من هناك
05-02-2006, 04:54 PM
السلام عليكم، أنا أخوكم محمَّد إمام وخطيب مسجدٍ بالعاصمة الجزائر.
سؤالي: كيف نواجه المتسلِّفين، علماً أنَّهم أخطر جماعةٍ على الإسلام والمسلمين؟
أخي الكريم محمَّد،
أهلاً بك أخاً عزيزا.
لم أفهم ماذا تقصد "بالمتسلِّفين"، هل تعني الجماعة التي تسمىَّ اليوم السلفيِّة أو السلفيِّين نسبةً إلى اتِّباعهم للسلف الصالح أم أنَّ هناك جماعةً أخرى تقصدها؟
في الغالب أنَّك تقصد "السلفيِّين" وهنا اسمح لي أن أختلف معك كثيراً في وصفك لهم.
وقبل أن أعلِّق على كلامك اسمح لي أن أحدِّد أمراً أتمنَّى لو التزم به المسلمون جميعا، وهو أدب الخلاف، وقبول الآخرين، كما علينا –نحن المسلمين- أن نتوقَّف عن جعل بأسنا بيننا شديدا، وألا نترك لهوى النفس والشيطان سبيلاً كي يوغر صدورنا على إخواننا.
أنت تختلف مع السلفيِّين، هذا حقُّك، ولكن ليس من حقِّك أن تصف إخوانك الذين يعملون للإسلام أنَّهم أخطر جماعة على الإسلام.
أنت تسأل كيف تتعامل معهم، هذا حقُّك، ولكن ليس من حقِّك أن توغر صدور المسلمين نحوهم.
لماذا لا يسعنا ما وسع الصحابة في عهد رسول الله تعالى؟ لقد اختلفوا كثيرا، ولكنَّهم أحبُّوا بعضهم أكثر، لقد تناقضوا كثيرا، ولكنَّهم أغلقوا أبواب الشيطان بينهم أكثر، فما بالنا اليوم لا نحذو حذوهم؟؟
يا أخي محمَّد،
أنت إمامٌ وخطيب، إذن فقد أكرمك الله تعالى بالعلم، وخاصَّةً العلم الشرعيّ، فما بالك تنساه؟؟
دعني أذكِّرك بالتالي:
- لمَّا ثارت النعرات بين المهاجرين والأنصار، سمع ذاك النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: "ما بال دعوى جاهلية؟"، قالوا: كسع –أي ضرب- رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: "دعوها فإنَّها منتنة"رواه البخاري ومسلم، فدعنا لا نثير نعرات الجاهليَّة اليوم بين الجماعات الإسلاميَّة اليوم، أي مهاجري وأنصار عصرنا.
- يقول صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمَّتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يدٌ على من سواهم"رواه أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
فلنكن يداً على من سوانا لا علينا، أو حوالينا لا علينا.
فيا أخي الكريم، هؤلاء هم إخوانك مهما اختلفتَ معهم، لا تستغني عنهم ولا يستغنون عنك، فعليك بحديث القلوب.. فهؤلاء هم الدعاة كما يقول الشيخ الكيلاني رحمه الله واصفاً الدعاة: "هم قيامٌ في مقام الدعوة، يدعون الخلق إلى معرفة الحقِّ عزَّ وجلّ، لا يزالون يدعون القلوب".
تعامل بلغة القلوب ثمَّ ابحث عن نقاط الالتقاء بينك وبينهم –وهي كثيرة–، وليعذر بعضكم بعضاً في نقاط الخلاف –وهي قليلة-.
في النفوس شيء.. فلنجلس لنصفِّها:
من اليوم تلاقينا
ونطوي ما جرى منَّا
فلا كان ولا صار
ولا قلتم ولا قلنا
وإن كان ولابدَّ
من العُتبى فبالحسنى
لنجلس لنتعاتب، ولنتصافَ.. وليكن عتابنا أقرب إلى الودّ:
عتِبتم فلم نعلم لحُسْنِ حديثكم.......أذلك عُتْبٌ أم رضىً وتودُّدُ
إنَّ المسلم مهيَّاٌ للغايات العظام، فلا يشغل نفسه بالتوافه، الدعوة هي الغاية الكبرى ومقام الأنبياء، وخلافات الجماعات هي الترَّهات التي لا ينبغي أن تفرِّقنا، والتي هي حظُّ النفوس والشيطان لا شيء آخر.
اجلسوا يا إخواني جميعا، نسِّقوا الأدوار، فلن يَعدَم كلٌّ منكم دوراً دعويَّا يلعبه، ضعوا النقاط فوق الحروف في أسباب الخلاف، حاولوا حلَّها، فإن لم تستطيعوا حلَّها كلَّها، تجاوزوا عمَّا بقي منها، وانظروا للهدف الأسمى قبل المصالح الشخصيَّة، وتذكَّروا أنَّكم دعاةٌ إلى مَن؟؟ إلى الله تعالى، والله تعالى لا يرضى لعباده الذين يقومون مقام الأنبياء أن يكون الخلاف سمتهم.
وما أظنُّ حال أمَّتنا –والجزائر بلدك جرحٌ نازفٌ منها- يقبل أو يتقبَّل أو يتحمَّل الافتراق والتناحر، فيا أخي الكريم بلدك قد أدمى قلوبنا بأحداثه ودمائه التي سالت، وبدلاً من أن نسعى لوقف كلِّ هذا نبحث في القضاء على بعضنا البعض، وإلقاء الاتِّهامات؟!!
قلت في استشارةٍ سابقةٍ وأعيده الآن:
"أما آن للمسلمين أن يعيدوا النظر في "توادِّهم وتراحمهم"؟ أن يعرفوا أولويَّاتهم والمهامَّ الملقاة على عواتقهم، أن يقبلوا الرأي والرأي الآخر؟؟
كلُّ ما أدعو إليه هو: التواصل، التعاون، التراحم، التكامل.
نحن يا إخواننا نلتقي في الغاية السامية "الدعوة إلى الله" مقام الرسل.. فما بالنا نشتغل بالترَّهات، إنَّ الدعاة الحقيقيِّين لا يعرفون لحظِّ النفس طريقا.. فتقرب من الآخرين..أحبَّهم. . صادقهم.. ولا تنس الدعاء بأن يطهِّر الله القلوب.. ويهدِّئ النفوس.. ويجمع الشمل، فيكفي المسلمين تفرقةً وتشرذما".
علَّك أخانا ومن هم مثلك تقرءون هذه الكلمات فتنتبهوا لما غفلتم عنه، وعسى أن يقرأ كلُّ مختلفٍ من الدعاة كلماتنا، فيتصافَوا ويلتقوا، ولُنرسِ مبدأ التعاون بين الدعاة، وهو الذي ينبغي أن يسود بيننا.
بوركتَ يا أخي الشيخ محمَّد، وبورك ممشاك في تأليف القلوب، ووافِنا بالتفاصيل.
http://islamonline.net/Daawa/Arabic/display.asp?hquestionID=747
سؤالي: كيف نواجه المتسلِّفين، علماً أنَّهم أخطر جماعةٍ على الإسلام والمسلمين؟
أخي الكريم محمَّد،
أهلاً بك أخاً عزيزا.
لم أفهم ماذا تقصد "بالمتسلِّفين"، هل تعني الجماعة التي تسمىَّ اليوم السلفيِّة أو السلفيِّين نسبةً إلى اتِّباعهم للسلف الصالح أم أنَّ هناك جماعةً أخرى تقصدها؟
في الغالب أنَّك تقصد "السلفيِّين" وهنا اسمح لي أن أختلف معك كثيراً في وصفك لهم.
وقبل أن أعلِّق على كلامك اسمح لي أن أحدِّد أمراً أتمنَّى لو التزم به المسلمون جميعا، وهو أدب الخلاف، وقبول الآخرين، كما علينا –نحن المسلمين- أن نتوقَّف عن جعل بأسنا بيننا شديدا، وألا نترك لهوى النفس والشيطان سبيلاً كي يوغر صدورنا على إخواننا.
أنت تختلف مع السلفيِّين، هذا حقُّك، ولكن ليس من حقِّك أن تصف إخوانك الذين يعملون للإسلام أنَّهم أخطر جماعة على الإسلام.
أنت تسأل كيف تتعامل معهم، هذا حقُّك، ولكن ليس من حقِّك أن توغر صدور المسلمين نحوهم.
لماذا لا يسعنا ما وسع الصحابة في عهد رسول الله تعالى؟ لقد اختلفوا كثيرا، ولكنَّهم أحبُّوا بعضهم أكثر، لقد تناقضوا كثيرا، ولكنَّهم أغلقوا أبواب الشيطان بينهم أكثر، فما بالنا اليوم لا نحذو حذوهم؟؟
يا أخي محمَّد،
أنت إمامٌ وخطيب، إذن فقد أكرمك الله تعالى بالعلم، وخاصَّةً العلم الشرعيّ، فما بالك تنساه؟؟
دعني أذكِّرك بالتالي:
- لمَّا ثارت النعرات بين المهاجرين والأنصار، سمع ذاك النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: "ما بال دعوى جاهلية؟"، قالوا: كسع –أي ضرب- رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: "دعوها فإنَّها منتنة"رواه البخاري ومسلم، فدعنا لا نثير نعرات الجاهليَّة اليوم بين الجماعات الإسلاميَّة اليوم، أي مهاجري وأنصار عصرنا.
- يقول صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمَّتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يدٌ على من سواهم"رواه أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
فلنكن يداً على من سوانا لا علينا، أو حوالينا لا علينا.
فيا أخي الكريم، هؤلاء هم إخوانك مهما اختلفتَ معهم، لا تستغني عنهم ولا يستغنون عنك، فعليك بحديث القلوب.. فهؤلاء هم الدعاة كما يقول الشيخ الكيلاني رحمه الله واصفاً الدعاة: "هم قيامٌ في مقام الدعوة، يدعون الخلق إلى معرفة الحقِّ عزَّ وجلّ، لا يزالون يدعون القلوب".
تعامل بلغة القلوب ثمَّ ابحث عن نقاط الالتقاء بينك وبينهم –وهي كثيرة–، وليعذر بعضكم بعضاً في نقاط الخلاف –وهي قليلة-.
في النفوس شيء.. فلنجلس لنصفِّها:
من اليوم تلاقينا
ونطوي ما جرى منَّا
فلا كان ولا صار
ولا قلتم ولا قلنا
وإن كان ولابدَّ
من العُتبى فبالحسنى
لنجلس لنتعاتب، ولنتصافَ.. وليكن عتابنا أقرب إلى الودّ:
عتِبتم فلم نعلم لحُسْنِ حديثكم.......أذلك عُتْبٌ أم رضىً وتودُّدُ
إنَّ المسلم مهيَّاٌ للغايات العظام، فلا يشغل نفسه بالتوافه، الدعوة هي الغاية الكبرى ومقام الأنبياء، وخلافات الجماعات هي الترَّهات التي لا ينبغي أن تفرِّقنا، والتي هي حظُّ النفوس والشيطان لا شيء آخر.
اجلسوا يا إخواني جميعا، نسِّقوا الأدوار، فلن يَعدَم كلٌّ منكم دوراً دعويَّا يلعبه، ضعوا النقاط فوق الحروف في أسباب الخلاف، حاولوا حلَّها، فإن لم تستطيعوا حلَّها كلَّها، تجاوزوا عمَّا بقي منها، وانظروا للهدف الأسمى قبل المصالح الشخصيَّة، وتذكَّروا أنَّكم دعاةٌ إلى مَن؟؟ إلى الله تعالى، والله تعالى لا يرضى لعباده الذين يقومون مقام الأنبياء أن يكون الخلاف سمتهم.
وما أظنُّ حال أمَّتنا –والجزائر بلدك جرحٌ نازفٌ منها- يقبل أو يتقبَّل أو يتحمَّل الافتراق والتناحر، فيا أخي الكريم بلدك قد أدمى قلوبنا بأحداثه ودمائه التي سالت، وبدلاً من أن نسعى لوقف كلِّ هذا نبحث في القضاء على بعضنا البعض، وإلقاء الاتِّهامات؟!!
قلت في استشارةٍ سابقةٍ وأعيده الآن:
"أما آن للمسلمين أن يعيدوا النظر في "توادِّهم وتراحمهم"؟ أن يعرفوا أولويَّاتهم والمهامَّ الملقاة على عواتقهم، أن يقبلوا الرأي والرأي الآخر؟؟
كلُّ ما أدعو إليه هو: التواصل، التعاون، التراحم، التكامل.
نحن يا إخواننا نلتقي في الغاية السامية "الدعوة إلى الله" مقام الرسل.. فما بالنا نشتغل بالترَّهات، إنَّ الدعاة الحقيقيِّين لا يعرفون لحظِّ النفس طريقا.. فتقرب من الآخرين..أحبَّهم. . صادقهم.. ولا تنس الدعاء بأن يطهِّر الله القلوب.. ويهدِّئ النفوس.. ويجمع الشمل، فيكفي المسلمين تفرقةً وتشرذما".
علَّك أخانا ومن هم مثلك تقرءون هذه الكلمات فتنتبهوا لما غفلتم عنه، وعسى أن يقرأ كلُّ مختلفٍ من الدعاة كلماتنا، فيتصافَوا ويلتقوا، ولُنرسِ مبدأ التعاون بين الدعاة، وهو الذي ينبغي أن يسود بيننا.
بوركتَ يا أخي الشيخ محمَّد، وبورك ممشاك في تأليف القلوب، ووافِنا بالتفاصيل.
http://islamonline.net/Daawa/Arabic/display.asp?hquestionID=747