سعد بن معاذ
07-13-2006, 04:45 AM
بحوث ودراسات 4تقرير مفصل عن نقض الآيات التي استدل بها الرافضة على إثبات الإمامة
نقض الآيات التي استدل بها الرافضي على إثبات الإمامة والأفضلية (1)
*الدليل الأول: قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ))[المائدة:67]:
قال الرافضي: اتفقوا على نزولها في علي، وروى أبو نعيم بإسناده عن عطية قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي بن أبي طالب، ومن تفسير الثعلبي قال: معناها: بلغ ما أنزل إليك من ربك في فضل علي، فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) والنبي صلى الله عليه وسلم مولى أبي بكر وعمر وباقي الصحابة بالإجماع، فيكون علي مولاهم فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أما ما يرويه أبو نعيم في الحلية أو في فضائل الخلفاء، والنقّاش والثعلبي والواحدي ونحوهم في التفسير، فقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما يروونه كثيراً من الكذب والموضوع.
2) هذه الآية -مع ما علم من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم- تدل على نقيض ما ذكروا وهو: أن الله لم ينزلها عليه، ولم يأمره بها، فإنها لو كانت مما أمره بتبليغه لبلغه، فإنه لا يعصي الله في ذلك ولهذا قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: [[من زعم أن محمداً كتم شيئاً من الوحي فقد كذب، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ...) الآية]]، ولكن أهل العلم يعلمون بالاضطرار أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ شيئاً من إمامة علي، ولهم على هذا طرق كثيرة يثبتون بها هذا العلم.
3) أن هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فلو كان له أصل لنقل، كما نقل أمثاله من حديثه، لاسيما مع كثرة ما ينقل في فضائل علي من الكذب الذي لا أصل له، فكيف لا ينقل الحق الصدق الذي قد بلغ للناس؟! ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمته بتبليغ ما سمعوا منه، فلا يجوز عليهم كتمان ما أمرهم الله بتبليغه.
*الدليل الثاني: قوله تعالى: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ))[المائدة:3]:
قال الرافضي: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، وبالولاية لعلي من بعدي) ثم قال: (من كنت مولاه، فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه! وانصر من نصره واخذل من خذله!)
الجواب:
1) أن هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالموضوعات، وهذا يعرفه أهل العلم بالحديث والمرجع إليهم في ذلك، ولذلك لا يوجد هذا في شيء من كتب الحديث التي يرجع إليها.
2) أن هذه الآية ليس فيها دلالة على علي ولا إمامته بوجه من الوجوه، بل فيها إخبار الله بإكمال الدين وإتمام النعمة على المؤمنين، ورضا الإسلام دينا، فدعوى المدعي أن القرآن يدل على إمامته من هذا الوجه كذب ظاهر.
*الدليل الثالث: قوله تعالى: ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى))[النجم:1-2].
قال الرافضي: روى الفقيه علي بن المغازلي الشافعي بإسناده عن ابن عباس قال: كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ انقضّ كوكب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من انقضّ هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي) فقام فتية من بني هاشم فنظروا فإذا الكوكب قد انقضّ في منزل علي، قالوا: يا رسول الله! قد غويت في حب علي، فأنزل الله: (( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ))[النجم:1-2].
الجواب:
1) أن هذا كذب باتفاق أهل العلم بالحديث، وهذا المغازلي ليس من أهل الحديث كأبي نعيم وأمثاله، ولا هو أيضا من جامعي العلم الذين يذكرون ما غالبه حق وبعضه باطل كالثعلبي وأمثاله، بل هذا لم يكن الحديث من صنعته، فعمد إلى ما وجده من كتب الناس من فضائل علي فجمعها.
2) أنه مما يبين أنه كذب: أن فيه ابن عباس شهد نزول سورة النجم حين انقض الكوكب في منزل علي، وسورة النجم باتفاق الناس من أول ما نزل بمكة، وابن عباس حين مات النبي صلى الله عليه وسلم كان مراهقاً للبلوغ لم يحتلم بعد، فعند نزول هذه الآية: إما أن ابن عباس لم يكن ولد بعد وإما أنه كان طفلاً لا يميز فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر كان عمر ابن عباس نحو خمس سنين، والأقرب أنه لم يكن ولد عند نزول سورة النجم.
3) أن أهل العلم بالتفسير متفقون على خلاف هذا، وأن النجم المقسم به إما نجوم السماء وإما نجوم القرآن ونحو ذلك، ولم يقل أحد إنه كوكب نزل في دار أحد بمكة.
4) أن من قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (غويت) فهو كافر.
*الدليل الرابع: قوله تعالى: (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ ))[النور36-37]:
قال الرافضي: قال الثعلبي بإسناده عن أنس وبريدة قالا: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله ! هذا البيت منها؟ يعني: بيت علي وفاطمة، قال: نعم. من أفضلها) وصف فيها الرجال بما يدل على أفضليتهم فيكون علي هو الإمام وإلا لزم تقديم المفضول على الفاضل.
الجواب:
1) أن هذا الحديث موضوع عند أهل المعرفة بالحديث، ولهذا لم يذكره علماء الحديث في كتبهم التي يعتمد في الحديث عليها كالصحاح والسنن والمسانيد، مع أن في بعض هذه ما هو ضعيف بل ما يعلم أنه كذب، لكن هذا قليل جداً، وأما هذا الحديث وأمثاله فهو أظهر كذباً من أن يذكروه في مثل ذلك.
2) أن يقال: الآية باتفاق الناس هي في المساجد كما قال تعالى: (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ))[النور:36] وبيت علي وغيره ليس موصوفاً بهذه الصفة.
3) أن يقال: بيت النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من بيت علي باتفاق المسلمين، ومع هذا لم يدخل في هذه الآية لأنه ليس في بيته رجال، وإنما فيه هو والواحدة من نسائه، ولما أراد بيت النبي صلى الله عليه وسلم قـال: (( لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ.. ))[الأحزاب:53] وقـال: (( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ ))[الأحزاب:34].
4) أن يقال: إن أريد ببيوت الأنبياء ما سكنه النبي صلى الله عليه وسلم، فليس في المدينة من بيوت الأنبياء إلا بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلا يدخل فيها بيت علي، وإن أريد ما دخله الأنبياء فالنبي صلى الله عليه وسلم قد دخل بيوت كثير من الصحابة.
*الدليل الخامس: قوله تعالى: (( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ))[الشورى:23]:
قال الرافضي: روى أحمد في مسنده عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قالوا: (يا رسول الله! من قرابتكم الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال علي وفاطمة وابناهما) وغير علي من الصحابة والثلاثة لا تجب مودتهم فيكون علي أفضل، فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) إن قوله: (إن أحمد روى هذا في مسنده) كذب بين، فإن مسند أحمد موجود، به من النسخ ما شاء الله وليس فيه هذا الحديث.
2) أن يقال: إن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث.
3) أن يقال: إن هذه الآية في سورة الشورى، وهي مكية باتفاق أهل السنة، ومن المعلوم أن علياً إنما تزوج فاطمة بالمدينة بعد غزوة بدر، والحسن ولد في السنة الثالثة للهجرة، والحسين في السنة الرابعة فتكون هذه الآية قد نزلت قبل وجود الحسن والحسين بسنين متعددة.
4) أن يقال: إن تفسير الآية التي في الصحيحين عن ابن عباس يناقض ذلك.
*الدليل السادس: قوله تعالى: (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ))[البقرة:207]:
قال الرافضي: قال ابن عباس: إنما نزلت في علي لما هرب النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين إلى الغار ) وهذه فضيلة لم تحصل لغيره تدل على أفضلية علي على جميع الصحابة؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر هو وأبو بكر إلى المدينة لم يكن للقوم غرض في طلب علي وإنما كان مطلوبهم النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر.
2) أن هذه الآية في سورة البقرة وهي مدنية بلا خلاف، وإنما نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولم تنزل وقت هجرته وقيل نزلت في صهيب رضي الله عنه لما هاجر.
3) أن يقال: ولا ريب أن الفضيلة التي حصلت لأبي بكر في الهجرة لم تحصل لغيرها من الصحابة بالكتاب والسنة والإجماع؛ فيكون هو الإمام.
*الدليل السابع: قوله تعالى: (( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ...))[آل عمران:61] الآية:
قال الرافضي: نقل الجمهور كافة أن (أبناءنا) إشارة إلى الحسن والحسين، و(نساءنا) إشارة إلى فاطمة، و(أنفسنا) إشارة إلى علي، وهذه الآية دليل على ثبوت الإمامة لعلي.
الجواب:
1) أن قوله: (نساءنا) لا يختص بفاطمة، بل من دعاه من بناته كانت منزلتها في ذلك، لكن لم يكن عنده إذ ذاك إلا فاطمة، فإن رقية وأم كلثوم وزينب كن قد توفين قبل ذلك.
2) كذلك (أنفسنا) ليس مختصاً بعلي، بل هذه صيغة جمع كما أن (نساءنا) صيغة جمع وكذلك (أبناءنا) صيغة جمع، وإنما دعا حسناً وحسيناً لأنه لم يكن ممن ينسب إليه بالبنوة سواهما.
*الدليل الثامن: قوله تعالى: (( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ... ))[البقرة:37] الآية:
قال الرافضي: روى ابن المغازلي بسنده عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، قال: (سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين أن يتوب عليه فتاب عليه) وهذه فضيلة لم يلحقه أحد من الصحابة فيها؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل العلم، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات.
2) أن الكلمات التي تلقاها آدم قد جاءت مفسرة في قوله تعالى: (( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))[الأعراف:23].
3) أن يقال: إن هذا لو كان مشروعاً فآدم نبي كريم، كيف يقسم على الله بمن هو أكرم عليه منه؟ ولا ريب أن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل من آدم، لكن آدم أفضل من علي وفاطمة والحسن والحسين.
*الدليل التاسع: قوله تعالى: (( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي.. ))[البقرة:124].
قال الرافضي: روى ابن المغازلي عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (انتهت الدعوة إليّ وإلى علي؛ لم يسجد أحدنا لصنم قط؛ فاتخذني نبياً واتخذ علياً وصياً) وهذا نصٌ في الباب.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب موضوع بإجماع أهل العلم بالحديث.
2) أنه لو قيل: إنه لم يسجد لصنم لأنه أسلم قبل البلوغ فلم يسجد بعد إسلامه، وهكذا كل مسلم والصبي غير مكلف.
*الدليل العاشر: قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا))[مريم:96]:
قال الرافضي: وفي تفسير الثعلبي عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ: (يا علي! قل: اللهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي في صدور المؤمنين مودةً) فأنزل الله: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... ))[البقرة:277] الآية. ولم يثبت لغيره ذلك؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث.
2) أن قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... )) عام في جميع المؤمنين، فلا يجوز تخصيصها بعلي، بل هي متناولة لعلي وغيره والدليل عليه أن الحسن والحسين وغيرهما من المؤمنين الذين تعظمهم الشيعة داخلون في الآية، فعلم بذلك الإجماع على عدم اختصاصها بعلي.
*الدليل الحادي عشر: قوله تعالى: (( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ))[الرعد:7]:
قال الرافضي: من كتاب الفردوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا المنذر وأنت الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون) وهو صريح في ثبوت الولاية والإمامة.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، فيجب تكذيبه ورده.
2) أن الله تعالى قد جعل محمداً هادياً فقال: (( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[الشورى:52] فكيف يجعل الهادي من لم يوصف بذلك دون من وصف به؟!
3) أن قوله: (بك يهتدي المهتدون) ظاهره أن كل من اهتدى من أمة محمد فبه اهتدى، وهذا كذب بين، فإنه قد آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم خلق كثير، واهتدوا به، ودخلوا الجنة، ولم يسمعوا من علي كلمة واحدة.
*الدليل الثاني عشر: قوله تعالى: (( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ))[الصافات:24]:
قال الرافضي: عن ابن عباس قال في قوله تعالى: (( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ))[الصافات:24] عن ولاية علي، وإذا سئلوا عن الولاية وجب أن تكون ثابتة له، ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا كذب موضوع بالاتفاق.
2) هذا خطاب عن المشركين المكذبين بيوم الدين، وهؤلاء يسألون عن توحيد الله والإيمان برسله واليوم الآخر. وأي مدخل لحب عليٍّ في سؤال هؤلاء؟ تراهم لو أحبوه مع هذا الكفر والشرك أكان ذلك ينفعهم؟
*الدليل الثالث عشر: قوله تعالى: (( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ))[محمد:30]:
قال الرافضي: روى أبو نعيم بإسناده عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى: (( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ))[محمد:30] قال: ببغضهم علياً) ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك، فيكون أفضل منهم؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا من الكذب على أبي سعيد عند أهل المعرفة بالحديث.
2) أنا نعلم بالاضطرار أن عامة المنافقين لم يكن ما يعرفون به من لحن القول هو بغض علي، وتفسير القرآن بهذا فرية ظاهرة.
3) أن علياً لم يكن أعظم معاداة للكفار والمنافقين من عمر، بل ولا نعرف أنهم كانوا يتأذون منه كما يتأذون من عمر.
*الدليل الرابع عشر: قوله تعالى: (( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ))[الواقعة:10-11]:
قال الرافضي: روى أبو نعيم عن ابن عباس في هذه الآية: سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب، وهذه الفضيلة لم تثبت لغيره من الصحابة؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا باطل عن ابن عباس ولو صح عنه لم يكن حجة إذا خالفه من هو أقوى منه.
2) قوله: (وهذه الفضيلة لم تثبت لغيره من الصحابة) ممنوع، فإن الناس متنازعون في أول من أسلم، فقيل: أبو بكر أول من أسلم فهو أسبق إسلاماً من علي، وقيل: إن علياً أسلم قبله لكن علي كان صغيراً وإسلام الصبي فيه نزاع بين العلماء، ولا نزاع في أن إسلام أبي بكر أكمل وأنفع؛ فيكون هو أكمل سبقاً بالاتفاق .
*الدليل الخامس عشر: قوله تعالى: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ ))[التوبة:20]:
قال الرافضي: روى رزين بن معاوية أنها نزلت في علي لما افتخر طلحة بن شيبة والعباس، وهذه لم تثبت لغيره من الصحابة؛ فيكون أفضل؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) المطالبة بصحة النقل، ورزين قد ذكر في الكتاب أشياء ليست في الصحاح.
2) أن الذي في الصحيح ليس كما ذكره عن رزين، بل الذي في الصحيح ما رواه النعمان بن بشير قال: تماروا عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: لا أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج. وقال آخر: لا أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام. وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم، فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه فأنزل الله تعالى: (( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ))[التوبة:19] الآية رواه مسلم.
*الدليل السادس عشر: قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً... ))[المجادلة:12] الآية:
قال الرافضي: ومن طريق أبي نعيم إلى ابن عباس قال: إن الله حرم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتقديم الصدقة، وبخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه، وتصدق علي ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره. وهذا يدل على فضيلته عليهم؛ فيكون هو أحق بالإمامة.
الجواب:
أن يقال: أما الذي ثبت فهو أن علياً رضي الله عنه تصدق وناجى ثم نسخت الآية قبل أن يعمل بها غيره، لكن الآية لم توجب الصدقة عليهم؛ لكن أمرهم إذا ناجوا أن يتصدقوا ومن لم يناج لم يكن عليه أن يتصدق. وإذا لم تكن المناجاة واجبة لم يكن أحد ملوما إذا ترك ما ليس بواجب ومن كان فيهم عاجزاً عن الصدقة ولكن لو قدر لناجى فتصدق فله نيته وأجره.
*الدليل السابع عشر: قوله تعالى: (( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا... ))[الزخرف:45] الآية:
قال الرافضي: قال ابن عبد البر: وأخرجه أبو نعيم أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء ثم قال: سلهم يا محمد علام بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله، وعلى الإقرار بنبوتك، وعلى الولاية لعلي بن أبي طالب) وهذا صريح بثبوت الإمامة لعلي.
الجواب:
1) أن مثل هذا مما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع.
2) قد أجمع المسلمون على أن الرجل لو آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وأطاعه ومات في حياته ولم يعلم أن الله خلق أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً لم يضره ذلك شيئاً، ولم يمنعه ذلك من دخول الجنة، فإذا كان هذا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فكيف يقال: إن الأنبياء يجب عليهم الإيمان بواحد من الصحابة.
*الدليل الثامن عشر: قوله تعالى: (( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ))[الحاقة:12]:
قال الرافضي: في تفسير الثعلبي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي) وهذه الفضيلة لم تحصل لغيره فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا موضوع باتفاق أهل العلم.
2) أذن علي من الآذان الواعية كأذن أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وحينئذ فلا اختصاص لعلي بذلك، وهذا مما يعلم بالاضطرار أن الآذان الواعية ليست أذن علي وحده، أترى أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست واعية؟ ولا أذن الحسن والحسين وعمار وأبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وسهل بن حنيف وغيرهم ممن يوافقون على فضيلتهم وإيمانهم؟ وإذا كانت الأذان الواعية له ولغيره لم يجز أن يقال هذه الفضيلة لم تحصل لغيره.
*الدليل التاسع عشر: قوله تعالى: (( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ))[الزمر:33]:
قال الرافضي: من طريق أبي نعيم عن مجاهد في قوله: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ) محمد صلى الله عليه وسلم، (وَصَدَّقَ بِهِ) قال: علي بن أبي طالب) وهذه فضيلة اختص بها؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا ليس منقولاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقول مجاهد وحده ليس بحجة يجب اتباعه على كل مسلم لو كان هذا النقل صحيحاً عنه، فكيف إذا لم يكن ثابتاً عنه؟!
2) أن هذا معارض بما هو أشهر منه عند أهل التفسير، وهو أن الذي جاء بالصدق محمد صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به أبو بكر، فإن هذا يقوله طائفة وذكره الطبري بإسناده إلى علي.
3) أن يقال: إن لفظ الآية مطلق لا يخص بأبي بكر ولا بعلي، بل كل من دخل في عمومها دخل في حكمها.
*الدليل العشرون: قوله تعالى: (( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ... ))[الأنفال:62]:
قال الرافضي: ومن طريق أبي نعيم عن أبي هريرة قال: مكتوب على العرش: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي بن أبي طالب) وهذه من أعظم الفضائل التي لم تحصل لغيره من الصحابة فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل الحديث.
2) أن الله تعالى قال: (( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ... )) الآية. وهذا نص في أن المؤمنين عدد مؤلف بين قلوبهم، وعلي واحد منهم ليس قلوباً يؤلف بينها، والمؤمنون صيغة جمع.
3) أن يقال: من المعلوم بالضرورة والتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان قيام دينه بمجرد موافقة علي، فإن علياً كان من أول من أسلم وكان الإسلام ضعيفاً، فلولا أن الله هدى من هداه إلى الإيمان والهجرة والنصرة لم يحصل بعلي وحده شيء من التأييد.
4) أنه لم يكن لعلي في الإسلام أثر حسن إلا ولغيره من الصحابة مثله، ولبعضهم آثار أعظم من آثاره، وهو معلوم لمن عرف السيرة الصحيحة الثابتة بالنقل.
نقض الآيات التي استدل بها الرافضي على إثبات الإمامة والأفضلية (1)
*الدليل الأول: قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ))[المائدة:67]:
قال الرافضي: اتفقوا على نزولها في علي، وروى أبو نعيم بإسناده عن عطية قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي بن أبي طالب، ومن تفسير الثعلبي قال: معناها: بلغ ما أنزل إليك من ربك في فضل علي، فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) والنبي صلى الله عليه وسلم مولى أبي بكر وعمر وباقي الصحابة بالإجماع، فيكون علي مولاهم فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أما ما يرويه أبو نعيم في الحلية أو في فضائل الخلفاء، والنقّاش والثعلبي والواحدي ونحوهم في التفسير، فقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما يروونه كثيراً من الكذب والموضوع.
2) هذه الآية -مع ما علم من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم- تدل على نقيض ما ذكروا وهو: أن الله لم ينزلها عليه، ولم يأمره بها، فإنها لو كانت مما أمره بتبليغه لبلغه، فإنه لا يعصي الله في ذلك ولهذا قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: [[من زعم أن محمداً كتم شيئاً من الوحي فقد كذب، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ...) الآية]]، ولكن أهل العلم يعلمون بالاضطرار أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ شيئاً من إمامة علي، ولهم على هذا طرق كثيرة يثبتون بها هذا العلم.
3) أن هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فلو كان له أصل لنقل، كما نقل أمثاله من حديثه، لاسيما مع كثرة ما ينقل في فضائل علي من الكذب الذي لا أصل له، فكيف لا ينقل الحق الصدق الذي قد بلغ للناس؟! ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمته بتبليغ ما سمعوا منه، فلا يجوز عليهم كتمان ما أمرهم الله بتبليغه.
*الدليل الثاني: قوله تعالى: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ))[المائدة:3]:
قال الرافضي: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، وبالولاية لعلي من بعدي) ثم قال: (من كنت مولاه، فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه! وانصر من نصره واخذل من خذله!)
الجواب:
1) أن هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالموضوعات، وهذا يعرفه أهل العلم بالحديث والمرجع إليهم في ذلك، ولذلك لا يوجد هذا في شيء من كتب الحديث التي يرجع إليها.
2) أن هذه الآية ليس فيها دلالة على علي ولا إمامته بوجه من الوجوه، بل فيها إخبار الله بإكمال الدين وإتمام النعمة على المؤمنين، ورضا الإسلام دينا، فدعوى المدعي أن القرآن يدل على إمامته من هذا الوجه كذب ظاهر.
*الدليل الثالث: قوله تعالى: ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى))[النجم:1-2].
قال الرافضي: روى الفقيه علي بن المغازلي الشافعي بإسناده عن ابن عباس قال: كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ انقضّ كوكب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من انقضّ هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي) فقام فتية من بني هاشم فنظروا فإذا الكوكب قد انقضّ في منزل علي، قالوا: يا رسول الله! قد غويت في حب علي، فأنزل الله: (( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ))[النجم:1-2].
الجواب:
1) أن هذا كذب باتفاق أهل العلم بالحديث، وهذا المغازلي ليس من أهل الحديث كأبي نعيم وأمثاله، ولا هو أيضا من جامعي العلم الذين يذكرون ما غالبه حق وبعضه باطل كالثعلبي وأمثاله، بل هذا لم يكن الحديث من صنعته، فعمد إلى ما وجده من كتب الناس من فضائل علي فجمعها.
2) أنه مما يبين أنه كذب: أن فيه ابن عباس شهد نزول سورة النجم حين انقض الكوكب في منزل علي، وسورة النجم باتفاق الناس من أول ما نزل بمكة، وابن عباس حين مات النبي صلى الله عليه وسلم كان مراهقاً للبلوغ لم يحتلم بعد، فعند نزول هذه الآية: إما أن ابن عباس لم يكن ولد بعد وإما أنه كان طفلاً لا يميز فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر كان عمر ابن عباس نحو خمس سنين، والأقرب أنه لم يكن ولد عند نزول سورة النجم.
3) أن أهل العلم بالتفسير متفقون على خلاف هذا، وأن النجم المقسم به إما نجوم السماء وإما نجوم القرآن ونحو ذلك، ولم يقل أحد إنه كوكب نزل في دار أحد بمكة.
4) أن من قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (غويت) فهو كافر.
*الدليل الرابع: قوله تعالى: (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ ))[النور36-37]:
قال الرافضي: قال الثعلبي بإسناده عن أنس وبريدة قالا: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله ! هذا البيت منها؟ يعني: بيت علي وفاطمة، قال: نعم. من أفضلها) وصف فيها الرجال بما يدل على أفضليتهم فيكون علي هو الإمام وإلا لزم تقديم المفضول على الفاضل.
الجواب:
1) أن هذا الحديث موضوع عند أهل المعرفة بالحديث، ولهذا لم يذكره علماء الحديث في كتبهم التي يعتمد في الحديث عليها كالصحاح والسنن والمسانيد، مع أن في بعض هذه ما هو ضعيف بل ما يعلم أنه كذب، لكن هذا قليل جداً، وأما هذا الحديث وأمثاله فهو أظهر كذباً من أن يذكروه في مثل ذلك.
2) أن يقال: الآية باتفاق الناس هي في المساجد كما قال تعالى: (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ))[النور:36] وبيت علي وغيره ليس موصوفاً بهذه الصفة.
3) أن يقال: بيت النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من بيت علي باتفاق المسلمين، ومع هذا لم يدخل في هذه الآية لأنه ليس في بيته رجال، وإنما فيه هو والواحدة من نسائه، ولما أراد بيت النبي صلى الله عليه وسلم قـال: (( لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ.. ))[الأحزاب:53] وقـال: (( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ ))[الأحزاب:34].
4) أن يقال: إن أريد ببيوت الأنبياء ما سكنه النبي صلى الله عليه وسلم، فليس في المدينة من بيوت الأنبياء إلا بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلا يدخل فيها بيت علي، وإن أريد ما دخله الأنبياء فالنبي صلى الله عليه وسلم قد دخل بيوت كثير من الصحابة.
*الدليل الخامس: قوله تعالى: (( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ))[الشورى:23]:
قال الرافضي: روى أحمد في مسنده عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قالوا: (يا رسول الله! من قرابتكم الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال علي وفاطمة وابناهما) وغير علي من الصحابة والثلاثة لا تجب مودتهم فيكون علي أفضل، فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) إن قوله: (إن أحمد روى هذا في مسنده) كذب بين، فإن مسند أحمد موجود، به من النسخ ما شاء الله وليس فيه هذا الحديث.
2) أن يقال: إن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث.
3) أن يقال: إن هذه الآية في سورة الشورى، وهي مكية باتفاق أهل السنة، ومن المعلوم أن علياً إنما تزوج فاطمة بالمدينة بعد غزوة بدر، والحسن ولد في السنة الثالثة للهجرة، والحسين في السنة الرابعة فتكون هذه الآية قد نزلت قبل وجود الحسن والحسين بسنين متعددة.
4) أن يقال: إن تفسير الآية التي في الصحيحين عن ابن عباس يناقض ذلك.
*الدليل السادس: قوله تعالى: (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ))[البقرة:207]:
قال الرافضي: قال ابن عباس: إنما نزلت في علي لما هرب النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين إلى الغار ) وهذه فضيلة لم تحصل لغيره تدل على أفضلية علي على جميع الصحابة؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر هو وأبو بكر إلى المدينة لم يكن للقوم غرض في طلب علي وإنما كان مطلوبهم النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر.
2) أن هذه الآية في سورة البقرة وهي مدنية بلا خلاف، وإنما نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولم تنزل وقت هجرته وقيل نزلت في صهيب رضي الله عنه لما هاجر.
3) أن يقال: ولا ريب أن الفضيلة التي حصلت لأبي بكر في الهجرة لم تحصل لغيرها من الصحابة بالكتاب والسنة والإجماع؛ فيكون هو الإمام.
*الدليل السابع: قوله تعالى: (( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ...))[آل عمران:61] الآية:
قال الرافضي: نقل الجمهور كافة أن (أبناءنا) إشارة إلى الحسن والحسين، و(نساءنا) إشارة إلى فاطمة، و(أنفسنا) إشارة إلى علي، وهذه الآية دليل على ثبوت الإمامة لعلي.
الجواب:
1) أن قوله: (نساءنا) لا يختص بفاطمة، بل من دعاه من بناته كانت منزلتها في ذلك، لكن لم يكن عنده إذ ذاك إلا فاطمة، فإن رقية وأم كلثوم وزينب كن قد توفين قبل ذلك.
2) كذلك (أنفسنا) ليس مختصاً بعلي، بل هذه صيغة جمع كما أن (نساءنا) صيغة جمع وكذلك (أبناءنا) صيغة جمع، وإنما دعا حسناً وحسيناً لأنه لم يكن ممن ينسب إليه بالبنوة سواهما.
*الدليل الثامن: قوله تعالى: (( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ... ))[البقرة:37] الآية:
قال الرافضي: روى ابن المغازلي بسنده عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، قال: (سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين أن يتوب عليه فتاب عليه) وهذه فضيلة لم يلحقه أحد من الصحابة فيها؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل العلم، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات.
2) أن الكلمات التي تلقاها آدم قد جاءت مفسرة في قوله تعالى: (( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))[الأعراف:23].
3) أن يقال: إن هذا لو كان مشروعاً فآدم نبي كريم، كيف يقسم على الله بمن هو أكرم عليه منه؟ ولا ريب أن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل من آدم، لكن آدم أفضل من علي وفاطمة والحسن والحسين.
*الدليل التاسع: قوله تعالى: (( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي.. ))[البقرة:124].
قال الرافضي: روى ابن المغازلي عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (انتهت الدعوة إليّ وإلى علي؛ لم يسجد أحدنا لصنم قط؛ فاتخذني نبياً واتخذ علياً وصياً) وهذا نصٌ في الباب.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب موضوع بإجماع أهل العلم بالحديث.
2) أنه لو قيل: إنه لم يسجد لصنم لأنه أسلم قبل البلوغ فلم يسجد بعد إسلامه، وهكذا كل مسلم والصبي غير مكلف.
*الدليل العاشر: قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا))[مريم:96]:
قال الرافضي: وفي تفسير الثعلبي عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ: (يا علي! قل: اللهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي في صدور المؤمنين مودةً) فأنزل الله: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... ))[البقرة:277] الآية. ولم يثبت لغيره ذلك؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث.
2) أن قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... )) عام في جميع المؤمنين، فلا يجوز تخصيصها بعلي، بل هي متناولة لعلي وغيره والدليل عليه أن الحسن والحسين وغيرهما من المؤمنين الذين تعظمهم الشيعة داخلون في الآية، فعلم بذلك الإجماع على عدم اختصاصها بعلي.
*الدليل الحادي عشر: قوله تعالى: (( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ))[الرعد:7]:
قال الرافضي: من كتاب الفردوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا المنذر وأنت الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون) وهو صريح في ثبوت الولاية والإمامة.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، فيجب تكذيبه ورده.
2) أن الله تعالى قد جعل محمداً هادياً فقال: (( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[الشورى:52] فكيف يجعل الهادي من لم يوصف بذلك دون من وصف به؟!
3) أن قوله: (بك يهتدي المهتدون) ظاهره أن كل من اهتدى من أمة محمد فبه اهتدى، وهذا كذب بين، فإنه قد آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم خلق كثير، واهتدوا به، ودخلوا الجنة، ولم يسمعوا من علي كلمة واحدة.
*الدليل الثاني عشر: قوله تعالى: (( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ))[الصافات:24]:
قال الرافضي: عن ابن عباس قال في قوله تعالى: (( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ))[الصافات:24] عن ولاية علي، وإذا سئلوا عن الولاية وجب أن تكون ثابتة له، ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا كذب موضوع بالاتفاق.
2) هذا خطاب عن المشركين المكذبين بيوم الدين، وهؤلاء يسألون عن توحيد الله والإيمان برسله واليوم الآخر. وأي مدخل لحب عليٍّ في سؤال هؤلاء؟ تراهم لو أحبوه مع هذا الكفر والشرك أكان ذلك ينفعهم؟
*الدليل الثالث عشر: قوله تعالى: (( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ))[محمد:30]:
قال الرافضي: روى أبو نعيم بإسناده عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى: (( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ))[محمد:30] قال: ببغضهم علياً) ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك، فيكون أفضل منهم؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا من الكذب على أبي سعيد عند أهل المعرفة بالحديث.
2) أنا نعلم بالاضطرار أن عامة المنافقين لم يكن ما يعرفون به من لحن القول هو بغض علي، وتفسير القرآن بهذا فرية ظاهرة.
3) أن علياً لم يكن أعظم معاداة للكفار والمنافقين من عمر، بل ولا نعرف أنهم كانوا يتأذون منه كما يتأذون من عمر.
*الدليل الرابع عشر: قوله تعالى: (( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ))[الواقعة:10-11]:
قال الرافضي: روى أبو نعيم عن ابن عباس في هذه الآية: سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب، وهذه الفضيلة لم تثبت لغيره من الصحابة؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا باطل عن ابن عباس ولو صح عنه لم يكن حجة إذا خالفه من هو أقوى منه.
2) قوله: (وهذه الفضيلة لم تثبت لغيره من الصحابة) ممنوع، فإن الناس متنازعون في أول من أسلم، فقيل: أبو بكر أول من أسلم فهو أسبق إسلاماً من علي، وقيل: إن علياً أسلم قبله لكن علي كان صغيراً وإسلام الصبي فيه نزاع بين العلماء، ولا نزاع في أن إسلام أبي بكر أكمل وأنفع؛ فيكون هو أكمل سبقاً بالاتفاق .
*الدليل الخامس عشر: قوله تعالى: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ ))[التوبة:20]:
قال الرافضي: روى رزين بن معاوية أنها نزلت في علي لما افتخر طلحة بن شيبة والعباس، وهذه لم تثبت لغيره من الصحابة؛ فيكون أفضل؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) المطالبة بصحة النقل، ورزين قد ذكر في الكتاب أشياء ليست في الصحاح.
2) أن الذي في الصحيح ليس كما ذكره عن رزين، بل الذي في الصحيح ما رواه النعمان بن بشير قال: تماروا عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: لا أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج. وقال آخر: لا أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام. وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم، فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه فأنزل الله تعالى: (( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ))[التوبة:19] الآية رواه مسلم.
*الدليل السادس عشر: قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً... ))[المجادلة:12] الآية:
قال الرافضي: ومن طريق أبي نعيم إلى ابن عباس قال: إن الله حرم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتقديم الصدقة، وبخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه، وتصدق علي ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره. وهذا يدل على فضيلته عليهم؛ فيكون هو أحق بالإمامة.
الجواب:
أن يقال: أما الذي ثبت فهو أن علياً رضي الله عنه تصدق وناجى ثم نسخت الآية قبل أن يعمل بها غيره، لكن الآية لم توجب الصدقة عليهم؛ لكن أمرهم إذا ناجوا أن يتصدقوا ومن لم يناج لم يكن عليه أن يتصدق. وإذا لم تكن المناجاة واجبة لم يكن أحد ملوما إذا ترك ما ليس بواجب ومن كان فيهم عاجزاً عن الصدقة ولكن لو قدر لناجى فتصدق فله نيته وأجره.
*الدليل السابع عشر: قوله تعالى: (( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا... ))[الزخرف:45] الآية:
قال الرافضي: قال ابن عبد البر: وأخرجه أبو نعيم أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء ثم قال: سلهم يا محمد علام بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله، وعلى الإقرار بنبوتك، وعلى الولاية لعلي بن أبي طالب) وهذا صريح بثبوت الإمامة لعلي.
الجواب:
1) أن مثل هذا مما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع.
2) قد أجمع المسلمون على أن الرجل لو آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وأطاعه ومات في حياته ولم يعلم أن الله خلق أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً لم يضره ذلك شيئاً، ولم يمنعه ذلك من دخول الجنة، فإذا كان هذا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فكيف يقال: إن الأنبياء يجب عليهم الإيمان بواحد من الصحابة.
*الدليل الثامن عشر: قوله تعالى: (( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ))[الحاقة:12]:
قال الرافضي: في تفسير الثعلبي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي) وهذه الفضيلة لم تحصل لغيره فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا موضوع باتفاق أهل العلم.
2) أذن علي من الآذان الواعية كأذن أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وحينئذ فلا اختصاص لعلي بذلك، وهذا مما يعلم بالاضطرار أن الآذان الواعية ليست أذن علي وحده، أترى أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست واعية؟ ولا أذن الحسن والحسين وعمار وأبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وسهل بن حنيف وغيرهم ممن يوافقون على فضيلتهم وإيمانهم؟ وإذا كانت الأذان الواعية له ولغيره لم يجز أن يقال هذه الفضيلة لم تحصل لغيره.
*الدليل التاسع عشر: قوله تعالى: (( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ))[الزمر:33]:
قال الرافضي: من طريق أبي نعيم عن مجاهد في قوله: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ) محمد صلى الله عليه وسلم، (وَصَدَّقَ بِهِ) قال: علي بن أبي طالب) وهذه فضيلة اختص بها؛ فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا ليس منقولاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقول مجاهد وحده ليس بحجة يجب اتباعه على كل مسلم لو كان هذا النقل صحيحاً عنه، فكيف إذا لم يكن ثابتاً عنه؟!
2) أن هذا معارض بما هو أشهر منه عند أهل التفسير، وهو أن الذي جاء بالصدق محمد صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به أبو بكر، فإن هذا يقوله طائفة وذكره الطبري بإسناده إلى علي.
3) أن يقال: إن لفظ الآية مطلق لا يخص بأبي بكر ولا بعلي، بل كل من دخل في عمومها دخل في حكمها.
*الدليل العشرون: قوله تعالى: (( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ... ))[الأنفال:62]:
قال الرافضي: ومن طريق أبي نعيم عن أبي هريرة قال: مكتوب على العرش: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي بن أبي طالب) وهذه من أعظم الفضائل التي لم تحصل لغيره من الصحابة فيكون هو الإمام.
الجواب:
1) أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل الحديث.
2) أن الله تعالى قال: (( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ... )) الآية. وهذا نص في أن المؤمنين عدد مؤلف بين قلوبهم، وعلي واحد منهم ليس قلوباً يؤلف بينها، والمؤمنون صيغة جمع.
3) أن يقال: من المعلوم بالضرورة والتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان قيام دينه بمجرد موافقة علي، فإن علياً كان من أول من أسلم وكان الإسلام ضعيفاً، فلولا أن الله هدى من هداه إلى الإيمان والهجرة والنصرة لم يحصل بعلي وحده شيء من التأييد.
4) أنه لم يكن لعلي في الإسلام أثر حسن إلا ولغيره من الصحابة مثله، ولبعضهم آثار أعظم من آثاره، وهو معلوم لمن عرف السيرة الصحيحة الثابتة بالنقل.