بشرى
12-07-2002, 01:25 PM
أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين
العنوان
يدعي بعض الناس بأن روح الشخص بعد وفاته تجول في بيته أربعين يوماً من يوم وفاته، أعتقد أنه غير صحيح، فهل تبقى روح الميت في البيت بعد الوفاة؟
فهل عند وفاة شخص ما هل أرواح الذين كان يحبهم تزوره وتسلم عليه؟
قرأت بأنه بعد الوفاة تأخذ الملائكة الأرواح الطيبة إلى مكان يسمى "عليين" وسمعت أن الأرواح تبقى في القبور وتفتح لهم نافذة يمكن الاطلاع خلالها على الجنة؟ كما أني سمعت أيضاً أن الوقت إلى يوم القيامة بعد الوفاة يمر بشكل فوري؟ كيف يمكن التوفيق بين هذه البيانات المختلفة التي تقع بعد الوفاة؟ فهل تشرح لي ذلك الحوادث على ترتيب واقعي؟
السؤال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يدعيه بعض الناس من أن روح الشخص بعد وفاته تجول في بيته أربعين يوماً من يوم وفاته لا أصل له، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة تبين أن روح المتوفى - مؤمناً كان أو كافراً - إذا قبضها ملك الموت لم تدعها الملائكة - المساعدة له - في يده طرفة عين، فأما روح المؤمن فيجعلونها في كفنها اللائق بها، ثم يصعدون بها إلى السماء فيستفتحون، فيفتح لها حتى تبلغ السماء السابعة، فيقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في عليين - السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين - وتعرض روحه على أرواح الأموات، فيسألونه ماذا عمل فلان؟ وما عملت فلانة؟ فإن ذكر خيراً حمدوا واستبشروا، وإن كان شراً قالوا: اللهم اغفر له، حتى إنهم يسألونه: هل تزوج فلان..؟ ثم تعاد روحه إلى جسده في قبره، فيأتيه ملكان فيسألانه من ربك، ومن نبيك؟ فيثبته الله، فيقول: ربي الله، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، وديني الإسلام، فيقول الله: صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الثياب طيب الريح، فيقول: من أنت؟. فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي. فيقال له: نم نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، فإذا بعث شعر كأنه لم يشبع من نومته، ويعرض عليه مقعده من الجنة بالغدو والعشي حتى تقوم الساعة، ولا تعارض بين كونه نائماً، ويعرض عليه مقعده من الجنة بالغدو والعشي، لأن هذه أمور غيبية في حياة برزخية لا تقاس على الدنيا، ولا يدرك العقل حقيقتها، فيجب على المسلم التسليم لشرع الله، والتصديق بما ورد عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولو حار عقله في تفسيره.
قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36].
ونحن في هذه الدنيا نعلم أن النائم يرى في نومه ما يفرحه أو يحزنه، ويرى أنه مكث مدة طويلة أو قصيرة، ونحو ذلك، فكيف بحياة البرزخ؟!!.
وأما تزاور الأرواح في القبور، فالحديث الوارد في ذلك لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: لا يصح، بسبب سليمان بن أرقم. وفي فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: لا نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة حديثاً يعتمد عليه.
وأما روح الكافر فيصعد بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون فلا يفتح لها، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) [لأعراف:40].
فيقول الله تعالى: اكتبوا كتابه في سجين - الأرض السابعة في الأسفل فيها أرواح الكافرين - ثم تطرح روحه طرحاً إلى الأرض، كما قال الله تعالى: (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [الحج:31]. فإذا اعادت روحه إلى جسده جاءه الملكان فيسألانه: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فلا يثبته الله للجواب، فيقول: هاه هاه هاه لا أدري فيقول الله: كذب، فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى يبعثه الله يوم القيامة.
وقال جمع من السلف: إن لهم قبل قيام الساعة هجعة يجدن فيها طعم النوم قبل يوم القيامة، فإذا صيح بأهل القبور: (قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يّـس:52].
والله أعلم.
الإجابة
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه المفتي
مزيد / مقالات وكتابات
العنوان
يدعي بعض الناس بأن روح الشخص بعد وفاته تجول في بيته أربعين يوماً من يوم وفاته، أعتقد أنه غير صحيح، فهل تبقى روح الميت في البيت بعد الوفاة؟
فهل عند وفاة شخص ما هل أرواح الذين كان يحبهم تزوره وتسلم عليه؟
قرأت بأنه بعد الوفاة تأخذ الملائكة الأرواح الطيبة إلى مكان يسمى "عليين" وسمعت أن الأرواح تبقى في القبور وتفتح لهم نافذة يمكن الاطلاع خلالها على الجنة؟ كما أني سمعت أيضاً أن الوقت إلى يوم القيامة بعد الوفاة يمر بشكل فوري؟ كيف يمكن التوفيق بين هذه البيانات المختلفة التي تقع بعد الوفاة؟ فهل تشرح لي ذلك الحوادث على ترتيب واقعي؟
السؤال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يدعيه بعض الناس من أن روح الشخص بعد وفاته تجول في بيته أربعين يوماً من يوم وفاته لا أصل له، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة تبين أن روح المتوفى - مؤمناً كان أو كافراً - إذا قبضها ملك الموت لم تدعها الملائكة - المساعدة له - في يده طرفة عين، فأما روح المؤمن فيجعلونها في كفنها اللائق بها، ثم يصعدون بها إلى السماء فيستفتحون، فيفتح لها حتى تبلغ السماء السابعة، فيقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في عليين - السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين - وتعرض روحه على أرواح الأموات، فيسألونه ماذا عمل فلان؟ وما عملت فلانة؟ فإن ذكر خيراً حمدوا واستبشروا، وإن كان شراً قالوا: اللهم اغفر له، حتى إنهم يسألونه: هل تزوج فلان..؟ ثم تعاد روحه إلى جسده في قبره، فيأتيه ملكان فيسألانه من ربك، ومن نبيك؟ فيثبته الله، فيقول: ربي الله، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، وديني الإسلام، فيقول الله: صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الثياب طيب الريح، فيقول: من أنت؟. فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي. فيقال له: نم نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، فإذا بعث شعر كأنه لم يشبع من نومته، ويعرض عليه مقعده من الجنة بالغدو والعشي حتى تقوم الساعة، ولا تعارض بين كونه نائماً، ويعرض عليه مقعده من الجنة بالغدو والعشي، لأن هذه أمور غيبية في حياة برزخية لا تقاس على الدنيا، ولا يدرك العقل حقيقتها، فيجب على المسلم التسليم لشرع الله، والتصديق بما ورد عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولو حار عقله في تفسيره.
قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36].
ونحن في هذه الدنيا نعلم أن النائم يرى في نومه ما يفرحه أو يحزنه، ويرى أنه مكث مدة طويلة أو قصيرة، ونحو ذلك، فكيف بحياة البرزخ؟!!.
وأما تزاور الأرواح في القبور، فالحديث الوارد في ذلك لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: لا يصح، بسبب سليمان بن أرقم. وفي فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: لا نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة حديثاً يعتمد عليه.
وأما روح الكافر فيصعد بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون فلا يفتح لها، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) [لأعراف:40].
فيقول الله تعالى: اكتبوا كتابه في سجين - الأرض السابعة في الأسفل فيها أرواح الكافرين - ثم تطرح روحه طرحاً إلى الأرض، كما قال الله تعالى: (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [الحج:31]. فإذا اعادت روحه إلى جسده جاءه الملكان فيسألانه: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فلا يثبته الله للجواب، فيقول: هاه هاه هاه لا أدري فيقول الله: كذب، فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى يبعثه الله يوم القيامة.
وقال جمع من السلف: إن لهم قبل قيام الساعة هجعة يجدن فيها طعم النوم قبل يوم القيامة، فإذا صيح بأهل القبور: (قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يّـس:52].
والله أعلم.
الإجابة
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه المفتي
مزيد / مقالات وكتابات