رقية
06-09-2002, 09:01 PM
للعمره
* إذا أراد المسلم أن يُحرم بالعمرة فالمشروع بداية أن يحرم من الميقات المحدد له، ثم يتجرد من ثيابه ويغتسل كما يغتسل من الجنابة، والاغتسال عند الإحرام سُنة في حق الرجال والنساء حتى الحائض والنفساء.
ثم بعد الاغتسال يلبس ثياب الإحرام ويلف رداءه على كتفه، ولا يُخرج الكتف الأيمن إلا في طواف القدوم، ثم يُصلي (غير الحائض والنفساء) الفريضة إن كان وقت فريضة، وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سُنة الوضوء، وإن لم يُصل فلا حرج.
* إذا فرغ من الصلاة أحرم وقال: لبيك عُمرة،يحظر عليه بعد الإحرام، الطيب، والنساء،ولبس المخيط ،والأخذ من شعر الجسم، ثم يقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك، لا شريك لك يرفع الرجل صوته بذلك، والمرأة تقوله بقدر ما يسمع من بجنبها.
وينبغي للمُحرم بالعمرة أن يُكثر من التلبية ( خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان، مثل أن يعلو مرتفعاً، أو ينزل منخفضاً، أو يُقبل الليل أو النهار، وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة، ويستعيذ برحمته من النار ) إلى أن يبتدئ بالطواف.
* إذا دخل المسجد الحرام، قدم رجله اليمنى وقال: (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم).
* ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف، فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله، فإن لم يتيسر استلامه بيده فإنه يستقبل الحجر، ويُشير إليه بيده اليمنى إشارة ولا يُقبل يده .
والأفضل ألا يزاحم فيؤذي الناس أويتأذى بهم. ويقول عند استلام الحجر: (بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسُنة نبيك محمد صلى الله عليه و سلم ).
ثم ليجعل البيت عن يساره، فإذا بلغ الرُكن اليماني استلمه من غير تقبيل، فإن لم يتيسر فلا يُزاحم عليه ولا يُشير إليه، ويقول بينه وبين الحجر الأسود (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).وكلما مر بالحجر الأسود كبّـر.
ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن فإنما جُعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله.
وفي هذا الطواف ينبغي للرجل أن يفعل شيئين:
(1) الاضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهائه، والاضطباع( أن يجعل وسط ردائه داخل إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر)فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف، لأن الاضطباع محله الطواف فقط.
(2) الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط: والرمل هو إسراع المشي مع مقاربة الخطوات، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل، وإنما يمشي كعادته.
فإذا أتم الطواف سبعة أشواط، تقدم إلى مقام إبراهيم وقرأ قوله تعالى: (واتخِذوا من مقام إبراهيم مصلى) ثم صلى خلفه ركعتين خفيفتين، يقرأ في الأولى: (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد)، وذلك بعد الفاتحة.
فإذا فرغ من صلاة الركعتين، رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له، وإلا فليُشر إليه.
**بعدها يسن الشرب من ماء زمزم وينوي عند شربه الشفاء ويسأل الله من خير الدنيا والآخرة، ويستقبل القبلة، ويتضلع منه أي (يشبع) لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم،فيه طعام الطعم ،وشفاء السقم)
* ثم يخرج إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)
ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها، ويرفع يديه كرفعهما في الدعاء، فيحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم هنا: (لا إله إلا الله، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بين ذلك.
ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً، فإذا بلغ العلم الأخضر أسرع الرجل قليلاً ولا يؤذي أحداً، فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته، إلى أن يصل إلى المروة فيرقى عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه كرفعهما في الدعاء، ويقول ما قاله على الصفا.
ثم ينزل من المروة إلى الصفا، فيمشي في موضع مشيه، ويسرع في بين العلمين الأخضرين.
فإذا وصل الصفا، فعل كما فعل أول مرة، وهكذا المروة حتى يُكمل سبعة أشواط، ذهابُهُ من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر. ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن.
* إذا أتم سعيه سبعة أشواط، حلق رأسه أو قصر إن كان رجلاً، وإن كانت امرأة فإنها تقصر من أطراف شعرها قدر أنملة.
وبالنسبة إلى الرجال ينبغي أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس. والحلق أفضل من التقصير، وبهذه الأعمال تمت العمرة.
ثم بعد ذلك يُحل من إحرامه إحلالاً كاملاً، ويفعل كما يفعله المُحلّون من اللباس والطيب والنكاح وغير ذلك.
وفقك الله ،وبارك فيك، وتقبل منك ، ولاتنسانا بالدعاء حفظك الله.
والله أعلم
زياره المسجد النبوي
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
الحديث عن أدب الزيارة النبوية تَتَداعَى إليه أمور تُثِير الحس المُؤمِن، وتجعله يشدو بقلبه ولسانه: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
إن زيارة الرسول الكريم تَعنِي التواجُد في المدينة المنوَّرة والصلاة في المسجد النبوي تشريف، والتشرُّف بالسلام على سيد الأولين والآخرين.
أما المدينة ففضلها عظيم ومكانتها كبيرة ومنزلَتُها في الدِّين رفيعة، فهي مُلتَقَى المهاجرين والأنصار، وفيها تأسَّست الدولة الإسلامية، ومنها خرجت جيوش الرحمن وكتائب الإسلام تنشُر نور الله في كل مكان.
وقد أخبر الصادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا يدخلها الطاعون ولا الدجَّال، وأن الإيمان يأرِزُ إلى المدينة كما تَأرِز الحيةُ إلى جُحرها، وأنها تنفي الناس كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديد، وأن المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
وعن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن بلغه أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال لمَن معه: يا مزاحمُ، أتخشى أن تكون ممن نفتِ المدينة؟!
ومسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو خير مسجد بعد المسجد الحرام، وأحد المساجد الثلاثة التي تُضاعَف فيها الصلاة، ويُسعَى إليها من آفاق الأرض، قال ـ عليه الصلاة السلام: "لا تُشَدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد الأقصى".
وقال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام". وبالمسجد النبوي الروضة الشريفة، وفي فضلها ورد الحديث الشريف: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".
أما القبر الذي يضم الجسد الشريف فهو في الأصل حجرة السيدة عائشة؛ لأن الأنبياء يُدفَنُون حيث يموتون، وقد انتقل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الرفيق الأعلى وهو في حجرة أم المؤمنين عائشة مستندًا إلى صدرها، وقد أصغت إليه يقول: اللهمَّ اغفرْ لي، وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى.
وفي موطأ الإمام مالك عن يحيى بن سيعد أن عائشة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت: رأيتُ ثلاثةَ أقمار سقطتْ في حجرتي فقصصتُ رؤياي على أبي بكر الصدِّيق، قالت: فلما توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودُفِن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارِك وهو خيرُها".
والأدب في الزيارة والتشرُّف بالسلام على المصطفى الأمين أن يبدأ المسلم بصلاة تحية المسجد في الروضة الشريفة أو في أي مكان خالٍ من المسجد، ثم يتقدم إلى القبر الشريف من ناحية القِبْلة بأدب وسكينة وخشوع، ويقف تلقاء القبر بوجهه ويقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
ولا حرج أن يتوسع بذكر بعض أوصافه وأحواله ـ صلى الله عليه وسلم.
ثم يتقدم إلى جهة يمينه قَدْر ذراع ليواجه الصدِّيق ـ رضي الله عنه ـ فيسلم عليه، ثم يتقدم قَدْر ذراع أخرى ليواجه الفاروق عمر ـ رضي الله عنه ـ فيسلم عليه.
وإذا أراد الزائر أن يدعو لنفسه بعد ذلك فليستقبل القبلة ولا يستقبل القبر.
وجاء في بعض الروايات أنه كان أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا خلا المسجد جلسوا برمانة المنبر التي تلقاء القبر بميامنهم ثم استقبلوا القبلة يدعون" وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يجيء إلى القبر فيقول: السلام على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ السلام على أبي بكر، السلام على أبي" ثم ينصرف.
وفرق بعض العلماء بين أهل المدينة والقادمين عليها من الآفاق:
فقال الإمام مالك: وليس يلزم مَن دخل المسجد من أهل المدينة الوُقوف بالقبر، وإنما ذلك للغُرَباء.
وقال أيضًا، كما نقل ذلك الإمام ابن تيمية في الفتاوى:
ولا بأس لمَن قَدِم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيصلى عليه ويدعو له، ولأبي بكر وعمر.
قال ابن القاسم: ورأيتُ أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوا أتَوا القبر فسلَّموا.
ذلك كله تحيةً للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتشرفًا بالسلام عليه.
وهذا التفريق بين أهل المدينة والقادمين يتبعه تفريق آخر في حكم التنفل في مسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم. فالمعلوم فقهًا أن صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة، لكن الإمام مالكًا قال: "والتنفل فيه للغرباء أحب إليَّ من التنفل في البيوت".
ومما يجب التنبيه إليه أن نتذكر حديث الرسول الأمين: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبَد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ".
نحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورته المِثالية، والالتزام الكامل بسنته وهَدْيه.
وروى سعيد بن منصور أن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي رأي رجلاً يُكثِر الاختلاف إلى قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال له: "يا هذا، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: لا تتخذوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني.
فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء".
* إذا أراد المسلم أن يُحرم بالعمرة فالمشروع بداية أن يحرم من الميقات المحدد له، ثم يتجرد من ثيابه ويغتسل كما يغتسل من الجنابة، والاغتسال عند الإحرام سُنة في حق الرجال والنساء حتى الحائض والنفساء.
ثم بعد الاغتسال يلبس ثياب الإحرام ويلف رداءه على كتفه، ولا يُخرج الكتف الأيمن إلا في طواف القدوم، ثم يُصلي (غير الحائض والنفساء) الفريضة إن كان وقت فريضة، وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سُنة الوضوء، وإن لم يُصل فلا حرج.
* إذا فرغ من الصلاة أحرم وقال: لبيك عُمرة،يحظر عليه بعد الإحرام، الطيب، والنساء،ولبس المخيط ،والأخذ من شعر الجسم، ثم يقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك، لا شريك لك يرفع الرجل صوته بذلك، والمرأة تقوله بقدر ما يسمع من بجنبها.
وينبغي للمُحرم بالعمرة أن يُكثر من التلبية ( خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان، مثل أن يعلو مرتفعاً، أو ينزل منخفضاً، أو يُقبل الليل أو النهار، وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة، ويستعيذ برحمته من النار ) إلى أن يبتدئ بالطواف.
* إذا دخل المسجد الحرام، قدم رجله اليمنى وقال: (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم).
* ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف، فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله، فإن لم يتيسر استلامه بيده فإنه يستقبل الحجر، ويُشير إليه بيده اليمنى إشارة ولا يُقبل يده .
والأفضل ألا يزاحم فيؤذي الناس أويتأذى بهم. ويقول عند استلام الحجر: (بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسُنة نبيك محمد صلى الله عليه و سلم ).
ثم ليجعل البيت عن يساره، فإذا بلغ الرُكن اليماني استلمه من غير تقبيل، فإن لم يتيسر فلا يُزاحم عليه ولا يُشير إليه، ويقول بينه وبين الحجر الأسود (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).وكلما مر بالحجر الأسود كبّـر.
ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن فإنما جُعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله.
وفي هذا الطواف ينبغي للرجل أن يفعل شيئين:
(1) الاضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهائه، والاضطباع( أن يجعل وسط ردائه داخل إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر)فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف، لأن الاضطباع محله الطواف فقط.
(2) الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط: والرمل هو إسراع المشي مع مقاربة الخطوات، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل، وإنما يمشي كعادته.
فإذا أتم الطواف سبعة أشواط، تقدم إلى مقام إبراهيم وقرأ قوله تعالى: (واتخِذوا من مقام إبراهيم مصلى) ثم صلى خلفه ركعتين خفيفتين، يقرأ في الأولى: (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد)، وذلك بعد الفاتحة.
فإذا فرغ من صلاة الركعتين، رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له، وإلا فليُشر إليه.
**بعدها يسن الشرب من ماء زمزم وينوي عند شربه الشفاء ويسأل الله من خير الدنيا والآخرة، ويستقبل القبلة، ويتضلع منه أي (يشبع) لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم،فيه طعام الطعم ،وشفاء السقم)
* ثم يخرج إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)
ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها، ويرفع يديه كرفعهما في الدعاء، فيحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم هنا: (لا إله إلا الله، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بين ذلك.
ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً، فإذا بلغ العلم الأخضر أسرع الرجل قليلاً ولا يؤذي أحداً، فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته، إلى أن يصل إلى المروة فيرقى عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه كرفعهما في الدعاء، ويقول ما قاله على الصفا.
ثم ينزل من المروة إلى الصفا، فيمشي في موضع مشيه، ويسرع في بين العلمين الأخضرين.
فإذا وصل الصفا، فعل كما فعل أول مرة، وهكذا المروة حتى يُكمل سبعة أشواط، ذهابُهُ من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر. ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن.
* إذا أتم سعيه سبعة أشواط، حلق رأسه أو قصر إن كان رجلاً، وإن كانت امرأة فإنها تقصر من أطراف شعرها قدر أنملة.
وبالنسبة إلى الرجال ينبغي أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس. والحلق أفضل من التقصير، وبهذه الأعمال تمت العمرة.
ثم بعد ذلك يُحل من إحرامه إحلالاً كاملاً، ويفعل كما يفعله المُحلّون من اللباس والطيب والنكاح وغير ذلك.
وفقك الله ،وبارك فيك، وتقبل منك ، ولاتنسانا بالدعاء حفظك الله.
والله أعلم
زياره المسجد النبوي
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
الحديث عن أدب الزيارة النبوية تَتَداعَى إليه أمور تُثِير الحس المُؤمِن، وتجعله يشدو بقلبه ولسانه: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
إن زيارة الرسول الكريم تَعنِي التواجُد في المدينة المنوَّرة والصلاة في المسجد النبوي تشريف، والتشرُّف بالسلام على سيد الأولين والآخرين.
أما المدينة ففضلها عظيم ومكانتها كبيرة ومنزلَتُها في الدِّين رفيعة، فهي مُلتَقَى المهاجرين والأنصار، وفيها تأسَّست الدولة الإسلامية، ومنها خرجت جيوش الرحمن وكتائب الإسلام تنشُر نور الله في كل مكان.
وقد أخبر الصادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا يدخلها الطاعون ولا الدجَّال، وأن الإيمان يأرِزُ إلى المدينة كما تَأرِز الحيةُ إلى جُحرها، وأنها تنفي الناس كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديد، وأن المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
وعن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن بلغه أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال لمَن معه: يا مزاحمُ، أتخشى أن تكون ممن نفتِ المدينة؟!
ومسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو خير مسجد بعد المسجد الحرام، وأحد المساجد الثلاثة التي تُضاعَف فيها الصلاة، ويُسعَى إليها من آفاق الأرض، قال ـ عليه الصلاة السلام: "لا تُشَدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد الأقصى".
وقال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام". وبالمسجد النبوي الروضة الشريفة، وفي فضلها ورد الحديث الشريف: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".
أما القبر الذي يضم الجسد الشريف فهو في الأصل حجرة السيدة عائشة؛ لأن الأنبياء يُدفَنُون حيث يموتون، وقد انتقل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الرفيق الأعلى وهو في حجرة أم المؤمنين عائشة مستندًا إلى صدرها، وقد أصغت إليه يقول: اللهمَّ اغفرْ لي، وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى.
وفي موطأ الإمام مالك عن يحيى بن سيعد أن عائشة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت: رأيتُ ثلاثةَ أقمار سقطتْ في حجرتي فقصصتُ رؤياي على أبي بكر الصدِّيق، قالت: فلما توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودُفِن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارِك وهو خيرُها".
والأدب في الزيارة والتشرُّف بالسلام على المصطفى الأمين أن يبدأ المسلم بصلاة تحية المسجد في الروضة الشريفة أو في أي مكان خالٍ من المسجد، ثم يتقدم إلى القبر الشريف من ناحية القِبْلة بأدب وسكينة وخشوع، ويقف تلقاء القبر بوجهه ويقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
ولا حرج أن يتوسع بذكر بعض أوصافه وأحواله ـ صلى الله عليه وسلم.
ثم يتقدم إلى جهة يمينه قَدْر ذراع ليواجه الصدِّيق ـ رضي الله عنه ـ فيسلم عليه، ثم يتقدم قَدْر ذراع أخرى ليواجه الفاروق عمر ـ رضي الله عنه ـ فيسلم عليه.
وإذا أراد الزائر أن يدعو لنفسه بعد ذلك فليستقبل القبلة ولا يستقبل القبر.
وجاء في بعض الروايات أنه كان أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا خلا المسجد جلسوا برمانة المنبر التي تلقاء القبر بميامنهم ثم استقبلوا القبلة يدعون" وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يجيء إلى القبر فيقول: السلام على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ السلام على أبي بكر، السلام على أبي" ثم ينصرف.
وفرق بعض العلماء بين أهل المدينة والقادمين عليها من الآفاق:
فقال الإمام مالك: وليس يلزم مَن دخل المسجد من أهل المدينة الوُقوف بالقبر، وإنما ذلك للغُرَباء.
وقال أيضًا، كما نقل ذلك الإمام ابن تيمية في الفتاوى:
ولا بأس لمَن قَدِم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيصلى عليه ويدعو له، ولأبي بكر وعمر.
قال ابن القاسم: ورأيتُ أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوا أتَوا القبر فسلَّموا.
ذلك كله تحيةً للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتشرفًا بالسلام عليه.
وهذا التفريق بين أهل المدينة والقادمين يتبعه تفريق آخر في حكم التنفل في مسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم. فالمعلوم فقهًا أن صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة، لكن الإمام مالكًا قال: "والتنفل فيه للغرباء أحب إليَّ من التنفل في البيوت".
ومما يجب التنبيه إليه أن نتذكر حديث الرسول الأمين: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبَد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ".
نحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورته المِثالية، والالتزام الكامل بسنته وهَدْيه.
وروى سعيد بن منصور أن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي رأي رجلاً يُكثِر الاختلاف إلى قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال له: "يا هذا، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: لا تتخذوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني.
فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء".