عبد الله بوراي
10-30-2006, 07:53 AM
[size=24:b1bb99cbae][color=olive:b1bb99cbae]
كأني بك حين تقرأ هذا المقال الرائع ترى ما قد حصل لك البارحة ، مما قد تطرق له المقال الرائع .
فمع هذا المقال
مع
أحمد عبدالمعطي حجازي
:_
المشكلة التي نواجهها فيما نختلف معه من آراء لا تتمثل في أن هذه الآراء تجانب الصواب كما نراه, فما أسهل أن نصححها لأصحابها اذا كنا قادرين علي ذلك. وما أسهل أن يوضحها أصحابها ويكشفوا لنا عن وجه الصواب فيها اذا كانوا أكثر علما وأقوي حجة, وفوق كل ذي علم عليم.
خطأ الرأي أو بعده عن الصواب ليس هو المشكلة, وإنما استبداد صاحب الرأي بالرأي, وانفراده بالقول, وادعاؤه الحكمة, وتجاهله من يخالفونه, ورفضه مواجهتهم هو مشكلتنا الحقيقية التي تؤدي الي أخطار كثيرة, وتدفع بنا في مهاو سحيقة.
لقد تعودنا أن نكون جمهورا سلبيا يسمع ولا يعقل, ويأخذ ولا يعطي, ويتلقي ولا يرد, ويتبع سواه ولا يجتهد لنفسه. تقاليدنا الأسرية تحرم علينا أن نناقش ذوينا أو نستوضحهم ما يطلبون أو نصارحهم بما نحس وما نري. ومناهجنا الدراسية تقوم علي النقل والحفظ والتقليد والتلقين. ونظمنا السياسية نظم أبوية تنظر للمواطنين علي اختلاف طبقاتهم وطوائفهم وأعمارهم واتجاهاتهم باعتبارهم أطفالا جانحين!
نحن اذن لا نشارك في التفكير, ولا نبحث عن الحقيقة, ولا نراجع ما نقول أو نعتقد. ونحن بالمثل لا نشارك في العمل, فلا ننحاز لحق ولا نعترض علي باطل, ولا نعيد النظر فيما تعودنا أن نتفق حوله أو نختلف.
وإذا كنا سلبيين غير مبالين انفرط عقدنا, وانفصل بعضنا عن بعض, واستقل بنفسه واعتزل الآخرين, وانساق وراء غرائزه وحدها, لأنه لا يثق بجماعته ولا يحترم قانونها المعبر عن مصالحها ومثلها العليا, فله اذن أن يفرض علي غيره ما يرتاح اليه من الرأي ويعجبه, وأن يضع يده علي ما يتصور أنه حق له ولو اعتدي علي حق غيره, لا يعتمد في هذا علي منطق أو مبدأ أخلاقي, وإنما يعتمد علي قوته الغاشمة وحدها. عليه أن يقهر غيره ويمنعه من التفكير, ويضطره للاذعان والتسليم!
إنها منظومة من العلاقات تقوم علي أساس واحد, هو القهر المنظم الذي يتحول مع الزمن إلي قاعدة أو قانون, قهر القوي للضعيف, والغني للفقير, والكبير للصغير, والأكثر للأقل, والرجل للمرأة, والرئيس للمرؤوس, والحاكم للمحكوم, والذين يختزلون المشكلة التي نواجهها ويتجاهلون خطورتها فلا يرون ضرورة لمناقشة كل شيء, ولا يجدون بأسا في أن يوافقوا اذا طلبت منهم الموافقة, ولا أن يصفقوا اذا أشير لهم بالتصفيق ـ هؤلاء يختزلون وجودهم, ويتجاهلون أنفسهم, ويتنكرون لحقوقهم ومصالحهم, ويظنون أن مناقشة الآراء التي تطرح علينا في الاجتماع والاقتصاد, والثقافة والسياسة ترف فكري يمكن أن نستغني عنه, غافلين عن العلاقة العضوية الحية بين الفكر والعمل. اذا أحسنا التفكير أحسنا التدبير, وإلا فنحن نخبط في الظلماء ونسير علي غير هدي.
وكما ينتفع أصحاب الحق باختلاف الآراء وتعدد الاجتهادات واتساع الصدور للحوار والمناقشة, ينتفع غاصبو الحق بقهر الناس علي اتباع طريق واحد, وإرغامهم علي تعود السير فيه دون تفكير أو مراجعة بدعوي أن الحديث في القضايا المطروحة يحتاج الي متخصصين, أو أن هناك اعتبارات طارئة لا تسمح بفتح باب الحوار أو إطلاق حرية التفكير والتعبير, أو بحجة أن هذه أو تلك من العادات الموروثة والمصالح الخاصة ثوابت لا يجوز لأحد أن يتعرض لها أو يناقشها أو يراجعها أو يسأل عن أصلها أو فصلها.
هكذا دأب بعضهم في السنوات الأخيرة علي أن يدخل بغير حق كل ما يعرض لنا في حياتنا من الآراء والأعمال, والمناهج والأساليب, والقوانين والنظم, والأدوات والخبرات في مجال التحريم والتحليل, لأنه المجال الذي يسمح لهؤلاء بأن ينفردوا بالحديث ويطلقوا أحكامهم علي الآخرين, رغم ان الانفراد بالحديث في الاسلام بدعة مقحمة علي الاسلام الذي امر اتباعه بأن يستفتوا قلوبهم, وحررهم من الخدوع لإي سلطة دينية.
والحياة البشرية ليست مجالا واحدا, لأن حاجات الانسان كثيرة متنوعة متغيرة متطورة, فهو في حاجة إلي الدين. لأن الدين يقدم له الجواب عن أسئلة روحه التواقة لمعرفة ما ينتظرها في العالم الآخر. وهو في حاجة للعلم, لأن العلم يجيبه علي أسئلة عقله الذي يفكر في هذه الدنيا ويسعي لامتلاكها والسيطرة عليها, وهو في حاجة للفن, لأن الفن يجيبه عن أسئلة قلبه الذي يحب ويكره ويطرب ويغضب. ولكل اذن مجاله. ولكل مجال أركانه..
العقيدة الدينية لها أركانها التي تفرض علي المؤمن أن يمتثل لها ويلتزم حدودها. وهذا هو مجال التحليل والتحريم الذي لا يحق لأحد أن يقحم فيه ما ليس منه.
ـحين يزعم بعض المشايخ أن الأرض ثابتة, وأن الشمس هي التي تدور حولها, وأن هذا معلوم من الدين بالضرورة وكل من أنكره كافر ودمه حلال ـ حين يزعم بعضهم هذا الزعم يتجاوز الحد ويخلط العلم بالدين, فلا ينتفع به دين ولا تنتفع به دنيا. وإذا كان لمن شاء أن يتكلم في العلم فمن واجبه أن يلتزم منهجه ويحتكم لقوانينه, فليس في العلم حلال وحرام, وإنما فيه صواب وخطأ. وليس من حق أحد أن يعتبر النص الديني دليلا علميا, لأن الدليل العلمي لا يكون دليلا علميا إلا اذا امتحنه العقل وصدقه العلماء علي اختلاف دياناتهم وعقائدهم.وليس من حق احد ان يطلب في الدين دليلا علميا فنحن نؤمن بالعالم الآخر دون ان يراه احد رأي العين.
وما يقال عن العلم يقال عن الفن الذي نبحث فيه عما يخاطب أفئدتنا ويثير عواطفنا ويمتعنا بما يتمثل فيه من جمال فريد.
نحن في الفن لا نبحث عن الطبيعة ولا عما وراءها, وإنما نبحث عن أنفسنا ونتمثل وجودنا, نقرأ في الفن لغة الفنان ونقف أمام جمله ومعانيه والفن اذن ليس حلالا أو حراما, وإنما هو جميل أو قبيح, جيد أو رديئ!
وكذلك نقول في المجتمع, والسياسة, والاقتصاد. كل ما يحق لنا أن نختبره ونجربه ونحكم عليه يخرج من مجال التحليل والتحريم, ويدخل مجال الصواب والخطأ, والجودة والرداءة, أي يخرج من المجال الذي يتحدث فيه رجال الدين ويعود إلي مجالات الحياة التي لا تزدهر إلا باجتهادات الجميع ومبادرات الجميع. والتمييز إذن بين مجال الدين ومجالات الدنيا شرط لبناء الديمقراطية.
ولا شك أن العمل الدنيوي ليس مقطوع الصلة بالدين. فنحن نستشعر في كل ما نصنع قيمة أخلاقية تدفعنا للعمل وتحفزنا لإتقانه, وتحرضنا علي أن نجمع فيه بين الجمال والخير, وبين الحق والمنفعة. ولا شك أن الأخلاق فرع من شجرة الدين الوارفة الظلال. لكننا نظل في نشاطنا الدنيوي خاضعين لمقاييس هذا النشاط ملتزمين بها, وإلا اختلطت الحدود, واضطربت الموازين, فلم نعد نملك ما نهتدي به أو نحتكم له!
*********************************** *******************
هل كان ضنى فى محله
burai[/color:b1bb99cbae][/size:b1bb99cbae]
كأني بك حين تقرأ هذا المقال الرائع ترى ما قد حصل لك البارحة ، مما قد تطرق له المقال الرائع .
فمع هذا المقال
مع
أحمد عبدالمعطي حجازي
:_
المشكلة التي نواجهها فيما نختلف معه من آراء لا تتمثل في أن هذه الآراء تجانب الصواب كما نراه, فما أسهل أن نصححها لأصحابها اذا كنا قادرين علي ذلك. وما أسهل أن يوضحها أصحابها ويكشفوا لنا عن وجه الصواب فيها اذا كانوا أكثر علما وأقوي حجة, وفوق كل ذي علم عليم.
خطأ الرأي أو بعده عن الصواب ليس هو المشكلة, وإنما استبداد صاحب الرأي بالرأي, وانفراده بالقول, وادعاؤه الحكمة, وتجاهله من يخالفونه, ورفضه مواجهتهم هو مشكلتنا الحقيقية التي تؤدي الي أخطار كثيرة, وتدفع بنا في مهاو سحيقة.
لقد تعودنا أن نكون جمهورا سلبيا يسمع ولا يعقل, ويأخذ ولا يعطي, ويتلقي ولا يرد, ويتبع سواه ولا يجتهد لنفسه. تقاليدنا الأسرية تحرم علينا أن نناقش ذوينا أو نستوضحهم ما يطلبون أو نصارحهم بما نحس وما نري. ومناهجنا الدراسية تقوم علي النقل والحفظ والتقليد والتلقين. ونظمنا السياسية نظم أبوية تنظر للمواطنين علي اختلاف طبقاتهم وطوائفهم وأعمارهم واتجاهاتهم باعتبارهم أطفالا جانحين!
نحن اذن لا نشارك في التفكير, ولا نبحث عن الحقيقة, ولا نراجع ما نقول أو نعتقد. ونحن بالمثل لا نشارك في العمل, فلا ننحاز لحق ولا نعترض علي باطل, ولا نعيد النظر فيما تعودنا أن نتفق حوله أو نختلف.
وإذا كنا سلبيين غير مبالين انفرط عقدنا, وانفصل بعضنا عن بعض, واستقل بنفسه واعتزل الآخرين, وانساق وراء غرائزه وحدها, لأنه لا يثق بجماعته ولا يحترم قانونها المعبر عن مصالحها ومثلها العليا, فله اذن أن يفرض علي غيره ما يرتاح اليه من الرأي ويعجبه, وأن يضع يده علي ما يتصور أنه حق له ولو اعتدي علي حق غيره, لا يعتمد في هذا علي منطق أو مبدأ أخلاقي, وإنما يعتمد علي قوته الغاشمة وحدها. عليه أن يقهر غيره ويمنعه من التفكير, ويضطره للاذعان والتسليم!
إنها منظومة من العلاقات تقوم علي أساس واحد, هو القهر المنظم الذي يتحول مع الزمن إلي قاعدة أو قانون, قهر القوي للضعيف, والغني للفقير, والكبير للصغير, والأكثر للأقل, والرجل للمرأة, والرئيس للمرؤوس, والحاكم للمحكوم, والذين يختزلون المشكلة التي نواجهها ويتجاهلون خطورتها فلا يرون ضرورة لمناقشة كل شيء, ولا يجدون بأسا في أن يوافقوا اذا طلبت منهم الموافقة, ولا أن يصفقوا اذا أشير لهم بالتصفيق ـ هؤلاء يختزلون وجودهم, ويتجاهلون أنفسهم, ويتنكرون لحقوقهم ومصالحهم, ويظنون أن مناقشة الآراء التي تطرح علينا في الاجتماع والاقتصاد, والثقافة والسياسة ترف فكري يمكن أن نستغني عنه, غافلين عن العلاقة العضوية الحية بين الفكر والعمل. اذا أحسنا التفكير أحسنا التدبير, وإلا فنحن نخبط في الظلماء ونسير علي غير هدي.
وكما ينتفع أصحاب الحق باختلاف الآراء وتعدد الاجتهادات واتساع الصدور للحوار والمناقشة, ينتفع غاصبو الحق بقهر الناس علي اتباع طريق واحد, وإرغامهم علي تعود السير فيه دون تفكير أو مراجعة بدعوي أن الحديث في القضايا المطروحة يحتاج الي متخصصين, أو أن هناك اعتبارات طارئة لا تسمح بفتح باب الحوار أو إطلاق حرية التفكير والتعبير, أو بحجة أن هذه أو تلك من العادات الموروثة والمصالح الخاصة ثوابت لا يجوز لأحد أن يتعرض لها أو يناقشها أو يراجعها أو يسأل عن أصلها أو فصلها.
هكذا دأب بعضهم في السنوات الأخيرة علي أن يدخل بغير حق كل ما يعرض لنا في حياتنا من الآراء والأعمال, والمناهج والأساليب, والقوانين والنظم, والأدوات والخبرات في مجال التحريم والتحليل, لأنه المجال الذي يسمح لهؤلاء بأن ينفردوا بالحديث ويطلقوا أحكامهم علي الآخرين, رغم ان الانفراد بالحديث في الاسلام بدعة مقحمة علي الاسلام الذي امر اتباعه بأن يستفتوا قلوبهم, وحررهم من الخدوع لإي سلطة دينية.
والحياة البشرية ليست مجالا واحدا, لأن حاجات الانسان كثيرة متنوعة متغيرة متطورة, فهو في حاجة إلي الدين. لأن الدين يقدم له الجواب عن أسئلة روحه التواقة لمعرفة ما ينتظرها في العالم الآخر. وهو في حاجة للعلم, لأن العلم يجيبه علي أسئلة عقله الذي يفكر في هذه الدنيا ويسعي لامتلاكها والسيطرة عليها, وهو في حاجة للفن, لأن الفن يجيبه عن أسئلة قلبه الذي يحب ويكره ويطرب ويغضب. ولكل اذن مجاله. ولكل مجال أركانه..
العقيدة الدينية لها أركانها التي تفرض علي المؤمن أن يمتثل لها ويلتزم حدودها. وهذا هو مجال التحليل والتحريم الذي لا يحق لأحد أن يقحم فيه ما ليس منه.
ـحين يزعم بعض المشايخ أن الأرض ثابتة, وأن الشمس هي التي تدور حولها, وأن هذا معلوم من الدين بالضرورة وكل من أنكره كافر ودمه حلال ـ حين يزعم بعضهم هذا الزعم يتجاوز الحد ويخلط العلم بالدين, فلا ينتفع به دين ولا تنتفع به دنيا. وإذا كان لمن شاء أن يتكلم في العلم فمن واجبه أن يلتزم منهجه ويحتكم لقوانينه, فليس في العلم حلال وحرام, وإنما فيه صواب وخطأ. وليس من حق أحد أن يعتبر النص الديني دليلا علميا, لأن الدليل العلمي لا يكون دليلا علميا إلا اذا امتحنه العقل وصدقه العلماء علي اختلاف دياناتهم وعقائدهم.وليس من حق احد ان يطلب في الدين دليلا علميا فنحن نؤمن بالعالم الآخر دون ان يراه احد رأي العين.
وما يقال عن العلم يقال عن الفن الذي نبحث فيه عما يخاطب أفئدتنا ويثير عواطفنا ويمتعنا بما يتمثل فيه من جمال فريد.
نحن في الفن لا نبحث عن الطبيعة ولا عما وراءها, وإنما نبحث عن أنفسنا ونتمثل وجودنا, نقرأ في الفن لغة الفنان ونقف أمام جمله ومعانيه والفن اذن ليس حلالا أو حراما, وإنما هو جميل أو قبيح, جيد أو رديئ!
وكذلك نقول في المجتمع, والسياسة, والاقتصاد. كل ما يحق لنا أن نختبره ونجربه ونحكم عليه يخرج من مجال التحليل والتحريم, ويدخل مجال الصواب والخطأ, والجودة والرداءة, أي يخرج من المجال الذي يتحدث فيه رجال الدين ويعود إلي مجالات الحياة التي لا تزدهر إلا باجتهادات الجميع ومبادرات الجميع. والتمييز إذن بين مجال الدين ومجالات الدنيا شرط لبناء الديمقراطية.
ولا شك أن العمل الدنيوي ليس مقطوع الصلة بالدين. فنحن نستشعر في كل ما نصنع قيمة أخلاقية تدفعنا للعمل وتحفزنا لإتقانه, وتحرضنا علي أن نجمع فيه بين الجمال والخير, وبين الحق والمنفعة. ولا شك أن الأخلاق فرع من شجرة الدين الوارفة الظلال. لكننا نظل في نشاطنا الدنيوي خاضعين لمقاييس هذا النشاط ملتزمين بها, وإلا اختلطت الحدود, واضطربت الموازين, فلم نعد نملك ما نهتدي به أو نحتكم له!
*********************************** *******************
هل كان ضنى فى محله
burai[/color:b1bb99cbae][/size:b1bb99cbae]