صلاح الدين يوسف
04-05-2006, 12:55 AM
سوسو لن ينافق.(هدية للكذابين و المنافقين)
بينما كان سوسو يدق أبواب المستقبل بحثاً عن الشهرة والغنى، يلج كل طريق يوصله إلى ذلك؛ فهو رجل موهوب يجيد الغناء والعزف، ويلهم ألحاناً عذبة تجعل من الساكن متحركاً، إلا أن صاحبنا غير موفق في أعماله فكلما فتح باباً غلقت دونه أبواب، وكلما ولج طريقاً وجد نفسه أمام موجات سراب.
وهكذا أخذ صاحبنا يشعر بالحزن والاكتئاب، ويتراجع شيئاً فشيئاً حتى كاد يختنق من الغيظ والألم، ولكنه لم يفقد الأمل فأخذ يفكر ويفكر في خروجه من مأزقه، كيف يدخل الدنيا من أوسع أبوابها؟ كيف يصبح غنيا مشهوراً؟ متى يشار إليه بالبنان؟ أفكار كثيرة تراود صاحبنا سوسو إلا أنه لم يجد لها أي أجوبة، ولم يهتد إلى أي سبيل، ولم يجد سوسو أمامه سوى التوجه إلى الله سبحانه بالدعاء والتضرع فهو القادر على حل مشاكل سوسو.
وما كان من سوسو إلا التوجه إلى أحد المساجد ليدعو الله سبحانه أن يوفقه في أعماله ويحقق له آماله، سوسو يدخل المسجد في خشوع، يجلس متربعاً رافعاً يديه إلى السماء قائلاً: اللهم وفقني وحبب الناس في مواهبي، واجعلني خير عازف ومطرب، اللهم وفقني إلى أجمل الألحان واجعل صوتي من أحسن الأصوات...!! وهكذا يجتهد سوسو بالدعاء بالطريقة التي يراها مناسبة وإذ به يفاجئ بشيخ السلطان واقفاً على رأسه.
شيخ السلطان: ماذا تفعل يا سوسو؟
سوسو: كما ترى يا سيدي أدعو الله.
شيخ السلطان: وما بك يا بني؟
سوسو: يا سيدي الشيخ أنا رجل موهوب، ولكني غير موفق في أعمالي، فكلما فتحت باباً غلقت دوني أبواب.
شيخ السلطان: وما مجال عملك يا سوسو؟
سوسو : مطرب يا سيدي .
شيخ السلطان: مطرب.. حسناً فقد أباح الغناء بعض العلماء.
سوسو: أرجوك ساعدني يا سيدي.
شيخ السلطان مندهشاً: وبماذا أساعدك يا سوسو؟
سوسو: بأي شيء يا سيدي الشيخ .
يقف الشيخ حائراً قائلاً لنفسه: وماذا بوسعي أن أساعد هذا المعتوه؟؟ شيخ السلطان يفكر ويفكر ثم يصرخ قائلاً: وجدتها يا سوسو، وجدتها يا سوسو...
سوسو مبتسماً مسروراً: كيف يا سيدي كيف يا سيدي؟
شيخ السلطان: ألم تقل يا سوسو بأنك مطرب؟
سوسو: نعم يا سيدي.
شيخ السلطان: إذن سوف تغني للسلطان وعندها ترقص لك الدنيا بأسرها.
سوسو- مندهشاً-: ولكن كيف سأصل للسلطان يا سيدي؟
شيخ السلطان: لا عليك يا سوسو أنا سأوصلك للسلطان، وما عليك هو أن تذهب وتجهز أغنية جميلة تغنيها للسلطان بأعذب الألحان.
سوسو: بالطبع يا سيدي سأفعل، سأفعل كل ما بوسعي من أجل السلطان.
شيخ السلطان: ولكن لا تنس يا سوسو بأني صاحب فضل عليك، ولا بد من أن آخذ نصيبي مما يعطيك إياه السلطان وإلا ...
سوسو: بالطبع يا سيدي بالطبع فأنا لن أنسى فضلك علي أبداً.
شيخ السلطان: حسناً يا سوسو إذهب وجهز اللحن.
سوسو يذهب مسرعاً إلى البيت ويمسك بطنبوره، ويأخذ يجتهد بالتأليف واللحن، يثبت هذه الجملة ويشطب تلك، يعجبه هذا اللحن ولا يعجبه ذاك، وهكذا تمر الساعات وسوسو لا زال منشغلاً قد فارق النوم عينيه، وشغل الأمل فكره حتى خرج عليه الصباح وهو سعيد بالأغنية التي لحنها للسلطان.
سوسو يخرج من بيته مسرعاً ومعه اللحن، يركض سوسو كي يدرك شيخ السلطان قبل خروجه، يصل سوسو بيت شيخ السلطان منهكاً وهو يقول بصوت عال : سيدي الشيخ ها انا قد أتيت ومعي أجمل أغنية.
شيخ السلطان: عظيم يا سوسو حقاً أنك ماهر وموهوب، هيا اسمعني تلك الأغنية الجميلة.
سوسو يمسك بطنبوره ويأخذ يغني تلك الكلمات التي لحنها للسلطان:
يــا أيـها المليك آن النـهوض فاحـمـل الســلاح واقــتل اليهــود
من عـاث في الأرض فسادا وأظـــهر الحــقد وخــان الـعـهـود
ولا تـنس أـبدا جـــرم قــــوم هدّموا الـعراق واكثـروا الجـحــود
وتبجحوا فوق الديار تكــبـرا وامضوا إلــى اليـــهود العــقــــود
وحاربوا كــل خــير وعــدل وجيــشوا ضــد أقوامـنا الحـشـود
ليهدموا بزعمهم شريعة رب ارتضاها للـنــاس ديــناً وحــدودا
وإياك وبطـانة ســوء تهـــدم صــــروح نـــور ومـجد جــــدود
واقتلنّ بمهند حق كـل منافـق شايع اليهود ومنحهم ذل السـجود
وارفعنّ رايــة الحق عــالـيـة فوق الأقــصى وابـقِ الـصــعود
وما أن أنهى سوسو أغنيته حتى صاح شيخ السلطان من شدة الغضب قائلاً: يخرب بيتك يا سوسو، يخرب بيتك يا سوسو، ما هذه السخافات، ما هذه الحماقات، ما هذه الخزعبلات، أتريد ان تخرب بيوتنا بجهلك يا سوسو؟؟
سوسو: ولم يا سيدي الشيخ إنها كلمات جميلة تشجعه على الجهاد في سبيل الله .
شيخ السلطان: جهاد جهاد، اسكت يا سوسو اسكت، حسبتك عاقلاً تعرف مصلحتك، ولكن يبدو انك سوف تظل فاشلاً.
سوسو- بحزن-: ماذا أفعل يا شيخ علمني أرجوك.
شيخ السلطان: حسنا يا سوسو أما لو أنك قلت في أغنيتك:
يا خير مــن عــرف الــوجــــود يــا مــن بدمــه للـحــق يــجــود
رفعت فينا منار عـدل وشــــرع وهدّمت صوامع الكفر والجحود
وأرويـــت ظمـأ الــيتيم عــــــزا وأغنيت الفقير وأوفيت الــعهـود
العلم في رحـاب عــدلك ســـائـد والظــلم ذلــيل أنـهـكــته القيــود
فـأنت فيـنـا رســــول رحــمــــة وأنـت ملــيك جــللـته الـجـهــود
وأنـت ملـيـك ملـحـــمـة عــــدل إذا جــد جــدك الكــون تــســـود
لا تخف عدواً ولا تخـش مـنيــة فـقومك خـلفـــك كــلهـــم أســـود
قـــد احـنــوا الجــبـــاه مــــذلــة تحــت قدمــيك فعندهـما الســعود
وانقادوا لأمرك ليس فيهم معاند فنعمت قائـداً وفــاز مــن تــقـــود
سوسو: ولكن يا سيدي هذا كذب ونفاق.
شيخ السلطان: ماذا تقول يا هذا؟ كذب ونفاق، إذن كيف تضحك لك الدنيا وتصبح غنياً مشهوراً؟
سوسو: أصبح غنياً مشهوراً بالكذب والنفاق، لا يا سيدي، سوسو لن يفعل ذلك، الفقر خير لي من الكذب والنفاق.
سوسو يخرج من بيت شيخ السلطان مرددا بصوت عال:
سوسو لن ينافق... سوسو لن ينافق... سوسو لن ينافق.
بينما كان سوسو يدق أبواب المستقبل بحثاً عن الشهرة والغنى، يلج كل طريق يوصله إلى ذلك؛ فهو رجل موهوب يجيد الغناء والعزف، ويلهم ألحاناً عذبة تجعل من الساكن متحركاً، إلا أن صاحبنا غير موفق في أعماله فكلما فتح باباً غلقت دونه أبواب، وكلما ولج طريقاً وجد نفسه أمام موجات سراب.
وهكذا أخذ صاحبنا يشعر بالحزن والاكتئاب، ويتراجع شيئاً فشيئاً حتى كاد يختنق من الغيظ والألم، ولكنه لم يفقد الأمل فأخذ يفكر ويفكر في خروجه من مأزقه، كيف يدخل الدنيا من أوسع أبوابها؟ كيف يصبح غنيا مشهوراً؟ متى يشار إليه بالبنان؟ أفكار كثيرة تراود صاحبنا سوسو إلا أنه لم يجد لها أي أجوبة، ولم يهتد إلى أي سبيل، ولم يجد سوسو أمامه سوى التوجه إلى الله سبحانه بالدعاء والتضرع فهو القادر على حل مشاكل سوسو.
وما كان من سوسو إلا التوجه إلى أحد المساجد ليدعو الله سبحانه أن يوفقه في أعماله ويحقق له آماله، سوسو يدخل المسجد في خشوع، يجلس متربعاً رافعاً يديه إلى السماء قائلاً: اللهم وفقني وحبب الناس في مواهبي، واجعلني خير عازف ومطرب، اللهم وفقني إلى أجمل الألحان واجعل صوتي من أحسن الأصوات...!! وهكذا يجتهد سوسو بالدعاء بالطريقة التي يراها مناسبة وإذ به يفاجئ بشيخ السلطان واقفاً على رأسه.
شيخ السلطان: ماذا تفعل يا سوسو؟
سوسو: كما ترى يا سيدي أدعو الله.
شيخ السلطان: وما بك يا بني؟
سوسو: يا سيدي الشيخ أنا رجل موهوب، ولكني غير موفق في أعمالي، فكلما فتحت باباً غلقت دوني أبواب.
شيخ السلطان: وما مجال عملك يا سوسو؟
سوسو : مطرب يا سيدي .
شيخ السلطان: مطرب.. حسناً فقد أباح الغناء بعض العلماء.
سوسو: أرجوك ساعدني يا سيدي.
شيخ السلطان مندهشاً: وبماذا أساعدك يا سوسو؟
سوسو: بأي شيء يا سيدي الشيخ .
يقف الشيخ حائراً قائلاً لنفسه: وماذا بوسعي أن أساعد هذا المعتوه؟؟ شيخ السلطان يفكر ويفكر ثم يصرخ قائلاً: وجدتها يا سوسو، وجدتها يا سوسو...
سوسو مبتسماً مسروراً: كيف يا سيدي كيف يا سيدي؟
شيخ السلطان: ألم تقل يا سوسو بأنك مطرب؟
سوسو: نعم يا سيدي.
شيخ السلطان: إذن سوف تغني للسلطان وعندها ترقص لك الدنيا بأسرها.
سوسو- مندهشاً-: ولكن كيف سأصل للسلطان يا سيدي؟
شيخ السلطان: لا عليك يا سوسو أنا سأوصلك للسلطان، وما عليك هو أن تذهب وتجهز أغنية جميلة تغنيها للسلطان بأعذب الألحان.
سوسو: بالطبع يا سيدي سأفعل، سأفعل كل ما بوسعي من أجل السلطان.
شيخ السلطان: ولكن لا تنس يا سوسو بأني صاحب فضل عليك، ولا بد من أن آخذ نصيبي مما يعطيك إياه السلطان وإلا ...
سوسو: بالطبع يا سيدي بالطبع فأنا لن أنسى فضلك علي أبداً.
شيخ السلطان: حسناً يا سوسو إذهب وجهز اللحن.
سوسو يذهب مسرعاً إلى البيت ويمسك بطنبوره، ويأخذ يجتهد بالتأليف واللحن، يثبت هذه الجملة ويشطب تلك، يعجبه هذا اللحن ولا يعجبه ذاك، وهكذا تمر الساعات وسوسو لا زال منشغلاً قد فارق النوم عينيه، وشغل الأمل فكره حتى خرج عليه الصباح وهو سعيد بالأغنية التي لحنها للسلطان.
سوسو يخرج من بيته مسرعاً ومعه اللحن، يركض سوسو كي يدرك شيخ السلطان قبل خروجه، يصل سوسو بيت شيخ السلطان منهكاً وهو يقول بصوت عال : سيدي الشيخ ها انا قد أتيت ومعي أجمل أغنية.
شيخ السلطان: عظيم يا سوسو حقاً أنك ماهر وموهوب، هيا اسمعني تلك الأغنية الجميلة.
سوسو يمسك بطنبوره ويأخذ يغني تلك الكلمات التي لحنها للسلطان:
يــا أيـها المليك آن النـهوض فاحـمـل الســلاح واقــتل اليهــود
من عـاث في الأرض فسادا وأظـــهر الحــقد وخــان الـعـهـود
ولا تـنس أـبدا جـــرم قــــوم هدّموا الـعراق واكثـروا الجـحــود
وتبجحوا فوق الديار تكــبـرا وامضوا إلــى اليـــهود العــقــــود
وحاربوا كــل خــير وعــدل وجيــشوا ضــد أقوامـنا الحـشـود
ليهدموا بزعمهم شريعة رب ارتضاها للـنــاس ديــناً وحــدودا
وإياك وبطـانة ســوء تهـــدم صــــروح نـــور ومـجد جــــدود
واقتلنّ بمهند حق كـل منافـق شايع اليهود ومنحهم ذل السـجود
وارفعنّ رايــة الحق عــالـيـة فوق الأقــصى وابـقِ الـصــعود
وما أن أنهى سوسو أغنيته حتى صاح شيخ السلطان من شدة الغضب قائلاً: يخرب بيتك يا سوسو، يخرب بيتك يا سوسو، ما هذه السخافات، ما هذه الحماقات، ما هذه الخزعبلات، أتريد ان تخرب بيوتنا بجهلك يا سوسو؟؟
سوسو: ولم يا سيدي الشيخ إنها كلمات جميلة تشجعه على الجهاد في سبيل الله .
شيخ السلطان: جهاد جهاد، اسكت يا سوسو اسكت، حسبتك عاقلاً تعرف مصلحتك، ولكن يبدو انك سوف تظل فاشلاً.
سوسو- بحزن-: ماذا أفعل يا شيخ علمني أرجوك.
شيخ السلطان: حسنا يا سوسو أما لو أنك قلت في أغنيتك:
يا خير مــن عــرف الــوجــــود يــا مــن بدمــه للـحــق يــجــود
رفعت فينا منار عـدل وشــــرع وهدّمت صوامع الكفر والجحود
وأرويـــت ظمـأ الــيتيم عــــــزا وأغنيت الفقير وأوفيت الــعهـود
العلم في رحـاب عــدلك ســـائـد والظــلم ذلــيل أنـهـكــته القيــود
فـأنت فيـنـا رســــول رحــمــــة وأنـت ملــيك جــللـته الـجـهــود
وأنـت ملـيـك ملـحـــمـة عــــدل إذا جــد جــدك الكــون تــســـود
لا تخف عدواً ولا تخـش مـنيــة فـقومك خـلفـــك كــلهـــم أســـود
قـــد احـنــوا الجــبـــاه مــــذلــة تحــت قدمــيك فعندهـما الســعود
وانقادوا لأمرك ليس فيهم معاند فنعمت قائـداً وفــاز مــن تــقـــود
سوسو: ولكن يا سيدي هذا كذب ونفاق.
شيخ السلطان: ماذا تقول يا هذا؟ كذب ونفاق، إذن كيف تضحك لك الدنيا وتصبح غنياً مشهوراً؟
سوسو: أصبح غنياً مشهوراً بالكذب والنفاق، لا يا سيدي، سوسو لن يفعل ذلك، الفقر خير لي من الكذب والنفاق.
سوسو يخرج من بيت شيخ السلطان مرددا بصوت عال:
سوسو لن ينافق... سوسو لن ينافق... سوسو لن ينافق.