الحسني
12-16-2006, 07:12 AM
بعيداً عن التدخلات الدولية ، وبعيداً عن الحديث عن لعبة المحاور وعرض العضلات بين الدول المتصارعة على الأرض اللبنانية ، ونزولاً عند المشهد اللبناني الداخلي ولقراءته عن كثب بغية فهم الجدلية القائمة والأزمة الناشئة بين فريقين لبنانيين كلاهما يتهم الآخر بعدم لبنانيته.تأبى المحاور إلا أن تقحم نفسها وتُفصل للبنان ثوباً يناسبها.
قد تكون الديمقراطية وحرية التعبير والانتماء الحر نعمة ربانية لم ينعم بها بعد العالم العربي والإسلامي وإذا كان لبنان بطريقة أو بأخرى استطاع وبحكم تركيبته المتنوعة أن يخرج عن الطوق المحيط به يحاول أن يعيش تجربة ديمقراطية حقيقية مستفيداً من التغيرات الدولية والإقليمية المناسبة لهذا التحول المحبوب، كان لا بد من تقويض هذه الديمقراطية اللبنانية ، أو هذا النموذج اللبناني في ممارسة الديمقراطية ربما خشية من أن يكون ذلك بداية العدوى لدول المنطقة ما جعل كل دولة معنية بالوضع اللبناني تحاول أن تقوض هذه التجربة وكلٍ على طرقتها.
عقب اغتيال الرئيس الحريري قام لبنان وأراد الانتفاض من ظل وصاية سورية دامت 30 سنة أورثت لبنان من خلال إدارتها للبلد ديون تزيد عن 40 مليار دولار. قام لبنان وأراد أن يمارس حقه في العيش وحاول ذلك في ظل تراجع للمحور الإيراني السوري آنذاك ولو مرحلياً ، وتشكلت حكومة لبنانية مدعومة عربياً ودولياً ، نعم جاءت هذه الحكومة وفق أكثرية نيابية ناشئة أصلاُ عن قانون جائر ، عُرف بقانون غازي كنعان ، هذا القانون الذي كان الهدف منه حماية نفوذ التنظيمات والأحزاب القائمة حالياُ والتي انتقل بعضها من خندق إلى خندق آخر.
هذه الأكثرية التي قدمت ، حالها كان أشبه بحال تسونامي الذي أراد أن يدمر كل ما سبق، فعملت في لبنان على تقويض وإلغاء وإقصاء كل من كان من أهل الحقبة السابقة أو على الأقل لم ينتقل من الخندق الذي كان معه فيه إلى الخندق الجديد، نفس ما فعلته الولايات المتحدة حين قدمت العراق وقامت باجتثاث البعث وأمركة العراق ودعم طائفة على حساب بقية الشعب العراقي وكانت النتيجة أن حل الجيش العراقي وتهميش السنة أوجدت مقاومة استطاعت أن تدك المحتل الأمريكي وان تقوضه وان تستنزف طاقاته. الخطأ نفسه كُرر في لبنان ، فالديمقراطية الناشئة في لبنان، هي أشبه بالديمقراطية الناشئة في العراق كما يحب بوش وإدارته أن يصوروها.أرادت لها الولايات المتحدة وفرنسا أن تكون ديمقراطية مهزومة ، تتناسب مع الوضع الجديد للشرق الأوسط المنشود والذي ستكون إسرائيل فيه من الدول المحببة والصديقة.
لذلك ما فتئت الولايات المتحدة وكذلك فرنسا تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في لبنان عبر سفيرها في عوكر، ما شكل معارضة جديدة للمعارضة القديمة وتبدلت الأدوار، نتيجة السياسات الخاطئة للحكومة اللبنانية حيث لم يكن لها هم سوى نزع سلاح المقاومة وإغلاق جبهة الجنوب، ما أثار حفيظة القوميين والعربيين وحتى الشيوعيين في لبنان ، وبدعم سوري وإيراني، حتى جاءت الحرب الأخيرة وبان الدور الأمريكي في الهيمنة على لبنان ففي الوقت الذي كانت إسرائيل تدمر بيروت والجنوب والبقاع كان أعضاء من فريق 14 آذار يتناولون السندويشات مع وزيرة الخارجية الأمريكية رايس التي رفضت وقف الحرب حتى تحقيق إسرائيل مهمتها.
نعم تشكلت أكثرية من أقلية سابقة وتحولت أكثرية سابقة إلى أقلية جديدة، ولكن ممارسة الديمقراطية وإعادة لعبة الديمقراطية بعد أن تبدلت المواقع لم يعد أمر مسموح به .
نعم لعبة الديمقراطية على ما يبدو لا تناسب لا المحور السوري الإيراني ولا المحور الأمريكي الفرنسي في عالمنا العربي، لأن نجاح الديمقراطية في لبنان قد يهدد مصالح هذه المحاور وهذه الأنظمة، التي تتقاطع مصالحها دائماً على تقويض شعوب المنطقة.
ولمنع نجاح الديمقراطية في لبنان، عمدوا لتحويل الصراع السياسي إلى صراع طائفي في بلد ، مشكلته منذ إنشائه المحاصصة الطائفية، في بلد عاش حرب أهلية عبثية 15 سنة وخرج منها والكل فيه خاسر.
وبما أن حزب الله لا يستطيع أن يجاريه احد عسكرياً في الداخل اللبناني وبما أنه بتنسيقه التام مع حركة أمل يستطيع أن يجعل المحور الذي هو ينتمي إليه متقدما على المحور الأمريكي الفرنسي، ما كان أمام الولايات المتحدة إلا أن تحول الصراع الدائر إلى صراع طائفي وعبر أبواقها ونفوذها وسلسلة الاغتيالات التي يعلم الله من يقف وراءها. وهنا تعود الولايات المتحدة إلى نفس الأسلوب الذي اتبعته في العراق بعد أن قويت شوكة المقاومة العراقية لها أن تخلق فتنة طائفية لتحول الصراع بينها وبين العراقيين ليصبح صراع بين العراقيين انفسهم.
وعلى الرغم من ان رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان ابلغ المسؤولين في سوريا وايران عند اجتماعه بهم ان النار الطائفية اذا ما اشتعلت في لبنان فقد تمتد الى دول المنطقة وتكون عندئذ الفوضى العارمة التي تفتتها وتقيم النظام الفيديرالي فيها او التقسم.وعلى الرغم من قول أردوغان أنه اذا كان قد امكن حتى الآن حصر الفوضى الدموية في العراق فقد يصعب حصرها اذا ما استمرت وتحولت حرباً اهلية تفرض تقسيم العراق دويلات، كردية وسنية وشيعية او اقامة نظام فيديرالي يبنى عليه الشرق الاوسط الجديد، بعد ان يشمل هذا النظام دول المنطقة ولا يعود في امكان رافضيه او معارضيه وقفه والحؤول دون اقامته .
رغم كل ذلك تبقى سياسة المحاور تراهن على لبنان لتفجيره حيث ان الرئيس بشار الاسد "بشَّر" لبنان بالفوضى، ووزير خارجيته وليد المعلم بـ"العرقنة" واعلن آية الله علي خامنئي انه سيهزم اميركا في لبنان،فضلاً عن تهديد بوش من خلال ربطه بين باريس3 وبقاء حكومة السنيورة.
وإذا عدنا إلى لبنان نرى كيف تحول الخطاب السياسي بين ليلة وضحاها من خطاب سياسي إلى خطاب طائفي تحريضي تخويني بامتياز.وإذا كان البطريرك الماروني يخاف من فتنة كبيرة في البلد بقوله:" الحرب أولها كلام" فأي كلام هذا الذي يتبادله الأفرقاء السياسيون في لبنان.
وإذا أردنا نحلل خطابات قوى 8 آذار و14 آذار نجد تطورين طرأ عليها في الآونة الأخيرة.
التطور الأول: أصبح خطاب تخويني، تحريضي، تشكيكي، ناسف لكل المبادئ الأخلاقية.
التطور الثاني: أن كلا الفريقين من السنة والشيعة أي من قادة الفريقين أصبحوا ينقحون كل خطاباتهم بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة حتى تظن حقيقة أنك تجلس إلى داعية وواعظ وهذا ملاحظ جداً في خطابات نعيم قاسم والسنيورة.
وبين ما تعتبره الأكثرية انقلاباً على ثورة الأرز واعادة ربط لبنان بالمحور السوري وتطويق للقرار 1701 وتفريغ الجنوب من الجيش اللبناني ليبقى ساحة مفتوحة من خلال نقل حزب الله معاركه الى الداخل وتحديدا ناحية السراي الحكومية لاسقاط الرئيس فؤاد السنيورة وبين ما تراه المعارضة حركة تصحيحية، أي رفع لحالة انعدام الوزن التي تشكلت من الاكثرية في ظرف استثنائي لا يتناسب مع طبيعة لبنان ، اي تصحيح المعادلة في الحكم بهدف قيام مشاركة فعلية عبر حصولها على الثلث المعطل، بين هذا وذاك يتوتر الخطاب وياخذ المنحى الطائفي البغيض .
أقول لقد نجحت الجهات التي أرادت أن تحول الصراع السياسي اللبناني إلى صراع طائفي حتى الآن فإذا فلم تنته الأزمة في الأيام القليلة القادمة فإن الوقت لن يكون في صالح أحد، وخصوصاُ إذا علمنا أن المعنيين بالأزمة هم خارج لبنان، ممن كان يحذر من عرقنة لبنان في الوقت الذي كان الطرف الآخر يربط بين مؤتمر باريس3 وبين بقاء حكومة السنيورة.
(منقوووول)
قد تكون الديمقراطية وحرية التعبير والانتماء الحر نعمة ربانية لم ينعم بها بعد العالم العربي والإسلامي وإذا كان لبنان بطريقة أو بأخرى استطاع وبحكم تركيبته المتنوعة أن يخرج عن الطوق المحيط به يحاول أن يعيش تجربة ديمقراطية حقيقية مستفيداً من التغيرات الدولية والإقليمية المناسبة لهذا التحول المحبوب، كان لا بد من تقويض هذه الديمقراطية اللبنانية ، أو هذا النموذج اللبناني في ممارسة الديمقراطية ربما خشية من أن يكون ذلك بداية العدوى لدول المنطقة ما جعل كل دولة معنية بالوضع اللبناني تحاول أن تقوض هذه التجربة وكلٍ على طرقتها.
عقب اغتيال الرئيس الحريري قام لبنان وأراد الانتفاض من ظل وصاية سورية دامت 30 سنة أورثت لبنان من خلال إدارتها للبلد ديون تزيد عن 40 مليار دولار. قام لبنان وأراد أن يمارس حقه في العيش وحاول ذلك في ظل تراجع للمحور الإيراني السوري آنذاك ولو مرحلياً ، وتشكلت حكومة لبنانية مدعومة عربياً ودولياً ، نعم جاءت هذه الحكومة وفق أكثرية نيابية ناشئة أصلاُ عن قانون جائر ، عُرف بقانون غازي كنعان ، هذا القانون الذي كان الهدف منه حماية نفوذ التنظيمات والأحزاب القائمة حالياُ والتي انتقل بعضها من خندق إلى خندق آخر.
هذه الأكثرية التي قدمت ، حالها كان أشبه بحال تسونامي الذي أراد أن يدمر كل ما سبق، فعملت في لبنان على تقويض وإلغاء وإقصاء كل من كان من أهل الحقبة السابقة أو على الأقل لم ينتقل من الخندق الذي كان معه فيه إلى الخندق الجديد، نفس ما فعلته الولايات المتحدة حين قدمت العراق وقامت باجتثاث البعث وأمركة العراق ودعم طائفة على حساب بقية الشعب العراقي وكانت النتيجة أن حل الجيش العراقي وتهميش السنة أوجدت مقاومة استطاعت أن تدك المحتل الأمريكي وان تقوضه وان تستنزف طاقاته. الخطأ نفسه كُرر في لبنان ، فالديمقراطية الناشئة في لبنان، هي أشبه بالديمقراطية الناشئة في العراق كما يحب بوش وإدارته أن يصوروها.أرادت لها الولايات المتحدة وفرنسا أن تكون ديمقراطية مهزومة ، تتناسب مع الوضع الجديد للشرق الأوسط المنشود والذي ستكون إسرائيل فيه من الدول المحببة والصديقة.
لذلك ما فتئت الولايات المتحدة وكذلك فرنسا تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في لبنان عبر سفيرها في عوكر، ما شكل معارضة جديدة للمعارضة القديمة وتبدلت الأدوار، نتيجة السياسات الخاطئة للحكومة اللبنانية حيث لم يكن لها هم سوى نزع سلاح المقاومة وإغلاق جبهة الجنوب، ما أثار حفيظة القوميين والعربيين وحتى الشيوعيين في لبنان ، وبدعم سوري وإيراني، حتى جاءت الحرب الأخيرة وبان الدور الأمريكي في الهيمنة على لبنان ففي الوقت الذي كانت إسرائيل تدمر بيروت والجنوب والبقاع كان أعضاء من فريق 14 آذار يتناولون السندويشات مع وزيرة الخارجية الأمريكية رايس التي رفضت وقف الحرب حتى تحقيق إسرائيل مهمتها.
نعم تشكلت أكثرية من أقلية سابقة وتحولت أكثرية سابقة إلى أقلية جديدة، ولكن ممارسة الديمقراطية وإعادة لعبة الديمقراطية بعد أن تبدلت المواقع لم يعد أمر مسموح به .
نعم لعبة الديمقراطية على ما يبدو لا تناسب لا المحور السوري الإيراني ولا المحور الأمريكي الفرنسي في عالمنا العربي، لأن نجاح الديمقراطية في لبنان قد يهدد مصالح هذه المحاور وهذه الأنظمة، التي تتقاطع مصالحها دائماً على تقويض شعوب المنطقة.
ولمنع نجاح الديمقراطية في لبنان، عمدوا لتحويل الصراع السياسي إلى صراع طائفي في بلد ، مشكلته منذ إنشائه المحاصصة الطائفية، في بلد عاش حرب أهلية عبثية 15 سنة وخرج منها والكل فيه خاسر.
وبما أن حزب الله لا يستطيع أن يجاريه احد عسكرياً في الداخل اللبناني وبما أنه بتنسيقه التام مع حركة أمل يستطيع أن يجعل المحور الذي هو ينتمي إليه متقدما على المحور الأمريكي الفرنسي، ما كان أمام الولايات المتحدة إلا أن تحول الصراع الدائر إلى صراع طائفي وعبر أبواقها ونفوذها وسلسلة الاغتيالات التي يعلم الله من يقف وراءها. وهنا تعود الولايات المتحدة إلى نفس الأسلوب الذي اتبعته في العراق بعد أن قويت شوكة المقاومة العراقية لها أن تخلق فتنة طائفية لتحول الصراع بينها وبين العراقيين ليصبح صراع بين العراقيين انفسهم.
وعلى الرغم من ان رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان ابلغ المسؤولين في سوريا وايران عند اجتماعه بهم ان النار الطائفية اذا ما اشتعلت في لبنان فقد تمتد الى دول المنطقة وتكون عندئذ الفوضى العارمة التي تفتتها وتقيم النظام الفيديرالي فيها او التقسم.وعلى الرغم من قول أردوغان أنه اذا كان قد امكن حتى الآن حصر الفوضى الدموية في العراق فقد يصعب حصرها اذا ما استمرت وتحولت حرباً اهلية تفرض تقسيم العراق دويلات، كردية وسنية وشيعية او اقامة نظام فيديرالي يبنى عليه الشرق الاوسط الجديد، بعد ان يشمل هذا النظام دول المنطقة ولا يعود في امكان رافضيه او معارضيه وقفه والحؤول دون اقامته .
رغم كل ذلك تبقى سياسة المحاور تراهن على لبنان لتفجيره حيث ان الرئيس بشار الاسد "بشَّر" لبنان بالفوضى، ووزير خارجيته وليد المعلم بـ"العرقنة" واعلن آية الله علي خامنئي انه سيهزم اميركا في لبنان،فضلاً عن تهديد بوش من خلال ربطه بين باريس3 وبقاء حكومة السنيورة.
وإذا عدنا إلى لبنان نرى كيف تحول الخطاب السياسي بين ليلة وضحاها من خطاب سياسي إلى خطاب طائفي تحريضي تخويني بامتياز.وإذا كان البطريرك الماروني يخاف من فتنة كبيرة في البلد بقوله:" الحرب أولها كلام" فأي كلام هذا الذي يتبادله الأفرقاء السياسيون في لبنان.
وإذا أردنا نحلل خطابات قوى 8 آذار و14 آذار نجد تطورين طرأ عليها في الآونة الأخيرة.
التطور الأول: أصبح خطاب تخويني، تحريضي، تشكيكي، ناسف لكل المبادئ الأخلاقية.
التطور الثاني: أن كلا الفريقين من السنة والشيعة أي من قادة الفريقين أصبحوا ينقحون كل خطاباتهم بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة حتى تظن حقيقة أنك تجلس إلى داعية وواعظ وهذا ملاحظ جداً في خطابات نعيم قاسم والسنيورة.
وبين ما تعتبره الأكثرية انقلاباً على ثورة الأرز واعادة ربط لبنان بالمحور السوري وتطويق للقرار 1701 وتفريغ الجنوب من الجيش اللبناني ليبقى ساحة مفتوحة من خلال نقل حزب الله معاركه الى الداخل وتحديدا ناحية السراي الحكومية لاسقاط الرئيس فؤاد السنيورة وبين ما تراه المعارضة حركة تصحيحية، أي رفع لحالة انعدام الوزن التي تشكلت من الاكثرية في ظرف استثنائي لا يتناسب مع طبيعة لبنان ، اي تصحيح المعادلة في الحكم بهدف قيام مشاركة فعلية عبر حصولها على الثلث المعطل، بين هذا وذاك يتوتر الخطاب وياخذ المنحى الطائفي البغيض .
أقول لقد نجحت الجهات التي أرادت أن تحول الصراع السياسي اللبناني إلى صراع طائفي حتى الآن فإذا فلم تنته الأزمة في الأيام القليلة القادمة فإن الوقت لن يكون في صالح أحد، وخصوصاُ إذا علمنا أن المعنيين بالأزمة هم خارج لبنان، ممن كان يحذر من عرقنة لبنان في الوقت الذي كان الطرف الآخر يربط بين مؤتمر باريس3 وبين بقاء حكومة السنيورة.
(منقوووول)