من هناك
02-08-2006, 05:53 PM
شهدت السنوات الماضية بزوغ وانتشار ظاهرة الدعاة الجدد، بدأت في مصر ومنها انتشرت في بلاد عربية وإسلامية أخرى، وجذبت اهتمام الكثير من الباحثين والمهتمين، وقد كانت وجهة نظر البعض أن القول بتعميم الظاهرة وقابليتها للانتشار في كل مكان ربما يكون تعميما يفتقد الدقة، وكان من الصعب – مثلا – الحديث عن إمكانية أن يظهر تيار الدعاة الجدد ويعرف طريقه في بلد كالسودان، فهي تخضع لحكم جبهة الإنقاذ الإسلامية التي كانت أول حركة إسلامية تصل للسلطة في العالم العربي، وتعلن إقامة الدولة الإسلامية لتطبيق ما أسمته بـ "المشروع الحضاري الإسلامي"، كما أنها أكبر قلاع التصوف في العالم العربي التي تسيطر عليها الطرقية بما لا يدع لداعية مستقل عنها سبيلا إلى الناس.
http://www.sh-elamin.com/images/splash/pic4.jpg
وأذكر أنني في زيارة للشيخ حسن الترابي في منزله وجدت وفودا من الطرق الصوفية تزوره والرجل يجلس معها ويحدثها بنفس طريقتها، وعند انصرافهم ردد معهم الأذكار الصوفية وحياهم بطريقتهم!! ساعتها سألته مستغربا موقفه المتشبه بالطرقية وهو أشهر زعماء الإسلام السياسي، فقال: "من يتجاوز الصوفية في السودان فليبحث عن بلد آخر، إذ لن يكون له مستقبل فيها"!.
كان رأيي أن ظاهرة التدين الجديد التي انتشرت في كثير من البلاد العربية ربما لن تشهد امتدادا لها في السودان، غير أنني حين زرتها وبحثت عن ظاهرة الدعاة الجدد وجدتها، ولكن متدثرة بالعباءة الصوفية في أبهى صورها.
شيخ الزاوية المودرن
أول ما نزلت السودان سألت عن الشيوخ الشباب ممن لهم حضور وتأثير في أوساط الشباب، فأجمع الأصدقاء على أنه الشيخ الأمين عمر الأمين، شيخ الزاوية المكاشفية القادرية في أم درمان. لخص لي البعض ظاهرة الشيخ الأمين بقوله: "شيخ مودرن، كلامه جيكسي ومحايته بيبسي" أي كلامه مثل كلام الشباب الخنافس، والمحايا هي الماء المبارك الذي يوزعه الشيخ الصوفي على مريديه!!.
وفي يوم جمعة ذهبت – ومجموعة من الأصدقاء السودانيين- إلى زاوية الشيخ في أم درمان لحضور حضرته ودرسه الأسبوعي الذي يجمع مريديه وجمهوره، فكانت أغرب حضرة لشيخ صوفي يمكن أن تراها، فهي الصوفية الجديدة في أحدث وأغرب طبعاتها.
حين تزور هذه الزاوية لا بد أن تراجع الصورة التقليدية عن زوايا الصوفية فهي ليست – كما استقر في وعينا - المكان النائي البعيد الذي يشبه كثيرا أديرة الرهبان، أو المكان الذي يأوي إليه الفقراء المعوزون أو قبلة المنصرفين عن الحياة الهاربين منها بحثا عن النجاة، بل هناك صورة مختلفة تماما إلى النقيض.
فهي في حي من الأحياء الراقية، ملحقة بفيلا واسعة لشيخها الأمين، وتطل على ساحة كبيرة، وما تكاد تقترب حتى تفاجئك طوابير لأفخم السيارات تشغل الشارع المؤدي إليها والشوارع الجانبية منه، بل ستجد صعوبة في الوصول إليها بالسيارة بسبب الزحام الشديد الذي يؤدي - كما قيل لي - إلى أزمة مرورية في كل درس أو حضرة.
وتزداد الدهشة مع تصفح جمهور الحضور فالغالبية العظمى من الشباب الذين تطل من وجوههم أمارات اليسر والنعيم والانتماء لعائلات وطبقات اجتماعية جد ميسورة ومميزة، تعرفت على بعضهم: مهندسون وأطباء ومحامون ورجال أعمال، أحدهم يعمل مهندسا في الحاسب الآلي، هو الذي تولى تعريفي بالزاوية والحضور الذين كانوا قد انتهوا لتوهم من حضرة في الساحة، وافترشوا الحصير – حصير مميز غير الذي عرفت به زوايا الصوفية - انتظارا لصلاة المغرب. الجميع يرتدون الزي الأخضر، وهو زي اقترحه الشيخ الأمين لأتباعه، ولكنه ليس الأخضر الباهت الذي عُرِفت به الصوفية، بل هو أخضر فخم وبراق وموشى باللون الأحمر.
من بعيد كنت قد لمحت الشيخ الأمين يحدث مريديه ويقوي همتهم، ويدعوهم إلى عدم الاهتمام بالنقد الذي يوجه لهم وله، فقد كان هناك الكثير من الشيوخ التقليديين الذين يكثرون من نقده كما علمت، ويؤكد لهم أن نقده وسبابه دليل على أنهم على الصواب، وأنهم يسيرون في الطريق الصحيح!.
http://www.sh-elamin.com/images/splash/pic4.jpg
وأذكر أنني في زيارة للشيخ حسن الترابي في منزله وجدت وفودا من الطرق الصوفية تزوره والرجل يجلس معها ويحدثها بنفس طريقتها، وعند انصرافهم ردد معهم الأذكار الصوفية وحياهم بطريقتهم!! ساعتها سألته مستغربا موقفه المتشبه بالطرقية وهو أشهر زعماء الإسلام السياسي، فقال: "من يتجاوز الصوفية في السودان فليبحث عن بلد آخر، إذ لن يكون له مستقبل فيها"!.
كان رأيي أن ظاهرة التدين الجديد التي انتشرت في كثير من البلاد العربية ربما لن تشهد امتدادا لها في السودان، غير أنني حين زرتها وبحثت عن ظاهرة الدعاة الجدد وجدتها، ولكن متدثرة بالعباءة الصوفية في أبهى صورها.
شيخ الزاوية المودرن
أول ما نزلت السودان سألت عن الشيوخ الشباب ممن لهم حضور وتأثير في أوساط الشباب، فأجمع الأصدقاء على أنه الشيخ الأمين عمر الأمين، شيخ الزاوية المكاشفية القادرية في أم درمان. لخص لي البعض ظاهرة الشيخ الأمين بقوله: "شيخ مودرن، كلامه جيكسي ومحايته بيبسي" أي كلامه مثل كلام الشباب الخنافس، والمحايا هي الماء المبارك الذي يوزعه الشيخ الصوفي على مريديه!!.
وفي يوم جمعة ذهبت – ومجموعة من الأصدقاء السودانيين- إلى زاوية الشيخ في أم درمان لحضور حضرته ودرسه الأسبوعي الذي يجمع مريديه وجمهوره، فكانت أغرب حضرة لشيخ صوفي يمكن أن تراها، فهي الصوفية الجديدة في أحدث وأغرب طبعاتها.
حين تزور هذه الزاوية لا بد أن تراجع الصورة التقليدية عن زوايا الصوفية فهي ليست – كما استقر في وعينا - المكان النائي البعيد الذي يشبه كثيرا أديرة الرهبان، أو المكان الذي يأوي إليه الفقراء المعوزون أو قبلة المنصرفين عن الحياة الهاربين منها بحثا عن النجاة، بل هناك صورة مختلفة تماما إلى النقيض.
فهي في حي من الأحياء الراقية، ملحقة بفيلا واسعة لشيخها الأمين، وتطل على ساحة كبيرة، وما تكاد تقترب حتى تفاجئك طوابير لأفخم السيارات تشغل الشارع المؤدي إليها والشوارع الجانبية منه، بل ستجد صعوبة في الوصول إليها بالسيارة بسبب الزحام الشديد الذي يؤدي - كما قيل لي - إلى أزمة مرورية في كل درس أو حضرة.
وتزداد الدهشة مع تصفح جمهور الحضور فالغالبية العظمى من الشباب الذين تطل من وجوههم أمارات اليسر والنعيم والانتماء لعائلات وطبقات اجتماعية جد ميسورة ومميزة، تعرفت على بعضهم: مهندسون وأطباء ومحامون ورجال أعمال، أحدهم يعمل مهندسا في الحاسب الآلي، هو الذي تولى تعريفي بالزاوية والحضور الذين كانوا قد انتهوا لتوهم من حضرة في الساحة، وافترشوا الحصير – حصير مميز غير الذي عرفت به زوايا الصوفية - انتظارا لصلاة المغرب. الجميع يرتدون الزي الأخضر، وهو زي اقترحه الشيخ الأمين لأتباعه، ولكنه ليس الأخضر الباهت الذي عُرِفت به الصوفية، بل هو أخضر فخم وبراق وموشى باللون الأحمر.
من بعيد كنت قد لمحت الشيخ الأمين يحدث مريديه ويقوي همتهم، ويدعوهم إلى عدم الاهتمام بالنقد الذي يوجه لهم وله، فقد كان هناك الكثير من الشيوخ التقليديين الذين يكثرون من نقده كما علمت، ويؤكد لهم أن نقده وسبابه دليل على أنهم على الصواب، وأنهم يسيرون في الطريق الصحيح!.