من هناك
06-08-2006, 11:55 PM
أسئلة وأجوبة عن مفهومي الحرب والسلام
فريد قمر
طلاب من لبنان وآخرون من الولايات المتّحدة، قرّروا أن يتحاوروا، ليعرّوا الأحكام المسبقة تحت شمس التواصل، وليحاربوا أفكاراً نمطيّة خشوا من أن يسجنهم الآخر خلف قضبانها. ففي زمن باتت فيه للعنف القدرة العظمى لكتابة الأحداث، اجتمعوا في مدرسة "برمانا هاي سكول" ضمن برنامج جمعية "تمكين السلام" ليبنوا جسوراً بواسطة حوار مرئي مباشر عبر شبكة الانترنت، تابعه أكثر من 5000 طالب عبر العالم. وتولّت زينة دكّاش، نجمة برنامج "بس مات وطن"، ادارة الحوار في لبنان فيما آلت هذه المهمّة في لونغ بيتش ــ كاليفورنيا الى الممثلة والناشطة السياسية كاثي ناجيمي، وهي أميركية من جذور لبنانية.
إرهاب
للطلاب اللبنانيين أهدافهم الواضحة والرسائل التي حبسوها في صدورهم لأعوام كثيرة: "أريد أن أقول لهم انّنا لسنا ارهابيين، ولا نتنقّل على الجمال" تقول ليلي حموش (16 عاماً)، وتضيف بنبرتها الحماسية: "ليست كلّ نسائنا محجّبات، ولا يطلق كلّ رجالنا لحاهم، نحن متنوّعون ولا نحدّ بأفكار واحدة، وكذلك لسنا منغلقين على أنفسنا، فنحن نستمتع بالمأكولات الأوروبية والموسيقى الغربية على أنواعها".
أمّا شيرين زينون (15 عاماً) فتحارب فوقية مفترضة عند الطلاب الأميركيين: "نحن متساوون، والفروق بيننا محصورة بالتقاليد. نحن نحافظ على بعض عاداتنا كالطّعام اللبناني وغيره لكنّنا نعيش التطوّر ولسنا خارجين عن التاريخ".
من الواضح أنّ الأسئلة والأجوبة تختلف بين اللبنانيين والأميركيين رغم أنّها مكتوبة مسبقاً. فتأثير السياسة يظهر بوضوح عند طلاب برمانا، ما جعلهم يفترضون أفكاراً مسبقة لدى الأميركيين، الذين أبدوا عدم اكتراث للمسائل التي تشكّل قضايا أساسية عند زملائهم، فهم غير معنيين بصفات "الارهاب" و"التخلّف التكنولوجي" ولا يهمّهم الأمر أصلاً، بل ركّزوا أكثر على دور المرأة والتمييز الجنسي والحريّة الفردية وسنّ الرشد، وهي قضايا اعتبروها من ميزات المجتمع المتحضّر، فضلاً عن بعض الأسئلة الاجتماعية كالزواج المختلط بين الأعراق أو الأديان الذي يعتبر مرحّباً به في كاليفورنيا ومحارباً في لبنان وكذلك موضوع الرقابة على الأفلام من قبل المجموعات الدينية أو الحكومة.
وان كانت أجوبة اللبنانيين صريحة الى حدّ بعيد لا سيّما في موضوع الزواج المختلط والتحرّر "الذي يختلف من عائلة لأخرى"، لم تكن أسئلة اللبنانيين أقلّ جرأة اذ طرحوا موضوع العلاقة بين المثليين، وحريّة الفرد، فضلاً عن أسئلة تهدف الى فهم أسلوب الحياة لدى أقرانهم كالموسيقى والملابس وسلطة الأهل، ويبدو أنّ توجّهاً عامّاً فرض عليهم عدم الدخول في السياسة الأميركية في المنطقة ربّما لأنّهم "رغبوا في بناء الجسور لا تدمير ما تبقّى" كما قال شادي عطالله ممثل جمعية "نحو المواطنية" التي كانت لها مشاركة في الحوار.
رقصات
وعرض عطالله لتجربته في حوار أجرته جمعيّته مع مجموعات من دول مختلفة، تسود بعضها علاقات سياسية رديئة. غير أنّ التّواصل بينهم كسر الحواجز، فأكّد دور الحوار في تقريب وجهات النظر وتحقيق السلام.
وفي الوقت الذي قدّمت فيه طالبتان من "لونغ بيتش" أغنية مهداة للّبنانيين، قرّر طلاب برمانا عرض مهاراتهم عبر رقصة شرقية، لتكون نموذجا عن الفولكلور اللبناني فضلاً عن رقصة "street dance" الأميركية النشأة لتأكيد الانفتاح الثقافي للبنان، ما قدّم فرصة حقيقيّة لمراقبة علامات الدهشة وردود الفعل مباشرة عبر الشاشة، وما أرضى رغبة اللبنانيين في ابداء بعض التميّز عن أقرانهم.
ولعلّ الفيلم الذي عرضته كلّ من المدرستين المشاركتين حول مفهوم السلام، يظهر الفروق بين الفهم المختلف لهذه القيمة. ففي حين يظهر السلام مرادفاً لقيم أخرى كالعدالة والتسامح والمحبّة عند الأميركيين يبدو بصورة مختلفة عند اللّبنانيين حيث تختصره جملة واحدة تعلّمها الطلاب من خبرتهم القاسية والأداء الأميركي السياسي: "لا للحرب". بينما لم يخطر لطلاب كاليفورنيا أن يربطوا بين وقف الحرب وتحقيق تلك القيمة التي غدت مطلباً ملحّاً مع "الحروب الوقائية" المتزايدة.
انتهى الحوار في جولته الأولى، لكنّه كان حقيقياً هذه المرّة، من دون تهديد بالعنف أو الانقسام، وبلا عنصريّة ومتاريس. بل كان حواراً ارادياً لم تفرضه أحداث متراكمة، ملوّناً بأحلام الطلاب وأملهم بغد أفضل. فهل تحتاج مدارسنا اللبنانيّة المختلفة المناطق والمتباينة في التوجّهات الى برنامج مماثل يكسر الجليد بين طلاب الوطن الواحد ويؤسّس لثقافة السلا
فريد قمر
طلاب من لبنان وآخرون من الولايات المتّحدة، قرّروا أن يتحاوروا، ليعرّوا الأحكام المسبقة تحت شمس التواصل، وليحاربوا أفكاراً نمطيّة خشوا من أن يسجنهم الآخر خلف قضبانها. ففي زمن باتت فيه للعنف القدرة العظمى لكتابة الأحداث، اجتمعوا في مدرسة "برمانا هاي سكول" ضمن برنامج جمعية "تمكين السلام" ليبنوا جسوراً بواسطة حوار مرئي مباشر عبر شبكة الانترنت، تابعه أكثر من 5000 طالب عبر العالم. وتولّت زينة دكّاش، نجمة برنامج "بس مات وطن"، ادارة الحوار في لبنان فيما آلت هذه المهمّة في لونغ بيتش ــ كاليفورنيا الى الممثلة والناشطة السياسية كاثي ناجيمي، وهي أميركية من جذور لبنانية.
إرهاب
للطلاب اللبنانيين أهدافهم الواضحة والرسائل التي حبسوها في صدورهم لأعوام كثيرة: "أريد أن أقول لهم انّنا لسنا ارهابيين، ولا نتنقّل على الجمال" تقول ليلي حموش (16 عاماً)، وتضيف بنبرتها الحماسية: "ليست كلّ نسائنا محجّبات، ولا يطلق كلّ رجالنا لحاهم، نحن متنوّعون ولا نحدّ بأفكار واحدة، وكذلك لسنا منغلقين على أنفسنا، فنحن نستمتع بالمأكولات الأوروبية والموسيقى الغربية على أنواعها".
أمّا شيرين زينون (15 عاماً) فتحارب فوقية مفترضة عند الطلاب الأميركيين: "نحن متساوون، والفروق بيننا محصورة بالتقاليد. نحن نحافظ على بعض عاداتنا كالطّعام اللبناني وغيره لكنّنا نعيش التطوّر ولسنا خارجين عن التاريخ".
من الواضح أنّ الأسئلة والأجوبة تختلف بين اللبنانيين والأميركيين رغم أنّها مكتوبة مسبقاً. فتأثير السياسة يظهر بوضوح عند طلاب برمانا، ما جعلهم يفترضون أفكاراً مسبقة لدى الأميركيين، الذين أبدوا عدم اكتراث للمسائل التي تشكّل قضايا أساسية عند زملائهم، فهم غير معنيين بصفات "الارهاب" و"التخلّف التكنولوجي" ولا يهمّهم الأمر أصلاً، بل ركّزوا أكثر على دور المرأة والتمييز الجنسي والحريّة الفردية وسنّ الرشد، وهي قضايا اعتبروها من ميزات المجتمع المتحضّر، فضلاً عن بعض الأسئلة الاجتماعية كالزواج المختلط بين الأعراق أو الأديان الذي يعتبر مرحّباً به في كاليفورنيا ومحارباً في لبنان وكذلك موضوع الرقابة على الأفلام من قبل المجموعات الدينية أو الحكومة.
وان كانت أجوبة اللبنانيين صريحة الى حدّ بعيد لا سيّما في موضوع الزواج المختلط والتحرّر "الذي يختلف من عائلة لأخرى"، لم تكن أسئلة اللبنانيين أقلّ جرأة اذ طرحوا موضوع العلاقة بين المثليين، وحريّة الفرد، فضلاً عن أسئلة تهدف الى فهم أسلوب الحياة لدى أقرانهم كالموسيقى والملابس وسلطة الأهل، ويبدو أنّ توجّهاً عامّاً فرض عليهم عدم الدخول في السياسة الأميركية في المنطقة ربّما لأنّهم "رغبوا في بناء الجسور لا تدمير ما تبقّى" كما قال شادي عطالله ممثل جمعية "نحو المواطنية" التي كانت لها مشاركة في الحوار.
رقصات
وعرض عطالله لتجربته في حوار أجرته جمعيّته مع مجموعات من دول مختلفة، تسود بعضها علاقات سياسية رديئة. غير أنّ التّواصل بينهم كسر الحواجز، فأكّد دور الحوار في تقريب وجهات النظر وتحقيق السلام.
وفي الوقت الذي قدّمت فيه طالبتان من "لونغ بيتش" أغنية مهداة للّبنانيين، قرّر طلاب برمانا عرض مهاراتهم عبر رقصة شرقية، لتكون نموذجا عن الفولكلور اللبناني فضلاً عن رقصة "street dance" الأميركية النشأة لتأكيد الانفتاح الثقافي للبنان، ما قدّم فرصة حقيقيّة لمراقبة علامات الدهشة وردود الفعل مباشرة عبر الشاشة، وما أرضى رغبة اللبنانيين في ابداء بعض التميّز عن أقرانهم.
ولعلّ الفيلم الذي عرضته كلّ من المدرستين المشاركتين حول مفهوم السلام، يظهر الفروق بين الفهم المختلف لهذه القيمة. ففي حين يظهر السلام مرادفاً لقيم أخرى كالعدالة والتسامح والمحبّة عند الأميركيين يبدو بصورة مختلفة عند اللّبنانيين حيث تختصره جملة واحدة تعلّمها الطلاب من خبرتهم القاسية والأداء الأميركي السياسي: "لا للحرب". بينما لم يخطر لطلاب كاليفورنيا أن يربطوا بين وقف الحرب وتحقيق تلك القيمة التي غدت مطلباً ملحّاً مع "الحروب الوقائية" المتزايدة.
انتهى الحوار في جولته الأولى، لكنّه كان حقيقياً هذه المرّة، من دون تهديد بالعنف أو الانقسام، وبلا عنصريّة ومتاريس. بل كان حواراً ارادياً لم تفرضه أحداث متراكمة، ملوّناً بأحلام الطلاب وأملهم بغد أفضل. فهل تحتاج مدارسنا اللبنانيّة المختلفة المناطق والمتباينة في التوجّهات الى برنامج مماثل يكسر الجليد بين طلاب الوطن الواحد ويؤسّس لثقافة السلا