من هناك
02-25-2006, 05:44 PM
كتب أحد الزملاء الشيوخ مقالاً في صفحة إسلامية ذكر فيه: ان الذكر أعلى رتبةً من الجهاد في سبيل الله· وزميلي هذا كاتب مجيد ولكن (لكل صارم نبوة، ولكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة) كما يقول المثل العربي، وصارم: هو السيف والنبوة: عدم القطع لسبب ما· والكبوة: ان يقع أرضاً اثناء ركضه، وزميلي عالم هفا أي اخطأ وكل ابن آدم خطاء، وربما فضّل صديقي الذكر على الجهاد لقوله عليه السلام وقد رجع من القتال: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)·
فقد وصف النبي الجهاد في الحرب انه جهاد أصغر وأما الجهاد الأكبر فهو الجهاد في الحضر بين المدن والقرى· ولعل النبي عليه السلام سماه جهاداً أصغر لان وقته قصير لا يطوله إلا ساعات كما كان الحال قديماً أو أياماً كما كان بعد ذلك بقرن· وربما سماه جهاداً أصغر لأنه أمر واحد من أمور الدين رغم أنه فرض كفاية حيناً وفرض عين حيناً آخر والدين يتألف من عقيدة وعبادات ومعاملات فهذه الأمور مجتمعة اعظم من الجهاد منفرداً والجهاد لا يكون إلا من ذوي العقيدة والطاعات المخلصة والمعاملات التي تكون وفق أوامر الدين ونظر صديقي إلى الذكر وحده بينما الجهاد الأكبر الذي قصده الرسول هو مجموعة هذه الأمور أما الذكر وحده فهناك كثير من أمور الدين أفضل من الذكر ومنها الجهاد في سبيل الله·
ولإيضاح هذا الموضوع أضع نفسي مكان القارئ وأسأل: ما هو الذكر الذي عناه زميلي الشيخ والذي يراه الناس ويسمونه ذكراً؟؟ لن أتحدث عنه بل سأذكر معاني الذكر أولاً:
1- الذكر هو القرآن الكريم قال تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر9/]·
2- الذكر هو الصلاة، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون [الجمعة9/] وقوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله أي اسعوا إلى الصلاة·
3- والذكر هو عدم النسيان قال تعالى: واذكر ربك إذا نسيت [الكهف24/]·
4- والذكر يعني ايضاً العظة، قال تعالى: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر [القمر 32-40]·
5- الذكر هو القول: تقول لصاحبك اذكر لي ما حصل لك· وقال تعالى: وقال الذين هو ناج اذكرني عند ربك [يوسف42/] أي قل لسيدك عني·
6- والذكر هو تكرار اسم الله سراً أو علانية على نية العبادة· ومن الذكر التسبيح والاستغفار والدعاء والتهليل والحمد·
والعامة تفهم الذكر على انه ترديد اسم من اسماء الله الحسنى ثلاثاً وثلاثين مرة أو مائة مرة أو ألف مرة ومن العامة من ينوي أن يذكر الله مائة ألف مرة· وعمل هؤلاء ليس مذموماً ولكن هل هو الأفضل بين العبادات؟ ان صلوات النوافل افضل من الذكر السابق الذكر· والصلاة كما ذكرت هي ذكر فتعريف الصلاة (أقوال وأفعال مبتدأة بالتكبير ومختتمة بالتسليم)·
7- واعظم الذكر هو عدم نسيان الله في حال من احوال حياة المسلم فهو يذكر ربه عند البيع والشراء والقيام بوظيفته ان كان موظفاً أو الاخلاص في التعليم ان كان معلماً أو بحسن معاملة الناس فلا يغش فهذا الذكر الذي هو ضد النسيان في الحالات المذكورة اعظم من ذكر اسماء الله الحسنى - وفي كل خير - والعبادات والطاعات لها حكم وغايات فالصلاة ليست مطلوبة لذاتها فقط· هي مطلوبة لتنهي عن الفحشاء والمنكر فمن لم يحقق الحكمة المقصودة من العبادات فعباداته ومنها الذكر ناقصة·
8- نعم، ان الذكر: من ذكر اسماء الله وتسبيح وحمد واستغفار وسوى ذلك هي فرض لأن الله تعالى أمر بها قال تعالى: واذكر ربك كثيراً وسبّح بالعشي والأبكار [آل عمران41/] واذكر ربك بكرة واصيلا [الإنسان25/]· ان كلمة (اذكر) فعل أمر وأمر الله فرض ونهي الله فرض على المسلم ان ينتهي عن عمله والمسلم التقي يذكر ربه في كل يوم فما دام يصلي فهو ذاكر ربه، والاكثار من الذكر سنة مؤكدة·
9- والعبادات ليست متساوية بل رفع الله بعضها على بعض: فقراءة القرآن ذكر، وهو أفضل من ذكر اسم الله على سبيل العبادة، وصلاة النوافل المؤكدة وغير المؤكدة افضل من الذكر القولي· وصوم النوافل كصوم عاشوراء والأيام البيض وستة من شوال افضل من الذكر، والاصلاح بين الناس أفضل من الذكر· ومساعدة الضعيف افضل من الذكر وتعليم العالم طلابه العلم، ووعظ العالم أفضل من الذكر (وفي كل خير)·
10- ومن المعلوم دينياً ان كل عمل صالح يعود بالخير على فاعله وعلى الغير هو افضل من عمل الخير الذي يعود بالخير على فاعله فقط· وأهل الذكر يعود ثواب ذكرهم عليهم ولا يتعداهم اما من اصلح بين الناس فان هذا الاصلاح جلب الخير للمصلح ولمن اصلح بينهم فإن هذا العمل أفضل من الذكر·
واعود لأبين منزلة الجهاد بين العبادات المفروضة فأقول: ان بعض المسلمين يعتقدون ان الذكر أعلى العبادات منزلة وإني اقول لهم انتم مخطئون: ان اعظم أمور الدين هو الإيمان بالله والقيام بأركان الإسلام من الطاعات: الصلاة والزكاة والصوم والحج وأكثرها يحتوي على ذكر·
هل يعقل ان نقول ان من يذكر الله قابعاً في بيته أو المسجد أفضل من المقاتل في سبيل الله ان الدين يأمره ان يدع ذكره ويتوجه إلى القتال في سبيل الله لأنه الأفضل لأنه فرض عين في هذه الحال·
11- ومن عظم مرتبة الشهيد أنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه بل يدفن بثيابه الملوثة بالدم· والدم الذي يسيل من الجرح نجس ولكن دم الشهيد طاهر· ولو كان نجساً ما جاز دفنه ملوثاً وهو نجس الثياب، والشهيد لا يصلى عليه لأن غسل الميت لتطهيره للصلاة عليه والدعاء له بالرحمة والمغفرة لأن صلاة الجنازة ليس فيها إلا الدعاء، والشهيد لا يحتاج إلى دعاء داعٍ فاستشهاده يطهره ويجلب له الرحمة والمغفرة وقد محت شهادته ذنوبه ويوم القيامة يُبعث على حاله التي قتل فيها يقطر منه الدم فإن الدم احمر ولكن تفوح منه رائحة المسك· والحديث عن مرتبة الشهيد يطول ذكره·
12- ان الشهيد سمع قول الله تعالى: ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة· يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم [التوبة111/]·
لقد اشترى الله من المؤمن ماله وروحه والثمن المؤجل هو الجنة فليستبشر الشهداء بأحسن بيع وأغلى ثمن·
وبعد هذا الذي ذكرت هل يستوي الذين يذكرون الله والذين يستشهدون في سبيله وهل ثمـن ما يقـوم به الذاكر يـعدل ما يقوم به الشهيد؟!
" الشيخ محمد شريف سكر
فقد وصف النبي الجهاد في الحرب انه جهاد أصغر وأما الجهاد الأكبر فهو الجهاد في الحضر بين المدن والقرى· ولعل النبي عليه السلام سماه جهاداً أصغر لان وقته قصير لا يطوله إلا ساعات كما كان الحال قديماً أو أياماً كما كان بعد ذلك بقرن· وربما سماه جهاداً أصغر لأنه أمر واحد من أمور الدين رغم أنه فرض كفاية حيناً وفرض عين حيناً آخر والدين يتألف من عقيدة وعبادات ومعاملات فهذه الأمور مجتمعة اعظم من الجهاد منفرداً والجهاد لا يكون إلا من ذوي العقيدة والطاعات المخلصة والمعاملات التي تكون وفق أوامر الدين ونظر صديقي إلى الذكر وحده بينما الجهاد الأكبر الذي قصده الرسول هو مجموعة هذه الأمور أما الذكر وحده فهناك كثير من أمور الدين أفضل من الذكر ومنها الجهاد في سبيل الله·
ولإيضاح هذا الموضوع أضع نفسي مكان القارئ وأسأل: ما هو الذكر الذي عناه زميلي الشيخ والذي يراه الناس ويسمونه ذكراً؟؟ لن أتحدث عنه بل سأذكر معاني الذكر أولاً:
1- الذكر هو القرآن الكريم قال تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر9/]·
2- الذكر هو الصلاة، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون [الجمعة9/] وقوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله أي اسعوا إلى الصلاة·
3- والذكر هو عدم النسيان قال تعالى: واذكر ربك إذا نسيت [الكهف24/]·
4- والذكر يعني ايضاً العظة، قال تعالى: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر [القمر 32-40]·
5- الذكر هو القول: تقول لصاحبك اذكر لي ما حصل لك· وقال تعالى: وقال الذين هو ناج اذكرني عند ربك [يوسف42/] أي قل لسيدك عني·
6- والذكر هو تكرار اسم الله سراً أو علانية على نية العبادة· ومن الذكر التسبيح والاستغفار والدعاء والتهليل والحمد·
والعامة تفهم الذكر على انه ترديد اسم من اسماء الله الحسنى ثلاثاً وثلاثين مرة أو مائة مرة أو ألف مرة ومن العامة من ينوي أن يذكر الله مائة ألف مرة· وعمل هؤلاء ليس مذموماً ولكن هل هو الأفضل بين العبادات؟ ان صلوات النوافل افضل من الذكر السابق الذكر· والصلاة كما ذكرت هي ذكر فتعريف الصلاة (أقوال وأفعال مبتدأة بالتكبير ومختتمة بالتسليم)·
7- واعظم الذكر هو عدم نسيان الله في حال من احوال حياة المسلم فهو يذكر ربه عند البيع والشراء والقيام بوظيفته ان كان موظفاً أو الاخلاص في التعليم ان كان معلماً أو بحسن معاملة الناس فلا يغش فهذا الذكر الذي هو ضد النسيان في الحالات المذكورة اعظم من ذكر اسماء الله الحسنى - وفي كل خير - والعبادات والطاعات لها حكم وغايات فالصلاة ليست مطلوبة لذاتها فقط· هي مطلوبة لتنهي عن الفحشاء والمنكر فمن لم يحقق الحكمة المقصودة من العبادات فعباداته ومنها الذكر ناقصة·
8- نعم، ان الذكر: من ذكر اسماء الله وتسبيح وحمد واستغفار وسوى ذلك هي فرض لأن الله تعالى أمر بها قال تعالى: واذكر ربك كثيراً وسبّح بالعشي والأبكار [آل عمران41/] واذكر ربك بكرة واصيلا [الإنسان25/]· ان كلمة (اذكر) فعل أمر وأمر الله فرض ونهي الله فرض على المسلم ان ينتهي عن عمله والمسلم التقي يذكر ربه في كل يوم فما دام يصلي فهو ذاكر ربه، والاكثار من الذكر سنة مؤكدة·
9- والعبادات ليست متساوية بل رفع الله بعضها على بعض: فقراءة القرآن ذكر، وهو أفضل من ذكر اسم الله على سبيل العبادة، وصلاة النوافل المؤكدة وغير المؤكدة افضل من الذكر القولي· وصوم النوافل كصوم عاشوراء والأيام البيض وستة من شوال افضل من الذكر، والاصلاح بين الناس أفضل من الذكر· ومساعدة الضعيف افضل من الذكر وتعليم العالم طلابه العلم، ووعظ العالم أفضل من الذكر (وفي كل خير)·
10- ومن المعلوم دينياً ان كل عمل صالح يعود بالخير على فاعله وعلى الغير هو افضل من عمل الخير الذي يعود بالخير على فاعله فقط· وأهل الذكر يعود ثواب ذكرهم عليهم ولا يتعداهم اما من اصلح بين الناس فان هذا الاصلاح جلب الخير للمصلح ولمن اصلح بينهم فإن هذا العمل أفضل من الذكر·
واعود لأبين منزلة الجهاد بين العبادات المفروضة فأقول: ان بعض المسلمين يعتقدون ان الذكر أعلى العبادات منزلة وإني اقول لهم انتم مخطئون: ان اعظم أمور الدين هو الإيمان بالله والقيام بأركان الإسلام من الطاعات: الصلاة والزكاة والصوم والحج وأكثرها يحتوي على ذكر·
هل يعقل ان نقول ان من يذكر الله قابعاً في بيته أو المسجد أفضل من المقاتل في سبيل الله ان الدين يأمره ان يدع ذكره ويتوجه إلى القتال في سبيل الله لأنه الأفضل لأنه فرض عين في هذه الحال·
11- ومن عظم مرتبة الشهيد أنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه بل يدفن بثيابه الملوثة بالدم· والدم الذي يسيل من الجرح نجس ولكن دم الشهيد طاهر· ولو كان نجساً ما جاز دفنه ملوثاً وهو نجس الثياب، والشهيد لا يصلى عليه لأن غسل الميت لتطهيره للصلاة عليه والدعاء له بالرحمة والمغفرة لأن صلاة الجنازة ليس فيها إلا الدعاء، والشهيد لا يحتاج إلى دعاء داعٍ فاستشهاده يطهره ويجلب له الرحمة والمغفرة وقد محت شهادته ذنوبه ويوم القيامة يُبعث على حاله التي قتل فيها يقطر منه الدم فإن الدم احمر ولكن تفوح منه رائحة المسك· والحديث عن مرتبة الشهيد يطول ذكره·
12- ان الشهيد سمع قول الله تعالى: ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة· يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم [التوبة111/]·
لقد اشترى الله من المؤمن ماله وروحه والثمن المؤجل هو الجنة فليستبشر الشهداء بأحسن بيع وأغلى ثمن·
وبعد هذا الذي ذكرت هل يستوي الذين يذكرون الله والذين يستشهدون في سبيله وهل ثمـن ما يقـوم به الذاكر يـعدل ما يقوم به الشهيد؟!
" الشيخ محمد شريف سكر