FreeMuslim
02-03-2007, 01:44 PM
الفتنة الطائفية
عبد الله المجالي (http://www.albainah.net/index.aspx?function=Author&id=1094&lang=)
مجلة العصر/ 26-12-1427هـ
شكل مشهد إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، خطوة مهمة ولن تكون الأخيرة، في مسألة الفرز الطائفي، الذي بدأت تعاني منه المنطقة منذ سقوط بغداد بيد الاحتلال الأمريكي في نيسان 2003م.
فمنذ ذلك التاريخ والمسرح يهيئ وبصورة منظمة وتدريجية لفرز طائفي، يتوقع له أن يأكل الأخضر واليابس، حيث بدأ تصوير النظام العراقي السابق عن قصد، بالنظام السني الذي حكم العراق أكثر من 35 عاما، في مقابل أكثرية شيعية مورس ضدها أبشع أنواع الظلم والإقصاء. وتم تصوير الحالة بأنه انهيار للنظام السني الحاكم.
وتم التعامل مع المقاومة التي انطلقت فور سقوط بغداد، على أنها مقاومة سنية، ووجدت الفكرة مسوغا لها مع بزوغ تنظيمات المقاومة وتشكيلاتها وأسمائها ورموزها، وتجذرت عند صعود نجم المقاتلين العرب الذي دخلوا العراق قبيل بدء العدوان الأمريكي على العراق وأثناءه ـ رغم أن الكثير منهم جاء مسلحا بعاطفة دينية ووطنية جياشة دون أن يكون منتميا لأي تنظيم-، وتجمع هؤلاء فيما بعد تحت راية تنظيم القاعدة، ثم تاليا "التوحيد والجهاد"، ورغم أن أم التنظيم وقياداته العليا عرف عنهم مقارعة المشروع الأمريكي العالمي والتصدي له، ووضعهم كافة الأنظمة العربية والإسلامية في خانة واحدة -التكفير والعمالة لأمريكا-، لكن لم يعرف عن أولياتهم العداء الصارخ تجاه الشيعة.
بعد ذلك، خطا الاحتلال الأمريكي خطوات عملية وعلنية لتغذية وتثبيت البعد الطائفي في الملف العراقي، فصدرت الأوامر بحل الجيش العراقي، وإنشاء هيئات حاكمة بدأت بمجلس الحكم الانتقالي تعتمد المحاصصة الطائفية وسيلة وحيدة لتشكيلها، واعتمد الاحتلال إحصاءات غير دقيقة لتصب في صالح الفرز الطائفي، فأعطى الشيعة حصة الأسد، ووضع العرب السنة في ذيل القائمة.
ثم جاءت الحكومة المؤقتة، وأُعطي طرف مقاليد الأمور عبر رئاسة الوزراء، فيما جعلت رئاسة الجمهورية رئاسة شكلية ليس لها أي صلاحيات تنفيذية. بعدها جاءت الانتخابات التشريعية وعمل الاحتلال جاهدا أن تعكس هذه الانتخابات نظام المحاصصة الذي أسس له من قبل، وهذا ما حصل، فتعمق الفرز الطائفي وبات يأخذ أشكالا أكثر تطرفا. ثم جاءت مسألة الدستور الذي رسم الحدود الطائفية في البلد الواحد.
تسلسل الأحداث قد يبدو منطقيا، فالسنة هم من قادوا المقاومة، وبالتالي كان لا بد من تحجيمهم، والتخلص منهم، فيما كان الآخرون حلفاء للاحتلال، فكان لا بد من مكافأتهم، إضافة لذلك، فقد ضاعف الشيعة مكاسبهم عبر خطة مدروسة جيدا، فانسابوا في الدولة الجديدة الناشئة، وثبتوا أركانهم في كل مفاصلها.
ولكن؛ من قال إن نظام صدام حسين كان نظاما سنيا، حتى هو نفسه لم يقل ذلك في أحلك الظروف. حتى خلال الحرب العراقية الإيرانية، لم يرفع صدام حسين شعار السنة ضد الشيعة. ومن قال إن المعارضة العراقية كانت شيعية خالصة، بل كان ممن يحسبون عليها من العرب السنة، حتى المعارضة لم تؤطر نفسها يوما بإطار طائفي، ربما كان هذا للخديعة، صحيح، لكن ربما كان هناك عامل خارجي لتتحول هذا التحول، أو ربما الاثنين معا.
في بداية الاحتلال وانطلاق المقاومة التي وسمت بالسنية، كان هناك جزء هام من العرب السنة يشارك في العملية السياسية الأولى عبر مجلس الحكم، ورغم معارضة جزء هام من العرب السنة لهذه المشاركة، إلا أن الصورة العامة التي انطبعت هي مقاومة العرب السنة المسلحة للمشروع الأمريكي.
ورغم رفض قوى شيعية للاحتلال الأمريكي في البداية، أمثال التيار الصدري والخالصي والمؤيد، إلا أن الصورة العامة التي انطبعت هي التحالف الكامل بين الشيعة وقوات الاحتلال. ولم تتغير الصورة رغم استنكار التيار الصدري الشديد لعملية الفلوجة الأولى، وإرساله لمواد وإمدادات لمقاتلي الفلوجة، ورغم استنكار هيئة علماء المسلمين لاقتحام النجف إبان حكومة إياد علاوي، وإرسالها مواد وإمدادات لجيش المهدي.
عملية تفجير مراقد أئمة الشيعة في سامراء في 22 /1/2006م، كانت الحد الفاصل للانتقال بالنزعة الطائفية إلى صورتها البشعة داخل العراق، وإلى الآن لم تستطع السلطات العراقية كشف ملابسات الحادث، والأهم من ذلك أن تنظيم القاعدة أو التوحيد والجهاد الذي اتهم مباشرة بالعملية، نفى أن تكون له صلة بذلك، وغني عن القول أهمية هذا النفي من تنظيم القاعدة، إذ إن تبني العملية ليس مشكلة عند القاعدة إذا قامت بها بالفعل.
وهذا يضع علامة استفهام كبيرة حول العملية وأهدافها، حيث بدأت بعدها مباشرة عمليات تفجير مساجد السنة والاعتداء عليها وعلى أئمتها، بعد ذلك أصبح الإعلام مشغولا، وبشكل شبه يومي، بعدّ الجثث مجهولة الهوية التي تلقى يوميا في شوارع بغداد والمحافظات الأخرى وتحمل علامات تعذيب بشع، وحسب المحلل والسياسي العراقي د.ظافر العاني، فإن آليات ودبابات قوات الاحتلال كانت تملأ شوارع بغداد والمحافظات قبل عملية تفجير سامراء، الأمر الذي تغير تماما بعد ذلك!
أما عملية إعدام الرئيس العراقي صدام حسين وتوقيتها، فهي الحد الفاصل للانتقال بالفتنة الطائفية إلى خارج أسوار العراق. فأصابع الاحتلال لم تغب عن عملية الإعدام، فحسب النيويورك تايمز، فإن القائد الأمريكي المسؤول عن حراسة صدام كان يرفض تسليمه لحكومة المالكي، الذي طالبت بتسليمه بشدة، وحسب صحيفة الشرق الأوسط في 8/1/2007م، فإن: "صلة خليل زاد الرئيسية في واشنطن هي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، وأنها أعطت الضوء الأخضر لتسليم صدام على الرغم من تحفظات القادة العسكريين في بغداد، وقال أحد المسئولين إن رايس كانت مدعومة في موقفها من جانب مستشار بوش للأمن القومي ستيفن هادلي".
إذا، فالإدارة الأمريكية ضالعة في توقيت الإعدام الذي صدم العالم، ولا شك أن ما جرى خلال الإعدام كان يمكن إخفاؤه، لكن أمر إفشاء ما جرى عبر تسجيل خلوي، قام به إحدى شخصيتين حكوميتين رئيسيتين حضرتا الإعدام (حسب تصريحات للمدعي العام لقنوات فضائية)، يلقي مزيدا من الريبة حول هدف تسريب المشاهد المصورة، أما ما رافق ردود الفعل الشعبية الغاضبة إزاء إعدام الرئيس صدام حسين، فيدعونا للتفكير مليا حول هدف تفاصيل عملية الإعدام وتوقيتها.
تسلسل الأحداث في العراق يعطي المحلل دليلا كافيا، للقول إن الفتنة الطائفية الدائرة اليوم في العراق، والتي انتقلت مشاعرها إلى خارج العراق ـ ولا أدري ما هي الخطوة الثالثة ومتى للانتقال بالفتنة الطائفية بصورتها البشعة خارج العراق-، هذه الفتنة تقف خلفها قوى خارجية خدمة لمصالحها، وقوى داخلية متحالفة معها، مرتبط مصيرهم بمصيرها.
صحيح أن خيارين كانا يتجاذبان في العراق منذ لحظة الاحتلال، خيار مقاومة الاحتلال يتزعمه العرب السنة، وخيار مهادنة الاحتلال يتزعمه الشيعة. لكنَ الخيارين لم يذهبا إلى التصادم بالدفع الذاتي، وإنما بأياد خارجية، سعت لذلك بكل قوة لتسهيل عملية تثبيت أركان الاحتلال في العراق.
وصحيح أن بعض الوقائع التاريخية حصلت بالفعل، وأن بذور الفتنة وأسبابها موجودة في العراق، ولا علاقة للاحتلال بها، لكن بذور الفتنة والاختلاف موجودة في كل مجتمع ودولة في العالم. حتى أمريكا فيها بذور للفتنة من مثل مشكلة السود والبيض، والأغنياء والفقراء، والكاثوليك والبروتستانت، وذوي الأصول الايرلندية وذوي الأصول الاسبانية، والشمال والجنوب. كلها تشكل بيئة خصبة للفتنة، يحد من نموها اقتصاد قوي، وديمقراطية حقيقية، وحكومة مركزية قوية، وعدو خارجي متفق عليه ـ الخطر الشيوعي سابقا، والإسلامي حاليا-، وعدم وجود أياد خارجية تعبث بالنسيج الأمريكي.
وعليه، فإن توجيه كل السهام، وتكثيف كل جهود المقاومة ضد جبهة الاحتلال، يعني إضعاف الاحتلال وهزيمته، ويعني بالتبعية إضعاف الطائفيين المستفيدين منه وهزيمتهم، ويعني بالضرورة إفشال مخطط زرع الفتنة الطائفية في المنطقة.
عبد الله المجالي (http://www.albainah.net/index.aspx?function=Author&id=1094&lang=)
مجلة العصر/ 26-12-1427هـ
شكل مشهد إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، خطوة مهمة ولن تكون الأخيرة، في مسألة الفرز الطائفي، الذي بدأت تعاني منه المنطقة منذ سقوط بغداد بيد الاحتلال الأمريكي في نيسان 2003م.
فمنذ ذلك التاريخ والمسرح يهيئ وبصورة منظمة وتدريجية لفرز طائفي، يتوقع له أن يأكل الأخضر واليابس، حيث بدأ تصوير النظام العراقي السابق عن قصد، بالنظام السني الذي حكم العراق أكثر من 35 عاما، في مقابل أكثرية شيعية مورس ضدها أبشع أنواع الظلم والإقصاء. وتم تصوير الحالة بأنه انهيار للنظام السني الحاكم.
وتم التعامل مع المقاومة التي انطلقت فور سقوط بغداد، على أنها مقاومة سنية، ووجدت الفكرة مسوغا لها مع بزوغ تنظيمات المقاومة وتشكيلاتها وأسمائها ورموزها، وتجذرت عند صعود نجم المقاتلين العرب الذي دخلوا العراق قبيل بدء العدوان الأمريكي على العراق وأثناءه ـ رغم أن الكثير منهم جاء مسلحا بعاطفة دينية ووطنية جياشة دون أن يكون منتميا لأي تنظيم-، وتجمع هؤلاء فيما بعد تحت راية تنظيم القاعدة، ثم تاليا "التوحيد والجهاد"، ورغم أن أم التنظيم وقياداته العليا عرف عنهم مقارعة المشروع الأمريكي العالمي والتصدي له، ووضعهم كافة الأنظمة العربية والإسلامية في خانة واحدة -التكفير والعمالة لأمريكا-، لكن لم يعرف عن أولياتهم العداء الصارخ تجاه الشيعة.
بعد ذلك، خطا الاحتلال الأمريكي خطوات عملية وعلنية لتغذية وتثبيت البعد الطائفي في الملف العراقي، فصدرت الأوامر بحل الجيش العراقي، وإنشاء هيئات حاكمة بدأت بمجلس الحكم الانتقالي تعتمد المحاصصة الطائفية وسيلة وحيدة لتشكيلها، واعتمد الاحتلال إحصاءات غير دقيقة لتصب في صالح الفرز الطائفي، فأعطى الشيعة حصة الأسد، ووضع العرب السنة في ذيل القائمة.
ثم جاءت الحكومة المؤقتة، وأُعطي طرف مقاليد الأمور عبر رئاسة الوزراء، فيما جعلت رئاسة الجمهورية رئاسة شكلية ليس لها أي صلاحيات تنفيذية. بعدها جاءت الانتخابات التشريعية وعمل الاحتلال جاهدا أن تعكس هذه الانتخابات نظام المحاصصة الذي أسس له من قبل، وهذا ما حصل، فتعمق الفرز الطائفي وبات يأخذ أشكالا أكثر تطرفا. ثم جاءت مسألة الدستور الذي رسم الحدود الطائفية في البلد الواحد.
تسلسل الأحداث قد يبدو منطقيا، فالسنة هم من قادوا المقاومة، وبالتالي كان لا بد من تحجيمهم، والتخلص منهم، فيما كان الآخرون حلفاء للاحتلال، فكان لا بد من مكافأتهم، إضافة لذلك، فقد ضاعف الشيعة مكاسبهم عبر خطة مدروسة جيدا، فانسابوا في الدولة الجديدة الناشئة، وثبتوا أركانهم في كل مفاصلها.
ولكن؛ من قال إن نظام صدام حسين كان نظاما سنيا، حتى هو نفسه لم يقل ذلك في أحلك الظروف. حتى خلال الحرب العراقية الإيرانية، لم يرفع صدام حسين شعار السنة ضد الشيعة. ومن قال إن المعارضة العراقية كانت شيعية خالصة، بل كان ممن يحسبون عليها من العرب السنة، حتى المعارضة لم تؤطر نفسها يوما بإطار طائفي، ربما كان هذا للخديعة، صحيح، لكن ربما كان هناك عامل خارجي لتتحول هذا التحول، أو ربما الاثنين معا.
في بداية الاحتلال وانطلاق المقاومة التي وسمت بالسنية، كان هناك جزء هام من العرب السنة يشارك في العملية السياسية الأولى عبر مجلس الحكم، ورغم معارضة جزء هام من العرب السنة لهذه المشاركة، إلا أن الصورة العامة التي انطبعت هي مقاومة العرب السنة المسلحة للمشروع الأمريكي.
ورغم رفض قوى شيعية للاحتلال الأمريكي في البداية، أمثال التيار الصدري والخالصي والمؤيد، إلا أن الصورة العامة التي انطبعت هي التحالف الكامل بين الشيعة وقوات الاحتلال. ولم تتغير الصورة رغم استنكار التيار الصدري الشديد لعملية الفلوجة الأولى، وإرساله لمواد وإمدادات لمقاتلي الفلوجة، ورغم استنكار هيئة علماء المسلمين لاقتحام النجف إبان حكومة إياد علاوي، وإرسالها مواد وإمدادات لجيش المهدي.
عملية تفجير مراقد أئمة الشيعة في سامراء في 22 /1/2006م، كانت الحد الفاصل للانتقال بالنزعة الطائفية إلى صورتها البشعة داخل العراق، وإلى الآن لم تستطع السلطات العراقية كشف ملابسات الحادث، والأهم من ذلك أن تنظيم القاعدة أو التوحيد والجهاد الذي اتهم مباشرة بالعملية، نفى أن تكون له صلة بذلك، وغني عن القول أهمية هذا النفي من تنظيم القاعدة، إذ إن تبني العملية ليس مشكلة عند القاعدة إذا قامت بها بالفعل.
وهذا يضع علامة استفهام كبيرة حول العملية وأهدافها، حيث بدأت بعدها مباشرة عمليات تفجير مساجد السنة والاعتداء عليها وعلى أئمتها، بعد ذلك أصبح الإعلام مشغولا، وبشكل شبه يومي، بعدّ الجثث مجهولة الهوية التي تلقى يوميا في شوارع بغداد والمحافظات الأخرى وتحمل علامات تعذيب بشع، وحسب المحلل والسياسي العراقي د.ظافر العاني، فإن آليات ودبابات قوات الاحتلال كانت تملأ شوارع بغداد والمحافظات قبل عملية تفجير سامراء، الأمر الذي تغير تماما بعد ذلك!
أما عملية إعدام الرئيس العراقي صدام حسين وتوقيتها، فهي الحد الفاصل للانتقال بالفتنة الطائفية إلى خارج أسوار العراق. فأصابع الاحتلال لم تغب عن عملية الإعدام، فحسب النيويورك تايمز، فإن القائد الأمريكي المسؤول عن حراسة صدام كان يرفض تسليمه لحكومة المالكي، الذي طالبت بتسليمه بشدة، وحسب صحيفة الشرق الأوسط في 8/1/2007م، فإن: "صلة خليل زاد الرئيسية في واشنطن هي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، وأنها أعطت الضوء الأخضر لتسليم صدام على الرغم من تحفظات القادة العسكريين في بغداد، وقال أحد المسئولين إن رايس كانت مدعومة في موقفها من جانب مستشار بوش للأمن القومي ستيفن هادلي".
إذا، فالإدارة الأمريكية ضالعة في توقيت الإعدام الذي صدم العالم، ولا شك أن ما جرى خلال الإعدام كان يمكن إخفاؤه، لكن أمر إفشاء ما جرى عبر تسجيل خلوي، قام به إحدى شخصيتين حكوميتين رئيسيتين حضرتا الإعدام (حسب تصريحات للمدعي العام لقنوات فضائية)، يلقي مزيدا من الريبة حول هدف تسريب المشاهد المصورة، أما ما رافق ردود الفعل الشعبية الغاضبة إزاء إعدام الرئيس صدام حسين، فيدعونا للتفكير مليا حول هدف تفاصيل عملية الإعدام وتوقيتها.
تسلسل الأحداث في العراق يعطي المحلل دليلا كافيا، للقول إن الفتنة الطائفية الدائرة اليوم في العراق، والتي انتقلت مشاعرها إلى خارج العراق ـ ولا أدري ما هي الخطوة الثالثة ومتى للانتقال بالفتنة الطائفية بصورتها البشعة خارج العراق-، هذه الفتنة تقف خلفها قوى خارجية خدمة لمصالحها، وقوى داخلية متحالفة معها، مرتبط مصيرهم بمصيرها.
صحيح أن خيارين كانا يتجاذبان في العراق منذ لحظة الاحتلال، خيار مقاومة الاحتلال يتزعمه العرب السنة، وخيار مهادنة الاحتلال يتزعمه الشيعة. لكنَ الخيارين لم يذهبا إلى التصادم بالدفع الذاتي، وإنما بأياد خارجية، سعت لذلك بكل قوة لتسهيل عملية تثبيت أركان الاحتلال في العراق.
وصحيح أن بعض الوقائع التاريخية حصلت بالفعل، وأن بذور الفتنة وأسبابها موجودة في العراق، ولا علاقة للاحتلال بها، لكن بذور الفتنة والاختلاف موجودة في كل مجتمع ودولة في العالم. حتى أمريكا فيها بذور للفتنة من مثل مشكلة السود والبيض، والأغنياء والفقراء، والكاثوليك والبروتستانت، وذوي الأصول الايرلندية وذوي الأصول الاسبانية، والشمال والجنوب. كلها تشكل بيئة خصبة للفتنة، يحد من نموها اقتصاد قوي، وديمقراطية حقيقية، وحكومة مركزية قوية، وعدو خارجي متفق عليه ـ الخطر الشيوعي سابقا، والإسلامي حاليا-، وعدم وجود أياد خارجية تعبث بالنسيج الأمريكي.
وعليه، فإن توجيه كل السهام، وتكثيف كل جهود المقاومة ضد جبهة الاحتلال، يعني إضعاف الاحتلال وهزيمته، ويعني بالتبعية إضعاف الطائفيين المستفيدين منه وهزيمتهم، ويعني بالضرورة إفشال مخطط زرع الفتنة الطائفية في المنطقة.