من هناك
06-14-2006, 11:17 PM
لوثة "البلوتوث" وشبان بلا أمان
دبي ـ إيلي الفرزلي
"يجب ألا تحتفظ الفتيات بصورهن الخاصة على الهواتف المتحركة". تحذير لا بد من أخذه على محمل الجد ومن الضروري أيضاً عدم الاستخفاف بأهميته. هو صادر عن شرطة دبي.
خلفية الموضوع أن الشرطة تتلقى باستمرار بلاغات من فتيات تعرضن للابتزاز من قبل شبان لديهم نسخ من تلك الصور. تلك مشكلة ليست صغيرة في المجتمع الاماراتي المعروف بمحافظته، حيث تشكل المرأة فيه عالماً مستقلاً له خصوصياته المجتمعية التي تغلفها أسوار عالية.
يحصل الشبان على الصور من خلال قناتين: إما على شكل هدية بلوتوثية تكون عربون محبة من الفتاة، أو عبر قيامهم بالقرصنة على هواتف تكون هذه الخدمة فيها قيد التشغيل.
المطلوب إذاً عدم تشغيل هذه التقنية؟ هذا أيضاً ليس أمراً سهلاً. فالبلوتوث لا يزال من أبرز وسائل الترفيه المحلية. والاهم أنه يبقى الوسيلة الأكثر انتشاراً بين الشباب لفتح قنوات اتصال بين الجنسين.
بالرغم من تحذير الشرطة من سلبيات استعمال هذه الخدمة بالنسبة للنساء بشكل خاص، فإن الجالسة في المقهى قد يصلها، إلى حين انتهائها من احتساء القهوة، ما يزيد عن العشر رسائل عبر البلوتوث. قد ترفض بعضها في البداية، إلا أنها لن تقوى على المقاومة بعد سلسلة رسائل. والأمر يخضع بالتأكيد إلى المزاج الشخصي ومدى جاذبية عنوان الرسالة. رواق المزاج يكون كفيلاً في جعل السهرة سهرة بلوتوث جماعية بين أناس لا يعرفون بعضهم ولا يربط بينهم إلا إرسال واستقبال الصور. هذا أمر عادي أيضاً، فهو المرحلة الأولى التي تسبق تركّز المناقلات بين شخصين فقط. وقد تتطور الجلسة البلوتوثية بينهما إلى لقاء بعيد عن الأعين، أو على الأقل، إلى محادثة هاتفية تكون مدخلاً لعلاقة عاطفية ربما. بعد هذه الخطوة، تنصح الشرطة الفتيات بالحذر. تنصحهن بعدم إهداء صورهن الى الحبيب. فقد تتطور الأمور سلباً وتصبح الصورة مدار ابتزاز.
بعض الفتيات يعمدن الى اختصار الطريق بالاعتماد على نظرية "لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة" ويتوقفن عن استعمال البلوتوث نهائياً، ولكن بعضهن الآخر يعتبرنه من الضروريات، إذ أن "استعمال هذه التقنية ممتع جداً"، بحسب مريم، وهي لا تمانع في تبادل بعض الصور غير الشخصية أو الهزلية مع العامة، في سبيل إضاعة الوقت. وعند إعلامها بالتحذير الذي أطلقته الشرطة تفكر قليلاً. تفكر بعواقب هكذا أمر على سمعتها كفتاة شرقية. تفكر بردة فعل الأهل والأقارب. تحاول استعادة شريط الذاكرة للتأكد ما إذا كانت قد أخطأت يوماً بإرسال صورتها. تنقبض ملامح وجهها للحظات: نعم لقد فعلتها يوماً، ثم تعيد طمأنة نفسها قائلة ولكنها كانت مع صديقي.
ما لا تعرفه مريم ولم يحصل معها حتى هذه اللحظات، هو أن هنالك ما يزيد عن 210 فتيات لجأن إلى الشرطة لتقديم شكاوى ضد شبان يهددونهن بنشر صورهن إذا لم يستجبن لرغباتهم. وهؤلاء معظمهم كانوا على علاقة مع فتاة ما وحصلوا على صورتها برضاها أيضاً ولكن ما لم يكن في الحسبان هو كيف يمكن استغلال هذه الصورة في حال الانفصال. في هذه الحالة، كما في حال تمت القرصنة على الهاتف، فإن الابتزاز والتهديد بنشر الصور يكون الخرطوشة الأخيرة التي تطلق إذا لم تتجاوب الفتيات مع رغبة الشبان الذين يجبروهن عادة على الاستمرار بعلاقة عاطفية أو القيام بأعمال مشينة، كما تصفها الشرطة. وفي كل الأحوال أيضاً يبقى الخيار الأفضل بالنسبة لجماعة "عدم النوم بين القبور" هو إطفاء البلوتوث نهائياً.
كان الحل الأمثل لمنى هو استبدال هاتفها المتطور بآخر لا يتضمن تقنية البلوتوث. كانت واثقة أنها لن تستطيع منع نفسها من إرسال وتلقي الصور في حال تضمن هاتفها هذه الخدمة. هي لا تتردد بوصف نفسها مدمنة بلوتوث بالرغم من المعاناة الشخصية التي لحقتها والتي جعلت هذه الخدمة مصدر خوف بالنسبة لها. لقد خضعت بدورها لعملية ابتزاز من صديقها السابق على خلفية تركها له. كانت النتيجة أن جعلها تعيش الرعب والقلق اللذين لا يعرفان حدوداً. خلال جولات التهديد الماراتونية، رفض إنهاء العلاقة ولم يوفر أي وسيلة في محاولته الضغط عليها للعودة عن قرارها الانفصالي. استمرت فصول البكاء الليلي إلى حين أعلمتها صديقتها بضرورة اللجوء إلى إدارة المجتمع المدني في شرطة دبي "التي يمكن أن توقفه عند حده". لم تتجرأ على القيام بهذه الخطوة بداية لكنها لم تعد تملك الخيار لاحقاً. قصدت الإدارة ودلت بدلوها.
الشرطة تقوم في هذه الحالة بضبط الأجهزة الخلوية من الأشخاص الذين يستخدمونها للتهديد ومن ثم حذف جميع الصور منها، بعد استئذان النيابة العامة في ذلك.
العقوبة لا تقتصر على حذف الصور أو حجز الهواتف الخلوية. فقانون العقوبات يدين هذا الفعل ويعاقب عليه بالحبس سنة والغرامة نحو 2700 دولار.
هذا الرادع قلل من احتمال لجوء الشبان الى التهديد أو الابتزاز لكنها لم تقلل أبداً من استعمال تقنية البلوتوث، ولم تقلل من رغبة الشباب في إرسال صور القلوب الحمراء أو كلام الحب، وطبعاً بعض الصور الإباحية أحياناً. أما بالنسبة للفتيات فبالرغم من فوبيا البلوتوث التي تجتاحهن، فلا يترددن في الدخول في اللعبة وتناقل الصور والتنافس في تقديم الصور الأجمل أو الأكثر إثارة، هذا عدا عن تبادل الكليبات الصغيرة التي تظهر بعض الفنانات في مشاهد حميمة.
تلك خدمة تلقى رواجاً كبيراً في الإمارات ولا أحد ينادي بوقفها إذ أن كل المطلوب، بحسب الشرطة، ليس فقط عدم إرسال الصور الشخصية إلى الشبان، بل حتى عدم الاحتفاظ بها ولا سيما في ظل تطور تقنيات الاتصال والتي تعطي للبعض القدرة على سرقة هذه الصور ونشرها.
باختصار، لا يزال البلوتوث يحافظ على قيمته بوصفه قناة ضرورية لتفريغ بعض الكبت الاجتماعي، أما كل المطلوب، بحسب مريم، فهو الحذر الشديد "لأن الشبان ما الهم أمان". أما إذا لعبوا في ذيلهم فالعقاب ينتظرهم في مكتب إدارة المجتمع المدني في شرطة دبي.
دبي ـ إيلي الفرزلي
"يجب ألا تحتفظ الفتيات بصورهن الخاصة على الهواتف المتحركة". تحذير لا بد من أخذه على محمل الجد ومن الضروري أيضاً عدم الاستخفاف بأهميته. هو صادر عن شرطة دبي.
خلفية الموضوع أن الشرطة تتلقى باستمرار بلاغات من فتيات تعرضن للابتزاز من قبل شبان لديهم نسخ من تلك الصور. تلك مشكلة ليست صغيرة في المجتمع الاماراتي المعروف بمحافظته، حيث تشكل المرأة فيه عالماً مستقلاً له خصوصياته المجتمعية التي تغلفها أسوار عالية.
يحصل الشبان على الصور من خلال قناتين: إما على شكل هدية بلوتوثية تكون عربون محبة من الفتاة، أو عبر قيامهم بالقرصنة على هواتف تكون هذه الخدمة فيها قيد التشغيل.
المطلوب إذاً عدم تشغيل هذه التقنية؟ هذا أيضاً ليس أمراً سهلاً. فالبلوتوث لا يزال من أبرز وسائل الترفيه المحلية. والاهم أنه يبقى الوسيلة الأكثر انتشاراً بين الشباب لفتح قنوات اتصال بين الجنسين.
بالرغم من تحذير الشرطة من سلبيات استعمال هذه الخدمة بالنسبة للنساء بشكل خاص، فإن الجالسة في المقهى قد يصلها، إلى حين انتهائها من احتساء القهوة، ما يزيد عن العشر رسائل عبر البلوتوث. قد ترفض بعضها في البداية، إلا أنها لن تقوى على المقاومة بعد سلسلة رسائل. والأمر يخضع بالتأكيد إلى المزاج الشخصي ومدى جاذبية عنوان الرسالة. رواق المزاج يكون كفيلاً في جعل السهرة سهرة بلوتوث جماعية بين أناس لا يعرفون بعضهم ولا يربط بينهم إلا إرسال واستقبال الصور. هذا أمر عادي أيضاً، فهو المرحلة الأولى التي تسبق تركّز المناقلات بين شخصين فقط. وقد تتطور الجلسة البلوتوثية بينهما إلى لقاء بعيد عن الأعين، أو على الأقل، إلى محادثة هاتفية تكون مدخلاً لعلاقة عاطفية ربما. بعد هذه الخطوة، تنصح الشرطة الفتيات بالحذر. تنصحهن بعدم إهداء صورهن الى الحبيب. فقد تتطور الأمور سلباً وتصبح الصورة مدار ابتزاز.
بعض الفتيات يعمدن الى اختصار الطريق بالاعتماد على نظرية "لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة" ويتوقفن عن استعمال البلوتوث نهائياً، ولكن بعضهن الآخر يعتبرنه من الضروريات، إذ أن "استعمال هذه التقنية ممتع جداً"، بحسب مريم، وهي لا تمانع في تبادل بعض الصور غير الشخصية أو الهزلية مع العامة، في سبيل إضاعة الوقت. وعند إعلامها بالتحذير الذي أطلقته الشرطة تفكر قليلاً. تفكر بعواقب هكذا أمر على سمعتها كفتاة شرقية. تفكر بردة فعل الأهل والأقارب. تحاول استعادة شريط الذاكرة للتأكد ما إذا كانت قد أخطأت يوماً بإرسال صورتها. تنقبض ملامح وجهها للحظات: نعم لقد فعلتها يوماً، ثم تعيد طمأنة نفسها قائلة ولكنها كانت مع صديقي.
ما لا تعرفه مريم ولم يحصل معها حتى هذه اللحظات، هو أن هنالك ما يزيد عن 210 فتيات لجأن إلى الشرطة لتقديم شكاوى ضد شبان يهددونهن بنشر صورهن إذا لم يستجبن لرغباتهم. وهؤلاء معظمهم كانوا على علاقة مع فتاة ما وحصلوا على صورتها برضاها أيضاً ولكن ما لم يكن في الحسبان هو كيف يمكن استغلال هذه الصورة في حال الانفصال. في هذه الحالة، كما في حال تمت القرصنة على الهاتف، فإن الابتزاز والتهديد بنشر الصور يكون الخرطوشة الأخيرة التي تطلق إذا لم تتجاوب الفتيات مع رغبة الشبان الذين يجبروهن عادة على الاستمرار بعلاقة عاطفية أو القيام بأعمال مشينة، كما تصفها الشرطة. وفي كل الأحوال أيضاً يبقى الخيار الأفضل بالنسبة لجماعة "عدم النوم بين القبور" هو إطفاء البلوتوث نهائياً.
كان الحل الأمثل لمنى هو استبدال هاتفها المتطور بآخر لا يتضمن تقنية البلوتوث. كانت واثقة أنها لن تستطيع منع نفسها من إرسال وتلقي الصور في حال تضمن هاتفها هذه الخدمة. هي لا تتردد بوصف نفسها مدمنة بلوتوث بالرغم من المعاناة الشخصية التي لحقتها والتي جعلت هذه الخدمة مصدر خوف بالنسبة لها. لقد خضعت بدورها لعملية ابتزاز من صديقها السابق على خلفية تركها له. كانت النتيجة أن جعلها تعيش الرعب والقلق اللذين لا يعرفان حدوداً. خلال جولات التهديد الماراتونية، رفض إنهاء العلاقة ولم يوفر أي وسيلة في محاولته الضغط عليها للعودة عن قرارها الانفصالي. استمرت فصول البكاء الليلي إلى حين أعلمتها صديقتها بضرورة اللجوء إلى إدارة المجتمع المدني في شرطة دبي "التي يمكن أن توقفه عند حده". لم تتجرأ على القيام بهذه الخطوة بداية لكنها لم تعد تملك الخيار لاحقاً. قصدت الإدارة ودلت بدلوها.
الشرطة تقوم في هذه الحالة بضبط الأجهزة الخلوية من الأشخاص الذين يستخدمونها للتهديد ومن ثم حذف جميع الصور منها، بعد استئذان النيابة العامة في ذلك.
العقوبة لا تقتصر على حذف الصور أو حجز الهواتف الخلوية. فقانون العقوبات يدين هذا الفعل ويعاقب عليه بالحبس سنة والغرامة نحو 2700 دولار.
هذا الرادع قلل من احتمال لجوء الشبان الى التهديد أو الابتزاز لكنها لم تقلل أبداً من استعمال تقنية البلوتوث، ولم تقلل من رغبة الشباب في إرسال صور القلوب الحمراء أو كلام الحب، وطبعاً بعض الصور الإباحية أحياناً. أما بالنسبة للفتيات فبالرغم من فوبيا البلوتوث التي تجتاحهن، فلا يترددن في الدخول في اللعبة وتناقل الصور والتنافس في تقديم الصور الأجمل أو الأكثر إثارة، هذا عدا عن تبادل الكليبات الصغيرة التي تظهر بعض الفنانات في مشاهد حميمة.
تلك خدمة تلقى رواجاً كبيراً في الإمارات ولا أحد ينادي بوقفها إذ أن كل المطلوب، بحسب الشرطة، ليس فقط عدم إرسال الصور الشخصية إلى الشبان، بل حتى عدم الاحتفاظ بها ولا سيما في ظل تطور تقنيات الاتصال والتي تعطي للبعض القدرة على سرقة هذه الصور ونشرها.
باختصار، لا يزال البلوتوث يحافظ على قيمته بوصفه قناة ضرورية لتفريغ بعض الكبت الاجتماعي، أما كل المطلوب، بحسب مريم، فهو الحذر الشديد "لأن الشبان ما الهم أمان". أما إذا لعبوا في ذيلهم فالعقاب ينتظرهم في مكتب إدارة المجتمع المدني في شرطة دبي.