مقاوم
04-12-2006, 08:36 AM
الحدود العربية: فلسطيني اطردوه... 'غانية' تفضلي!
نضال الشامي
ماذا لو فتشت عن قلب أي فلسطيني مشرّد؟ و سألته عن حرية تنقله بين البلاد العربية أو العيش فيها؟ أنت إذاً قد نكأت جرحاً وأثرت ألماً وغصّةً. حرقة في القلب ليست من اليهودي مغتصب الأرض، بل من أبناء العروبة وإخوان الدين وحدودهم المقدسة، التي على أعتابها ذاق الفلسطيني مرارة الطرد والإبعاد، وأثارت في نفسه زفرات الألم والقهر.
لكل فلسطيني قصة، ولكل عائلة حكاية عن معاناة مرّت بهم. لا يخلو مجلس من ذكرها حتى تحولت لقاءات الفلسطينيين إلى مجلس عزاء وملتقى للشكوى والمعاناة. الأم مصرية وتسكن في مصر، ولا تستطيع رؤية ابنها من زوجها الفلسطيني الذي يسكن في الخليج .. والقصص كثيرة.
رافعو راية حقوق المرأة، ابتهجوا للقرار في مصر والأردن بحق الحصول على الجنسية لأبناء المواطنات الأردنيات والمصريات المتزوجات من أجانب كما يصفونهم. فرحت به النساء وظننّ أنه النهاية لمعاناتهن، لكن ما لم يعلن من القرار هو استثناء الفلسطيني. فلو كانت الأردنية متزوجة من برازيلي في غابات الأمازون، لحُق لابنها الحصول على الجنسية الأردنية مهما كانت ديانته ولغته، أما أن يكون الأب فلسطينياً من حملة الوثيقة، فهذه جريمةٌ لا تغتفر، وعارٌ لا يغسله وأد الأبناء. ولشدة تعلق الحكومات وحرصها على الآثار، فهي تعتبر الفلسطيني كديناصور يجب المحافظة عليه من الاندثار، ومنعه من التنقل والحركة!
تصر الدول العربية على عدم تجنيس الفلسطيني حفاظاً على بقاء القضية وتنفيذاً لقرارات الجامعة العربية -هذا هو المعلن أمام الشعوب-، أما الحقيقة: فهي الخوف منه والنظر إليه باعتباره صاحب قضية، وكثير الكلام في السياسة، وترى فيه خميرة لحزب سياسي أو مشروع إصلاحي. والمطلوب مواطن بمواصفات الدجاج: من بيته لعمله، وظيفته: تناول العلف وإنتاج البيض والذبح في نهاية المطاف. ثم إن قرارات جامعة الدول العربية تقر بوجوب معاملة الفلسطيني معاملة المواطن.
تمنع دول الخليج -منعاً باتاً- دخول الفلسطيني حامل الوثيقة المصرية. يقول أحد كبار ضباط الجوازات في مطار دبي: ماذا نفعل لو استقر عندنا؟ سنتورط به، ولن نجد بلداً نرحله إليها، فيما لو فكر بالاستقرار عندنا.
يقول هذا في بلد، اللغة العربية هي اللغة الثانية والإسلام هو الدين الثاني، وهي بأمس الحاجة إلى التوازن السكاني. الهندوسي ليس عبئاً هو وبقرته، أما الفلسطيني فلربما تسبب في عجزٍ للموازنة أو إهدارٍ للمال العام؟
ماذا تتوقعون مشاعر هذا الفلسطيني المحتجز في غرفة اللصوص في مطار دبي أو عمان أو القاهرة، وهو يعاد من حيث أتى؟ بينما يرى بأم عينه الأبواب مشرعة لمئات البغايا من مختلف بلاد العالم، يدخلن بلا تأشيرة وبكل ترحاب، أي كره سيعتمل في نفسه؟
إذا كان للتعاسة لون فهو اللون الأزرق، لون وثيقة السفر المصرية الفريدة في التاريخ والجغرافيا في مواصفاتها، فريدة لأنها الوحيدة التي لا تخول صاحبها الدخول إلى ذات البلد الذي أصدر لك هذه الوثيقة، وهي مصر العروبة، ووحيدة أيضاً، لأن مصر هي البلد الوحيد في العالم الذي يعتبر سكان أحد أجزائها لاجئاً يهيم في الأرض. ألم يكن قطاع غزة تحت حكم المصريين منذ انتهاء الانتداب البريطاني؟ ألم يحتل اليهود قطاع غزة من النظام المصري واستلموه مفروشاً؟
المئات من العوائل الفلسطينية هربوا من الحقد الصفوي في العراق، فكانوا كالمستجير بالرمضاء من النار، عالقون على الحدود العراقية الأردنية، لا تسمح لهم عمان بالدخول؟ يسكنون الخيام منذ أشهر في الصحراء ينتظرون فرج الله .. لم يذكرهم إلا منظمات الإغاثة الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش. لا يذكرهم عالم، ولا تتحدث نقابة عن معاناتهم، ولا يكتب عنهم مثقف!
ماذا لو أنهم على حدود دولة أوروبية، كم من جمعية ستتظاهر تضامنا معهم ومطالبة بمعاملتهم معاملة إنسانية؟
عن مجلة العصر
نضال الشامي
ماذا لو فتشت عن قلب أي فلسطيني مشرّد؟ و سألته عن حرية تنقله بين البلاد العربية أو العيش فيها؟ أنت إذاً قد نكأت جرحاً وأثرت ألماً وغصّةً. حرقة في القلب ليست من اليهودي مغتصب الأرض، بل من أبناء العروبة وإخوان الدين وحدودهم المقدسة، التي على أعتابها ذاق الفلسطيني مرارة الطرد والإبعاد، وأثارت في نفسه زفرات الألم والقهر.
لكل فلسطيني قصة، ولكل عائلة حكاية عن معاناة مرّت بهم. لا يخلو مجلس من ذكرها حتى تحولت لقاءات الفلسطينيين إلى مجلس عزاء وملتقى للشكوى والمعاناة. الأم مصرية وتسكن في مصر، ولا تستطيع رؤية ابنها من زوجها الفلسطيني الذي يسكن في الخليج .. والقصص كثيرة.
رافعو راية حقوق المرأة، ابتهجوا للقرار في مصر والأردن بحق الحصول على الجنسية لأبناء المواطنات الأردنيات والمصريات المتزوجات من أجانب كما يصفونهم. فرحت به النساء وظننّ أنه النهاية لمعاناتهن، لكن ما لم يعلن من القرار هو استثناء الفلسطيني. فلو كانت الأردنية متزوجة من برازيلي في غابات الأمازون، لحُق لابنها الحصول على الجنسية الأردنية مهما كانت ديانته ولغته، أما أن يكون الأب فلسطينياً من حملة الوثيقة، فهذه جريمةٌ لا تغتفر، وعارٌ لا يغسله وأد الأبناء. ولشدة تعلق الحكومات وحرصها على الآثار، فهي تعتبر الفلسطيني كديناصور يجب المحافظة عليه من الاندثار، ومنعه من التنقل والحركة!
تصر الدول العربية على عدم تجنيس الفلسطيني حفاظاً على بقاء القضية وتنفيذاً لقرارات الجامعة العربية -هذا هو المعلن أمام الشعوب-، أما الحقيقة: فهي الخوف منه والنظر إليه باعتباره صاحب قضية، وكثير الكلام في السياسة، وترى فيه خميرة لحزب سياسي أو مشروع إصلاحي. والمطلوب مواطن بمواصفات الدجاج: من بيته لعمله، وظيفته: تناول العلف وإنتاج البيض والذبح في نهاية المطاف. ثم إن قرارات جامعة الدول العربية تقر بوجوب معاملة الفلسطيني معاملة المواطن.
تمنع دول الخليج -منعاً باتاً- دخول الفلسطيني حامل الوثيقة المصرية. يقول أحد كبار ضباط الجوازات في مطار دبي: ماذا نفعل لو استقر عندنا؟ سنتورط به، ولن نجد بلداً نرحله إليها، فيما لو فكر بالاستقرار عندنا.
يقول هذا في بلد، اللغة العربية هي اللغة الثانية والإسلام هو الدين الثاني، وهي بأمس الحاجة إلى التوازن السكاني. الهندوسي ليس عبئاً هو وبقرته، أما الفلسطيني فلربما تسبب في عجزٍ للموازنة أو إهدارٍ للمال العام؟
ماذا تتوقعون مشاعر هذا الفلسطيني المحتجز في غرفة اللصوص في مطار دبي أو عمان أو القاهرة، وهو يعاد من حيث أتى؟ بينما يرى بأم عينه الأبواب مشرعة لمئات البغايا من مختلف بلاد العالم، يدخلن بلا تأشيرة وبكل ترحاب، أي كره سيعتمل في نفسه؟
إذا كان للتعاسة لون فهو اللون الأزرق، لون وثيقة السفر المصرية الفريدة في التاريخ والجغرافيا في مواصفاتها، فريدة لأنها الوحيدة التي لا تخول صاحبها الدخول إلى ذات البلد الذي أصدر لك هذه الوثيقة، وهي مصر العروبة، ووحيدة أيضاً، لأن مصر هي البلد الوحيد في العالم الذي يعتبر سكان أحد أجزائها لاجئاً يهيم في الأرض. ألم يكن قطاع غزة تحت حكم المصريين منذ انتهاء الانتداب البريطاني؟ ألم يحتل اليهود قطاع غزة من النظام المصري واستلموه مفروشاً؟
المئات من العوائل الفلسطينية هربوا من الحقد الصفوي في العراق، فكانوا كالمستجير بالرمضاء من النار، عالقون على الحدود العراقية الأردنية، لا تسمح لهم عمان بالدخول؟ يسكنون الخيام منذ أشهر في الصحراء ينتظرون فرج الله .. لم يذكرهم إلا منظمات الإغاثة الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش. لا يذكرهم عالم، ولا تتحدث نقابة عن معاناتهم، ولا يكتب عنهم مثقف!
ماذا لو أنهم على حدود دولة أوروبية، كم من جمعية ستتظاهر تضامنا معهم ومطالبة بمعاملتهم معاملة إنسانية؟
عن مجلة العصر