نور1
01-26-2007, 01:05 PM
شهد اللقاء العلني الاخير والشهير بين امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، ومندوب الوصاية السورية على لبنان رستم غزالة.. والذي جرى خلاله تسليم الاخير بندقية جندي صهيوني قتل في مواجهة مع المقاومة.. أكثر من مجرد رمزية امتنان نصر الله لدور سوريا في دعم حزبه ضد العدو الصهيوني.. حيث كانت الصورة التي اثارت امتعاض اللبنانيين المقهورين من نظام الوصاية الكريه وسلوكيات غزالة المفضوحة عملية تسلم وتسليم بين نصر الله وغزالة..
فلم يكن قد مضى عدة ايام على اعلان بشار الاسد سحب قواته العسكرية من لبنان تنفيذاً للقرار 1559 حتى لاقاه نصر الله بمهرجان 8 آذار/مارس، أراد فيه توكيده تسلم الامانة من غزالة لمتابعة النهج السوري في لبنان.. على مختلف الاصعدة..
وهكذا غادر رستم غزالة لبنان يوم 26/4/2005 بعد ان اطمأن الى ان السيد نصر الله يقود ومنذ ذلك التاريخ الدفة السورية في لبنان بالكامل، بعد ان انتقل موقع عنجر الى مكان ما في الضاحية الجنوبية بدءاً من مربع حزب الله الشهير الى مختلف المكاتب التي انشئت داخل انفاق جرى حفرها وتمديدها في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت.
ولم يتأخر نصر الله في تبني كل سياسات وسلوكيات النظام السوري في لبنان، خاصة في ظل ضعف نظام الاسد وتبعيته للنظام الفارسي في طهران.. وهو المرجع الاعلى للسيد نصر الله وحزبه مالياً وعسكرياً ودينياً وثقافياً وسياسياً..
والسياسيون اللبنانيون الذين اعتادوا تلقي اتصالات رستم غزالة وتعليماته ينقلها ضباط سوريون مقيمون في مختلف مناطق لبنان من جامع جامع في رأس بيروت الى العميد توفيق في البقاع الغربي الى عبدالله الحريري والنبي يوسف وسميح القشعمي كذلك وآخرين لا نعرف اسماءهم.. ليلتزم بها هؤلاء السياسيون وينفذوها بالحرف تصريحات وبيانات ومواقف تهاجم هذا وتدافع عن ذاك.. استفاقوا على تعليمات جديدة يصدرها لهم السيد حسن نصر الله من احد مكاتب الضاحية المجهولة ينقلها اليهم وكيله حسين خليل في استنساخ شديد الشبه بالسالف الذكر هسام هسام، يختال بينهم كالطاووس يجلس بين عمر كرامي وميشال عون، يوزع ابتساماته المقننة – حسب التعليمات – ويتامى الاستخبارات السورية حوله يرمقونه بالود والاعجاب وإصخاء السمع والاستعداد لتنفيذ تعليمات مرسله، وكثيراً ما يزايدون عليها توكيداً للطاعة عمياء او صماء..
بشار الاسد لا يريد ان يسمع باسم المحكمة الدولية.. والسيد نصر الله وحزبه يرددان: ((دونها الموت)).. فالمحكمة الدولية ستطال قادة المقاومة الذين يخشى بعضهم تحميله مسؤولية عمليات خطف رهائن عرفها لبنان طيلة الحرب العراقية – الايرانية (1980 – 1988) وما بعدها.
تتحول المحكمة في ادبيات حزب الله من طريق لمحاكمة قتلة رئيس وزراء لبنان الشهيد رفيق الحريري وعدد من النواب والوزراء والاعلاميين والسياسيين والمرافقين قتلاً او محاولة قتل الى طريق لمحاكمة حكومة كل لبنان التي تصر نيابة عن شعب لبنان كله على كشف هوية المجرمين ومحاكمتهم ليس عقاباً لما ارتكبت ايديهم فقط.. بل ردعاً لمعلميهم عن ارسالهم مرة اخرى لقتل كل صاحب رأي حر وعروبي مستقل وداع للسيادة والاستقلال.
وبعد ان امر السيد نصر الله وزراءه و((حركة امل)) بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء طيلة سبعة اسابيع اثر اغتيال الزميل الشهيد النائب جبران تويني يوم 12/12/2005.. يسحب وزراءه و(حركة امل) مرة اخيرة بعد اقرار مجلس الامن المحكمة الدولية وارسالها الى الحكومة اللبنانية لاقرارها.. في جلد علني للذات يعلن للدنيا كلها ان هذه المحكمة قادمة لمحاكمة ليس بشار الاسد وكل من امر بتنفيذ جريمة قتل الحريري ورفاقه وما سبقها من جرائم بدءاً من محاولة قتل مروان حماده الى جريمة قتل بيار الجميل.. بل ومحاكمة حزب الله نفسه ليس على ما يخشاه خلال الثمانينات.. بل لدوره – حسب ما اشار هو نفسه - ومواقفه في كل هذه الجرائم.. دون ان يعير أي اهتمام لمساعي سعد الحريري وقبله وليد جنبلاط لاخراج الحزب نفسه من هذا الاتون.. نعم الحريري وقبله جنبلاط سعيا في كل الاوساط الدولية والعربية الاعلامية والشعبية لابعاد أي شبهة عن حزب الله، لكن الحزب أبى الا ان يلبس هذه التهمة بمواقفه التي باتت معروفة.. وكلها دفاعاً عن بشار الاسد ونظامه.
وكانت افظع مظاهر الاستهتار بعقول الناس ما كان يردده حزب الله، بأن هناك اتفاقاً كان سيتم على تأييد قيام محكمة دولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم الخميس في 15/12/2006، لكن الاكثرية في مجلس الوزراء تنادت وتحدت الاقلية وأقرت طلب هذه المحكمة يوم الاثنين في 12/12/2006 أي قبل ثلاثة ايام من الموعد المتفق عليه.. كما زعم حزب الله.
اذن،
فما الذي حصل يوم 12/12/2005؟
اغتيل النائب الشهيد جبران تويني.. ووزع عناصر حزب الله الحلوى في مناطقهم وتبادلوا التهاني عبر رسائل SMS وعبر الشرفات.. ابتهاجاً بالخلاص من هذا القلم والصوت المدوي.
كان اغتيال الشهيد جبران تويني حلقة في سلسلة عمليات القتل المشهودة في لبنان ضد كل من طالب بالاستقلال وبالخلاص من الوصاية السورية على لبنان التي مثلها رستم غزالة ثم تسلم رايتها حسن نصرالله.
والمضحك المبكي بعد ذلك هو تساؤل السيد نصرالله خلال حديثه المرئي الأخير عن سبب توقيت عودة جبران تويني من باريس عشية اغتياله في إشارة مضحكة تماماً بأن جبران تويني هو الذي قتل نفسه لأنه عاد من باريس.. أو في إشارة إلى ان الأكثرية هي التي كانت تعرف عودته وهي التي قتلته..
انها واحدة من فبركات كانت الاستخبارات السورية تضحك بها على نفسها والناس عندما تريد تلفيق أية تهمة أو الدفاع عن نفسها عندما تتأكد بأن الناس تلصق بها هذه التهمة.
وهي فبركة مضحكة تظهر وتؤكد ان النظام السوري وعملاءه في مطار بيروت ترقبوا عودة تويني لقتله بعد ساعات منها.. أي يوم 12/12/2006 في محاولة لقطع الطريق على تنفيذ الاتفاق الذي قال حزب الله انه كان سيعلن يوم الخميس في 15/12/2006 على طلب تشكيل هذه المحكمة عبر جلسة مجلس الوزراء في ذلك اليوم.
انه الأسلوب نفسه الذي اعتمده رستم غزالة ممثلاً لنظام الوصاية الكريه يستعيده السيد نصرالله في هذه القضية.. وفي غيرها.
فليس في لبنان أو سوريا أو في أي مكان في العالم من خدم سوريا نظاماً وشعباً وقيادة، مثلما خدمها رفيق الحريري، وكان كل قرش يدخل إلى لبنان يطال سوريا جزء منه، فكيف وقد دخل إلى لبنان أكثر من 100 مليار دولار خلال فترة حكم رفيق الحريري (1992 – 1998) وما بعدها..
وفر رفيق الحريري بمشاريعه في لبنان حتى بأموال لبنان ومساعدات العرب والعالم وقروضهم فرص عمل لنحو مليون مواطن سوري بشكل دائم، خلال أكثر من عشر سنوات، حتى ليمكن القول ان أكثر من مليوني عائلة سورية كانت تعتاش من فرص لبنان للعمل التي أوجدتها مشاريع الحريري، إذا اعتمدنا مقياس ان خمس سنوات عمل متواصلة لأي مواطن سوري في لبنان، كافية كي يبني منـزلاً في قريته وأن يشتري المواشي وان يحرك العجلة الاقتصادية بما يستفيد منها الملايين في سوريا وعلى حساب اللبنانيين الذين وصلت الهجرة بينهم خارج وطنهم إلى رقم المليون.
أخرج رفيق الحريري سوريا من عزلتها الأوروبية، واستطاع إقناع صديقه أو صديق لبنان والعرب جاك شيراك أن يزور دمشق وان يتجول في سوق الحميدية، وان يفتح الباب واسعاً أمام دخول دمشق نظام الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وهو أمر عاد بشار الأسد وأقفله بفضل سياسته الحكيمة المشهودة.
مارس رفيق الحريري دور وزير خارجية لبنان وسوريا معاً (كما وصفته جريدة ((لوموند)) في تاريخه)، وحمل هموم سوريا إلى العالم، وفتح الباب العالمي على دمشق بعد ان بلغ الصدأ في هذا الباب أعلى درجاته قبله.. وبعده.
ومع هذا
لم يتردد بشار الأسد في الأمر بقتل رفيق الحريري يوم 14/2/2005 بعد تهديد ووعيد، وتشهير قاده ما أصبح يعرف بعد ذلك بيتامى الاستخبارات السورية في لبنان.
ولم يخدم لبناني أو عربي (أو إيراني طبعاً) المقاومة في لبنان ضد العدو الصهيوني كما خدمها رفيق الحريري.. في أصعب الحقول وأهمها وأكثرها تأثيراً وهو الحقل السياسي.. وهو هدف كل حركة ومقاومة وجهاد.
كان البناء في لبنان أهم عناصر الحماية للمقاومة ضد إسرائيل.
كانت المقاومة تضرب ضد المحتل، وكان الصهيوني يرد بتدمير مرافق وجسور ومبانٍ ومؤسسات في لبنان.. وكان الهدف تأليب اللبنانيين ضد المقاومة، وكان رفيق الحريري يسارع إلى البناء.. طبعاً بمساعدة حقيقية من اخوة لبنان العرب في دول الخليج العربي تحديداً، ليمنع إسرائيل من تحقيق هدفها.
وفر رفيق الحريري أوسع غطاء شرعي دولي للمقاومة عبر تفاهم نيسان 1996 بمساندة صديق لبنان الدائم جاك شيراك.
حمى رفيق الحريري المقاومة من تهمة الإرهاب وأيضاً من خلال صديق لبنان جاك شيراك.
وهذه كلها إنجازات اعترف بها أمين عام حزب الله حسن نصرالله.. طبعاً بعد استشهاد رفيق الحريري..
ومع هذا
فإن حملة حزب الله لمنع محاكمة قتلة رفيق الحريري تذكر بحملة رستم غزالة ومعلمه بشار الأسد تمهيداً لقتل رفيق الحريري.
كل الذين كان يفلتهم رستم غزالة من ألسنتهم للتطاول على رفيق الحريري احتضنهم السيد حسن نصرالله في السياسة وفي الاعلام وحتى في توفير الحماية الأمنية لهم.
والأفظع من ذلك استمرار الأمر بعد استشهاد الحريري ثم تولي نجله سعد الدين المسؤولية وحمل الرسالة..
كان سعد الحريري وما زال يدافع عن المقاومة ويبرىء حزب الله من تهمة قتل والده، وكان نصرالله وإعلامه وأتباعه يحرضون ضد سعد الحريري ليل نهار، في المساجد والحسينيات وفي ((المنار)) وفي التظاهرات.
وحتى في فبركة الرسائل وابتسار الفقرات أفلت حزب الله حسين خليل من لسانه كي يطعن في مواقف سعد الحريري المعروفة والمعلنة من بيروت إلى واشنطن ومن الرياض إلى باريس.. حتى ليشبه البعض حملة حزب الله على سعد الحريري الآن بحملة رستم غزالة وأتباعه ضد الشهيد رفيق الحريري بالأمس.. والتي انتهت باغتياله.
وها أنتم تتحالفون مع كل نفس مريضة معقدة من آل الحريري، تفتحون لها أذرعكم وصدوركم لتحضنوها وتطلقوها تحريضاً ضد رفيق الحريري وسعد الحريري، ومعظم هذه النفوس نكرات لا وزن لها لا بين اللبنانيين ولا بين المسلمين منهم سنة وشيعة حتى.
لم يعتبر نظام بشار الأسد ومن قبله والده لبنان يوماً وطناً، وطبعاً لم يروه مستقلاً، ولا حتى محافظة سورية، بل دجاجة تبيض ذهباً حتى قدرت مصادر اقتصادية وسياسية حجم المال الذي نهبه نظام الوصاية السوري من لبنان خلال 15 سنة بأكثر من 20 مليار دولار والبعض الموثوق ايضاً يقول ان الرقم اعلى من ذلك بكثير (طبعاً دون ان يظهر اثر هذا المال في تحسين حالة الشعب السوري.. بل اقتصر التحسين والبطر على مسؤولين بعينهم في هذا النظام سياسيين وأمنيين وأقرباء من مختلف الدرجات). وكان تدمير المؤسسات في لبنان ومنع قيام الدولة اللبنانية وإلغاء الوجود اللبناني عربياً ودولياً إلا من خلال هذا المسؤول السوري او ذاك جزءاً من هذه النظرة.. بل هو تعبير فاقع عنها.
ولم ينظر حزب الله الى لبنان في أي يوم من الأيام انه وطن مستقل ومجتمع ذو خصائص معينة، ودولة عربية عضو في جامعة الدول العربية ومؤسسة الامم المتحدة..
نظر حزب الله حسب ميثاقه الى لبنان باعتباره تربة مهيأة لتصبح جمهورية اسلامية، كتب هذا في دستوره ومارس هذا بين جمهوره وأعلنها دعاته في المنابر وفي الحسينيات لسنوات.. ثم استفاق الى ان هذا الامر ينفر الناس منه خاصة الشيعة والسنة.. فكيف بالمسيحيين؟. فلبس لبوس الدعوة الوطنية وعندما كان يتحدث عن الأمة لم يكن يقصد ابداً الأمة العربية..بل الاسلامية (وهل هناك أمة اسلامية؟).. فلما اتيحت له الفرصة بعد ((النصر الالهي)) ضد العدو صيف العام الماضي قال نصر الله في حديث لمجلة ((رسالة الحسين)) الايرانية: لا حل لمشاكل لبنان إلا بالجمهورية الاسلامية.
لذا ألغى حزب الله وجود الدولة اللبنانية في اماكن سيطرته تحت عنوان المربعات الامنية لحفظ المقاومة.. وأيدته في ذلك استخبارات النظام السوري، ثم امتد تأثيره لمنع قيام الدولة في كل مكان، حتى وصل الى اعتبارها غير موجودة اصلاً.. فلا حكومتها دستورية ولا شرعية ولا مجلس نوابها يمثل الشعب اللبناني، ورئاسة الجمهورية حصان طروادة لنظام بشار الاسد داخل الاراضي اللبنانية يركبه حزب الله ويقوده الى حيث لا شرعية إلا له.
وعندما قرر أسر الدولة اللبنانية كلها والوطن والمجتمع والناس، تم هذا من خلال أسر جنديين في 12/7/2006، وما زال حتى الآن يتخبط دفاعاً عن هذا الأسر الصهيوني، لكنه يجهر ليلاً نهاراً بعدم اعترافه بوجود الدولة اللبنانية.. ونجاحه في أسرها.
فإحتلاله قلب العاصمة بيروت التجارية والسياسية والاقتصادية والرمزية، هو تماماً مثل منعه بناء جسر فوق منطقة الاوزاعي وإعلانه الإضراب المفتوح، هو تماماً مثل عدم اعترافه بوجود الدولة.. حتى كرر السقوط في التناقض المضحك.. فهو يعتبر ان فؤاد السنيورة خائن.. ويعتبر حكومته حكومة للسفير الاميركي فيلتمان ثم يقيم الدنيا ويقعدها ليكون شريكاً لهذا الخائن في حكومة سفير اميركا في لبنان، وهو يعتبر ان الحكومة غير شرعية وغير دستورية ثم يطالب بحصة اكبر في هذه اللاشرعية واللادستورية.. تماماً مثلما كان يفعل رستم غـزالة عندما كان يقول ان رفيق الحريري خائن ثم يقول له يا دولة الرئيس انت ضمانة للعروبة في لبنان، وان والدتي واهلي في قريتي في سوريا يقولون ان الله فوق ورفيق الحريري على الارض.. يرسل حزب الله عناصره الى الطريق الجديدة لتستفـز اهاليها وتتطاول هذه العناصر على الرموز الدينية والسياسية لأبناء بيروت ثم يقول ان اهالي بيروت اعتدوا على عناصره اثناء اقتحامهم لمناطقهم.
كان النظام السوري يعتبر ان أي علاقة للبنان مع أي جهة عربية او دولية هي طعنة له، وكان سر حقده على رفيق الحريري هذه المروحة من العلاقات الواسعة مع كل ارجاء الدنيا دعماً للبنان وسوريا وكل قضية عربية فيهما من المقاومة الى فك عـزلة نظام الاسد.
وكان مؤتمرات الدعم الدولية – العربية للبنان من باريس 1 الى باريس 2 إشارات لنهج عربي ودولي بتبني قضايا لبنان وطناً وشعباً ومؤسسات للقيام والنهوض في ظل عمليات القهر التي يعرف العالم ان لبنان يعانيها بسبب نظام الوصاية السورية.. التي لم يكن كثير من دول العالم يستطيع ان يمنعها، فكان الدعم الاقتصادي محاولة من هذا العالم للتعويض عن هذا التقصير السياسي تجاه لبنان.
كان ممنوعاً على لبنان ان ينهض او يتقدم او يكون قادراً على الاستقلال والتحرر وامتلاك سيادته.. فكان نصيب رفيق الحريري من هذه السياسة قهراً من النظام السوري وأتباعه في لبنان بدءاً من حزب الله، الى كل اليتامى الآخرين، فتم اجهاض باريس1 وباريس2 في حياة رفيق الحريري.. وها هو مسعى حزب الله العملي لإجهاض باريس3 سيراً حثيثاً وعنيداً على هذا النهج..
اما بيانات حزب الله بأنه يؤيد باريس3 لجهة حصول لبنان على الدعم فتسقطها دعوته الى الاضراب المفتوح ثم التظاهرات التي جرى توقيته وتوقيتها في رسائل تكشف حقيقة موقف الحزب المعارض لباريس3 - أي لمنع لبنان من النهوض.
حزب الله يشل البلد، اقتصادياً ويريد شله خدماتياً بعد ان شله سياحياً وأضاع على لبنان ومواطنيه مليارات الدولارات ثم يقول ان الحكومة فاشلة اقتصادياً، ثم يحاول منع دول العالم من مساعدة لبنان للخلاص من ازماته الاقتصادية وسلوكه جزء أصيل من مسبباتها على مدى سنوات طوال.. أليس هذا ما كان يفعله رستم غزالة في لبنان؟.
**
كان بشار الأسد يعتبر انه هو الذي يحاصر العالم ويحاصر العرب وانه هو الذي يملك وحده الموقف العربي الممانع ضد السياسة الاميركية حتى وهي تمنع اسرائيل من عقد صفقة مع نظامه.
وها هو السيد نصر الله يعلن في مقابلته المرئية مؤخراً عدم حاجته الى الدعم العربي والاسلامي الذي حمل صوره في كل دار بعد صمود مقاتليه امام العدو الصهيوني طيلة 33 يوماً من العدوان الذي بدأ مع أسر جنديين اسرائيليين يوم 12/7/2006.
وبعد،
الذين حرصوا على صورة نصرالله العربية والاسلامية نسوا ان يشيروا الى صورته بين الشيعة وهو يتحالف مع عملاء اميركا في العراق، ويحمل صور بشار الأسد وأحمدي نجاد في بيروت وكلاهما يذبح الشيعة في العراق، ونسوا كيف استعان به بشار الأسد ليذهب نصرالله الى دمشق ليخاطب منها هاتفياً مقتدى الصدر في العراق ليوقف مقاومته المسلحة ضد الاحتلال الاميركي، هذه وغيرها تؤكد تطابق الاسلوب والمضمون، الصوت والصورة، الشكل والحقيقة بينه وبين نظام بشار الأسد.. حتى لكأن رستم غزالة ما زال حياً بيننا.
فلم يكن قد مضى عدة ايام على اعلان بشار الاسد سحب قواته العسكرية من لبنان تنفيذاً للقرار 1559 حتى لاقاه نصر الله بمهرجان 8 آذار/مارس، أراد فيه توكيده تسلم الامانة من غزالة لمتابعة النهج السوري في لبنان.. على مختلف الاصعدة..
وهكذا غادر رستم غزالة لبنان يوم 26/4/2005 بعد ان اطمأن الى ان السيد نصر الله يقود ومنذ ذلك التاريخ الدفة السورية في لبنان بالكامل، بعد ان انتقل موقع عنجر الى مكان ما في الضاحية الجنوبية بدءاً من مربع حزب الله الشهير الى مختلف المكاتب التي انشئت داخل انفاق جرى حفرها وتمديدها في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت.
ولم يتأخر نصر الله في تبني كل سياسات وسلوكيات النظام السوري في لبنان، خاصة في ظل ضعف نظام الاسد وتبعيته للنظام الفارسي في طهران.. وهو المرجع الاعلى للسيد نصر الله وحزبه مالياً وعسكرياً ودينياً وثقافياً وسياسياً..
والسياسيون اللبنانيون الذين اعتادوا تلقي اتصالات رستم غزالة وتعليماته ينقلها ضباط سوريون مقيمون في مختلف مناطق لبنان من جامع جامع في رأس بيروت الى العميد توفيق في البقاع الغربي الى عبدالله الحريري والنبي يوسف وسميح القشعمي كذلك وآخرين لا نعرف اسماءهم.. ليلتزم بها هؤلاء السياسيون وينفذوها بالحرف تصريحات وبيانات ومواقف تهاجم هذا وتدافع عن ذاك.. استفاقوا على تعليمات جديدة يصدرها لهم السيد حسن نصر الله من احد مكاتب الضاحية المجهولة ينقلها اليهم وكيله حسين خليل في استنساخ شديد الشبه بالسالف الذكر هسام هسام، يختال بينهم كالطاووس يجلس بين عمر كرامي وميشال عون، يوزع ابتساماته المقننة – حسب التعليمات – ويتامى الاستخبارات السورية حوله يرمقونه بالود والاعجاب وإصخاء السمع والاستعداد لتنفيذ تعليمات مرسله، وكثيراً ما يزايدون عليها توكيداً للطاعة عمياء او صماء..
بشار الاسد لا يريد ان يسمع باسم المحكمة الدولية.. والسيد نصر الله وحزبه يرددان: ((دونها الموت)).. فالمحكمة الدولية ستطال قادة المقاومة الذين يخشى بعضهم تحميله مسؤولية عمليات خطف رهائن عرفها لبنان طيلة الحرب العراقية – الايرانية (1980 – 1988) وما بعدها.
تتحول المحكمة في ادبيات حزب الله من طريق لمحاكمة قتلة رئيس وزراء لبنان الشهيد رفيق الحريري وعدد من النواب والوزراء والاعلاميين والسياسيين والمرافقين قتلاً او محاولة قتل الى طريق لمحاكمة حكومة كل لبنان التي تصر نيابة عن شعب لبنان كله على كشف هوية المجرمين ومحاكمتهم ليس عقاباً لما ارتكبت ايديهم فقط.. بل ردعاً لمعلميهم عن ارسالهم مرة اخرى لقتل كل صاحب رأي حر وعروبي مستقل وداع للسيادة والاستقلال.
وبعد ان امر السيد نصر الله وزراءه و((حركة امل)) بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء طيلة سبعة اسابيع اثر اغتيال الزميل الشهيد النائب جبران تويني يوم 12/12/2005.. يسحب وزراءه و(حركة امل) مرة اخيرة بعد اقرار مجلس الامن المحكمة الدولية وارسالها الى الحكومة اللبنانية لاقرارها.. في جلد علني للذات يعلن للدنيا كلها ان هذه المحكمة قادمة لمحاكمة ليس بشار الاسد وكل من امر بتنفيذ جريمة قتل الحريري ورفاقه وما سبقها من جرائم بدءاً من محاولة قتل مروان حماده الى جريمة قتل بيار الجميل.. بل ومحاكمة حزب الله نفسه ليس على ما يخشاه خلال الثمانينات.. بل لدوره – حسب ما اشار هو نفسه - ومواقفه في كل هذه الجرائم.. دون ان يعير أي اهتمام لمساعي سعد الحريري وقبله وليد جنبلاط لاخراج الحزب نفسه من هذا الاتون.. نعم الحريري وقبله جنبلاط سعيا في كل الاوساط الدولية والعربية الاعلامية والشعبية لابعاد أي شبهة عن حزب الله، لكن الحزب أبى الا ان يلبس هذه التهمة بمواقفه التي باتت معروفة.. وكلها دفاعاً عن بشار الاسد ونظامه.
وكانت افظع مظاهر الاستهتار بعقول الناس ما كان يردده حزب الله، بأن هناك اتفاقاً كان سيتم على تأييد قيام محكمة دولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم الخميس في 15/12/2006، لكن الاكثرية في مجلس الوزراء تنادت وتحدت الاقلية وأقرت طلب هذه المحكمة يوم الاثنين في 12/12/2006 أي قبل ثلاثة ايام من الموعد المتفق عليه.. كما زعم حزب الله.
اذن،
فما الذي حصل يوم 12/12/2005؟
اغتيل النائب الشهيد جبران تويني.. ووزع عناصر حزب الله الحلوى في مناطقهم وتبادلوا التهاني عبر رسائل SMS وعبر الشرفات.. ابتهاجاً بالخلاص من هذا القلم والصوت المدوي.
كان اغتيال الشهيد جبران تويني حلقة في سلسلة عمليات القتل المشهودة في لبنان ضد كل من طالب بالاستقلال وبالخلاص من الوصاية السورية على لبنان التي مثلها رستم غزالة ثم تسلم رايتها حسن نصرالله.
والمضحك المبكي بعد ذلك هو تساؤل السيد نصرالله خلال حديثه المرئي الأخير عن سبب توقيت عودة جبران تويني من باريس عشية اغتياله في إشارة مضحكة تماماً بأن جبران تويني هو الذي قتل نفسه لأنه عاد من باريس.. أو في إشارة إلى ان الأكثرية هي التي كانت تعرف عودته وهي التي قتلته..
انها واحدة من فبركات كانت الاستخبارات السورية تضحك بها على نفسها والناس عندما تريد تلفيق أية تهمة أو الدفاع عن نفسها عندما تتأكد بأن الناس تلصق بها هذه التهمة.
وهي فبركة مضحكة تظهر وتؤكد ان النظام السوري وعملاءه في مطار بيروت ترقبوا عودة تويني لقتله بعد ساعات منها.. أي يوم 12/12/2006 في محاولة لقطع الطريق على تنفيذ الاتفاق الذي قال حزب الله انه كان سيعلن يوم الخميس في 15/12/2006 على طلب تشكيل هذه المحكمة عبر جلسة مجلس الوزراء في ذلك اليوم.
انه الأسلوب نفسه الذي اعتمده رستم غزالة ممثلاً لنظام الوصاية الكريه يستعيده السيد نصرالله في هذه القضية.. وفي غيرها.
فليس في لبنان أو سوريا أو في أي مكان في العالم من خدم سوريا نظاماً وشعباً وقيادة، مثلما خدمها رفيق الحريري، وكان كل قرش يدخل إلى لبنان يطال سوريا جزء منه، فكيف وقد دخل إلى لبنان أكثر من 100 مليار دولار خلال فترة حكم رفيق الحريري (1992 – 1998) وما بعدها..
وفر رفيق الحريري بمشاريعه في لبنان حتى بأموال لبنان ومساعدات العرب والعالم وقروضهم فرص عمل لنحو مليون مواطن سوري بشكل دائم، خلال أكثر من عشر سنوات، حتى ليمكن القول ان أكثر من مليوني عائلة سورية كانت تعتاش من فرص لبنان للعمل التي أوجدتها مشاريع الحريري، إذا اعتمدنا مقياس ان خمس سنوات عمل متواصلة لأي مواطن سوري في لبنان، كافية كي يبني منـزلاً في قريته وأن يشتري المواشي وان يحرك العجلة الاقتصادية بما يستفيد منها الملايين في سوريا وعلى حساب اللبنانيين الذين وصلت الهجرة بينهم خارج وطنهم إلى رقم المليون.
أخرج رفيق الحريري سوريا من عزلتها الأوروبية، واستطاع إقناع صديقه أو صديق لبنان والعرب جاك شيراك أن يزور دمشق وان يتجول في سوق الحميدية، وان يفتح الباب واسعاً أمام دخول دمشق نظام الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وهو أمر عاد بشار الأسد وأقفله بفضل سياسته الحكيمة المشهودة.
مارس رفيق الحريري دور وزير خارجية لبنان وسوريا معاً (كما وصفته جريدة ((لوموند)) في تاريخه)، وحمل هموم سوريا إلى العالم، وفتح الباب العالمي على دمشق بعد ان بلغ الصدأ في هذا الباب أعلى درجاته قبله.. وبعده.
ومع هذا
لم يتردد بشار الأسد في الأمر بقتل رفيق الحريري يوم 14/2/2005 بعد تهديد ووعيد، وتشهير قاده ما أصبح يعرف بعد ذلك بيتامى الاستخبارات السورية في لبنان.
ولم يخدم لبناني أو عربي (أو إيراني طبعاً) المقاومة في لبنان ضد العدو الصهيوني كما خدمها رفيق الحريري.. في أصعب الحقول وأهمها وأكثرها تأثيراً وهو الحقل السياسي.. وهو هدف كل حركة ومقاومة وجهاد.
كان البناء في لبنان أهم عناصر الحماية للمقاومة ضد إسرائيل.
كانت المقاومة تضرب ضد المحتل، وكان الصهيوني يرد بتدمير مرافق وجسور ومبانٍ ومؤسسات في لبنان.. وكان الهدف تأليب اللبنانيين ضد المقاومة، وكان رفيق الحريري يسارع إلى البناء.. طبعاً بمساعدة حقيقية من اخوة لبنان العرب في دول الخليج العربي تحديداً، ليمنع إسرائيل من تحقيق هدفها.
وفر رفيق الحريري أوسع غطاء شرعي دولي للمقاومة عبر تفاهم نيسان 1996 بمساندة صديق لبنان الدائم جاك شيراك.
حمى رفيق الحريري المقاومة من تهمة الإرهاب وأيضاً من خلال صديق لبنان جاك شيراك.
وهذه كلها إنجازات اعترف بها أمين عام حزب الله حسن نصرالله.. طبعاً بعد استشهاد رفيق الحريري..
ومع هذا
فإن حملة حزب الله لمنع محاكمة قتلة رفيق الحريري تذكر بحملة رستم غزالة ومعلمه بشار الأسد تمهيداً لقتل رفيق الحريري.
كل الذين كان يفلتهم رستم غزالة من ألسنتهم للتطاول على رفيق الحريري احتضنهم السيد حسن نصرالله في السياسة وفي الاعلام وحتى في توفير الحماية الأمنية لهم.
والأفظع من ذلك استمرار الأمر بعد استشهاد الحريري ثم تولي نجله سعد الدين المسؤولية وحمل الرسالة..
كان سعد الحريري وما زال يدافع عن المقاومة ويبرىء حزب الله من تهمة قتل والده، وكان نصرالله وإعلامه وأتباعه يحرضون ضد سعد الحريري ليل نهار، في المساجد والحسينيات وفي ((المنار)) وفي التظاهرات.
وحتى في فبركة الرسائل وابتسار الفقرات أفلت حزب الله حسين خليل من لسانه كي يطعن في مواقف سعد الحريري المعروفة والمعلنة من بيروت إلى واشنطن ومن الرياض إلى باريس.. حتى ليشبه البعض حملة حزب الله على سعد الحريري الآن بحملة رستم غزالة وأتباعه ضد الشهيد رفيق الحريري بالأمس.. والتي انتهت باغتياله.
وها أنتم تتحالفون مع كل نفس مريضة معقدة من آل الحريري، تفتحون لها أذرعكم وصدوركم لتحضنوها وتطلقوها تحريضاً ضد رفيق الحريري وسعد الحريري، ومعظم هذه النفوس نكرات لا وزن لها لا بين اللبنانيين ولا بين المسلمين منهم سنة وشيعة حتى.
لم يعتبر نظام بشار الأسد ومن قبله والده لبنان يوماً وطناً، وطبعاً لم يروه مستقلاً، ولا حتى محافظة سورية، بل دجاجة تبيض ذهباً حتى قدرت مصادر اقتصادية وسياسية حجم المال الذي نهبه نظام الوصاية السوري من لبنان خلال 15 سنة بأكثر من 20 مليار دولار والبعض الموثوق ايضاً يقول ان الرقم اعلى من ذلك بكثير (طبعاً دون ان يظهر اثر هذا المال في تحسين حالة الشعب السوري.. بل اقتصر التحسين والبطر على مسؤولين بعينهم في هذا النظام سياسيين وأمنيين وأقرباء من مختلف الدرجات). وكان تدمير المؤسسات في لبنان ومنع قيام الدولة اللبنانية وإلغاء الوجود اللبناني عربياً ودولياً إلا من خلال هذا المسؤول السوري او ذاك جزءاً من هذه النظرة.. بل هو تعبير فاقع عنها.
ولم ينظر حزب الله الى لبنان في أي يوم من الأيام انه وطن مستقل ومجتمع ذو خصائص معينة، ودولة عربية عضو في جامعة الدول العربية ومؤسسة الامم المتحدة..
نظر حزب الله حسب ميثاقه الى لبنان باعتباره تربة مهيأة لتصبح جمهورية اسلامية، كتب هذا في دستوره ومارس هذا بين جمهوره وأعلنها دعاته في المنابر وفي الحسينيات لسنوات.. ثم استفاق الى ان هذا الامر ينفر الناس منه خاصة الشيعة والسنة.. فكيف بالمسيحيين؟. فلبس لبوس الدعوة الوطنية وعندما كان يتحدث عن الأمة لم يكن يقصد ابداً الأمة العربية..بل الاسلامية (وهل هناك أمة اسلامية؟).. فلما اتيحت له الفرصة بعد ((النصر الالهي)) ضد العدو صيف العام الماضي قال نصر الله في حديث لمجلة ((رسالة الحسين)) الايرانية: لا حل لمشاكل لبنان إلا بالجمهورية الاسلامية.
لذا ألغى حزب الله وجود الدولة اللبنانية في اماكن سيطرته تحت عنوان المربعات الامنية لحفظ المقاومة.. وأيدته في ذلك استخبارات النظام السوري، ثم امتد تأثيره لمنع قيام الدولة في كل مكان، حتى وصل الى اعتبارها غير موجودة اصلاً.. فلا حكومتها دستورية ولا شرعية ولا مجلس نوابها يمثل الشعب اللبناني، ورئاسة الجمهورية حصان طروادة لنظام بشار الاسد داخل الاراضي اللبنانية يركبه حزب الله ويقوده الى حيث لا شرعية إلا له.
وعندما قرر أسر الدولة اللبنانية كلها والوطن والمجتمع والناس، تم هذا من خلال أسر جنديين في 12/7/2006، وما زال حتى الآن يتخبط دفاعاً عن هذا الأسر الصهيوني، لكنه يجهر ليلاً نهاراً بعدم اعترافه بوجود الدولة اللبنانية.. ونجاحه في أسرها.
فإحتلاله قلب العاصمة بيروت التجارية والسياسية والاقتصادية والرمزية، هو تماماً مثل منعه بناء جسر فوق منطقة الاوزاعي وإعلانه الإضراب المفتوح، هو تماماً مثل عدم اعترافه بوجود الدولة.. حتى كرر السقوط في التناقض المضحك.. فهو يعتبر ان فؤاد السنيورة خائن.. ويعتبر حكومته حكومة للسفير الاميركي فيلتمان ثم يقيم الدنيا ويقعدها ليكون شريكاً لهذا الخائن في حكومة سفير اميركا في لبنان، وهو يعتبر ان الحكومة غير شرعية وغير دستورية ثم يطالب بحصة اكبر في هذه اللاشرعية واللادستورية.. تماماً مثلما كان يفعل رستم غـزالة عندما كان يقول ان رفيق الحريري خائن ثم يقول له يا دولة الرئيس انت ضمانة للعروبة في لبنان، وان والدتي واهلي في قريتي في سوريا يقولون ان الله فوق ورفيق الحريري على الارض.. يرسل حزب الله عناصره الى الطريق الجديدة لتستفـز اهاليها وتتطاول هذه العناصر على الرموز الدينية والسياسية لأبناء بيروت ثم يقول ان اهالي بيروت اعتدوا على عناصره اثناء اقتحامهم لمناطقهم.
كان النظام السوري يعتبر ان أي علاقة للبنان مع أي جهة عربية او دولية هي طعنة له، وكان سر حقده على رفيق الحريري هذه المروحة من العلاقات الواسعة مع كل ارجاء الدنيا دعماً للبنان وسوريا وكل قضية عربية فيهما من المقاومة الى فك عـزلة نظام الاسد.
وكان مؤتمرات الدعم الدولية – العربية للبنان من باريس 1 الى باريس 2 إشارات لنهج عربي ودولي بتبني قضايا لبنان وطناً وشعباً ومؤسسات للقيام والنهوض في ظل عمليات القهر التي يعرف العالم ان لبنان يعانيها بسبب نظام الوصاية السورية.. التي لم يكن كثير من دول العالم يستطيع ان يمنعها، فكان الدعم الاقتصادي محاولة من هذا العالم للتعويض عن هذا التقصير السياسي تجاه لبنان.
كان ممنوعاً على لبنان ان ينهض او يتقدم او يكون قادراً على الاستقلال والتحرر وامتلاك سيادته.. فكان نصيب رفيق الحريري من هذه السياسة قهراً من النظام السوري وأتباعه في لبنان بدءاً من حزب الله، الى كل اليتامى الآخرين، فتم اجهاض باريس1 وباريس2 في حياة رفيق الحريري.. وها هو مسعى حزب الله العملي لإجهاض باريس3 سيراً حثيثاً وعنيداً على هذا النهج..
اما بيانات حزب الله بأنه يؤيد باريس3 لجهة حصول لبنان على الدعم فتسقطها دعوته الى الاضراب المفتوح ثم التظاهرات التي جرى توقيته وتوقيتها في رسائل تكشف حقيقة موقف الحزب المعارض لباريس3 - أي لمنع لبنان من النهوض.
حزب الله يشل البلد، اقتصادياً ويريد شله خدماتياً بعد ان شله سياحياً وأضاع على لبنان ومواطنيه مليارات الدولارات ثم يقول ان الحكومة فاشلة اقتصادياً، ثم يحاول منع دول العالم من مساعدة لبنان للخلاص من ازماته الاقتصادية وسلوكه جزء أصيل من مسبباتها على مدى سنوات طوال.. أليس هذا ما كان يفعله رستم غزالة في لبنان؟.
**
كان بشار الأسد يعتبر انه هو الذي يحاصر العالم ويحاصر العرب وانه هو الذي يملك وحده الموقف العربي الممانع ضد السياسة الاميركية حتى وهي تمنع اسرائيل من عقد صفقة مع نظامه.
وها هو السيد نصر الله يعلن في مقابلته المرئية مؤخراً عدم حاجته الى الدعم العربي والاسلامي الذي حمل صوره في كل دار بعد صمود مقاتليه امام العدو الصهيوني طيلة 33 يوماً من العدوان الذي بدأ مع أسر جنديين اسرائيليين يوم 12/7/2006.
وبعد،
الذين حرصوا على صورة نصرالله العربية والاسلامية نسوا ان يشيروا الى صورته بين الشيعة وهو يتحالف مع عملاء اميركا في العراق، ويحمل صور بشار الأسد وأحمدي نجاد في بيروت وكلاهما يذبح الشيعة في العراق، ونسوا كيف استعان به بشار الأسد ليذهب نصرالله الى دمشق ليخاطب منها هاتفياً مقتدى الصدر في العراق ليوقف مقاومته المسلحة ضد الاحتلال الاميركي، هذه وغيرها تؤكد تطابق الاسلوب والمضمون، الصوت والصورة، الشكل والحقيقة بينه وبين نظام بشار الأسد.. حتى لكأن رستم غزالة ما زال حياً بيننا.