أبوحامدالقعقاع
12-20-2005, 08:26 AM
المعارضون يرونها شرا على المسلمين والمؤيدون يعتبرونها مراعاة لظروف العصر
القاهرة: حمدي سليم ومحمد خليل
أثارت فتوى الدكتور علي جمعة مفتي مصر بإباحة بيع المسلمين للخمور لغير المسلمين في دول غير إسلامية، جدلا واسعا بين العلماء المسلمين المصريين، الذين أيد بعضهم الفتوى استنادا إلى اختلاف البيئات الغربية عن البيئة العربية والإسلامية، وعارضها آخرون بشدة ووصفوها بأنها «عبث وخلط فاسد في أمور الشريعة الإسلامية»، فيما رأى فريق ثالث بأن هناك قولين يستند كلاهما إلى مدى الضرورة التي تبيح قيام المسلمين بعمل محظور هو بيع الخمور.
وفي حين لم تتمكن «الشرق الأوسط» من الاتصال بمفتي مصر الذي لا يرد على هواتفه، أكد أشرف فهمي مدير مكتبه صحة الفتوى وصدورها عن المفتي، وقال إنها معتمدة في دار الإفتاء المصرية، وقال إن من الفتاوى الموجودة في السجلات الرسمية لدار الإفتاء، قيام المسلم بعمل محظور هو «بيع الخمور»، وكانت صحيفة «المصري اليوم» قد نشرت أمس الفتوى نقلا عن المفتي.
ويرى المفكر الإسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين استاذ الدراسات الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية ان الفتوى «تفتح باب الشر على الإسلام في الخارج وتضر بالمسلمين هناك»، ووصف الفتوى بأنها في الواقع «خلط لا افهمه ولا استطيع ان أدافع عنه أو أعمل به».
وأكد شاهين أن استدلال المفتي في إباحته لبيع الخمور على النحو الموضح «بإباحة الحنفية جميع العقود الفاسدة في ديار غير المسلمين» يعد اعترافا صريحا منه بأنها «عقود فاسدة»، وتساءل شاهين: «هل من شأن المسلم أن يتاجر في الفساد؟».
واشار إلى ان هذا الأمر الفقهي (رأي الحنفية) مشكوك فيه ولا يمكن أن نجمع على هذا خاصة في هذا الوقت الذي تعيش فيه الدولة في حالة انفتاح على الغرب.
ويرى شاهين ان المنوط به الإفتاء في مثل هذا الأمر هو مجلس الإفتاء الأوروبي وليس مفتي مصر، وأشار إلى أن استناد المفتي الدكتور علي جمعة إلى المذهب الحنفي «مردود عليه بأن هذا الرأي لا ينهض كي يكون دليلا تصادر به النصوص الشرعية قطعية الثبوت والدلالة، حيث أن العقود الفاسدة هي فاسدة في كل زمان ومكان وأن الخمر كما نعلم، لعن الله بها عشرة هم: عاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها وبائعها ومشتريها...، وسماها الرسول أم الخبائث».
ويختلف الدكتور محمد أبوليلة، أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية في جامعة الأزهر، مع هذا الرأي حيث يرى إباحة قيام المسلم ببيع الخمور لغير المسلم في دولة غير إسلامية.
وقال: «أثق في علم المفتي الدكتور علي جمعة وفي فتواه حيث ان الغرض من الإفتاء حل مشكلات مستجدة في بيئات مختلفة، تعيش فيها أقليات إسلامية تعاني من أجل العمل، والمشكلة واضحة لنا تماما وهي فتوى خاصة جدا ومحدودة بمكان وزمان محددين، وليست فتوى عامة، فالعمل بالنسبة للمسلمين في الدول الأوروبية محدود جدا وينحصر في الفنادق والمطاعم والمحلات التي تبيع الخمور وقد أبحنا هذا للمضطر أن يبيع الخمور، خاصة إذا كان لا يجد عملا غير ذلك».
وأوضح أبوليلة، الذي عاش لسنوات طويلة في أوروبا، أن «فلسفة الأمر لا تقوم على شرب المسلم للخمر بل حصوله على أجر مقابل عمل يؤديه ولا أرى خيرا في ذلك، ولكن إذا وجد البديل يجب عليه تغيير عمله، وهذا الموقف يتضمن مع رأي الأمام أبوحنيفة النعمان وغيره من الفقهاء القدامى»، وقال إنه لم يتشدد في هذا الأمر سوى الأمام الشافعي.
ويرى أبوليلة أن الشافعي وغيره أفتوا بما يحتاج إليه عصرهم، كما أن الفتوى متجددة والأصول ثابتة، والاجتهاد هنا أن نسقط الحوادث المستجدة على ما لدينا من نصوص أصيلة، ويسجل التاريخ في هذا الصدد إباحة الفقهاء للمسلمين في عهد محاكم التفتيش في الأندلس أكل الخنزير وشرب الخمر والصلاة أمام الصليب حيث قالوا لهم: صلوا أمام الصليب وكأنكم تصلون أمام الله، وسموا باسم الله واشربوا الخمر، وكلوا الخنزير.
ويعتقد المفكر الإسلامي جمال البنا أن هناك قولين في الأمر: الأول أن الضرورات تبيح المحظورات، والثاني أنه من الأفضل للمسلم أن يعيش في سلام مع ضميره لتتمكن القيم الإسلامية من قلبه وبالتالي يجب عليه أن يبحث عن وسائل أخرى لكسب الرزق.
أضاف البنا «نحن لا نأخذ بأحكام مذاهب الشافعي وأبوحنيفة وابن حنبل ومالك لانها تعود إلى عصرهم وأن كل الفقهاء يصدرون فتواهم على حسب المذاهب الفقهية التي عفا عليها الزمن، ونحن نستبعد آراءهم في المسائل العصرية والمستجدة ونريد أن نعود إلى القرآن وما اتفق مع السنة من القرآن، ويجب أن نعمل عقولنا ونجتهد كي تتلاءم أحكامنا مع ظروف العصر الذي نعيشه.
ويقول الدكتور أسامة السيد عبد السميع، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن الخمر محرمة بنصوص قطعية الثبوت والدلالة في القرآن والسنة وبالتالي يجب على المسلم تطبيق هذه الأحكام سواء كان في ديار الإسلام أو في غيرها.
منقول بالنص عن جريدة الشرق الأوسط ... حسبنا الله ونعم الوكيل
القاهرة: حمدي سليم ومحمد خليل
أثارت فتوى الدكتور علي جمعة مفتي مصر بإباحة بيع المسلمين للخمور لغير المسلمين في دول غير إسلامية، جدلا واسعا بين العلماء المسلمين المصريين، الذين أيد بعضهم الفتوى استنادا إلى اختلاف البيئات الغربية عن البيئة العربية والإسلامية، وعارضها آخرون بشدة ووصفوها بأنها «عبث وخلط فاسد في أمور الشريعة الإسلامية»، فيما رأى فريق ثالث بأن هناك قولين يستند كلاهما إلى مدى الضرورة التي تبيح قيام المسلمين بعمل محظور هو بيع الخمور.
وفي حين لم تتمكن «الشرق الأوسط» من الاتصال بمفتي مصر الذي لا يرد على هواتفه، أكد أشرف فهمي مدير مكتبه صحة الفتوى وصدورها عن المفتي، وقال إنها معتمدة في دار الإفتاء المصرية، وقال إن من الفتاوى الموجودة في السجلات الرسمية لدار الإفتاء، قيام المسلم بعمل محظور هو «بيع الخمور»، وكانت صحيفة «المصري اليوم» قد نشرت أمس الفتوى نقلا عن المفتي.
ويرى المفكر الإسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين استاذ الدراسات الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية ان الفتوى «تفتح باب الشر على الإسلام في الخارج وتضر بالمسلمين هناك»، ووصف الفتوى بأنها في الواقع «خلط لا افهمه ولا استطيع ان أدافع عنه أو أعمل به».
وأكد شاهين أن استدلال المفتي في إباحته لبيع الخمور على النحو الموضح «بإباحة الحنفية جميع العقود الفاسدة في ديار غير المسلمين» يعد اعترافا صريحا منه بأنها «عقود فاسدة»، وتساءل شاهين: «هل من شأن المسلم أن يتاجر في الفساد؟».
واشار إلى ان هذا الأمر الفقهي (رأي الحنفية) مشكوك فيه ولا يمكن أن نجمع على هذا خاصة في هذا الوقت الذي تعيش فيه الدولة في حالة انفتاح على الغرب.
ويرى شاهين ان المنوط به الإفتاء في مثل هذا الأمر هو مجلس الإفتاء الأوروبي وليس مفتي مصر، وأشار إلى أن استناد المفتي الدكتور علي جمعة إلى المذهب الحنفي «مردود عليه بأن هذا الرأي لا ينهض كي يكون دليلا تصادر به النصوص الشرعية قطعية الثبوت والدلالة، حيث أن العقود الفاسدة هي فاسدة في كل زمان ومكان وأن الخمر كما نعلم، لعن الله بها عشرة هم: عاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها وبائعها ومشتريها...، وسماها الرسول أم الخبائث».
ويختلف الدكتور محمد أبوليلة، أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية في جامعة الأزهر، مع هذا الرأي حيث يرى إباحة قيام المسلم ببيع الخمور لغير المسلم في دولة غير إسلامية.
وقال: «أثق في علم المفتي الدكتور علي جمعة وفي فتواه حيث ان الغرض من الإفتاء حل مشكلات مستجدة في بيئات مختلفة، تعيش فيها أقليات إسلامية تعاني من أجل العمل، والمشكلة واضحة لنا تماما وهي فتوى خاصة جدا ومحدودة بمكان وزمان محددين، وليست فتوى عامة، فالعمل بالنسبة للمسلمين في الدول الأوروبية محدود جدا وينحصر في الفنادق والمطاعم والمحلات التي تبيع الخمور وقد أبحنا هذا للمضطر أن يبيع الخمور، خاصة إذا كان لا يجد عملا غير ذلك».
وأوضح أبوليلة، الذي عاش لسنوات طويلة في أوروبا، أن «فلسفة الأمر لا تقوم على شرب المسلم للخمر بل حصوله على أجر مقابل عمل يؤديه ولا أرى خيرا في ذلك، ولكن إذا وجد البديل يجب عليه تغيير عمله، وهذا الموقف يتضمن مع رأي الأمام أبوحنيفة النعمان وغيره من الفقهاء القدامى»، وقال إنه لم يتشدد في هذا الأمر سوى الأمام الشافعي.
ويرى أبوليلة أن الشافعي وغيره أفتوا بما يحتاج إليه عصرهم، كما أن الفتوى متجددة والأصول ثابتة، والاجتهاد هنا أن نسقط الحوادث المستجدة على ما لدينا من نصوص أصيلة، ويسجل التاريخ في هذا الصدد إباحة الفقهاء للمسلمين في عهد محاكم التفتيش في الأندلس أكل الخنزير وشرب الخمر والصلاة أمام الصليب حيث قالوا لهم: صلوا أمام الصليب وكأنكم تصلون أمام الله، وسموا باسم الله واشربوا الخمر، وكلوا الخنزير.
ويعتقد المفكر الإسلامي جمال البنا أن هناك قولين في الأمر: الأول أن الضرورات تبيح المحظورات، والثاني أنه من الأفضل للمسلم أن يعيش في سلام مع ضميره لتتمكن القيم الإسلامية من قلبه وبالتالي يجب عليه أن يبحث عن وسائل أخرى لكسب الرزق.
أضاف البنا «نحن لا نأخذ بأحكام مذاهب الشافعي وأبوحنيفة وابن حنبل ومالك لانها تعود إلى عصرهم وأن كل الفقهاء يصدرون فتواهم على حسب المذاهب الفقهية التي عفا عليها الزمن، ونحن نستبعد آراءهم في المسائل العصرية والمستجدة ونريد أن نعود إلى القرآن وما اتفق مع السنة من القرآن، ويجب أن نعمل عقولنا ونجتهد كي تتلاءم أحكامنا مع ظروف العصر الذي نعيشه.
ويقول الدكتور أسامة السيد عبد السميع، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن الخمر محرمة بنصوص قطعية الثبوت والدلالة في القرآن والسنة وبالتالي يجب على المسلم تطبيق هذه الأحكام سواء كان في ديار الإسلام أو في غيرها.
منقول بالنص عن جريدة الشرق الأوسط ... حسبنا الله ونعم الوكيل