Saowt
08-01-2006, 08:53 PM
[1]
منذ أن أشرق العالم بنور الإسلام, في ذلك العهد الزاهر المبارك؛ كان المسلمون في مجدهم وعزهم يتعايشون مع أبناء الأديان الأخرى, وكان تصريف أمور الأقلية غير المسلمة يتم عن طريق رؤوسائهم المدنيين؛ فيجدون حقوقهم لدى المسؤولين المسلمين مستقرة مشروعة.
ثم دارت الأيام، فصار جزء من المسلمين يمثلون أقليات تعيش في وسط غير إسلامي, إلا أننا هنا نرى صورة أخرى للتعامل مع الأقليات، نتج عنها إشكاليات لكل مهاجر، فضلًا عن الذين اعتنقوا الإسلام في البلدان الغير إسلامية, وعلى سبيل المثال الذي سنتناول الحديث عنه اليوم: المسلمون في أوروبا.
أوروبا:هي إحدى قارات العالم السبع، وتعد أوروبا جغرافيا شبه قارة أو شبه جزيرة كبيرة، وتعتبر قارة صغيرة نسبيًا مقارنة ببقية القارات، لكن قارة استراليا أصغر منها, ويعتقد البعض أن اسم القارة مشتق من اسم الأميرة الفينيقية يوروبا التي كانت قد خطفت من قبل زيوس -إله السماء عند اليونان- على ظهر ثور، وأخذت لجزيرة كريت حسب الأساطير اليونانية، ومن بعد حادثة الخطف سميت اليونان باسم يوروبا، وبحلول العام 500ق.م؛ امتد المقصود من الكلمة ليشمل الأراضي الواقعة شمال اليونان.
المساحة : حوالي 10.79 مليون كم2 [7.1 % من مساحة الأرض].
عدد السكان: ثالث قارة في العالم من حيث عدد السكان إذ يزيد عدد سكانها عن 700 مليون نسمة [11 % من سكان الأرض].
اللغة: تنتشر في قارة أوروبا عدة لغات منها: الجرمانية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A 7#.D8.A7.D9.84.D9.84.D8.BA.D8.A7.D8 .AA_.D8.A7.D9.84.D8.AC.D8.B1.D9.85. D8.A7.D9.86.D9.8A.D8.A9#.D8.A7.D9.8 4.D9.84.D8.BA.D8.A7.D8.AA_.D8.A7.D9 .84.D8.AC.D8.B1.D9.85.D8.A7.D9.86.D 9.8A.D8.A9), الرومانسية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A 7#.D8.A7.D9.84.D9.84.D8.BA.D8.A7.D8 .AA_.D8.A7.D9.84.D8.B1.D9.88.D9.85. D8.A7.D9.86.D8.B3.D9.8A.D8.A9#.D8.A 7.D9.84.D9.84.D8.BA.D8.A7.D8.AA_.D8 .A7.D9.84.D8.B1.D9.88.D9.85.D8.A7.D 9.86.D8.B3.D9.8A), و السلافية ,الأورالية, الألطية, البلطية, والكلتية و لغات أخرى.
الأديان المنتشرة في القارة: المسيحية، وتمثل الديانة الأولى, ويليها الإسلام، وهناك دول ومناطق ذات نسبة كبيرة من المسلمين في القارة مثل: ألبانيا والبوسنة والهرسك وبلغاريا ومقدونيا وقبرص وكازاخستان وتركيا وأذربيجان وجورجيا, و على مستوى القارة بشكل عام فإن 5 % من مواطني دول الاتحاد الأوروبي يدينون بالإسلام، يتركز العديد من المسلمين في ألمانيا 3.878 %، وفرنسا 5 إلى 10 %، والمملكة المتحدة 2.7 %, وهناك ديانات أخرى كاليهودية والهندوسية و السيخية.
لأوروبا تاريخ طويل حافل بالأحداث والتغيرات الاجتماعية والثقافية و الصراعات طويلة الأمد، و قدر تاريخها لحوالي 800 ألف سنة خلت، هي أول فترة في تاريخ تلك القارة العريقة.
وتنسب الحضارة الأوروبية الحديثة والتقدم الثقافي لبعض أجزاء تلك القارة لقدامى اليونان بشكل رئيس، كما أن للمسيحية تأثيرًا كبيرًا أيضًا, وقد كان لدخول المسلمين الأندلس، وتأسيسهم فيها دولة اهتمت بالعلم والعلماء في الوقت الذي كانت تعيش أوروبا في العصور المظلمة؛ تأثيرًا بالغًا على الأوروبيين أنفسهم، وأدى تأثرهم هذا -على المدى البعيد- لنقلهم إلى عصور النهضة والتقدم والديمقراطية، التي تم الوصول إليها في القرن العشرين.
قامت الإمبراطورية الرومانية على أجزاء واسعة من القارة الأوروبية، وكان سقوطها في القرن الخامس الميلادي بوابة لكثير من التغيرات في القارة، وقد عانت أوروبا كثيرًا من الظروف المعيشية في العصور المظلمة، حتى انتقلت لعصر النهضة الأوروبية، ثم تبع ذلك الفتح الإسلامي العثماني لمدينة استامبول البيزنطية في القرن الخامس عشر الميلادي، وأسقطوا بذلك تلك الإمبراطورية، وقاموا بالتوغل في قلب القارة الأوروبية حتى وصلوا لحدود إيطاليا والنمسا، وشكلوا القوة الأبرز في القارة في تلك الفترة.
وبعد ذلك جاء عصر النهضة الأوروبية، وقد كان شغل أوروبا الشاغل بعد ذلك العصر هو بث أفكار الديمقراطية وكيفية تطبيقها, ثم بدأت الشعوب الأوروبية بالمناداة بالحرية والمساواة الفردية، وكان أبرز حدث توج تلك الأفكار والتوجهات هو الثورة الفرنسية التي أدت لشيوع وانتشار أفكار الثورة على الإقطاعيين أو الكنيسة في مختلف مناطق القارة، و قد أدى نشوء القوميات -بمعناها الحديث- إلى تعزيز الصراع الدائر بين القوى العظمى في أوروبا على دول العالم الحديث، وكان أشهر تلك الصراعات استيلاء نابليون بونابرت على السلطة في فرنسا، حيث أنشأ ما عرف باسم الإمبراطورية التي سرعان ما انهارت، وبعد سقوط نابليون هدأت القارة الأوروبية نسبيًا، وبدأ في تلك الفترة انهيار الممالك ونظم الحكم القديمة.
ونحن هنا بصدد محاولة تسليط الضوء على الإسلام والمسلمين في القارة الأوربية، حتى نستطيع التعرف على واقع قرابة 52 مليون مسلم يعيشون هناك.
وتؤكد المعلومات التاريخية بدء دخول الإسلام إلى القارة الأوربية من جنوبها إلى بلاد القوقاز، في وقت مبكر مع جيوش الفتح الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب في عام 22هـ, ودخل حوض نهر الفولجا في بداية القرن الرابع الهجري عن طريق التجار المسلمين, وفي القرن السابع الهجري عندما دخلت القبائل التتارية في هذه المنطقة,ثم امتد إلى غرب أوروبا في العقد الأخير من القرن الأول الهجري في عام 91هـ تقريبًا، عندما فتحت الأندلس عل يد طارق بن زياد وموسى بن نصير, ثم واصل الإسلام انتشاره في القرن ال12 الهجري في عهد الدولة العثمانية.
و لقد طرق الإسلام أبواب أوروبا من الشرق بمحاولته فتح القسطنطينية، ومن الجنوب بفتحه لصقلية وجنوب إيطاليا, ومن الغرب بفتح الأندلس والتوغل في بلاد الغال –فرنسا اليوم- حتى مدينة' بواتيه', ثم كر الإسلام ليدق أبواب أوروبا الشرقية ثم الوسطى في زمن السلطان محمد الفاتح وخلفائه الأقوياء، حيث سيطر العثمانيون على شرق أوروبا, وقد استفادت أوروبا كثيرًا من سماحة الحكم العثماني، وكذلك سماحة الأتراك والتنظيم الدقيق للعسكرية
واليوم يشكل المسلمون في أوروبا وجودًا حقيقيًا ذا فاعلية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ورغم عدم وجود إحصاء رسمي يبين حجم الأقلية المسلمة في دول أوروبا، فإن بعض المصادر الإسلامية تقدر عدد المسلمين هناك بـ 52 مليونًا من أصل 705 مليون نسمة هم عدد سكان القارة الأوروبية، ويعيش في فرنسا وحدها 6 مليون مسلم.
وتختلف أوضاع الأقليات الإسلامية في أوروبا من دولة إلى أخرى، حسب الوضع القانوني السائد في تلك الدولة، وتبعًا للشعور العام السائد داخل المؤسسات الحكومية الأوروبية تجاه الإسلام؛ فبعض الدول تنظر إليه نظرة توجس وريبة مثل فرنسا وألمانيا، مما ينعكس على التسهيلات الممنوحة لتلك الأقلية، وخاصة فيما يتعلق باستخراج تصريحات بناء المساجد، في حين يتضاءل هذا الشعور في دول أخرى، كما هو الحال في بريطانيا على سبيل المثال.
والمسلمون في أوروبا موزعون في أقليات، يختلف حجمها بين الآلاف والملايين، ومن أمثلة الدول الأوربية التي يبلغ عدد المسلمين فيها الملايين بعض دول أوروبا الشرقية، وهناك دولة واحدة يشكل المسلمون فيها أغلبية وهي ألبانيا، أما المسلمون في أوروبا الغربية فأحوالهم مختلفة، ذلك أن عددهم في هذه البلاد يبدأ من المئات في البعض منها، ويرتفع العدد تدريجيًا حتى يقارب بضعة ملايين في بعضها الآخر مثل فرنسا.
وتتركز الجاليات الإسلامية الكبيرة في غرب أوروبا في كل من فرنسا من 5-6 مليون, وألمانيا من 2-3 مليون نسمة, وبريطانيا من 1.5-2 مليون نسمة, وفي إيطاليا 0.7مليون نسمة، وفي هولندا 0،4 مليون نسمة، وبلجيكا 0.75مليون نسمة، واليونان 0.25 مليون نسمة، وفي قبرص 0.16 مليون نسمة، أما في إسبانيا 0.12 مليون نسمة، ومالطة 0.1 مليون نسمة ومثلها سويسرا، وفي الدانمارك 0.05 مليون نسمة, أما في السويد والبرتغال و النرويج و فنلندا وجبل طارق و لكسمبورج وأيرلندا؛ فعدد المسلمين يقل في كل منها عن 50 ألف مسلم.
ومن المعلوم أن الغالبية العظمى من المسلمين في هذه البلاد وفدوا إليها بحكم الصلات السياسية التي كانت تربط بلدانهم بالبلدان الأوروبية التي يعيشون فيها، وقد وفدوا إلى تلك البلاد بحثًا وراء فرص أفضل في الحياة لم تتيسر لهم في بلادهم الأصلية, وهناك أعداد كبيرة منهم دخلوا في الإسلام نتيجة مخالطة المسلمين عن قرب.
وتواجه المسلمين في تلك البلاد مشكلات كثيرة، وتعتبر مشكلة التردد بين العزلة والاندماج أهم ما يؤرق الأقليات المسلمـة في الغرب، حيث أنهم يعانون من صعوبة الحفاظ على الخصوصيات الثقافية الدينية؛ فالدساتير تضمن حرية التعبير إجمالًا، لكن التطبيق يتفاوت بين دولة وأخرى وبين ظرف وآخر، وقد جاءت قوانين الرقابة في ألمانيا مثلًا لتضع كل مسلم بين العشرين والأربعين من عمره في دائرة الاتهام، مما يعني ذلك خوف وقلق .
و تشكـل الهويـة الإسلامية والخـوف عليهـا من الذوبان في ثقافة الآخـر؛ التحدي الأول لها، خاصة لدى الأبناء من الجيلين الثاني والثالث، الذين حصلوا على جنسية البلدان المقيمين فيها، وأصبح لهم حقوق مواطنة كاملة.
وتحاول تلك الأقليات الحفاظ على هويتها الإسلامية، لكن ضعف الإمكانيات والموارد، وندرة الدعاة المتخصصين؛ يقف عائقًا دون تحقيق ما تصبو إليه، مما ينعكس سلبًا على أوضاعها الاجتماعية والثقافية؛ فالكثير من المسلمين يعيشون في ظروف صعبة، فهم إما في أحزمة البؤس التي تحيط بالمدن الأوروبية الكبرى، أو في تجمعات سكانية مكتظة، وفي حالة تهميش وتقوقع ثقافيين، ويزيد من حدة هذه المشكلة عدم وجود تنظيم عربي وإسلامي قوي، يدافع أمام الحكومات الأوروبية عن حقوق تلك الأقليات، وسرعة تنفيذ مطالبها.
هكذا تناولنا في هذه الحلقة حقائق حول تاريخ المسلمون والأقليات في القارة الأوربية، وفي الحلقة القادمة نستكمل الحديث حول مستقبل المسلمين، والدعوة للإسلام في الغرب, كما نتحدث إن شاء الله عن التحديات التي تواجه المسلمين هناك، فإلى لقاء قادم إن أحيانا الله عز وجل.
منذ أن أشرق العالم بنور الإسلام, في ذلك العهد الزاهر المبارك؛ كان المسلمون في مجدهم وعزهم يتعايشون مع أبناء الأديان الأخرى, وكان تصريف أمور الأقلية غير المسلمة يتم عن طريق رؤوسائهم المدنيين؛ فيجدون حقوقهم لدى المسؤولين المسلمين مستقرة مشروعة.
ثم دارت الأيام، فصار جزء من المسلمين يمثلون أقليات تعيش في وسط غير إسلامي, إلا أننا هنا نرى صورة أخرى للتعامل مع الأقليات، نتج عنها إشكاليات لكل مهاجر، فضلًا عن الذين اعتنقوا الإسلام في البلدان الغير إسلامية, وعلى سبيل المثال الذي سنتناول الحديث عنه اليوم: المسلمون في أوروبا.
أوروبا:هي إحدى قارات العالم السبع، وتعد أوروبا جغرافيا شبه قارة أو شبه جزيرة كبيرة، وتعتبر قارة صغيرة نسبيًا مقارنة ببقية القارات، لكن قارة استراليا أصغر منها, ويعتقد البعض أن اسم القارة مشتق من اسم الأميرة الفينيقية يوروبا التي كانت قد خطفت من قبل زيوس -إله السماء عند اليونان- على ظهر ثور، وأخذت لجزيرة كريت حسب الأساطير اليونانية، ومن بعد حادثة الخطف سميت اليونان باسم يوروبا، وبحلول العام 500ق.م؛ امتد المقصود من الكلمة ليشمل الأراضي الواقعة شمال اليونان.
المساحة : حوالي 10.79 مليون كم2 [7.1 % من مساحة الأرض].
عدد السكان: ثالث قارة في العالم من حيث عدد السكان إذ يزيد عدد سكانها عن 700 مليون نسمة [11 % من سكان الأرض].
اللغة: تنتشر في قارة أوروبا عدة لغات منها: الجرمانية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A 7#.D8.A7.D9.84.D9.84.D8.BA.D8.A7.D8 .AA_.D8.A7.D9.84.D8.AC.D8.B1.D9.85. D8.A7.D9.86.D9.8A.D8.A9#.D8.A7.D9.8 4.D9.84.D8.BA.D8.A7.D8.AA_.D8.A7.D9 .84.D8.AC.D8.B1.D9.85.D8.A7.D9.86.D 9.8A.D8.A9), الرومانسية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A 7#.D8.A7.D9.84.D9.84.D8.BA.D8.A7.D8 .AA_.D8.A7.D9.84.D8.B1.D9.88.D9.85. D8.A7.D9.86.D8.B3.D9.8A.D8.A9#.D8.A 7.D9.84.D9.84.D8.BA.D8.A7.D8.AA_.D8 .A7.D9.84.D8.B1.D9.88.D9.85.D8.A7.D 9.86.D8.B3.D9.8A), و السلافية ,الأورالية, الألطية, البلطية, والكلتية و لغات أخرى.
الأديان المنتشرة في القارة: المسيحية، وتمثل الديانة الأولى, ويليها الإسلام، وهناك دول ومناطق ذات نسبة كبيرة من المسلمين في القارة مثل: ألبانيا والبوسنة والهرسك وبلغاريا ومقدونيا وقبرص وكازاخستان وتركيا وأذربيجان وجورجيا, و على مستوى القارة بشكل عام فإن 5 % من مواطني دول الاتحاد الأوروبي يدينون بالإسلام، يتركز العديد من المسلمين في ألمانيا 3.878 %، وفرنسا 5 إلى 10 %، والمملكة المتحدة 2.7 %, وهناك ديانات أخرى كاليهودية والهندوسية و السيخية.
لأوروبا تاريخ طويل حافل بالأحداث والتغيرات الاجتماعية والثقافية و الصراعات طويلة الأمد، و قدر تاريخها لحوالي 800 ألف سنة خلت، هي أول فترة في تاريخ تلك القارة العريقة.
وتنسب الحضارة الأوروبية الحديثة والتقدم الثقافي لبعض أجزاء تلك القارة لقدامى اليونان بشكل رئيس، كما أن للمسيحية تأثيرًا كبيرًا أيضًا, وقد كان لدخول المسلمين الأندلس، وتأسيسهم فيها دولة اهتمت بالعلم والعلماء في الوقت الذي كانت تعيش أوروبا في العصور المظلمة؛ تأثيرًا بالغًا على الأوروبيين أنفسهم، وأدى تأثرهم هذا -على المدى البعيد- لنقلهم إلى عصور النهضة والتقدم والديمقراطية، التي تم الوصول إليها في القرن العشرين.
قامت الإمبراطورية الرومانية على أجزاء واسعة من القارة الأوروبية، وكان سقوطها في القرن الخامس الميلادي بوابة لكثير من التغيرات في القارة، وقد عانت أوروبا كثيرًا من الظروف المعيشية في العصور المظلمة، حتى انتقلت لعصر النهضة الأوروبية، ثم تبع ذلك الفتح الإسلامي العثماني لمدينة استامبول البيزنطية في القرن الخامس عشر الميلادي، وأسقطوا بذلك تلك الإمبراطورية، وقاموا بالتوغل في قلب القارة الأوروبية حتى وصلوا لحدود إيطاليا والنمسا، وشكلوا القوة الأبرز في القارة في تلك الفترة.
وبعد ذلك جاء عصر النهضة الأوروبية، وقد كان شغل أوروبا الشاغل بعد ذلك العصر هو بث أفكار الديمقراطية وكيفية تطبيقها, ثم بدأت الشعوب الأوروبية بالمناداة بالحرية والمساواة الفردية، وكان أبرز حدث توج تلك الأفكار والتوجهات هو الثورة الفرنسية التي أدت لشيوع وانتشار أفكار الثورة على الإقطاعيين أو الكنيسة في مختلف مناطق القارة، و قد أدى نشوء القوميات -بمعناها الحديث- إلى تعزيز الصراع الدائر بين القوى العظمى في أوروبا على دول العالم الحديث، وكان أشهر تلك الصراعات استيلاء نابليون بونابرت على السلطة في فرنسا، حيث أنشأ ما عرف باسم الإمبراطورية التي سرعان ما انهارت، وبعد سقوط نابليون هدأت القارة الأوروبية نسبيًا، وبدأ في تلك الفترة انهيار الممالك ونظم الحكم القديمة.
ونحن هنا بصدد محاولة تسليط الضوء على الإسلام والمسلمين في القارة الأوربية، حتى نستطيع التعرف على واقع قرابة 52 مليون مسلم يعيشون هناك.
وتؤكد المعلومات التاريخية بدء دخول الإسلام إلى القارة الأوربية من جنوبها إلى بلاد القوقاز، في وقت مبكر مع جيوش الفتح الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب في عام 22هـ, ودخل حوض نهر الفولجا في بداية القرن الرابع الهجري عن طريق التجار المسلمين, وفي القرن السابع الهجري عندما دخلت القبائل التتارية في هذه المنطقة,ثم امتد إلى غرب أوروبا في العقد الأخير من القرن الأول الهجري في عام 91هـ تقريبًا، عندما فتحت الأندلس عل يد طارق بن زياد وموسى بن نصير, ثم واصل الإسلام انتشاره في القرن ال12 الهجري في عهد الدولة العثمانية.
و لقد طرق الإسلام أبواب أوروبا من الشرق بمحاولته فتح القسطنطينية، ومن الجنوب بفتحه لصقلية وجنوب إيطاليا, ومن الغرب بفتح الأندلس والتوغل في بلاد الغال –فرنسا اليوم- حتى مدينة' بواتيه', ثم كر الإسلام ليدق أبواب أوروبا الشرقية ثم الوسطى في زمن السلطان محمد الفاتح وخلفائه الأقوياء، حيث سيطر العثمانيون على شرق أوروبا, وقد استفادت أوروبا كثيرًا من سماحة الحكم العثماني، وكذلك سماحة الأتراك والتنظيم الدقيق للعسكرية
واليوم يشكل المسلمون في أوروبا وجودًا حقيقيًا ذا فاعلية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ورغم عدم وجود إحصاء رسمي يبين حجم الأقلية المسلمة في دول أوروبا، فإن بعض المصادر الإسلامية تقدر عدد المسلمين هناك بـ 52 مليونًا من أصل 705 مليون نسمة هم عدد سكان القارة الأوروبية، ويعيش في فرنسا وحدها 6 مليون مسلم.
وتختلف أوضاع الأقليات الإسلامية في أوروبا من دولة إلى أخرى، حسب الوضع القانوني السائد في تلك الدولة، وتبعًا للشعور العام السائد داخل المؤسسات الحكومية الأوروبية تجاه الإسلام؛ فبعض الدول تنظر إليه نظرة توجس وريبة مثل فرنسا وألمانيا، مما ينعكس على التسهيلات الممنوحة لتلك الأقلية، وخاصة فيما يتعلق باستخراج تصريحات بناء المساجد، في حين يتضاءل هذا الشعور في دول أخرى، كما هو الحال في بريطانيا على سبيل المثال.
والمسلمون في أوروبا موزعون في أقليات، يختلف حجمها بين الآلاف والملايين، ومن أمثلة الدول الأوربية التي يبلغ عدد المسلمين فيها الملايين بعض دول أوروبا الشرقية، وهناك دولة واحدة يشكل المسلمون فيها أغلبية وهي ألبانيا، أما المسلمون في أوروبا الغربية فأحوالهم مختلفة، ذلك أن عددهم في هذه البلاد يبدأ من المئات في البعض منها، ويرتفع العدد تدريجيًا حتى يقارب بضعة ملايين في بعضها الآخر مثل فرنسا.
وتتركز الجاليات الإسلامية الكبيرة في غرب أوروبا في كل من فرنسا من 5-6 مليون, وألمانيا من 2-3 مليون نسمة, وبريطانيا من 1.5-2 مليون نسمة, وفي إيطاليا 0.7مليون نسمة، وفي هولندا 0،4 مليون نسمة، وبلجيكا 0.75مليون نسمة، واليونان 0.25 مليون نسمة، وفي قبرص 0.16 مليون نسمة، أما في إسبانيا 0.12 مليون نسمة، ومالطة 0.1 مليون نسمة ومثلها سويسرا، وفي الدانمارك 0.05 مليون نسمة, أما في السويد والبرتغال و النرويج و فنلندا وجبل طارق و لكسمبورج وأيرلندا؛ فعدد المسلمين يقل في كل منها عن 50 ألف مسلم.
ومن المعلوم أن الغالبية العظمى من المسلمين في هذه البلاد وفدوا إليها بحكم الصلات السياسية التي كانت تربط بلدانهم بالبلدان الأوروبية التي يعيشون فيها، وقد وفدوا إلى تلك البلاد بحثًا وراء فرص أفضل في الحياة لم تتيسر لهم في بلادهم الأصلية, وهناك أعداد كبيرة منهم دخلوا في الإسلام نتيجة مخالطة المسلمين عن قرب.
وتواجه المسلمين في تلك البلاد مشكلات كثيرة، وتعتبر مشكلة التردد بين العزلة والاندماج أهم ما يؤرق الأقليات المسلمـة في الغرب، حيث أنهم يعانون من صعوبة الحفاظ على الخصوصيات الثقافية الدينية؛ فالدساتير تضمن حرية التعبير إجمالًا، لكن التطبيق يتفاوت بين دولة وأخرى وبين ظرف وآخر، وقد جاءت قوانين الرقابة في ألمانيا مثلًا لتضع كل مسلم بين العشرين والأربعين من عمره في دائرة الاتهام، مما يعني ذلك خوف وقلق .
و تشكـل الهويـة الإسلامية والخـوف عليهـا من الذوبان في ثقافة الآخـر؛ التحدي الأول لها، خاصة لدى الأبناء من الجيلين الثاني والثالث، الذين حصلوا على جنسية البلدان المقيمين فيها، وأصبح لهم حقوق مواطنة كاملة.
وتحاول تلك الأقليات الحفاظ على هويتها الإسلامية، لكن ضعف الإمكانيات والموارد، وندرة الدعاة المتخصصين؛ يقف عائقًا دون تحقيق ما تصبو إليه، مما ينعكس سلبًا على أوضاعها الاجتماعية والثقافية؛ فالكثير من المسلمين يعيشون في ظروف صعبة، فهم إما في أحزمة البؤس التي تحيط بالمدن الأوروبية الكبرى، أو في تجمعات سكانية مكتظة، وفي حالة تهميش وتقوقع ثقافيين، ويزيد من حدة هذه المشكلة عدم وجود تنظيم عربي وإسلامي قوي، يدافع أمام الحكومات الأوروبية عن حقوق تلك الأقليات، وسرعة تنفيذ مطالبها.
هكذا تناولنا في هذه الحلقة حقائق حول تاريخ المسلمون والأقليات في القارة الأوربية، وفي الحلقة القادمة نستكمل الحديث حول مستقبل المسلمين، والدعوة للإسلام في الغرب, كما نتحدث إن شاء الله عن التحديات التي تواجه المسلمين هناك، فإلى لقاء قادم إن أحيانا الله عز وجل.