من لبنان
01-25-2006, 05:53 PM
تعال ايها البلبل الشمالي، لأتلو على مسمعك ما حل بنا،
نحن بلابل الجنوب؛ قصة ما خلفته عاديات الزمان على
صفحة ايامنا. وكيف استبدلنا الزغب الرهيف بريش الكواسر؛
ومناقيد الحَب بجارحات المناقير:-
تركني صاحبي هناك.. بين روابي الجليل، وخلف الشمس.
ركب غيمة وارتحل.
لم ينتظر عودتي الى القفص، رغما عنه.
كان امام خيارين: الموت بطلقة، او تحت حدّ المقصلة!!
وانت سيد العارفين، يا صاحبي الشمالي، اننا نحن
معشر البلابل، نعشق الحرية؛ والموت احب الينا من قضبان القفص!!
عاهدت صاحبي يوما، ان هو منحني الحرية ان اعود
اليه طائعا مختارا!
قال: وكيف آمن مكرك؟!
قلت: يأمن الحبيب مكر حبيبه!
كان يصحو كل صباح على وقع انغامي، يسقيني الماء
الزلال، ويطعمني الحب الحلال، فأرفع رأسي شكرا لله على نعمه؛
ثم اشير اليه بطرفي نحو باب القفص؛ فيضحك لبراءتي، ويذكر عهدا
قطعته على نفسي، ووعدا وعد؛ فأحط على كتفيه، واطبع على وجنته
قبلة الوداع، كطفل يودع امه الى المدرسة، فيروح يمسد ريشاتي بحنو
كفه، فافهم نصيحته وامضي: احترس من الصيادين؛
[......]
ربما نجا صاحبي من قذائف الصيادين هنا، لكنه لن ينجو
من وخز السؤال: كيف خلّفت بلبلي وحيدا هناك؟
يومها لم تغرب الشمس؛ كنت اطير فزعا بين حقول القذائف؛
ظننت أنني المقصود باطلاق النار!!
لم اجد حضنا آمنا يحميني غير قضبان القفص!
اقتحمت بيت صاحبي، غرفة فرفة، فلم اسمع الا نبض الرحيل،
ونعيب البوم.
مسحت القيافي والقفار، سألت الكبار والصغار.
قالوا: " سل الريح عنه، او غاديات الطير".
وها انا اسألك ايها البلبل الشمالي الشقيق: اين صاحبي؟
- ما المسؤول باعلم من السائل. وكيف اعرف صاحبك؟!
[......]
سعيد أبو نعسة
من كتاب "حكايات الزمن الآتي"
الصادر عن
الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين
فرع لبنان، 2001
نحن بلابل الجنوب؛ قصة ما خلفته عاديات الزمان على
صفحة ايامنا. وكيف استبدلنا الزغب الرهيف بريش الكواسر؛
ومناقيد الحَب بجارحات المناقير:-
تركني صاحبي هناك.. بين روابي الجليل، وخلف الشمس.
ركب غيمة وارتحل.
لم ينتظر عودتي الى القفص، رغما عنه.
كان امام خيارين: الموت بطلقة، او تحت حدّ المقصلة!!
وانت سيد العارفين، يا صاحبي الشمالي، اننا نحن
معشر البلابل، نعشق الحرية؛ والموت احب الينا من قضبان القفص!!
عاهدت صاحبي يوما، ان هو منحني الحرية ان اعود
اليه طائعا مختارا!
قال: وكيف آمن مكرك؟!
قلت: يأمن الحبيب مكر حبيبه!
كان يصحو كل صباح على وقع انغامي، يسقيني الماء
الزلال، ويطعمني الحب الحلال، فأرفع رأسي شكرا لله على نعمه؛
ثم اشير اليه بطرفي نحو باب القفص؛ فيضحك لبراءتي، ويذكر عهدا
قطعته على نفسي، ووعدا وعد؛ فأحط على كتفيه، واطبع على وجنته
قبلة الوداع، كطفل يودع امه الى المدرسة، فيروح يمسد ريشاتي بحنو
كفه، فافهم نصيحته وامضي: احترس من الصيادين؛
[......]
ربما نجا صاحبي من قذائف الصيادين هنا، لكنه لن ينجو
من وخز السؤال: كيف خلّفت بلبلي وحيدا هناك؟
يومها لم تغرب الشمس؛ كنت اطير فزعا بين حقول القذائف؛
ظننت أنني المقصود باطلاق النار!!
لم اجد حضنا آمنا يحميني غير قضبان القفص!
اقتحمت بيت صاحبي، غرفة فرفة، فلم اسمع الا نبض الرحيل،
ونعيب البوم.
مسحت القيافي والقفار، سألت الكبار والصغار.
قالوا: " سل الريح عنه، او غاديات الطير".
وها انا اسألك ايها البلبل الشمالي الشقيق: اين صاحبي؟
- ما المسؤول باعلم من السائل. وكيف اعرف صاحبك؟!
[......]
سعيد أبو نعسة
من كتاب "حكايات الزمن الآتي"
الصادر عن
الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين
فرع لبنان، 2001