ابو شجاع
06-26-2006, 11:46 AM
المقياس الشرعي
دلّت النصوص الشرعية على أن هناك مقاييس في الإسلام ، تقاس بها الأفعال والأشياء وهي : الخير والشر ، والحسن والقبح ، والحلال والحرام ، فما هي هذه المقاييس؟
الخير والشر
كلمة (( خير )) لفظ مشترك من جهة الإشتقاق ، ومن جهة المعنى. أما من جهة الإشتقاق ، فهي إسم تفضيل ، الأصل القياسي فيها أن تأتي (( أخير )) على وزن أفعل ، ولكن حذفت الهمزة حذفاً شاذاً ، وهي مصدر على وزن فعل.
وأما من جهة المعنى ، فكلمة (( خير )) تعني الإسلام ، كما في قوله تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ... ) وتعني المال ، كما في قوله تعالى : ( وما تنفقوا من خير يوف إليكم ... ) وتعني أيضاً الفعل الذي يرضي الله تعالى ، كما في قوله : ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ، هو خير وأعظم أجراً ) ( 20/ المزمل ).
وكلمة (( شرّ )) من جهة الإشتقاق تشبه كلمة (( خير )) ، وأما من جهة المعنى ، فالشر ضد الخير.
وقد أطلق العربي (( الخير )) على كل ما ينفعه ، وأطلق (( الشر )) على كل ما يضره ، فإن أصابه من الفعل نفع مادي أو معنوي عدَّه خيراً ، وإن أصابه ضرر مادي أو معنوي عدّه شراً ، قال تعالى : ( فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ... ) ( 11/ الحج ) ، وقال تعالى : ( إذا مسّه الشر جزوعاً ، وإذا مسه الخير منوعاً ... ) ( 21/ المعارج ) ، فهو يحب الخير بمعنى النفع ، ويكره الشر بمعنى الضرر ، فبين الله للإنسان عدم دقة المقياس بقوله تعالى: ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) وقال تعالى فيمن كرهوا زوجاتهم : ( فإن كرهتموهن ، فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) ( 19/ النساء ) . فالخير والشر في الإسلام ، لا يقاس بالنفع والضرر ، لا في الأفعال التي تقع قضاءً ، أي تقع من الإنسان أو عليه جبراً عنه ، ولا في الأفعال التي يقوم بها الإنسان باختياره ، لأنه لا يدرك بدقة إن كان الفعل أو الشيء نافعاً أو ضاراً له ولغيره ، بسبب عدم معرفته للنتائج الحقيقية التي ستترتب على أفعاله في الدنيا والآخرة. ولنضرب مثلاً لذلك الشخص الذي نام وتأخر عن موعد سفره بطائره ، كانت ستقله لعقد صفقةٍ تجارية رابحة ، فكره ما حصل ، وعده شرّاً له ، ولكنه عندما علم أنَّ تلك الطائرة قد سقطت بعد إقلاعها وتحطمت ، وقتل جميع من كان عليها ، حمد الله على تأخره ، وعدّه خيراً له.
فوصف الإنسان للفعل بالخير والشر بناءاً على النفع أو الضرر الذي يصيبه من جراء القيام به ، وصف غير صحيح وغير ثابت ، لأنه آت من البشر ، وهم عرضة للتفاوت والإختلاف والتناقض والتأثر بالبيئة ، وعقولهم عاجزة عن معرفة النتائج قبل حدوثها ، فيكون الوصف الحقيقي للفعل بأنه خير أو شر غير آت من الإنسان ، ولا آت من الفعل نفسه ، فالقتل فعل واحد ، يكون من المسلم خيراً إن كان قتلاً للمحارب ، ويكون شرّاً إن كان قتلاً للمواطن أو المعاهد ، فوصف الفعل بالخير أو الشرّ ، لا يأتي من ذات الفعل ولا من الإنسان ، وإنما يأتي من عوامل خارجة عنه ، وهذه العوامل تستند إلى وجهة النظر في الحياة ، وهي العقيدة التي يعتنقها الإنسان ، وما ينبثق عنها من أفكار وأنظمة.
والإسلام ، عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام شامل كامل ، وضع مقياساً دقيقاً لما هو خير ولما هو شر ، فالفعل إن كان مما يرضي الله بإطاعة أوامره واجتناب نواهيه فهو خير ، وإن كان مما يغضب الله لمخالفته أوامره واتباع نواهيه فهو شر ، فالخير – عند المسلم – ما يرضي الله والشر ما يغضب الله.
فالصلاة والجهاد ، وحمل الدعوة خير لأنها ترضي الله ، والربا والزنا والتجسس شر لأنها تغضب الله ، بغض النظر عن النفع أو الضرر الذي يصيب الإنسان في الحياة الدنيا نتيجة قيامه بها ، فهي حياة قصيرة تنتهي بموته ، ثم تليها حياته في الآخرة حيث النعيم المقيم في الجنة ، أو العذاب الأليم في النار ، جزاءاً لما فعله الإنسان من خير أو شر ، قال تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) . فعلى المسلم أن يقدم على فعل الخير لأنه يرضي الله لا لأنه يحقق له منفعة دنيوية ، وأن يحجم عن فعل الشر لأنه يسخط الله ، لا لأنه يسبب له ضرراً.
وعليه أيضاً أن يسمي المسميات بأسمائها الشرعية ، فالإسلام والإيمان وتطبيق الحدود خير ، وأما الكفر والخيانة ومخالفة أحكام الإسلام فشر ، وعليه أن يؤمن ويسلم بالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى ، وإن كان هو يحب ما ينفعه ، ويكره ما يضره ، فهذا الحب أو الكره لا قيمة له ، ولا حساب عليه ، لأنه لا يملكه ، فهو ليس من أفكاره الإختيارية ، فعن أبي هريرة قال : لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ... ) اشتدّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : (( كلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها ... )) وفي نهاية الحديث : ونسخها الله تعالى ، فأنزل الله : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ... ).
دلّت النصوص الشرعية على أن هناك مقاييس في الإسلام ، تقاس بها الأفعال والأشياء وهي : الخير والشر ، والحسن والقبح ، والحلال والحرام ، فما هي هذه المقاييس؟
الخير والشر
كلمة (( خير )) لفظ مشترك من جهة الإشتقاق ، ومن جهة المعنى. أما من جهة الإشتقاق ، فهي إسم تفضيل ، الأصل القياسي فيها أن تأتي (( أخير )) على وزن أفعل ، ولكن حذفت الهمزة حذفاً شاذاً ، وهي مصدر على وزن فعل.
وأما من جهة المعنى ، فكلمة (( خير )) تعني الإسلام ، كما في قوله تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ... ) وتعني المال ، كما في قوله تعالى : ( وما تنفقوا من خير يوف إليكم ... ) وتعني أيضاً الفعل الذي يرضي الله تعالى ، كما في قوله : ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ، هو خير وأعظم أجراً ) ( 20/ المزمل ).
وكلمة (( شرّ )) من جهة الإشتقاق تشبه كلمة (( خير )) ، وأما من جهة المعنى ، فالشر ضد الخير.
وقد أطلق العربي (( الخير )) على كل ما ينفعه ، وأطلق (( الشر )) على كل ما يضره ، فإن أصابه من الفعل نفع مادي أو معنوي عدَّه خيراً ، وإن أصابه ضرر مادي أو معنوي عدّه شراً ، قال تعالى : ( فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ... ) ( 11/ الحج ) ، وقال تعالى : ( إذا مسّه الشر جزوعاً ، وإذا مسه الخير منوعاً ... ) ( 21/ المعارج ) ، فهو يحب الخير بمعنى النفع ، ويكره الشر بمعنى الضرر ، فبين الله للإنسان عدم دقة المقياس بقوله تعالى: ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) وقال تعالى فيمن كرهوا زوجاتهم : ( فإن كرهتموهن ، فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) ( 19/ النساء ) . فالخير والشر في الإسلام ، لا يقاس بالنفع والضرر ، لا في الأفعال التي تقع قضاءً ، أي تقع من الإنسان أو عليه جبراً عنه ، ولا في الأفعال التي يقوم بها الإنسان باختياره ، لأنه لا يدرك بدقة إن كان الفعل أو الشيء نافعاً أو ضاراً له ولغيره ، بسبب عدم معرفته للنتائج الحقيقية التي ستترتب على أفعاله في الدنيا والآخرة. ولنضرب مثلاً لذلك الشخص الذي نام وتأخر عن موعد سفره بطائره ، كانت ستقله لعقد صفقةٍ تجارية رابحة ، فكره ما حصل ، وعده شرّاً له ، ولكنه عندما علم أنَّ تلك الطائرة قد سقطت بعد إقلاعها وتحطمت ، وقتل جميع من كان عليها ، حمد الله على تأخره ، وعدّه خيراً له.
فوصف الإنسان للفعل بالخير والشر بناءاً على النفع أو الضرر الذي يصيبه من جراء القيام به ، وصف غير صحيح وغير ثابت ، لأنه آت من البشر ، وهم عرضة للتفاوت والإختلاف والتناقض والتأثر بالبيئة ، وعقولهم عاجزة عن معرفة النتائج قبل حدوثها ، فيكون الوصف الحقيقي للفعل بأنه خير أو شر غير آت من الإنسان ، ولا آت من الفعل نفسه ، فالقتل فعل واحد ، يكون من المسلم خيراً إن كان قتلاً للمحارب ، ويكون شرّاً إن كان قتلاً للمواطن أو المعاهد ، فوصف الفعل بالخير أو الشرّ ، لا يأتي من ذات الفعل ولا من الإنسان ، وإنما يأتي من عوامل خارجة عنه ، وهذه العوامل تستند إلى وجهة النظر في الحياة ، وهي العقيدة التي يعتنقها الإنسان ، وما ينبثق عنها من أفكار وأنظمة.
والإسلام ، عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام شامل كامل ، وضع مقياساً دقيقاً لما هو خير ولما هو شر ، فالفعل إن كان مما يرضي الله بإطاعة أوامره واجتناب نواهيه فهو خير ، وإن كان مما يغضب الله لمخالفته أوامره واتباع نواهيه فهو شر ، فالخير – عند المسلم – ما يرضي الله والشر ما يغضب الله.
فالصلاة والجهاد ، وحمل الدعوة خير لأنها ترضي الله ، والربا والزنا والتجسس شر لأنها تغضب الله ، بغض النظر عن النفع أو الضرر الذي يصيب الإنسان في الحياة الدنيا نتيجة قيامه بها ، فهي حياة قصيرة تنتهي بموته ، ثم تليها حياته في الآخرة حيث النعيم المقيم في الجنة ، أو العذاب الأليم في النار ، جزاءاً لما فعله الإنسان من خير أو شر ، قال تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) . فعلى المسلم أن يقدم على فعل الخير لأنه يرضي الله لا لأنه يحقق له منفعة دنيوية ، وأن يحجم عن فعل الشر لأنه يسخط الله ، لا لأنه يسبب له ضرراً.
وعليه أيضاً أن يسمي المسميات بأسمائها الشرعية ، فالإسلام والإيمان وتطبيق الحدود خير ، وأما الكفر والخيانة ومخالفة أحكام الإسلام فشر ، وعليه أن يؤمن ويسلم بالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى ، وإن كان هو يحب ما ينفعه ، ويكره ما يضره ، فهذا الحب أو الكره لا قيمة له ، ولا حساب عليه ، لأنه لا يملكه ، فهو ليس من أفكاره الإختيارية ، فعن أبي هريرة قال : لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ... ) اشتدّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : (( كلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها ... )) وفي نهاية الحديث : ونسخها الله تعالى ، فأنزل الله : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ... ).