من هناك
12-28-2006, 02:10 AM
[align=center:5514ae0733][size=24:5514ae0733][color=red:5514ae0733] 2006: هدير الفقراء السُّنَّة
جهاد الزين[/color:5514ae0733][/size:5514ae0733][/align:5514ae0733]
لا يبدو هدير فقراء السنة اللبنانيين الى خفوت عام 2007. فكيف يخفت وهو يتحول أكثر الى امتداد لموجة اقليمية تتجمع فيها أو تنضم اليها عناصر سياسية جديدة كأنما "مثلث الموت" في وسط غرب العراق الذي ساهم في تشكله عدم رضى سوري سعودي مصري على "المشروع الاميركي" بعد اسقاط صدام حسين عام 2003، يجد صداه عام 2006 في لبنان في "مثلث غضب" يمتد بين طرابلس والضنية وعكار... مثلث هو جزء أساسي من التشكل السياسي لـ"الحزب الحريري" بعد غياب المؤسس رفيق الحريري الذي أطلق في انتخابات عام 2000 زعامته الآحادية على بيروت... ليتحول مع نجله سعد في انتخابات 2005 الى أول حزب يمتد على جميع مناطق السنة اللبنانيين وليصبح مع اعلان سياسة "التصدي السعودي" لـ"الهجوم الايراني في المنطقة" الى حزب على شفير الحرب... الاهلية.
ها هم فقراء السنة اللبنانيين اذن يعيشون موجتهم المذهبية الاولى... في مقابل الفقراء الشيعة اللبنانيين الذين دخلوا موجتهم المذهبية... الثانية بقيادة "حزب الله".
انفجرت الموجة المذهبية الاولى لفقراء الشيعة اعتبارا من 6 شباط 1984... كان التبلور المذهبي للطائفة الشيعية قد تدرّج صعودا وهبوطا على مدى سنوات السبعينات، انطلاقاً من نهاية الستينات الى أن استقر في سيطرة "حركة أمل" بعد 6 شباط على الحياة السياسية في مناطق الشيعة وباسم الشيعة في النظام الطائفي اللبناني في الثمانينات وتكرست في تعبيرات صيغة "الطائف" في التسعينات.
كأي موجة طائفية يختلط في عصبها الديني بالوطني بالاجتماعي، كان كل تشكل مذهبي في لبنان بدءا من "حزب الكتائب" مارونيا عام 1958، وبالتوازي معه "الحزب التقدمي الاشتراكي" درزيا، ثم لاحقا مع "أمل" الشيعية و"تيار المستقبل" السني خطوة على طريق نقل النظام الطائفي اللبناني الى مرحلة جديدة من التشكل الطائفي على أساس الثنائية المسيحية – المسلمة الى التشكل المذهبي على أساس الرباعية المسيحية – الشيعية – السنية – الدرزية.
... في الواقع... انتقلنا الى نظام طائفي مختلف عن النظام الطائفي الذي تشكل عام 1926 وارتكز حتى عام 1958 على أفراد وقوى مفتتة مناطقيا وجهويا ومدينيا، كانت تجمعها تحالفات عريضة على المستوى الوطني ولكن امتدادها لم يكن وطنيا بالمعنيين الجغرافي والسياسي، حتى لو تخللتها زعامات على مناطق واسعة أو على وحدات سياسية واسعة مثل جبل لبنان أو جبل عامل أو طرابلس او بيروت.
أتيح لفقراء الشيعة أن يتشكل عصبهم الحزبي الطائفي على يافطة تحمل الشعار الاجتماعي. كان اسم حركة موسى الصدر هو "حركة المحرومين" الى ان تغير الشعار الاساسي الى شعار "مقاومة اسرائيل" مع استلام "حزب الله" تدريجيا للقيادة المذهبية الاساسية، لا سيما بعد العام 2000 تدريجيا وبصورة حاسمة بعد الخروج السوري من لبنان.
لا أريد ان أحصي عدد الفقراء الشيعة الذين لا زالوا فقراء في ضواحي بيروت الجنوبية. لربما ازداد عددهم... كفقراء. فلست الآن في صدد تفنيد خرافة ان الفقر في احدى الطوائف يقضي عليه التضامن المذهبي السياسي في حزب واحد او تحالف حزبين على مستوى الطائفة.
لقد بقي فقراء الشيعة بين الاكثر فقرا فضائحيا في لبنان (مع الارياف السنية والمخيمات الفلسطينية وباب التبانة الطرابلسي وبعض تجمعات الدروز) بعد أكثر من عشرين عاما على بدء حركة الحصول على أموال وموازنات باسمهم من المال العام، أي لم يتغير الفقر الواسم للطائفة حتى بعد عشرين عاما من تولي فئة من هذه الطائفة تحصيل أموال وإنفاق بعضها في مناطق الطائفة!
حتى لو انتعشت فئات او تحسنت بشكل جدي مناطق أو قرى. لست هنا اذن بصدد تفنيد خرافة "خارطة الطريق للتعصب المذهبي" كطريق لانهاء الفقر في أي طائفة، لا سيما (أكرر لا سيما) بعد أن بلغ النظام الطائفي اعتبارا من العام 1990 مرحلة استلام كل طائفة "كبيرة" لأموالها من القطاع العام بواسطة حزبها الطائفي. (حاسبوهم يا شباب من نهر البارد الى الناقورة).
لست هنا بصدد هذه الخرافة التي لا تقف عند طائفة واحدة منذ العام 1975 (كانت "الشهابية" من هذه الناحية آخر مرحلة انفقت فيها "الدولة" المحتفظة بقدر من الاستقلالية عن الطائفيات... أنفقت على الطوائف).
الذي أريد ان أشير اليه من هذه المقدمات، ان التشكل المذهبي السني الصاعد بتضافر عوامل محلية واقليمية (ودولية في لبنان)، يتم في غياب الشعار الاجتماعي سياسيا. فيما الموضوع الاجتماعي في مناطق السنّة يعادل او يكاد يتجاوز في حدته الآن الموضوع الاجتماعي عند الشيعة.
ففي أحياء طريق الجديدة وخصوصا الملاصقة للمخيمات وأكواخ السان سيمون الى باب التبانة في طرابلس الى معظم عكار وسير الضنية الى البقاع الغربي وبعض الاوسط والعرقوب الى اكتظاظات بلدات اقليم الخروب، [u:5514ae0733][color=green:5514ae0733]يتصاعد الهدير المذهبي المستجد لفقراء السنة، دون أن تتاح لهم بسبب ضغط التحولات على المستوى الوطني [/color:5514ae0733][/u:5514ae0733]والطائفي اية فرصة لخوض معركتهم الطائفية باسم التخلص من فقرهم الكالح. خلافا للحالة الشيعية – في الموجة الاولى على الاقل – التي تمت تحت اليافطة الاجتماعية.
[color=red:5514ae0733]
لقد جرت محاولة تكرار سمجة في الآونة الاخيرة لتقديم الفقر في لبنان (بما فيه الآن داخل ساحة رياض الصلح) على انه شيعي فقط (حتى بعد ان ازداد الفقراء الشيعة اثر العدوان الاسرائيلي).
الفقر الآن هو شيعي – سني – فلسطيني، لا "فضل" فيه لحنفي على شافعي، ولا لجعفري على حنبلي، ولا لجنوبي على بقاعي، ولا لطرابلسي على طمليسي؟[/color:5514ae0733]
انه النظام الطائفي الذي يضيّع الموضوع (بوضع الشدة والكسرة على الياء). ولو كان لدينا نظام سياسي "طبيعي" لكان العمل الاول لمرشح يحترم نفسه لرئاسة الجمهورية هو وضع برنامج طوارىء اجتماعي أي لسي أقل من حالة طوارىء اجتماعية تستنفر كل أجهزة الدولة اللبنانية وقوى المجتمع "الخلاقة" لمواجهة حالات الفقر الخطيرة حول المدن وداخلها وخصوصا في ضواحي بيروت الجنوبية من "مجاهل" حي السلم الى صبرا وشاتيلا، ومن مجاهل "باب التبانة" في طرابلس الى بعل محسن شرقا والبداوي شمالا.
[color=blue:5514ae0733]
لكن في نظام مذهبي تحتشد فيه العصبيات ضد بعضها البعض تخيل أية دعوة ساذجة هي دعوة "الطوارىء" هذه، حين سيكون مطلوبا ان تقول لأبناء احدى الطوائف هنا المستنفرين ضد "جيرانهم" هناك ان عليهم ان يخصصوا ضرائب لتنفق على تحسين أحوال "عدوهم" الطائفي! بينما، مرة أخرى، يظهر النظام المذهبي قدرته على استقطاب وتحريض وتفعيل مثقفين وتكنوقراط داخل أجهرتهم الطائفية.[/color:5514ae0733]
صحيح ان البنية الطائفية حين تستعر هي بنية متعددة الطبقات، لكن الفقراء هم الذين سيتقاتلون... بالنتيجة.
جهاد الزين[/color:5514ae0733][/size:5514ae0733][/align:5514ae0733]
لا يبدو هدير فقراء السنة اللبنانيين الى خفوت عام 2007. فكيف يخفت وهو يتحول أكثر الى امتداد لموجة اقليمية تتجمع فيها أو تنضم اليها عناصر سياسية جديدة كأنما "مثلث الموت" في وسط غرب العراق الذي ساهم في تشكله عدم رضى سوري سعودي مصري على "المشروع الاميركي" بعد اسقاط صدام حسين عام 2003، يجد صداه عام 2006 في لبنان في "مثلث غضب" يمتد بين طرابلس والضنية وعكار... مثلث هو جزء أساسي من التشكل السياسي لـ"الحزب الحريري" بعد غياب المؤسس رفيق الحريري الذي أطلق في انتخابات عام 2000 زعامته الآحادية على بيروت... ليتحول مع نجله سعد في انتخابات 2005 الى أول حزب يمتد على جميع مناطق السنة اللبنانيين وليصبح مع اعلان سياسة "التصدي السعودي" لـ"الهجوم الايراني في المنطقة" الى حزب على شفير الحرب... الاهلية.
ها هم فقراء السنة اللبنانيين اذن يعيشون موجتهم المذهبية الاولى... في مقابل الفقراء الشيعة اللبنانيين الذين دخلوا موجتهم المذهبية... الثانية بقيادة "حزب الله".
انفجرت الموجة المذهبية الاولى لفقراء الشيعة اعتبارا من 6 شباط 1984... كان التبلور المذهبي للطائفة الشيعية قد تدرّج صعودا وهبوطا على مدى سنوات السبعينات، انطلاقاً من نهاية الستينات الى أن استقر في سيطرة "حركة أمل" بعد 6 شباط على الحياة السياسية في مناطق الشيعة وباسم الشيعة في النظام الطائفي اللبناني في الثمانينات وتكرست في تعبيرات صيغة "الطائف" في التسعينات.
كأي موجة طائفية يختلط في عصبها الديني بالوطني بالاجتماعي، كان كل تشكل مذهبي في لبنان بدءا من "حزب الكتائب" مارونيا عام 1958، وبالتوازي معه "الحزب التقدمي الاشتراكي" درزيا، ثم لاحقا مع "أمل" الشيعية و"تيار المستقبل" السني خطوة على طريق نقل النظام الطائفي اللبناني الى مرحلة جديدة من التشكل الطائفي على أساس الثنائية المسيحية – المسلمة الى التشكل المذهبي على أساس الرباعية المسيحية – الشيعية – السنية – الدرزية.
... في الواقع... انتقلنا الى نظام طائفي مختلف عن النظام الطائفي الذي تشكل عام 1926 وارتكز حتى عام 1958 على أفراد وقوى مفتتة مناطقيا وجهويا ومدينيا، كانت تجمعها تحالفات عريضة على المستوى الوطني ولكن امتدادها لم يكن وطنيا بالمعنيين الجغرافي والسياسي، حتى لو تخللتها زعامات على مناطق واسعة أو على وحدات سياسية واسعة مثل جبل لبنان أو جبل عامل أو طرابلس او بيروت.
أتيح لفقراء الشيعة أن يتشكل عصبهم الحزبي الطائفي على يافطة تحمل الشعار الاجتماعي. كان اسم حركة موسى الصدر هو "حركة المحرومين" الى ان تغير الشعار الاساسي الى شعار "مقاومة اسرائيل" مع استلام "حزب الله" تدريجيا للقيادة المذهبية الاساسية، لا سيما بعد العام 2000 تدريجيا وبصورة حاسمة بعد الخروج السوري من لبنان.
لا أريد ان أحصي عدد الفقراء الشيعة الذين لا زالوا فقراء في ضواحي بيروت الجنوبية. لربما ازداد عددهم... كفقراء. فلست الآن في صدد تفنيد خرافة ان الفقر في احدى الطوائف يقضي عليه التضامن المذهبي السياسي في حزب واحد او تحالف حزبين على مستوى الطائفة.
لقد بقي فقراء الشيعة بين الاكثر فقرا فضائحيا في لبنان (مع الارياف السنية والمخيمات الفلسطينية وباب التبانة الطرابلسي وبعض تجمعات الدروز) بعد أكثر من عشرين عاما على بدء حركة الحصول على أموال وموازنات باسمهم من المال العام، أي لم يتغير الفقر الواسم للطائفة حتى بعد عشرين عاما من تولي فئة من هذه الطائفة تحصيل أموال وإنفاق بعضها في مناطق الطائفة!
حتى لو انتعشت فئات او تحسنت بشكل جدي مناطق أو قرى. لست هنا اذن بصدد تفنيد خرافة "خارطة الطريق للتعصب المذهبي" كطريق لانهاء الفقر في أي طائفة، لا سيما (أكرر لا سيما) بعد أن بلغ النظام الطائفي اعتبارا من العام 1990 مرحلة استلام كل طائفة "كبيرة" لأموالها من القطاع العام بواسطة حزبها الطائفي. (حاسبوهم يا شباب من نهر البارد الى الناقورة).
لست هنا بصدد هذه الخرافة التي لا تقف عند طائفة واحدة منذ العام 1975 (كانت "الشهابية" من هذه الناحية آخر مرحلة انفقت فيها "الدولة" المحتفظة بقدر من الاستقلالية عن الطائفيات... أنفقت على الطوائف).
الذي أريد ان أشير اليه من هذه المقدمات، ان التشكل المذهبي السني الصاعد بتضافر عوامل محلية واقليمية (ودولية في لبنان)، يتم في غياب الشعار الاجتماعي سياسيا. فيما الموضوع الاجتماعي في مناطق السنّة يعادل او يكاد يتجاوز في حدته الآن الموضوع الاجتماعي عند الشيعة.
ففي أحياء طريق الجديدة وخصوصا الملاصقة للمخيمات وأكواخ السان سيمون الى باب التبانة في طرابلس الى معظم عكار وسير الضنية الى البقاع الغربي وبعض الاوسط والعرقوب الى اكتظاظات بلدات اقليم الخروب، [u:5514ae0733][color=green:5514ae0733]يتصاعد الهدير المذهبي المستجد لفقراء السنة، دون أن تتاح لهم بسبب ضغط التحولات على المستوى الوطني [/color:5514ae0733][/u:5514ae0733]والطائفي اية فرصة لخوض معركتهم الطائفية باسم التخلص من فقرهم الكالح. خلافا للحالة الشيعية – في الموجة الاولى على الاقل – التي تمت تحت اليافطة الاجتماعية.
[color=red:5514ae0733]
لقد جرت محاولة تكرار سمجة في الآونة الاخيرة لتقديم الفقر في لبنان (بما فيه الآن داخل ساحة رياض الصلح) على انه شيعي فقط (حتى بعد ان ازداد الفقراء الشيعة اثر العدوان الاسرائيلي).
الفقر الآن هو شيعي – سني – فلسطيني، لا "فضل" فيه لحنفي على شافعي، ولا لجعفري على حنبلي، ولا لجنوبي على بقاعي، ولا لطرابلسي على طمليسي؟[/color:5514ae0733]
انه النظام الطائفي الذي يضيّع الموضوع (بوضع الشدة والكسرة على الياء). ولو كان لدينا نظام سياسي "طبيعي" لكان العمل الاول لمرشح يحترم نفسه لرئاسة الجمهورية هو وضع برنامج طوارىء اجتماعي أي لسي أقل من حالة طوارىء اجتماعية تستنفر كل أجهزة الدولة اللبنانية وقوى المجتمع "الخلاقة" لمواجهة حالات الفقر الخطيرة حول المدن وداخلها وخصوصا في ضواحي بيروت الجنوبية من "مجاهل" حي السلم الى صبرا وشاتيلا، ومن مجاهل "باب التبانة" في طرابلس الى بعل محسن شرقا والبداوي شمالا.
[color=blue:5514ae0733]
لكن في نظام مذهبي تحتشد فيه العصبيات ضد بعضها البعض تخيل أية دعوة ساذجة هي دعوة "الطوارىء" هذه، حين سيكون مطلوبا ان تقول لأبناء احدى الطوائف هنا المستنفرين ضد "جيرانهم" هناك ان عليهم ان يخصصوا ضرائب لتنفق على تحسين أحوال "عدوهم" الطائفي! بينما، مرة أخرى، يظهر النظام المذهبي قدرته على استقطاب وتحريض وتفعيل مثقفين وتكنوقراط داخل أجهرتهم الطائفية.[/color:5514ae0733]
صحيح ان البنية الطائفية حين تستعر هي بنية متعددة الطبقات، لكن الفقراء هم الذين سيتقاتلون... بالنتيجة.