fakher
03-14-2006, 02:44 PM
أرقام <<عاطفية>> للمتظاهرين برغم وجود الخرائط:
ضحى شمس
هل تعلمون، لو صدق ما قاله وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت، بأن مليوناً و.. خمسين ألفاً تظاهروا يوم 14 شباط الماضي، ما قد يعنيه ذلك ميدانياً؟ خصوصاً في ظل ما أكدّه دولة الرئيس فؤاد السنيورة بأن هذا العدد يشكل.. 22 بالمئة من عدد اللبنانيين؟ هل تعلمون ما يعنيه ان يكون 22 من المواطنين اللبنانيين، الذين أستنتجنا بالتالي أن عددهم هو أربعة ملايين و 200 ألف، أن يكونوا موجودين في المكان نفسه في الوقت ذاته وما هي المساحة التي يحتاجون إليها لذلك؟
ومع انها عملية حسابية بسيطة إلا ان الجميع تواطأ على تجاهلها، في ظل أرقام عاطفية كانت تطلق من هنا ومن هناك ووجد اهل الإعلام انفسهم مجبرين على التعاطي معها.
فطريقة حساب التظاهرات في الغرب، معروفة لجميع وكالات الأنباء وهي هينة وسهلة خصوصا عندما تكون التظاهرة محتشدة في نقطة محددة معروفة المساحة وبالتالي.. السعة. لأن التظاهرات الأكثر احتشاداً (وهي في حالات النزوح او الحرائق) تحسب بمعدل اربعة أشخاص في المتر المربع الواحد. فإلى كم من الامتار يحتاج مليون وخمسون ألفا <<في ساحة الشهداء قبيل بدء الاحتفال، ولا يزال هناك عشرات الآلاف وربما اكثر بين ساحة الشهداء وكل المسارات الاساسية>>، كما اوردت كلام فتفت الوكالة الوطنية للإعلام؟
وبما أن لدينا رقماً <<دقيقاً>>، فلنستفد منه. إلى كم من الأمتار يحتاج مليون وخمسون ألف مواطن محتشدون؟ إن قسمنا مليوناً وخمسين ألف على اربعة اشخاص (السعة القصوى في المتر المربع) يتبدى لنا أن التظاهرة بحاجة الى 2500125 مترا مربعا (مئتين وخمسين ألفاً ومئة وخمسة وعشرين مترا مربعا) في مساحة تبلغ في حدها الأقصى 72 ألف متر مربع.
ولنأخذ الأمر عبر طريقة اخرى في الحساب معتمدين على رقم صحيح ودقيق قمنا، بالتعاون مع مختصين بالمساحة ورسامي خرائط محايدين، بقياسه استناداً الى خرائط للسوليدير غاية في الدقة. وهو الرقم 72 ألف متر مربع، كما أسلفنا المساحة التقريبية للبقعة التي نتحدث عنها (لكوننا لم نطرح من المجموع مساحة المطاعم والبنايات) وقسمنا عدد مليون وخمسين ألف متظاهر الذي ننطلق مرة اخرى منه فهو صادر عن مصدر رسمي ولو بالوكالة على 72 ألف متر مربع فعلى ماذا نحصل؟ انه في المتر المربع كان هناك ما لا يقل عن 13 شخصاً فاصلة 889583 ولنقل اربعة عشر شخصاً و.. كسور في المتر المربع الواحد. فهل هذا معقول؟ وهل كانت التظاهرة ثلاثة طوابق على الأقل ام طابقين و.. باركينغ؟
تواطؤ <<عاطفي>> أم ضغوط؟
من الثابت إذاً في ظل الحسابات التي قدمناها هنا، أن نستنتج انه كان هناك.. لنقل <<انعدام>> الرغبة الشديدة للقيام بحساب الرقم. وبما ان من غير الممكن ان تورد أربع وكالات انباء عالمية أرقاما يبلغ أكثرها تواضعاً، وهو رقم <<رويترز>>... نصف مليون (أي سبعة أشخاص ونصف الى ثمانية في المتر المربع)، فإن من الطبيعي لأي مراقب محايد لوسائل الإعلام أن يشتبه بارتباك ما شاب أداءها منذ اغتيال الحريري واجتياح الناس للساحات في سابقة لم تحصل إلا نادراً.
بعد الانطلاق من هذه الثابتة، يمكن التكهن بالأسباب. ولو أننا نعرف بشكل <<غير رسمي>> بعضها. ف<<التكاسل>> عن العملية الحسابية كان إما لأسباب.. <<عاطفية>> بالمعنى الطائفي، أو <<تعاطفية>> بالمعنى <<الأيديولوجي>>، او خضوعاً واستهابة <<لاتصالات>> من ذوي <<الدالة>> في المؤسسات الأمنية، او.. لمجرد التسابق مع بقية وكالات الأنباء. فعندما تختلف وكالات الأنباء وتورد إحداها رقماً كبيراً، تبدأ الاتصالات من مكاتب الوكالات المنافسة الرئيسية في الخارج الى مراسليها، حيث لم يكن المكتب الرئيس في برلين مثلاً يفهم، كيف ان العدد الذي تقدمه مراسلته في بيروت أدنى من.. المصدر الرسمي المفروض انه ضد المتظاهرين! كيف تفسر لرئيسك ان تيار السلطة هو من ينظم التظاهرة؟ لماذا تتظاهر السلطة؟ سيسألك. ولن يفهم. وتحت ضغط الأخبار في يوم مثل هذا، ربما، ستقدم له الرقم الذي يريد وتريّح رأسك؟
هذا إذا اختلفت الوكالات، أما حين تتفق وفق ما شرحناه على رقم <<زجلي>>؟ فهنا الطامة الكبرى: فالرقم ستتبناه كل وسائل الإعلام حتى المتضررة والتي تتبع لأيديولوجيا منافسه، وذلك خوفاً من اتهامها بالغرضية واللاموضوعية! وهي ان حاولت التخفيف من الرقم فإنها لا تجرؤ على <<حسومات>> كبيرة. ونبقى في حيز غير الحقيقي. وعندما تتفق وكالات الإعلام على رقم خيالي؟ تتبناه وسائل الإعلام كافة، فيصبح <<معلومة>> وتورده الجرائد، وهي كتب التاريخ المستقبلية، ويبنى عليه بالسياسة. وأي بناء!!
<<فتش عن الوكالة>> وأرقامها
ولأن أساس الأخبار ياتي من وكالات الأنباء، بمراسليها الميدانيين ومحرريها على <<الدسك>> كما يقال، ومصوريها الذين لهم تقديراتهم الميدانية أيضاً ، لذلك كله، بدأنا جولة على وكالات الانباء الرئيسية العاملة في لبنان لنفهم منهم كيف توصلوا الى الأرقام المليونية التي اوردوها في اخبارهم.. ففي الأساس كانت الوكالة. <<فتش عن الوكالة>> يكاد يقول المثل.
فماذا أوردت وكالات الأنباء، وكيف تبنت الأرقام التي أوردتها.
<<مليون لبناني يطالبون رئيسهم بالاستقالة>> عنونت وكالة <<يو بي آي>> للأنباء تغطيتها لتظاهرة 14 شباط الماضي، أما <<دي بي آي>> الوكالة الألمانية فقد قالت ان <<العاصمة اللبنانية بدت كأنها اليوم الثلاثاء (14 شباط) بحر من الامواج الحمراء والبيضاء عندما احتشد ما يصل الى مليون شخص لإحياء الذكرى الأولى لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري>>. انفلونزا <<الملايين>> أصابت بدورها وكالة الصحافة الفرنسية التي عنونت في آخر تحديث لخبر تغطيتها <<مليون لبناني أحيوا الذكرى الاولى لاغتيال الحريري مؤكدين تمسكهم بالوحدة الوطنية>>، أما وكالة رويترز، فبعد ان قدرت العدد اول النهار بمئتين وخمسين ألفاً، رفعت هذا العدد الى سبعمئة وخمسن ألفاً لتعود فتتراجع عنه في آخر تحديث لخبرها التاسعة ليلاً فتقول <<نصف مليون لبناني (على الأقل) يتظاهرون في الذكرى الأولى لاغتيال الحريري>>. أما الأسوشيتد برس، وعلى الرغم من أنها <<تجاهلت>> الرقم <<العاطفي>> لوزير الداخلية.. تماماً، فهي تأثرت بدورها بوباء الملايين ولو انه خففته الى.. ثمانمئة ألف متظاهر، الرقم ذاته الذي اوردته في 14 آذار 2005!! بالطبع لن نضرب مثال الوكالة الوطنية للإعلام، التي ربما كانت المثال الأبرز على ان <<الرقم في لبنان مسألة رأي>> حسب مقولة شهيرة للرئيس سليم الحص. فقد اوردت الوكالة الوطنية الخبر على الشكل التالي <<تدفق اللبنانيون الى ساحة الحرية شلالا هادرا من مختلف المناطق لتأكيد الوحدة الوطنية. اليوم تجمع أكثر من مليون لبناني في ساحة الحرية.. الخ>>.
ضحى شمس
هل تعلمون، لو صدق ما قاله وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت، بأن مليوناً و.. خمسين ألفاً تظاهروا يوم 14 شباط الماضي، ما قد يعنيه ذلك ميدانياً؟ خصوصاً في ظل ما أكدّه دولة الرئيس فؤاد السنيورة بأن هذا العدد يشكل.. 22 بالمئة من عدد اللبنانيين؟ هل تعلمون ما يعنيه ان يكون 22 من المواطنين اللبنانيين، الذين أستنتجنا بالتالي أن عددهم هو أربعة ملايين و 200 ألف، أن يكونوا موجودين في المكان نفسه في الوقت ذاته وما هي المساحة التي يحتاجون إليها لذلك؟
ومع انها عملية حسابية بسيطة إلا ان الجميع تواطأ على تجاهلها، في ظل أرقام عاطفية كانت تطلق من هنا ومن هناك ووجد اهل الإعلام انفسهم مجبرين على التعاطي معها.
فطريقة حساب التظاهرات في الغرب، معروفة لجميع وكالات الأنباء وهي هينة وسهلة خصوصا عندما تكون التظاهرة محتشدة في نقطة محددة معروفة المساحة وبالتالي.. السعة. لأن التظاهرات الأكثر احتشاداً (وهي في حالات النزوح او الحرائق) تحسب بمعدل اربعة أشخاص في المتر المربع الواحد. فإلى كم من الامتار يحتاج مليون وخمسون ألفا <<في ساحة الشهداء قبيل بدء الاحتفال، ولا يزال هناك عشرات الآلاف وربما اكثر بين ساحة الشهداء وكل المسارات الاساسية>>، كما اوردت كلام فتفت الوكالة الوطنية للإعلام؟
وبما أن لدينا رقماً <<دقيقاً>>، فلنستفد منه. إلى كم من الأمتار يحتاج مليون وخمسون ألف مواطن محتشدون؟ إن قسمنا مليوناً وخمسين ألف على اربعة اشخاص (السعة القصوى في المتر المربع) يتبدى لنا أن التظاهرة بحاجة الى 2500125 مترا مربعا (مئتين وخمسين ألفاً ومئة وخمسة وعشرين مترا مربعا) في مساحة تبلغ في حدها الأقصى 72 ألف متر مربع.
ولنأخذ الأمر عبر طريقة اخرى في الحساب معتمدين على رقم صحيح ودقيق قمنا، بالتعاون مع مختصين بالمساحة ورسامي خرائط محايدين، بقياسه استناداً الى خرائط للسوليدير غاية في الدقة. وهو الرقم 72 ألف متر مربع، كما أسلفنا المساحة التقريبية للبقعة التي نتحدث عنها (لكوننا لم نطرح من المجموع مساحة المطاعم والبنايات) وقسمنا عدد مليون وخمسين ألف متظاهر الذي ننطلق مرة اخرى منه فهو صادر عن مصدر رسمي ولو بالوكالة على 72 ألف متر مربع فعلى ماذا نحصل؟ انه في المتر المربع كان هناك ما لا يقل عن 13 شخصاً فاصلة 889583 ولنقل اربعة عشر شخصاً و.. كسور في المتر المربع الواحد. فهل هذا معقول؟ وهل كانت التظاهرة ثلاثة طوابق على الأقل ام طابقين و.. باركينغ؟
تواطؤ <<عاطفي>> أم ضغوط؟
من الثابت إذاً في ظل الحسابات التي قدمناها هنا، أن نستنتج انه كان هناك.. لنقل <<انعدام>> الرغبة الشديدة للقيام بحساب الرقم. وبما ان من غير الممكن ان تورد أربع وكالات انباء عالمية أرقاما يبلغ أكثرها تواضعاً، وهو رقم <<رويترز>>... نصف مليون (أي سبعة أشخاص ونصف الى ثمانية في المتر المربع)، فإن من الطبيعي لأي مراقب محايد لوسائل الإعلام أن يشتبه بارتباك ما شاب أداءها منذ اغتيال الحريري واجتياح الناس للساحات في سابقة لم تحصل إلا نادراً.
بعد الانطلاق من هذه الثابتة، يمكن التكهن بالأسباب. ولو أننا نعرف بشكل <<غير رسمي>> بعضها. ف<<التكاسل>> عن العملية الحسابية كان إما لأسباب.. <<عاطفية>> بالمعنى الطائفي، أو <<تعاطفية>> بالمعنى <<الأيديولوجي>>، او خضوعاً واستهابة <<لاتصالات>> من ذوي <<الدالة>> في المؤسسات الأمنية، او.. لمجرد التسابق مع بقية وكالات الأنباء. فعندما تختلف وكالات الأنباء وتورد إحداها رقماً كبيراً، تبدأ الاتصالات من مكاتب الوكالات المنافسة الرئيسية في الخارج الى مراسليها، حيث لم يكن المكتب الرئيس في برلين مثلاً يفهم، كيف ان العدد الذي تقدمه مراسلته في بيروت أدنى من.. المصدر الرسمي المفروض انه ضد المتظاهرين! كيف تفسر لرئيسك ان تيار السلطة هو من ينظم التظاهرة؟ لماذا تتظاهر السلطة؟ سيسألك. ولن يفهم. وتحت ضغط الأخبار في يوم مثل هذا، ربما، ستقدم له الرقم الذي يريد وتريّح رأسك؟
هذا إذا اختلفت الوكالات، أما حين تتفق وفق ما شرحناه على رقم <<زجلي>>؟ فهنا الطامة الكبرى: فالرقم ستتبناه كل وسائل الإعلام حتى المتضررة والتي تتبع لأيديولوجيا منافسه، وذلك خوفاً من اتهامها بالغرضية واللاموضوعية! وهي ان حاولت التخفيف من الرقم فإنها لا تجرؤ على <<حسومات>> كبيرة. ونبقى في حيز غير الحقيقي. وعندما تتفق وكالات الإعلام على رقم خيالي؟ تتبناه وسائل الإعلام كافة، فيصبح <<معلومة>> وتورده الجرائد، وهي كتب التاريخ المستقبلية، ويبنى عليه بالسياسة. وأي بناء!!
<<فتش عن الوكالة>> وأرقامها
ولأن أساس الأخبار ياتي من وكالات الأنباء، بمراسليها الميدانيين ومحرريها على <<الدسك>> كما يقال، ومصوريها الذين لهم تقديراتهم الميدانية أيضاً ، لذلك كله، بدأنا جولة على وكالات الانباء الرئيسية العاملة في لبنان لنفهم منهم كيف توصلوا الى الأرقام المليونية التي اوردوها في اخبارهم.. ففي الأساس كانت الوكالة. <<فتش عن الوكالة>> يكاد يقول المثل.
فماذا أوردت وكالات الأنباء، وكيف تبنت الأرقام التي أوردتها.
<<مليون لبناني يطالبون رئيسهم بالاستقالة>> عنونت وكالة <<يو بي آي>> للأنباء تغطيتها لتظاهرة 14 شباط الماضي، أما <<دي بي آي>> الوكالة الألمانية فقد قالت ان <<العاصمة اللبنانية بدت كأنها اليوم الثلاثاء (14 شباط) بحر من الامواج الحمراء والبيضاء عندما احتشد ما يصل الى مليون شخص لإحياء الذكرى الأولى لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري>>. انفلونزا <<الملايين>> أصابت بدورها وكالة الصحافة الفرنسية التي عنونت في آخر تحديث لخبر تغطيتها <<مليون لبناني أحيوا الذكرى الاولى لاغتيال الحريري مؤكدين تمسكهم بالوحدة الوطنية>>، أما وكالة رويترز، فبعد ان قدرت العدد اول النهار بمئتين وخمسين ألفاً، رفعت هذا العدد الى سبعمئة وخمسن ألفاً لتعود فتتراجع عنه في آخر تحديث لخبرها التاسعة ليلاً فتقول <<نصف مليون لبناني (على الأقل) يتظاهرون في الذكرى الأولى لاغتيال الحريري>>. أما الأسوشيتد برس، وعلى الرغم من أنها <<تجاهلت>> الرقم <<العاطفي>> لوزير الداخلية.. تماماً، فهي تأثرت بدورها بوباء الملايين ولو انه خففته الى.. ثمانمئة ألف متظاهر، الرقم ذاته الذي اوردته في 14 آذار 2005!! بالطبع لن نضرب مثال الوكالة الوطنية للإعلام، التي ربما كانت المثال الأبرز على ان <<الرقم في لبنان مسألة رأي>> حسب مقولة شهيرة للرئيس سليم الحص. فقد اوردت الوكالة الوطنية الخبر على الشكل التالي <<تدفق اللبنانيون الى ساحة الحرية شلالا هادرا من مختلف المناطق لتأكيد الوحدة الوطنية. اليوم تجمع أكثر من مليون لبناني في ساحة الحرية.. الخ>>.