Saowt
04-15-2006, 09:22 AM
في الحلقتين السابقتين تحدثت عن بداية سفور المرأة المسلمة في الجزائر والشام، وبينت من خلال أقوال أهل تلك البلاد أن هذا الأمر لم يحدث إلا بعد سقوط بلادهم بيد الاحتلال النصراني الذي شجع هذا المنكر بمواطأة من المنافقين ومرضى القلوب للأسف.
وهذه الحلقة الثالثة ستكون عن بلاد العراق التي تشهد هذه الأيام عودة الاحتلال النصراني البغيض لأراضيها. ولكن مما يطمئن المسلم أن كثيراً من أبناء المسلمين -ذكوراً وإناثاً- قد وعوا الدرس جيداً وعلموا مكر الأعداء وخبثهم؛ ولهذا لن يُلدغوا - بإذن الله- مرة أخرى، ولن تنطلي عليهم دعاوى المحتل الزائفة من نشر الحريات أو تحقيق العدل أو غيرها من الأكاذيب التي لا زال يروج لها.
فحق للمسلمين أن يقولوا له ما قاله المثل القديم: "كيف أصدقك وهذا أثر فأسك؟".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد كانت المرأة العراقية كغيرها من نساء العالم الإسلامي تلتزم الحجاب الشرعي الذي أمرها الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فتغطي وجهها عن الرجال الأجانب، واستمرت على هذا الحال الطيب إلى أن سقطت البلاد العراقية بيد المحتل الإنجليزي (عام 1917م في قصة يطول ذكرها) حيث أخذ أعداء الإسلام كعادتهم، أينما حلوا، يبعثون قضية السفور ويُشجعون دعاتها من المتمسلمين، وكذلك أتباع دينهم من أهل البلد المحتل؛ لتيقنهم أنها الخطوة الأولى لإفساد أبناء المسلمين، وإشغالهم عن مقاومتهم.
يقول الأستاذ عباس بغدادي في كتابه "بغداد في العشرينات" (ص 143) واصفًا حال المرأة العراقية ذاك الحين:
(أما العبي النسائية، فكانت من النوع الحريري الأسود، وأحسنها ماركة صائم الدهر، وماركة الشبئون المستوردات من سوريا. أما الفتيات الصغيرات والعرائس فلباسهن عباءات (أم جتف)، أي أن كتف العباءة مدروزة بالكلبدون أو البَكر، أو أن العباءة كلها منسوجة مثل إيزارات اليهوديات والمسيحيات. وينتهي لبس هذه العباءات عند انتهاء حفلة زواج البنت؛ ذلك أن ولادة الولد الأول يجعل العروس أماً ولا يليق بالأم أن تلبس مثل هذه العباءات، بل تحتفظ بها لبناتها حين يصبحن فتيات، والمرأة المحتشمة تلبس عباءتين: داخلية تُلبس على الكتف، وخارجية على الرأس مع (البوشية) التي تغطي الوجه ولا تمنع الرؤية، وهي سوداء عدا بوشيات اليهوديات والمسيحيات، فهي مصنوعة من الحرير والكلبدون، ويمكن رفعها إلى الأعلى وتسمى "بيجة").
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
بدأت الدعوة إلى السفور في العراق بواسطة شاعرين زنديقين مُلحدَين هما: جميل الزهاوي، ومعروف الرصافي.
أما أولهما فقد جاهر بإلحاده في ديوان شعر له لم يَسمح بنشره في حياته، سمّاه "النزغات"! وهو اسم على مسمى! فكله شكوك وحيرة، وإنكار للغيبيات، بل إنكار لوجود الله!
وقد قال الزهاوي في رسائله عن هذا الديوان: (وقصائد هذا الديوان لم تُنشر بعدُ في المجلات والجرائد، وسوف تُنشر بعد موتي؛ لأنها تُصادم آراء المتعصبين)!
ولو صدق الملحد لقال: تصادم دين الله عز وجل. ولكنه كغيره ممن يريد أن يستر إلحاده وكفره بمثل هذه الأعذار.
ثم قام الأستاذ هلال ناجي بنشر هذه القصائد في كتابه "الزهاوي وديوانه المفقود". (ص 122وما بعدها).
والعجب في أحوال هذا الملحد أنه كان يدور مع مصالحه الدنيوية غير آبه بدين أو خُلق. فقد ألف كتابًا يرد فيه على دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، تقربًا للدولة العثمانية، كما اعترف بذلك فيما بعد، سماه "الفجر الصادق" ردّ عليه الشيخ ابن سحمان رحمه الله بكتاب "الضياء الشارق".
ثم لما احتل الإنجليز بلاده وانحسر نفوذ العثمانيين قلب ظهر المجنّ لهم، وأخذ يذمهم ويمدح الإنجليز الكفار بقصائد مُخزية!! منها قوله:
تبصر أيها العربي واتـركْ *** ولاء الترك من قــوم لئـام
ووالِ الإنجليز رجال عدلٍ *** وصدق في الفعال وفي الكلام
أحبُ الإنجليز وأصطفيهم *** لمرضيّ الإخاء من الأنــام
جلوا في الملك ظلمة كل ظلم *** بعدل ضاء كالبدر التمـام
هذا الزهاوي كان أول من دعا لسفور المرأة العراقية في شعره؛ ومن ذلك قوله:
أخر المسلمين عن أمم الأرض *** حجاب تشقى به المسلـمات
وقوله:
مزقي يا ابنة العراق الحجابا *** واسفري فالحياة تبغي انقلابا
وكتب مقالة طويلة بعنوان "المرأة والدفاع عنها" عقد فيها فصلاً بعنوان "مضار الحجاب"! راح يعدد فيه ما يراه عقله القاصر من سخافات لعله يُقنع العراقيين بباطله؛ كقوله مثلاً "إن الحجاب يسيء ظن الغربيين بنا؛ فإنهم يقولون لو كان المسلمون واثقين بعفة نسائهم لما ضغطوا عليهن هذا الضغط اللئيم؛ فأخفوهن عن عيون تطمع في النظر إلى وجوههن النضرة"!! (انظر: "الزهاوي، دراسات ونصوص، لعبدالحميد الرشودي، ص 112-117).
وهذه الحلقة الثالثة ستكون عن بلاد العراق التي تشهد هذه الأيام عودة الاحتلال النصراني البغيض لأراضيها. ولكن مما يطمئن المسلم أن كثيراً من أبناء المسلمين -ذكوراً وإناثاً- قد وعوا الدرس جيداً وعلموا مكر الأعداء وخبثهم؛ ولهذا لن يُلدغوا - بإذن الله- مرة أخرى، ولن تنطلي عليهم دعاوى المحتل الزائفة من نشر الحريات أو تحقيق العدل أو غيرها من الأكاذيب التي لا زال يروج لها.
فحق للمسلمين أن يقولوا له ما قاله المثل القديم: "كيف أصدقك وهذا أثر فأسك؟".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد كانت المرأة العراقية كغيرها من نساء العالم الإسلامي تلتزم الحجاب الشرعي الذي أمرها الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فتغطي وجهها عن الرجال الأجانب، واستمرت على هذا الحال الطيب إلى أن سقطت البلاد العراقية بيد المحتل الإنجليزي (عام 1917م في قصة يطول ذكرها) حيث أخذ أعداء الإسلام كعادتهم، أينما حلوا، يبعثون قضية السفور ويُشجعون دعاتها من المتمسلمين، وكذلك أتباع دينهم من أهل البلد المحتل؛ لتيقنهم أنها الخطوة الأولى لإفساد أبناء المسلمين، وإشغالهم عن مقاومتهم.
يقول الأستاذ عباس بغدادي في كتابه "بغداد في العشرينات" (ص 143) واصفًا حال المرأة العراقية ذاك الحين:
(أما العبي النسائية، فكانت من النوع الحريري الأسود، وأحسنها ماركة صائم الدهر، وماركة الشبئون المستوردات من سوريا. أما الفتيات الصغيرات والعرائس فلباسهن عباءات (أم جتف)، أي أن كتف العباءة مدروزة بالكلبدون أو البَكر، أو أن العباءة كلها منسوجة مثل إيزارات اليهوديات والمسيحيات. وينتهي لبس هذه العباءات عند انتهاء حفلة زواج البنت؛ ذلك أن ولادة الولد الأول يجعل العروس أماً ولا يليق بالأم أن تلبس مثل هذه العباءات، بل تحتفظ بها لبناتها حين يصبحن فتيات، والمرأة المحتشمة تلبس عباءتين: داخلية تُلبس على الكتف، وخارجية على الرأس مع (البوشية) التي تغطي الوجه ولا تمنع الرؤية، وهي سوداء عدا بوشيات اليهوديات والمسيحيات، فهي مصنوعة من الحرير والكلبدون، ويمكن رفعها إلى الأعلى وتسمى "بيجة").
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
بدأت الدعوة إلى السفور في العراق بواسطة شاعرين زنديقين مُلحدَين هما: جميل الزهاوي، ومعروف الرصافي.
أما أولهما فقد جاهر بإلحاده في ديوان شعر له لم يَسمح بنشره في حياته، سمّاه "النزغات"! وهو اسم على مسمى! فكله شكوك وحيرة، وإنكار للغيبيات، بل إنكار لوجود الله!
وقد قال الزهاوي في رسائله عن هذا الديوان: (وقصائد هذا الديوان لم تُنشر بعدُ في المجلات والجرائد، وسوف تُنشر بعد موتي؛ لأنها تُصادم آراء المتعصبين)!
ولو صدق الملحد لقال: تصادم دين الله عز وجل. ولكنه كغيره ممن يريد أن يستر إلحاده وكفره بمثل هذه الأعذار.
ثم قام الأستاذ هلال ناجي بنشر هذه القصائد في كتابه "الزهاوي وديوانه المفقود". (ص 122وما بعدها).
والعجب في أحوال هذا الملحد أنه كان يدور مع مصالحه الدنيوية غير آبه بدين أو خُلق. فقد ألف كتابًا يرد فيه على دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، تقربًا للدولة العثمانية، كما اعترف بذلك فيما بعد، سماه "الفجر الصادق" ردّ عليه الشيخ ابن سحمان رحمه الله بكتاب "الضياء الشارق".
ثم لما احتل الإنجليز بلاده وانحسر نفوذ العثمانيين قلب ظهر المجنّ لهم، وأخذ يذمهم ويمدح الإنجليز الكفار بقصائد مُخزية!! منها قوله:
تبصر أيها العربي واتـركْ *** ولاء الترك من قــوم لئـام
ووالِ الإنجليز رجال عدلٍ *** وصدق في الفعال وفي الكلام
أحبُ الإنجليز وأصطفيهم *** لمرضيّ الإخاء من الأنــام
جلوا في الملك ظلمة كل ظلم *** بعدل ضاء كالبدر التمـام
هذا الزهاوي كان أول من دعا لسفور المرأة العراقية في شعره؛ ومن ذلك قوله:
أخر المسلمين عن أمم الأرض *** حجاب تشقى به المسلـمات
وقوله:
مزقي يا ابنة العراق الحجابا *** واسفري فالحياة تبغي انقلابا
وكتب مقالة طويلة بعنوان "المرأة والدفاع عنها" عقد فيها فصلاً بعنوان "مضار الحجاب"! راح يعدد فيه ما يراه عقله القاصر من سخافات لعله يُقنع العراقيين بباطله؛ كقوله مثلاً "إن الحجاب يسيء ظن الغربيين بنا؛ فإنهم يقولون لو كان المسلمون واثقين بعفة نسائهم لما ضغطوا عليهن هذا الضغط اللئيم؛ فأخفوهن عن عيون تطمع في النظر إلى وجوههن النضرة"!! (انظر: "الزهاوي، دراسات ونصوص، لعبدالحميد الرشودي، ص 112-117).