تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إغتنام ساعات الاجابة بــ..



أم ورقة
02-12-2005, 04:57 PM
اغتنام ساعات الإجابة
بسؤال الله العافية

( وصلني ضمن قائمة السراج المنير البريدية)


-عن معاذ بن رفاعة قال: قام أبو بكر الصديق على المنبر، ثم بكى، فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر، ثم بكى، فقال: "سلوا الله العفوَ والعافيةَ، فإنَّ أحداً لم يُعط بعد اليقين خيراً من العافية" (1).
سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وتعالى أن يرزقه العفوَ الذي هو العمدةُ في الفوزِ بدارِ المعادِ، ثمَّ سأله أنْ يرزقَهُ العافيةَ التي هي العمدةُ في صلاحِ أمورِ الدنيا والسلامةِ من شرورها ومحنها، فكان هذا الدعاءُ من الكلمِ الجوامعِ والفوائدِ النوافعِ، فعلى العبدِ أن يستكثرَ من الدعاءِ بالعافيةِ؛ وقد أغنى عن التطويلِ في ذكر فوائدها ومنافعها مما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، فإنها إذا كانت بحيث أنه لم يعط أحد بعد اليقين خيراً منها، فقد فاقت كلَّ الخصالِ وارتفعت درجتها على كلِّ خيرٍ.
2-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من: اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة" (1).
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القول العام والكلام الشامل بأنَّهُ ما سأل العباد ربهم من المسائل المتعلقة بأمور الدنيا والآخرة أفضل من أن يسألوه أن يعافيهم، لأنَّ العمدةَ الكبرى،والمنحة العظمى في نيل السعادة الدنيوية والأخروية، هي العافية؛ وهذه الكلمة- كما ترى- فيها ما يبعثُ رغباتِ الراغبينَ إلى إدامةِ الطلبِ من رب العالمين أن يعافي، فمن رزق الاستكثار من هذا السؤال، وحظي بتكرير هذا الدعاء، فقد لاح له عنوانُ السعادةِ، وفُتحَ لهُ بابُ الفوز والنجاةِ .
3-عن أنس رضي الله عنه : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقومٍ مبتلين، فقال: "أما كان هؤلاء يسألون العافية؟!"(1).
وفي الحديث دليل على أن سؤالَ الله سبحانه وتعالى العافيةَ يدفع كل بلية ويرفع كل محنة ولهذا جاء صلى الله عليه وسلم بهذا الاستفهام بمعنى الاستنكار، فكأنه قال لهم: كيف تتركون أنفسكم في هذه المحنة والابتلاء؟ وأنتم تجدون الدواء الحاسم لها والمرهم الشافي لما أصابكم منها، وهو الدعاء بالعافية، واستدفاع هذه المحنة النازلة بكم بهذه الدعوة الكافية، وفي هذا ما يزيد النفوس نشاطاً والقلوب بصيرة باستعمال هذا الدواء عند عروض كل داء، ومساس كل محنة، ونزول كل بلية.
4-عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه: "أكثر الدعاء بالعافية" (1).
فلينظر العاقل مقدار هذه الكلمة التي اختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه من دون الكلم، وليؤمن بأنه صلى الله عليه وسلم أُعطي جوامع الكلم، واختُصرت له الحكم؛ فإن من أعطيَ العافية فاز بما يرجوه ويحبه قلباً وقالباً وديناً ودنياً، ووُقيَ ما يخافه في الدارين علماً يقيناً .
5-عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله عز وجل؟ قال: "سل الله العافية". فمكثت أياماً ثم جئت فقلتُ: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله؟ فقال لي:" يا عباس، يا عم رسول الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة" (1).
وفي أمره صلى الله عليه وسلم للعباس بالدعاء بالعافية بعد تكريرِ العباس سؤالَه بأن يعلِّمَه شيئاً يسأل الله به، دليلٌ جليٌّ بأن الدعاء بالعافية لا يساويه شيء من الأدعية ولا يقوم مقامه شيء من الكلام الذي يدعا به ذو الجلال والإكرام؛ وقد تقدَّم تحقيق معنى العافية أنها دفاع الله عن العبد، فالداعي بها قد سأل ربه دفاعَه عنه كلَّ ما ينوبه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عمه العباس منزلة أبيه ويرى له من الحق ما يراه الولد لوالده، ففي تخصيصه بهذا الدعاء وقصره على مجرَّد الدعاء بالعافية تحريك لهمم الراغبين على ملازمته، وأن يجعلوه من أعظم ما يتوسلون به إلى ربهم سبحانه وتعالى ويستدفعون به في كل ما يهمهم؛ ثم كلمه صلى الله عليه وسلم بقوله:"سل الله العافية في الدنيا والآخرة"، فكان هذا الدعاء من هذه الحيثية قد صار عدة لدفع كل ضر وجلب كل خير: اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين، آمين.
6-عن أنس رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله، أي الدعاء أفضل؟ قال:"سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة". ثم أتاه الغد فقال: يا نبي الله! أي الدعاء أفضل؟ قال:"سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، فإذا أعطيت العافية في الدنيا والآخرة، فقد أفلحت" (1).
أفاد هذا الحديث أن الدعاء بالعافية أفضل من غيره من الأدعية مع ما قدَّمنا من اشتماله على جلب كل نفع ودفع كل ضر، ثم في قوله صلى الله عليه وسلم في آخر هذا الحديث:"فإذا أعطيت العافية في الدنيا والآخرة، فقد أفلحت"دليل ظاهر واضح بأن الدعاء بالعافية يشمل أمور الدنيا والآخرة ، ثم رتب على ذلك الفلاح الذي هو المقصد الأسنى والمطلوب الأكبر.
7-عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلوا الله العافية" (1).
اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة.
هذا وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاؤه بالعافية في مواضع كثيرة، نذكر منها:
أ-عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه أمر رجلاً، إذا أخذ مضجعه،قال:
"اللهم! خلقت نفسي وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها. إن أحييتها فاحفظها، وإن أمَتَّها فاغفر لها. اللهم! إني أسألك العافية" فقال له رجلٌ: أسمعت هذا من عمر؟ فقال: من خيرٍ من عمر، من رسول الله صلى الله عليه وسلم(1).
ب-عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: "السلام عليكم أهلَ الديار، من المؤمنين والمسلمين. وإنا، إن شاء الله، للاحقون. أسأل الله لنا ولكم العافية"(1).
ج-عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَعُ هؤلاء الدعوات حين يُمسي وحين يصبح:"اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني، ودنياي، وأهلي، ومالي؛ اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي"(1).
العافية في الدين:السلامة من المعاصي والابتداعِ وتركِ ما يجبُ والتساهلِ في الطاعات، وفي الدنيا: السلامةُ من شرورها ومصائبها،وفي الأهلِ: السلامة من سوء العشرة والأمراض والأسقام وشغلهم بطلب التوسع في الحطام.وفي المال: السلامة من الآفات التي تحدث فيه، وستر العورات عام لعورةِ البدنِ والدينِ والأهل والدنيا والآخرة وتأمين الروعات كذلك، والروعات جمع روعة: وهي الفزع؛ وسأل الله الحفظ له من جميع الجهات، لأنَّ العبدَ بين أعدائه من شياطين الإنس والجن كالشاة بين الذئاب، إذا لم يكن له حافظ من الله فما له من قوة.وخصَّ الاستعاذة بالعظمة عن الاغتيال من تحته، لأن الاغتيال أخذ الشيء خفية، وهو أن يخسف به الأرض كما صنع الله تعالى بقارونَ أو بالغرق كما صنع بفرعونَ، فالكلُّ اغتيال من التحت (1).
وهذا الحديث من جوامع الأدعية، إذ أجمل السؤال من كلِّ خير والاستعاذة من كلِّ شر (1).
وفي الختام:نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يكتب العافية في الدنيا والآخرة،لمن قرأ هذه الكلمات، وبثها ونشرها في أنحاء البلاد، طمعاً بالأجر والثواب من الكريم الوهاب.
الترغيب في صوم المحرَّم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"(1).
وهذا الحديث صريح في أن أفضل ما تُطوِّع به من الصيام بعد رمضان صوم شهر الله المحرم، وقد يَحتمل أن يراد أنه أفضل شهرٍ تُطوِّع بصيامه كاملاً بعد رمضان. فأما بعض التطوع ببعض شهرٍ فقد يكون أفضل من بعض أيامه، كصيام يوم عرفة، أو عشر ذي الحجة، أو ستة أيامٍ من شوال، ونحو ذلك.
فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان، أعظم عند الله من المحرَّم.
ولما كان هذا الشهر مختصاً بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصِّيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى؛ فإنَّه له من بين الأعمال، ناسبَ أن يُختصَّ هذا الشهرُ المضافُ إلى الله بالعملِ المضافِ إليه، المختصِّ به، وهو الصيام.
شهرُ الَحرَامِ مباركٌ ميمونُ
والصَّومُ فيهِ مُضَاعَفٌ مسنُونُ

وثوابُ صائمِهِ لوجهِ إلهِهِ
في الخُلدِ عندَ مَليكِهِ مخزُونُ

الترغيب في صوم تاسوعاء وعاشوراء
أ-عن أبي قتادة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام عاشوراء، فقال:" يُكفِّر السنة الماضية"(1).
ب-عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيتُ إلى قابلٍ، لأصومنَّ التاسع"(1).
ج-عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة،فوجد اليهود صياماً، يوم عاشوراء. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟" فقالوا: هذا يومٌ عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرَّق فرعون وقومه.فصامه موسى شكراً فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فنحن أحق وأولى بموسى منكم" فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه(1).
د-عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حُلِيَّهم وشارَتَهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فصوموه أنتم"(1).
وقفة مع العام الجديد
يتعيَّنُ افتتاح العام بتوبةٍ نصوحٍ، تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية.
قطعتَ شُهورَ العامِ لهواً وغَفْلةً
ولم تحترِمْ فيما أتيتَ المحرَّما

فلا رَجباً وافيْتَ فيهِ بحقِّهِ
ولا صُمتَ شهرَ الصَّومِ صَوْماً مُتمَّما

ولا في ليالي عَشْرِ ذِي الحِجِّةِ الذي
مَضَى كُنْتَ قوَّاماً ولا كُنْتَ مُحرِما

فهلْ لكَ أنْ تمحُوَ الذُّنوبَ بعَبرَةٍ
وتبكِي عليها حسرَةً وتَنَدُّما

وتستقبِلَ العامَ الجَديدَ بتوبةٍ
لعلَّكَ أن تمحوَ بها ما تَقَدَّما

اللَّهُمَّ وَفِّقَنَا لِلتَّوبَةِ النَّصُوحِ الَّتِي تَمحُو بِهَا مَا سَلَفَ مِن ذُنُوبِنَا، وَيَسِّرنَا لِليُسرَى، وَجَنِّبنَا العُسرَى، واجعلنا ممَّن ذُكِّر فانتفعَ بالذكرى، وَاغفِر لَنَا وَلِوَالِدَينَا وَلِجَمِيعِ المُسلِمِينَ فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى، بِرَحمَتِكَ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ.