تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تلبيس إبليس



بشرى
03-04-2003, 09:46 AM
حكمة لابن الجوزي:

اعلم أن القلب كالحصن، وعلى ذلك الحصن سور، وللسور لأبواب، وفيه ثلم وساكنه العقل، والملائكة تتردد إلى ذلك الحصن، وإلى جانبه ربض فيه الهوى، والشياطين تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع، والحرب قائمة بين أهل الحصن وأهل الربض، والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحرس والعبور من بعد الثلم.
فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وكّل بحفظه، وجميع الثلم، وأن لا يفتر عن الحراسة لحظة، فإن العدو ما يفتر. قال رجل للحسن البصري: أينام إبليس؟ قال: لو نام لوجدنا راحة.
وهذا الحصن مستنير بالذكر مشرق بالإيمان، وفيه مرآة صقيلة يتراءى فيها صور كل ما يمر بها، فأول ما يفعل الشيطان في الربض إكثار الدخان فتسود حيطان الحصن، وتصدأ المرآة وكمال الفكر يرد الدخان، وصقل الذكر يجلو المرآة وللعدو حملات فتارة يحمل فيدخل الحصن، فيكر عليه الحارس فيخرج، وربما دخل فعاث وربما أقام لغفلة الحارس، وربما ركدت الريح الطاردة للدخان فتسود حيطان الحصن وتصدأ المرآة، فيمر الشيطان ولا يدري به، وربما جرح الحارس لغفلته وأسر واستخدم وأقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى ومساعدته، وربما صار كالفقيه في الشر.

ثلم: الخلل في الحائط أو ثغرة.
ربض: مدينة.
يفتر: يهدأ، يرخي، يضعف، يسكن.
صقيلة: تلمع.
عاث: عاث فسادا.