تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : غزو فاشل



FreeMuslim
02-03-2007, 02:34 PM
"غزوة" حزب الله في لبنان! علي حسين باكير (http://www.albainah.net/index.aspx?function=Author&id=636&lang=) الإسلام اليوم/ 11-1-1428هـ
تتسارع الأحداث في لبنان على نحو خطير مهدّدة بتمزيق الدولة اللبنانية و كل مكوّناتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، و تحولها إلى أشلاء قد تمتد شراراتها إلى بلدان عربية أخرى عبر سيناريوهات و أدوات مشابهة.
قد يبدو الأمر للمتابع الضيق الأفق أن المسألة في لبنان هي مسألة لبنانية داخلية بحتة، لكن للسيد الخامنئي رأي آخر, فبعد تصريحه الأول و الشهير منذ بضعة أشهر و الذي يقول فيه: "سنهزم أمريكا في لبنان" –و لا أعرف لماذا لا يهزمها بالقرب من حدوده على الضفتين!!-قامت صحيفة (كيهان) الإيرانية و المعروفة بقربها من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية بنقل رسالة خطيرة جداً بتاريخ 8-11-2006 مرتبطة بالأحداث الحالية هنا، تدعو فيها إلى "تغيير موازين السلطة في لبنان لمصلحة الطائفة الشيعية" قائلة ما نصّه:
"في ظل النظام الإستراتيجي الجديد الذي برز في الشرق الأوسط، صار واجباً أن يكون للشيعة في لبنان –لاحظوا المصطلح: للشيعة في لبنان و ليس لشيعة لبنان!!- أكبر حصة في المؤسسات الحكومية والرسمية. وعلينا أن نرى ونتابع كيف تتطور الأمور. إن لبنان يواجه تغييرات لا تستطيع الحكومة الراهنة أن تعالجها. لهذا، من الضرورة تغيير المؤسسات فيها، و أول ما يجب تغييره هو اتفاق الطائف". تضيف الصحيفة: "إن الشيعة يمثلون اليوم 40% من السكان اللبنانيين، ويشغلون 40% من الأرض اللبنانية، و هم المجموعة الأكثر وحدة وتوحداً فيه، وصارت قوتهم العسكرية الأقوى في تلك المنطقة من العالم العربي، لذلك يجب أن يكون لهم التمثيل الأكبر و الأوسع في الحكومة وفي البرلمان وفي كافة المؤسسات اللبنانية".
هكذا إذاً المسألة يا سيد حسن ليست مسألة معارضة و لا مشاركة أو حكومة وحدة أو زيادة وزير أو غيره. المسألة كما يريدها الخامنئي هي انقلاب و سيطرة على لبنان، مقرناً ذلك بالقوّة العسكرية التي قالت الصحيفة عنها "الأقوى في العالم العربي"!!
بطبيعة الحال، كان لا بد للحزب من استخدام بعض الفئات اللبنانية لتغطية مشروعه بقناع لبناني، في حين أنّ الحقيقة تقول إنّ الأساس هو حزب الله، و إنّ البقية هم مجرّد منتفعين. فالجميع يعرف أنّ هدف الجنرال عون الأساس و الرئيس هو رئاسة الجمهورية، و لو أدى ذلك إلى احتراق لبنان كله.
و يبدو أنّ التحضير لتغيير الواقع اللبناني كان يُعدّ له على قدم و ساق بناء على رغبة السيد الخامنئي، فجاء اليوم الموعود في 23-1-2007. كان من المفترض أن يكون هذا اليوم إضراباً عادياً لا يذهب مناصرو المعارضة فيه إلى العمل، فيما ناشدت الموالاة الجميع مواصلة أعمالهم كالمعتاد.
المناسبة "قولاً" كانت إعلان حزب الله و أنصاره في المعارضة الإضراب، فيما كان "الفعل" غير ذلك!! قطع الطريق السريعة الدولية بين بيروت و الجنوب على طول المدن السريعة، و بين بيروت و طرابلس على نفس الشاكلة، إغلاقها بالإطارات المشتعلة و السواتر، محاصرة مطار بيروت الدولي، و إحكام السيطرة على مرفئه، إشعال الحرائق و نصب الخيم المثبّتة و تعزيزها في الأماكن التي تمثّل الشريان الحيوي للبنان من أجل شل حركته السياسية و الاقتصادية، نشر المسلّحين و المحاربين و إقامة السواتر الترابية عبر استقدام جرافات و شاحنات لتفريغ الأتربة في محاور الطرق الرئيسة و الفرعية، مشّكلة كانتونات دفاعية لتقطيع الأوصال و التواصل، رافقها حرائق هائلة كان من الممكن للمتابع أن يرى سحبها من على بعد عدّة كيلومترات.
بماذا تذكرنا كل هذه المشاهد؟! ما أشبه اليوم بالأمس!! تحجّجوا بالعدوان الإسرائيلي لينفذوا أجندتهم، و ما أن استعصى الأمر عليهم حتى أجهزوا على لبنان بالطريقة الإسرائيلية!!
و ما أن انتهى اليوم العصيب حتى أعلن الحزب و مؤيدوه تحقيقهم النصر من خلال التزام كل لبنان بالإضراب الذي دعوا إليه!! لم يستطيعوا تحمل رؤية غيرهم لا يلتزم بالإضراب فقطعوا الطرق، و أجبروا الآخرين على التمترس في المنازل ليأتوا بعد ذلك و يقولوا: "لقد انتصرنا، الجميع التزم بالإضراب"!!
لقد كانت الوقائع في ذلك اليوم تشير إلى أنّ الحزب يحضّر لتشديد الحصار تمهيداً للإطاحة بالحكومة، ففي حوالي الساعة السابعة مساء من ذلك اليوم توجّه عدد من الجرافات و الشاحنات بأوامر من حزب الله لتفريغ كميات كبيرة من الأتربة و الرمال على الطرق الرئيسة في البلاد، لاسيما تلك التي تتمتع بأهمية إستراتيجية في بيروت، لكن و فجأة و في حوالي السابعة و الربع يصدر حزب الله بياناً يعلن فيه انتهاء الأحداث في هذا اليوم، و رفع السواتر و الاستحكامات!! المعلومات المتوافرة حتى الآن و التحليلات المقترنة بها تشير إلى عنصرين:
الأول: ردّة الفعل القوية من قبل الجمهور المتضرر من الأعمال التي قامت بها المعارضة خلال الإضراب من قطع للطرقات و إشعال للحرائق و تقييد للناس و إقامة متاريس و حواجز، رافقه عدم قدرة حلفاء حزب الله لاسيما الجنرال عون و كرامي من تحشيد حلفائهم، خاصّة أنّه لم يكن بإمكانهم إلحاق الضرر بمناطقهم بالشكل الذي فعله الحزب في المناطق الأخرى. فالأعمال التي قام بها الحزب لم تكن في مناطقه، بمعنى أنّ رجال الحزب و مؤيديه ذهبوا إلى مناطق غيرهم لإقامة المتارييس و الاستحكامات و إحراق الإطارات، لذلك لم نسمع عن أي إشكالات في المناطق التي يتواجد فيها "أكثرية شيعية"، و ذلك لأنهم انطلقوا منها إلى المناطق الأخرى، و هو الأمر الذي أثار استياء الجمهور الموالي للحكومة الذي رأى بهذه الحركة أنّ الحزب يستكمل "الاعتداء الإسرائيلي" على لبنان, رافق كل ذلك رسالة من جنبلاط إلى أحد أقطاب المعارضة البارزين يبلغه فيها بأنّه إذا لم يتم فك الحصار عن بيروت فإنّه سيبلغ مناصريه في الجبل بأكمله بالنزول لفك الحصار مهما اقتضى الأمر.
الثاني: رسالة قوية من المملكة العربية السعودية إلى إيران تطالبها فيها بأن تحذو حذوها فتكون على مسافة واحدة من جميع الفرقاء في لبنان في البحث عن حل، و إلاّ فإنّ تخريب إيران للوضع اللبناني لن يتم السكوت عنه، و سيتم استخدام أوراق "لم يتم اللجوء إليها من قبل" في مواجهة التدخلات الإيرانية في الدول العربية. و قد أوفدت المملكة فيما بعد الأمير بندر بن سلطان لمتابعة الموضوع في طهران، لما يمثله بندر بشخصه أولاً و بمنصبه السابق و الحالي ثانياً من أهمية كبيرة في إعطاء الرسالة السعودية لإيران طابعاً جديًّا و خطيراً، مما حدا بطبيعة الحال بإيران إلى الطلب من الحزب وقف تصعيده الحالي.
و يبدو أنّ أحداث هذا اليوم و ما وقع فيه لم تكن كافية ليتم الاتفاق على رفع التناقضات من الشارع و تحويلها إلى مؤسسات الدولة الرسمية، و منها البرلمان اللبناني الذي يمسك بزمامه نبيه بري. و رأى حزب الله في أعمال الفتنة و القتل و التخريب و التدمير نجاحاً كبيراً و رسالة إلى السلطة!! إذ صرّح النائب عن حزب الله "حسن فضل الله" بما نصّه: "المعارضة نفّذت ما قررته وحققت نجاحاً أكبر مما كان متوقعاً؛ فالتحرك شمل كل المناطق، والرسالة وصلت إلى السلطة". و ما لبث أن صرحّ السيد حسن أنّ باستطاعته الإطاحة بالحكومة خلال يوم واحد, "اليوم أو غدا" كما قال، و ما هي إلاّ يوم حتى اندلعت الاضطرابات في "الطريق الجديدة" في بيروت. هل هذا كان صدفة؟! و يا للعجب من أن تكون الصدفة في المناطق ذات الأكثرية "السنيّة".
و يبدو أنّ أحداث "الطريق الجديدة" قد تدفع جميع الأطراف إلى مراجعة حساباتهم من جديد، فعلى الموالاة ألاّ تستغل إخفاق الحزب في تحقيق هدفه بأن تقوم بإعلاء سقف مطالبها، و عليها أن تبقي الباب مفتوحاً لما كانت طرحته سابقاً و بنفس السقف، فيما تعتمد كل الأمور على الحزب الذي يجب عليه أن يحدد مطلباً واضحاً، و يقبل بالطروحات المعروضة، لا أن يقوم بالتنقل بين مطالبه مرّة بحجة حكومة وحدة، و أخرى بوزير، و ثالثة بانتخابات نيابية، و رابعة بالإطاحة بالحكومة، و خامسة بالمسائل الاجتماعية، و سادسة بالمحكة الدولية؛ إذ لم نعد نعرف ما هو المطلب الحقيقي و ما هي الأجندة الحقيقية!!
و في حين يأمل الجميع بإعادة الأمور إلى نصابها من خلال إعادة إحياء مؤسسات الدولة، و لا سيما البرلمان اللبناني خلال الأيام القادمة بعد فترة من الهدوء، تشير بعض المصادر إلى أنّ الحزب غير مهتم بنتائج ما يجري، و أنّه سيعيد الكرّة يوم الثلاثاء القادم أو خلال الأسبوع، و هو ما يعني -إن صدقت هذه المعلومات- أننا قادمون على كارثة حقيقية قد تحرق الأخضر و اليابس، و لا تبقي أحداً، إلاّ إذا تمّ إعمال العقل و المصلحة الوطنية العليا.