ، والثقافة.
وفي هذا الإطار نقدم محاولتنا المتواضعة جداً ، آملين أن تحظى بقدر من السماحة ، والصبر، ومزيد من الاهتمام.
توطئة
لاشك أن لكل منهج رؤيته الخاصة في التغيير، والتي تتناسب ، وأهدافه ، وغاياته ، وطموحاته ، وأنماط قيمه ، وأفكاره .
ووفقاً لذلك تتحدد طبيعة رؤيته التغييرية ، وطبيعة الوسائل ، والأدوات ، والأساليب الواجب انتهاجها ، والتي يكون من ، وظيفة النشاط الفكري للإنسان تنظيمها ، وتنسيقها وفق الظروف ، والإمكانات المتاحة ، مما يكفل التحكم في أية ممارسة ، كما يسمح بتوجيهها نحو أهدافها المحددة ، مؤطرة بضوابط المنهج ، وثوابته ، بما يحقق درجة ملاءمة ، ومقنعة من الإنجاز حسب مقتضيات الواقع الموضوعي.
وباعتبار ذلك كله ، يتم ترشيد اختيارات الإنسان ، وحركته الانتقائية لأدوات العمل ، وأساليبه واستراتيجياته في محيط الواقع ، وبمقتضاه تتجه الهمم لبلورة الوعي بملامحه الأساسية ، وفق الظروف الملموسة في إطار الزمان ، والمكان.
ونحن هنا سنحاول تحديد ملامح الموضوع عنوان البحث ، انطلاقاً من إقامة نوع من الفوارق بين أنواع ثلاثة من المنطق ، والتي تتحكم جوهرياً في نشاط الفكر التغييري ، وتتحدد بمقتضاها صيغ العمل ، والممارسة. وقد رأينا أن وقوع اللبس ، والاختلال في صياغتها بشكل صحيح، وعدم ضبط منطقها وفق ميزان ، واضح وصارم ، هو إحدى المقدمات الأساسية ، والخطيرة للانحراف في الرؤية التغييرية.
ولذا فإنه سيكون هو أيضاً المدخل ، بل الإطار العام الذي نتحدد به ، ونطرح موضوعنا من خلاله.
فما هي تلك الأنواع اذاً ؟؟
وما الفوارق الجوهرية بينها ؟؟
فلنبدأ أولاً : بتحديد أحد هذه الأنواع وفق أهميته الإجرائية وهو:
(المنطق العملي الخالص).
المدخل
تتحدد الوسائل ، أو الأساليب ، وفقاً للمنطق العملي الخالص ، بمدى استجابتها لمتطلبات العمل الذي يراد منه تحقيق غايات ، وأهداف منتقاة.
بالتالي فإن الأساس النهائي لمبدأ الاختيار في هذا المنطق ، إنما يقوم فقط على حيازة الأسلوب، أو الوسيلة ، أو الشروط اللازمة للإنجاز بالفعل.
ولعل مما يبدو لنا ضمناً من تقرير هذه الحقيقة ، هو أن طبيعة هذا المبدأ لا تعير اهتماماً ، ولا تبدي التفاتاً لنمط السلوك المتخذ من حيث مطابقته لإملاءات ، ومتطلبات القيم ، والمثل والمبادئ ، أو حتى التوجهات الفكرية من عدمها. لأن مثل هذا الاهتمام ، أو ذاك الالتفات في حسابات هذا المنطق لا علاقة له بجوهر الاختيار ، ولا بأي شيء آخر يمكن أن يكون محلاً للاهتمام ، أو ما هو من هذا القبيل ما دام المبرر الوحيد للاختيار في نظره هو قدرة هذه الوسائل ، أو الأساليب على إخضاع الممكنات لمتطلبات الإنجاز، والتحقيق.
ولذا ، فإنه من الطبيعي ألا تتيمم الاختيارات إلا شطر ما يحقق هذا الإنجاز، أو ذاك في الوقت المناسب ، وبالكلفة المناسبة ، وبالكيفية ، والوضع المناسبين.
فإذا افترضنا تحقق ذلك فإن أي شيء آخر ، سيكون فاقداً لكل ما يمكن أن يجعله مدعاة للنظر، والاهتمام. وبذا فإن أي اختيار يتكئ على قاعدة معيارية ، قيمية ، أو إيديولوجية سيكون فاقداً لصدقيته منذ أول وهلة ، وقبل أن تتأسس كعلاقة هامة تحدد الاختيار، وتوجهه. لأن مثل هذا المنطق سوف لن يتقي الانهيار، وبشكل كامل عندما يتم تحديده بأي معامل يمكن أن تخالطه الإيديولوجيا ، أو تحركه هواجس المثل أو القيم.
فالمصالح ، والمنافع ، وما تمليه، والمكاسب ، والمطالب ، وما تستوجبه، هي وحدها فقط التي تؤسس الاختيار الذي تؤطره ، الفاعليات القادرة على حياكة النجاحات ، التي لا يعنيها سوى استثمار المعطيات الممكنة ، القادرة على خدمة الأغراض ، والغايات المبيتة سلفاً.
وإذا حدث ، وأن تم النظر إلى الوسائل ، أو الأساليب من غير هذه الزاوية فإن ذلك لن يكون بحال منطلقاً من منطق عملي خالص بأي صورة من الصور.
ومما تقدم فإن سؤالاً سينبري لنا هنا وهو سؤال مهم مفاده:
هل يمكننا اعتبار المنطق العملي الخالص معياراً أحادياً ، وميزاناً متفرداً لقياس مدى ماتتسم به هذه الوسيلة ، أو تلك ، أو هذا الأسلوب، أو ذاك من بعد عملي واقعي ؟.
والجواب:
إن ذلك غير صحيح. ويأتي الحكم بعدم الصحة هنا ، لما يلزم عن ذلك من اختلاط ، وخلط بين مفهومين هما في غاية التباعد ، والاختلاف ، والتنأي ، الأمر الذي سينجم عنه ، اختلال في تحديد المبدأ الذي يؤسس مدى عملية الوسيلة ، أو الأسلوب أصلاً.
ويمكننا أن نتخلص من مغبة هذا الخلط المشين فيما لو ميزنا بين المنطلق العملي كأساس ، ومعيار عام في التفكير، وبين المنطلق العملي كأساس ، ومعيار مطلق في التفكير.
فهذا الأخير إنما يقوم منطقه على نفي أي وجود حيوي لأي معامل آخر، كالقيم ، والمثل ، والأفكار، والدوافع المعنوية... سوى معامل التحقيق ، والإنجاز.
وأما الأول فإنه لا ينفي الوجود الحيوي لمثل هذه الأشياء ، ولكنه في الوقت ذاته الذي لا يقبل فيه هذا الإقصاء المتطرف للوجود الحيوي لغير معامل التحقيق ، والإنجاز فإنه لا يقبل أيضاً أن يتم الاختيار على أساس أي مبدأ لا يأخذ في اعتباره ، ضرورة خضوع أي اختيار، لمتطلبات التحقيق ، والإنجاز.
أي أن اختيار الأسلوب ، أو الوسيلة لابد وأن يكون محكوماً ، بمدى مطابقته للفاعلية ، والقدرة اللازمة لتحقيق الغايات ، والأهداف العملية على ارض الواقع.
وهذا المنطلق هو ما يؤسس المنطق الواقعي ، أو المنطق العملي/ القيمي.
وهو المنطق الذي يتحدد بالواقع في حين يتأطر الواقع به ، لا من حيث كونه ضرورات عملية وحسب ، إنما من كونه ضرورات أخلاقية ، وإيديولوجية كذلك.
فتتم الموازنة بين هذين النوعين من الضرورات في معادلة ، دقيقة تفسح المجال للقيم ، والمثل، والأفكار ، والأخلاقيات في ذات الوقت الذي لا ترتطم فيه بمتطلبات الواقع العملي.
فهو إذاً منطق يمزج بين واقعين ، ويعاير بينهما ، ويأخذ في الاعتبار متطلبات الضرورة. ضرورة ما توجبه القيم ، وضرورة ما يوجبه الحسم العملي، وتبقى صحة الالتزام بهذا المنطق مرهونة بصحة المعايرة التي تقام بين الأمرين.
وأما إذا تم الانفصال بين المعيار القيمي/ الإيديولوجي ، والمعيار العملي لصالح هذا الأخير فإنه سيتأسس على أرضية ، هذا الانفصال بالضرورة ، المنطق العملي الخالص كما عرفنا سابقاً.
أما إذا تم العكس فإن ما سيتأسس على هذه الأرضية هو المنطق القيمي ، أو الإيديولوجي الخالص. إذ هو المقابل الميكانيكي المباشر للمنطق العملي الخالص.
ويتأسس المنطق القيمي ، أو الإيديولوجي كما هو واضح من المقابلة ، على أرضية القيم ، والمثل ، والأفكار النافية لأي وجود حيوي آخر، بحيث يتموضع العمل على أنه مجرد نشاط معبر ،عن حيوية الانسجام ، والتفاعل مع مطلقات قيمية ، أو إيديولوجية ما، وهي وحدها في الحقيقة ما سيعطي هذا العمل سنده ، ومبرره في حسابات هذا المنطق ، وهي وحدها ما سيضفي على الوسائل ، والأساليب المنتهجة ، صدقيتها بغض النظر عن مدى تحقيقها لمقداراً مقنع من الإنجاز اللازم تحققه من عدمه.
نزعم ، أن إخفاق أي حوار في تحقيق رؤية متجانسة ، للموضوع المطروح لا يغضي قط ، من أهمية ما يمكن أن يوفره ، هذا الحوار من مؤهلات للتفاهم ، على صيغ مشتركة ، تجنب منطق التجاوب ، والانفتاح ، والمداولة من السقوط ، والانهيار، وهذا إذا كان، فإنه وحده يعد كافياً لجعل أي حوار يرتدي بعداً ودياً ، متسامحاً باستمرار.
ولا شك إن حدوث مثل هذا الأمر سيساهم في جعل الحوار، منبراً للعلم ، والمعرفة ، وبيئة صالحة لتوالد الخلق ، والإبداع في مجال الفكر ، والثقافة.
وفي هذا الإطار نقدم محاولتنا المتواضعة جداً ، آملين أن تحظى بقدر من السماحة ، والصبر، ومزيد من الاهتمام.
توطئة
لاشك أن لكل منهج رؤيته الخاصة في التغيير، والتي تتناسب ، وأهدافه ، وغاياته ، وطموحاته ، وأنماط قيمه ، وأفكاره .
ووفقاً لذلك تتحدد طبيعة رؤيته التغييرية ، وطبيعة الوسائل ، والأدوات ، والأساليب الواجب انتهاجها ، والتي يكون من ، وظيفة النشاط الفكري للإنسان تنظيمها ، وتنسيقها وفق الظروف ، والإمكانات المتاحة ، مما يكفل التحكم في أية ممارسة ، كما يسمح بتوجيهها نحو أهدافها المحددة ، مؤطرة بضوابط المنهج ، وثوابته ، بما يحقق درجة ملاءمة ، ومقنعة من الإنجاز حسب مقتضيات الواقع الموضوعي.
وباعتبار ذلك كله ، يتم ترشيد اختيارات الإنسان ، وحركته الانتقائية لأدوات العمل ، وأساليبه واستراتيجياته في محيط الواقع ، وبمقتضاه تتجه الهمم لبلورة الوعي بملامحه الأساسية ، وفق الظروف الملموسة في إطار الزمان ، والمكان.
ونحن هنا سنحاول تحديد ملامح الموضوع عنوان البحث ، انطلاقاً من إقامة نوع من الفوارق بين أنواع ثلاثة من المنطق ، والتي تتحكم جوهرياً في نشاط الفكر التغييري ، وتتحدد بمقتضاها صيغ العمل ، والممارسة. وقد رأينا أن وقوع اللبس ، والاختلال في صياغتها بشكل صحيح، وعدم ضبط منطقها وفق ميزان ، واضح وصارم ، هو إحدى المقدمات الأساسية ، والخطيرة للانحراف في الرؤية التغييرية.
ولذا فإنه سيكون هو أيضاً المدخل ، بل الإطار العام الذي نتحدد به ، ونطرح موضوعنا من خلاله.
فما هي تلك الأنواع اذاً ؟؟
وما الفوارق الجوهرية بينها ؟؟
فلنبدأ أولاً : بتحديد أحد هذه الأنواع وفق أهميته الإجرائية وهو:
(المنطق العملي الخالص).
المدخل
تتحدد الوسائل ، أو الأساليب ، وفقاً للمنطق العملي الخالص ، بمدى استجابتها لمتطلبات العمل الذي يراد منه تحقيق غايات ، وأهداف منتقاة.
بالتالي فإن الأساس النهائي لمبدأ الاختيار في هذا المنطق ، إنما يقوم فقط على حيازة الأسلوب، أو الوسيلة ، أو الشروط اللازمة للإنجاز بالفعل.
ولعل مما يبدو لنا ضمناً من تقرير هذه الحقيقة ، هو أن طبيعة هذا المبدأ لا تعير اهتماماً ، ولا تبدي التفاتاً لنمط السلوك المتخذ من حيث مطابقته لإملاءات ، ومتطلبات القيم ، والمثل والمبادئ ، أو حتى التوجهات الفكرية من عدمها. لأن مثل هذا الاهتمام ، أو ذاك الالتفات في حسابات هذا المنطق لا علاقة له بجوهر الاختيار ، ولا بأي شيء آخر يمكن أن يكون محلاً للاهتمام ، أو ما هو من هذا القبيل ما دام المبرر الوحيد للاختيار في نظره هو قدرة هذه الوسائل ، أو الأساليب على إخضاع الممكنات لمتطلبات الإنجاز، والتحقيق.
ولذا ، فإنه من الطبيعي ألا تتيمم الاختيارات إلا شطر ما يحقق هذا الإنجاز، أو ذاك في الوقت المناسب ، وبالكلفة المناسبة ، وبالكيفية ، والوضع المناسبين.
فإذا افترضنا تحقق ذلك فإن أي شيء آخر ، سيكون فاقداً لكل ما يمكن أن يجعله مدعاة للنظر، والاهتمام. وبذا فإن أي اختيار يتكئ على قاعدة معيارية ، قيمية ، أو إيديولوجية سيكون فاقداً لصدقيته منذ أول وهلة ، وقبل أن تتأسس كعلاقة هامة تحدد الاختيار، وتوجهه. لأن مثل هذا المنطق سوف لن يتقي الانهيار، وبشكل كامل عندما يتم تحديده بأي معامل يمكن أن تخالطه الإيديولوجيا ، أو تحركه هواجس المثل أو القيم.
فالمصالح ، والمنافع ، وما تمليه، والمكاسب ، والمطالب ، وما تستوجبه، هي وحدها فقط التي تؤسس الاختيار الذي تؤطره ، الفاعليات القادرة على حياكة النجاحات ، التي لا يعنيها سوى استثمار المعطيات الممكنة ، القادرة على خدمة الأغراض ، والغايات المبيتة سلفاً.
وإذا حدث ، وأن تم النظر إلى الوسائل ، أو الأساليب من غير هذه الزاوية فإن ذلك لن يكون بحال منطلقاً من منطق عملي خالص بأي صورة من الصور.
ومما تقدم فإن سؤالاً سينبري لنا هنا وهو سؤال مهم مفاده:
هل يمكننا اعتبار المنطق العملي الخالص معياراً أحادياً ، وميزاناً متفرداً لقياس مدى ماتتسم به هذه الوسيلة ، أو تلك ، أو هذا الأسلوب، أو ذاك من بعد عملي واقعي ؟.
والجواب:
إن ذلك غير صحيح. ويأتي الحكم بعدم الصحة هنا ، لما يلزم عن ذلك من اختلاط ، وخلط بين مفهومين هما في غاية التباعد ، والاختلاف ، والتنأي ، الأمر الذي سينجم عنه ، اختلال في تحديد المبدأ الذي يؤسس مدى عملية الوسيلة ، أو الأسلوب أصلاً.
ويمكننا أن نتخلص من مغبة هذا الخلط المشين فيما لو ميزنا بين المنطلق العملي كأساس ، ومعيار عام في التفكير، وبين المنطلق العملي كأساس ، ومعيار مطلق في التفكير.
فهذا الأخير إنما يقوم منطقه على نفي أي وجود حيوي لأي معامل آخر، كالقيم ، والمثل ، والأفكار، والدوافع المعنوية... سوى معامل التحقيق ، والإنجاز.
وأما الأول فإنه لا ينفي الوجود الحيوي لمثل هذه الأشياء ، ولكنه في الوقت ذاته الذي لا يقبل فيه هذا الإقصاء المتطرف للوجود الحيوي لغير معامل التحقيق ، والإنجاز فإنه لا يقبل أيضاً أن يتم الاختيار على أساس أي مبدأ لا يأخذ في اعتباره ، ضرورة خضوع أي اختيار، لمتطلبات التحقيق ، والإنجاز.
أي أن اختيار الأسلوب ، أو الوسيلة لابد وأن يكون محكوماً ، بمدى مطابقته للفاعلية ، والقدرة اللازمة لتحقيق الغايات ، والأهداف العملية على ارض الواقع.
وهذا المنطلق هو ما يؤسس المنطق الواقعي ، أو المنطق العملي/ القيمي.
وهو المنطق الذي يتحدد بالواقع في حين يتأطر الواقع به ، لا من حيث كونه ضرورات عملية وحسب ، إنما من كونه ضرورات أخلاقية ، وإيديولوجية كذلك.
فتتم الموازنة بين هذين النوعين من الضرورات في معادلة ، دقيقة تفسح المجال للقيم ، والمثل، والأفكار ، والأخلاقيات في ذات الوقت الذي لا ترتطم فيه بمتطلبات الواقع العملي.
فهو إذاً منطق يمزج بين واقعين ، ويعاير بينهما ، ويأخذ في الاعتبار متطلبات الضرورة. ضرورة ما توجبه القيم ، وضرورة ما يوجبه الحسم العملي، وتبقى صحة الالتزام بهذا المنطق مرهونة بصحة المعايرة التي تقام بين الأمرين.
وأما إذا تم الانفصال بين المعيار القيمي/ الإيديولوجي ، والمعيار العملي لصالح هذا الأخير فإنه سيتأسس على أرضية ، هذا الانفصال بالضرورة ، المنطق العملي الخالص كما عرفنا سابقاً.
أما إذا تم العكس فإن ما سيتأسس على هذه الأرضية هو المنطق القيمي ، أو الإيديولوجي الخالص. إذ هو المقابل الميكانيكي المباشر للمنطق العملي الخالص.
ويتأسس المنطق القيمي ، أو الإيديولوجي كما هو واضح من المقابلة ، على أرضية القيم ، والمثل ، والأفكار النافية لأي وجود حيوي آخر، بحيث يتموضع العمل على أنه مجرد نشاط معبر ،عن حيوية الانسجام ، والتفاعل مع مطلقات قيمية ، أو إيديولوجية ما، وهي وحدها في الحقيقة ما سيعطي هذا العمل سنده ، ومبرره في حسابات هذا المنطق ، وهي وحدها ما سيضفي على الوسائل ، والأساليب المنتهجة ، صدقيتها بغض النظر عن مدى تحقيقها لمقداراً مقنع من الإنجاز اللازم تحققه من عدمه.