غريب الدار
01-05-2003, 03:11 AM
الى الله المشتكى يا عمة ... ( الجزء الأول)
كنت شرطي حدود، وفي احد الأيام رأيت امرأة مسنة ً تقترب نحوي آتية من احدى الحدود المجاورة...
لما رأتني هرعت نحوي ، وقفت تحدق بي والدمع بعينيها ،حاولت الكلام ، لكن شيئاً حبس لسانها، أو ربما سرقت منها الكلمات،أحنت رأسها ،جلست على الأرض أخفت وجهها بيديها بعد أن القت عصاها ،وراحت تبكي ...
_ ما بك يا عمة ؟؟! .. صمتت قليلاً ثم قالت بصوت مرتجف...
_ وما هو الذي ليس بي ؟..... (أدهشني كلامها ،وأدركت أن للعمة حكاية).
_من اين انت يا عمة؟.
_من هناك من خلف التلة من أرض محتلة...
_ جئت سيراً على الأقدام؟..
_ كان خيراً من الاعدام، بل ربما كان الموت خير ،هربت بعد أن هدموا بيتي وقتلوا ابني وأحفادي..
_ يا للعمة المسكينة، الك أقارب في هذا البلد ، لآخذك اليهم فتقيمي عندهم ؟ .
_ ما جئت للاقامة عندكم يا ولدي...
_ لماذا جئت اذن ,عابرة حدود ؟ .
جئت لأطلب العون ،لأستغيث بكم ، أنا وشعبي..
_ العون ، حسنا ً قومي معي يا عمة ، ندخل المركز ، وهناك نتكلم .(أمسكت بيدها ومشينا سويا الى المركز ، طلبت لها قدحا من الشاي ورحت احدثها) .
_ قلت بأنك جئت لطلب العون والاغاثة..
_ نعم يا ولدي الاغاثة لطرد المحتل..
_ الاغاثة لطرد المحتل ،(معادلة بسيطة وسهلة التفكير ، ومقبولة عند بعض الناس) وممن تتطلبين الاغاثة يا عمة ؟؟ .
_ من هذه الأمة من رجالها من أبطالها منكم يا ولدي، قبل هروبي قلت لجنود الاحتلال ان لدينا رجالا ً في هذه الأمة يأكلون النار.. نعم قلتها لهم لأرعبهم..
_ يأكلون النار؟؟..( ربما لو وضعت في المعلبات وكان تاريخها طويلا ً....)أقلت لهم هذا يا عمة ،حدثتيهم عن ابطال هذه الأمة؟
_ نعم يا ولدي..(ما كادت العمة تجيب ، وهي فخورة بأبطال الأمة، حتى رن هاتف مكتبي،انه رئيس النقطة الحدودية،علم بحضور العمة،فأمرني بأرسال جواز سفرها الى الغرفة الأمنية ،لضرب اسمها على الفيشة،من يدري لعلها مطلوبة لعلها قامت بعمل ارهابي منذ عشرين او ثلاثين سنة،صحيح أن عمرها الآن قد تجاوز الستون ، لكن القانون هو القانون)..
ضربوا اسمها على الفيشة ،الحمد لله ليست مطلوبة للعدالــــة..
الا أن سمت تشابه بالأسماء كاد يعقد الأمور ،لو لا اختلاف بسيط ودقيق في اسم الأم،انجاها من اعتقال محتم..
فقد تبين بعد تدقيق وتمحيص وتريث في النتيجة ان اسم امها ( شكرية ) بينما كان اسم ام المطلوبة ( فكرية ) فالحمد لله الذي جعل الاختلاف بين الشين والفاء واضح والا كان الأمر معقد وفاضح..
عدنا للحديث ثانية ً..
_ يا عمة . الك اقارب في هذا البلد ام نحولك لمركز المسنين فيهتموا بك هناك...
_ مركز ماذا ؟؟! قلت لك انني قدمت الى هنا لطلب العون، لتحركوا جيشا ً يحرر أرضي وشعبي ..
_ نحرك ماذا ؟؟!!! نحرك جيش بهذه السهولة يا عمة ؟؟!!!
هبت العمة واقفة ،كأن كلامي أفعى تلدغ من حولها ، وقالت بغضب و أسى ..
_ اتهزأ بي ... واندفعت نحو النافذة لتصرخ بأعلى صوتها للخارج...
_ وا اسلاماه وا عروبتاه...
ركضت نحوها لأبعدها عن النافذة ، فقد خشيت ان يسمعها رئيس المركز أو يسمع بفعلتها ، فيطلب لها اسعافا لتقلها الى دار العجزة ( و أستحي أن اقول الى مشفى المجانين ،لأنهم للأسف ... بيعملوها...
أجلستها على الكرسي فدفنت وجهها بيديها وراحت تبكي من جديد..
مسكينة ايتها العمة الطيبة ظنت أن صرختها هذه ستجمع لها جيشا اوله هنا و آخره عند سور الصين الكبير ، لكن صرختها لم تتجاوز اسوار نافذة المكتب....
نظرت اليَ بعين دامعة وقالت..
_ أين هم ؟
_ من يا عمة ؟؟
_ الرجال ..
_ عن أي رجال تتكلمين ..
_ عن كل الرجال ، أصدقائك مثلا أين هم ؟..
_ الدراويش أمثالي يحرسون الحدود ليل نهار ..
_ ممن من العدو ..
_ في الماضي نعم ربما ،أما الآن نحرسها من المهاجرين الغير شرعيين
و نطمع ان يقع بأيدينا بعض المطلوبين ، هذا بالنسبة لنا نحن الجنود هنا ..
_ والكبار يا ولدي أين الكبار ؟؟
_ يعقدون مؤتمرا ً في زنجبار ..
_ لأجلنا، لطرد المحتل ،و الحاق به الهزيمة والعقوبة .
_ علمت انه لتلوث البيئة وطبقة الأوزون المثقوبة..
(البقية في الجزء الثاني ).
كنت شرطي حدود، وفي احد الأيام رأيت امرأة مسنة ً تقترب نحوي آتية من احدى الحدود المجاورة...
لما رأتني هرعت نحوي ، وقفت تحدق بي والدمع بعينيها ،حاولت الكلام ، لكن شيئاً حبس لسانها، أو ربما سرقت منها الكلمات،أحنت رأسها ،جلست على الأرض أخفت وجهها بيديها بعد أن القت عصاها ،وراحت تبكي ...
_ ما بك يا عمة ؟؟! .. صمتت قليلاً ثم قالت بصوت مرتجف...
_ وما هو الذي ليس بي ؟..... (أدهشني كلامها ،وأدركت أن للعمة حكاية).
_من اين انت يا عمة؟.
_من هناك من خلف التلة من أرض محتلة...
_ جئت سيراً على الأقدام؟..
_ كان خيراً من الاعدام، بل ربما كان الموت خير ،هربت بعد أن هدموا بيتي وقتلوا ابني وأحفادي..
_ يا للعمة المسكينة، الك أقارب في هذا البلد ، لآخذك اليهم فتقيمي عندهم ؟ .
_ ما جئت للاقامة عندكم يا ولدي...
_ لماذا جئت اذن ,عابرة حدود ؟ .
جئت لأطلب العون ،لأستغيث بكم ، أنا وشعبي..
_ العون ، حسنا ً قومي معي يا عمة ، ندخل المركز ، وهناك نتكلم .(أمسكت بيدها ومشينا سويا الى المركز ، طلبت لها قدحا من الشاي ورحت احدثها) .
_ قلت بأنك جئت لطلب العون والاغاثة..
_ نعم يا ولدي الاغاثة لطرد المحتل..
_ الاغاثة لطرد المحتل ،(معادلة بسيطة وسهلة التفكير ، ومقبولة عند بعض الناس) وممن تتطلبين الاغاثة يا عمة ؟؟ .
_ من هذه الأمة من رجالها من أبطالها منكم يا ولدي، قبل هروبي قلت لجنود الاحتلال ان لدينا رجالا ً في هذه الأمة يأكلون النار.. نعم قلتها لهم لأرعبهم..
_ يأكلون النار؟؟..( ربما لو وضعت في المعلبات وكان تاريخها طويلا ً....)أقلت لهم هذا يا عمة ،حدثتيهم عن ابطال هذه الأمة؟
_ نعم يا ولدي..(ما كادت العمة تجيب ، وهي فخورة بأبطال الأمة، حتى رن هاتف مكتبي،انه رئيس النقطة الحدودية،علم بحضور العمة،فأمرني بأرسال جواز سفرها الى الغرفة الأمنية ،لضرب اسمها على الفيشة،من يدري لعلها مطلوبة لعلها قامت بعمل ارهابي منذ عشرين او ثلاثين سنة،صحيح أن عمرها الآن قد تجاوز الستون ، لكن القانون هو القانون)..
ضربوا اسمها على الفيشة ،الحمد لله ليست مطلوبة للعدالــــة..
الا أن سمت تشابه بالأسماء كاد يعقد الأمور ،لو لا اختلاف بسيط ودقيق في اسم الأم،انجاها من اعتقال محتم..
فقد تبين بعد تدقيق وتمحيص وتريث في النتيجة ان اسم امها ( شكرية ) بينما كان اسم ام المطلوبة ( فكرية ) فالحمد لله الذي جعل الاختلاف بين الشين والفاء واضح والا كان الأمر معقد وفاضح..
عدنا للحديث ثانية ً..
_ يا عمة . الك اقارب في هذا البلد ام نحولك لمركز المسنين فيهتموا بك هناك...
_ مركز ماذا ؟؟! قلت لك انني قدمت الى هنا لطلب العون، لتحركوا جيشا ً يحرر أرضي وشعبي ..
_ نحرك ماذا ؟؟!!! نحرك جيش بهذه السهولة يا عمة ؟؟!!!
هبت العمة واقفة ،كأن كلامي أفعى تلدغ من حولها ، وقالت بغضب و أسى ..
_ اتهزأ بي ... واندفعت نحو النافذة لتصرخ بأعلى صوتها للخارج...
_ وا اسلاماه وا عروبتاه...
ركضت نحوها لأبعدها عن النافذة ، فقد خشيت ان يسمعها رئيس المركز أو يسمع بفعلتها ، فيطلب لها اسعافا لتقلها الى دار العجزة ( و أستحي أن اقول الى مشفى المجانين ،لأنهم للأسف ... بيعملوها...
أجلستها على الكرسي فدفنت وجهها بيديها وراحت تبكي من جديد..
مسكينة ايتها العمة الطيبة ظنت أن صرختها هذه ستجمع لها جيشا اوله هنا و آخره عند سور الصين الكبير ، لكن صرختها لم تتجاوز اسوار نافذة المكتب....
نظرت اليَ بعين دامعة وقالت..
_ أين هم ؟
_ من يا عمة ؟؟
_ الرجال ..
_ عن أي رجال تتكلمين ..
_ عن كل الرجال ، أصدقائك مثلا أين هم ؟..
_ الدراويش أمثالي يحرسون الحدود ليل نهار ..
_ ممن من العدو ..
_ في الماضي نعم ربما ،أما الآن نحرسها من المهاجرين الغير شرعيين
و نطمع ان يقع بأيدينا بعض المطلوبين ، هذا بالنسبة لنا نحن الجنود هنا ..
_ والكبار يا ولدي أين الكبار ؟؟
_ يعقدون مؤتمرا ً في زنجبار ..
_ لأجلنا، لطرد المحتل ،و الحاق به الهزيمة والعقوبة .
_ علمت انه لتلوث البيئة وطبقة الأوزون المثقوبة..
(البقية في الجزء الثاني ).