تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خطر السرورية ، أما أنت يالغنامي فقد أديت ماعليك تجاه الوطن .



المتأمل
01-31-2005, 07:46 PM
...............

كتبت قديماً مواضيع متعددة في الساحات والوسطية وغيرها عن خطر الجماعات السياسية الإسلامية على البلاد وكونها مفرخة ( بالخاء المعجمة ) للإرهاب العسكري .. وبينت فيها أن مُحاربة الإرهاب في السعودية وغيرها لن يكفيه الأسلوب الأمني الذي حققت فيه وزارة الداخلية الإنجازات المتتالية مشكورة ورجالها بإذن الله عنده مأجورين ..

لكن اليوم أعجبني مقالاً كتبه الأستاذ خالد الغنامي في جريدة الوطن السعودية يضع فيه النقاط على الحروف بخصوص الجماعة السرورية ومنشأها في السعودية ومكامن الخطر العظيم الذي تمثله على الأمة مالم يتم حلّها طواعية أو إكراهاً .. فالحاكم هنا يجب عليه أن يغيّر هذا المنكر العظيم بيده ولايحق له التهاون في معالجته حتى لا تغرق السفينة .. سفينة البلد بأكمله ..

لن أطيل عليكم ، بل سأترككم مع هذا المقال المميز عسى الله أن يجزي صاحبه خير الجزاء على صراحته ونصيحته .. وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم :

................................... .................

الذئب الصائل والحية الدفينة :

................................... .................

خالد الغنامي*

لو أردنا أن نكون منظمين في دراستـنا لإشكالية الإرهاب التي تعاني منها المملكة في الوقت الراهن. فإنه يلزمنا أن ندرس جميع الأطياف الدينية والسياسية الموجودة على أرضنا حتى نعرف من أين خرجت لنا هذه المشكلة. نحن نعلم أن المسلمين يمكن تقسيمهم من الناحية العقيدية إلى شيعة وسنة في المجمل، مع وجود أطياف أخرى مستقلة كالمعتزلة الذين هم أقرب الناس للشيعة الزيدية.

من ناحية فقهية كان الحظ الأوفر في الحضور للمدارس السنية (الأحناف والمالكية والشوافع والحنابلة) لأن هذه المدارس خدمها تلاميذها ومريدوها فانتشرت، وقد جاء في مقدمة كتاب (فلسفتنا) لمحمد باقر الصدر إقرار بأن الفضل فيما وصل إليه من مكانة علمية عالية، يعود لكتب الشوافع والأحناف، المدرستين العقليتين داخل البيت السني، بينما الحنبلية والمالكية سلفيتان على خلاف بينهما، فالمالكية تحصر مذهب السلف في عمل أهل المدينة النبوية والحنبلية تعممه. أما المعتزلة فالمعروف أنهم في الغالب من فقهاء الأحناف.

لو تجاوزنا الجانب العقدي والفقهي للموضوع وانتقلنا للجانب الحركي السياسي، وهرولنا مسرعين مختصرين المسافات الطويلة، لقراءة المشهد السعودي، وركزنا فقط على أهل السنة فقط لوجدنا أن عندنا ثلاثة أطياف كبيرة.

الطيف الأول :

هو التيار العام الكبير الممثل بفقهاء البلد من السلفيين السنة الممثل بهيئة كبار العلماء السعودية وتلاميذهم وأتباعهم، وهم في الغالب من فقهاء الحنابلة المنتمين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.


الطيف الثاني

هو تيار الإخوان المسلمين الذين جاءوا للمملكة منذ أكثر من أربعين سنة إلا أن تساهلهم العقدي والسلوكي جعلهم يصطدمون بالسلفية. مما جعل( الإخوان) ينتقلون لاستراتيجية نوعية في تاريخهم، فتمخضت هذه الجماعة فولدت جماعة جديدة هي مزيج من حركة الإخوان المسلمين وتنظيمهم والسلفية. هذه الجماعة الجديدة هي ما يعرف اليوم باسم (السرورية) التي انشقت عن السلفية.

تنسب السرورية لشيخ سوري اسمه محمد سرور بن نايف زين العابدين يقيم في بريطانيا.هذا الرجل قام بالتدريس منذ قرابة ثلاثة عقود في أحد معاهدنا العلمية الدينية، وكون له قاعدة جماهيرية ما زالت تزوره هناك في بريطانيا وتستضيف أصدقاءه هنا. واستطاع هذا الرجل الداهية (سرور) أن يجذب الناس إليه وأن يكون مرجعية للمتأثرين به في مجال العقيدة والتكفير، برغم أنه يغلب على كتاباته الطابع الصحفي لا العلمي، من خلال التمسح بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والثناء عليها في مجلته التي أسماها (السنة).


هذا الرجل عقد محاضرة في أحد المراكز الإسلامية في إنجلترا عام (1996) ووصلت لبلدنا مسجلة، صرح فيها أمام الملأ بتكفير بطلنا الوطني الذي أنقذ البلاد في (1990 - 1991) من جيش جرار كان يقف على حدودها ويريد أن يستبيحها ويشرد أهلها، أعني بالبطل الوطني الملك فهد بن عبد العزيز. هذا هو جزاء هذا الرجل من السروريين: التكفير.

هذا الطيف الذي انشق عن السلفية الأصلية، والذي صار أكبر من شخص محمد سرور نفسه، طيف (تكفيري ساكن) بمعنى أنه يكفر لكنه لا يرى الخروج بالسيف لأنه يتعارض مع المصلحة.
ثم برز على السطح طيف ثالث انشق عن الطيف الثاني، وهم جماعة من الشباب الذين لا يحبون التعقيد والتركيب بسبب طبـيعتهم القبلية، فلسان حالهم يقول : إما أن يكون الحاكم مسلماً فله منا السمع والطاعة وإما أن يكون كافراً فنحمل عليه السلاح.

القتالي بسيط يعتمد في نظرته للحياة والدين على ترديد الآيات والأحاديث محاولاً فهم هذه النصوص بدون إعمال عقله الذي لم ينمُ ولم يتطور أصلاً,، ولم يستحضر أبدا في ذهنه رؤية كاملة الأطراف. علاقة الخالق بالمخلوق بالنسبة له لا تتجاوز علاقة الأمر والنهي والخوف من النار ورجاء دخول الجنة، وهو إنسان لا يعترف بسقوف ولا يعترف بمشايخ هو والنصوص وربه فقط. هذا التيار هو ما أسميه (التكفيري القتالي).
هذا الطيف أقرب الناس للرجوع للحق إذا اقتنع به، فهو لا يعرف التنظيم الحزبي الذي يغرق السروريون في هياكله التنظيمية المعقدة.

البعض يقولون لي : لم أنت سيئ الظن بالسروريين، لماذا تقسو عليهم أكثر من القتاليين فكل ما يريدونه هو صلاح المجتمع؟

فأقول: معرفتي بالسروريين تجعلني لا أغتر بكونهم لا يقومون بأعمال العنف الآن، وأنهم يتركون التكفيريين القتاليين يقومون بهذه الحرب بالوكالة عنهم، ولو سألتني أيهما أخطر السرورية أم التكفيرية المقاتلة لقلت لك : برغم أن (التكفيري القتالي) هو الذي يمارس العنف الآن،إلا أنني أرى أن السرورية أخطر بكثير لأنها هي الحية الأم التي يخرج من رحمها كل هؤلاء. هي الجرح الذي يخرج منه الصديد. وإذا بقينا نمسح الصديد ونترك الجرح النازف فإننا لن نصنع شيئاً ولن ننعم بالهدوء بعد تصفية آخر (تكفيري قتالي) إلا بمقدار ما تلد السرورية مولوداً جديداً لا يلبث أن ينظر إليها باحتقار.


مما سبق تبين أننا بين ذئب صائل وحية في جحر. (التكفيري القتالي) هو الذئب الصائل على المجتمع السعودي الآن، ولا أظن أنهم سيصمدون طويلا أمام ضربات رجال الأمن المتواصلة، نظراً لقلة أعدادهم ولأن المجتمع نبذهم الآن (كان يجب أن ينبذهم من البداية، لكن هذا هو الواقع المر).


أما الحية التي في الجحر فهي (السرورية) التي وضعت كل هذا البيض الفاسد. هم الذين كفروا بالحاكمية زعماً أن القوانين المدنية التي يسمونها الوضعية مخالفة لشرع الله مخالفة لا يبقى للدولة كلها إسلام إن هي حكمتها.


هم الذين كفّـروا بمجرد كون الدولة لها علاقات سياسية دولية بحجة أن هذا يهدم الولاء والبراء، ونحن نعلم أن عصور الإسلام الأولى ليس فيها أية كتب عن الولاء والبراء وأنه اصطلاح حادث. صحيح أنه بني على آيات كريمة، لكنه وظف توظيفاً سياسياً يقرب السرورية من حلمها الكبير (الاستيلاء على الكرسي)، فالسرورية تؤمن بوجوب إعادة الخلافة التي تجمع كل المسلمين تحت رجل واحد، (انظر على سبيل المثال : كتاب محمد العبدة عن حركة النفس الزكية وكيف نستفيد منها. وهم كثيراً ما يكررون شعار (أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم) الذي يكفر ضمنياً كل الحكومات الإسلامية بلا استثناء.


بالتأكيد مشايخ السرورية لا يفجرون ولا يقتلون (الآن) لكنهم يقدمون دعما لوجستياً متكاملاً للتكفيري القتالي ويقفون من ورائه ويتعاطفون معه. وقد رأيت بعض مشايخهم يظهر على (قنواتنا) فيطلب منه إدانة جريمة تفجير ما، فيكتفي بتخطئة العمل. تخطئة خفيفة على طريقة " من اجتهد فله أجر واحد". يعني فجر المجمعات واقتل الأطفال الأبرياء ثم يكون مصيرك الجنة لأنك مجتهد.

هذا منطقهم وهذا ما هدتهم إليه عقولهم الدموية. كيف بعد كل هذا يقال لي أحسن الظن. أنا لست ممن يحمل الأحقاد ولا ممن يرغب في حشر القط في الزاوية وإقامة محاكم التفتيش و(مكارثية سعودية) لكل من أخطأ في الماضي، فكلنا أخطأنا أخطاء جسيمة، كلنا ظلمنا أنفسنا ظلماً كثيراً وإنما أقول:

هذا هو الباب مفتوح للحية المشهورة بقدرتها على الانسلاخ من جلدها بين حين وآخر ولكل من أراد الخروج من الظلمة للنور، ومن ضيق العيش والجلسات التي تشبه جلسات تجار المخدرات إلى سعة الحياة، ومن ثقافة الكراهية والموت والانتحار إلى فلسفة الحب والسلام.