تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة..



المتأمل
01-28-2005, 05:55 AM
في الحديث الصحيح والمشهور عنه يحكي الصحابي ‏حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن ‏ ‏رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ وصف أحوال الُحكم المتتالية ‏ على الأمة الإسلامية بقوله:

- تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ..

- ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ..

- ثم تكون ملكا ‏ ‏عاضا ‏ ‏فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ..

- ثم تكون ملكا ‏ ‏جبرية ‏ ‏فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ..

- ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت عليه الصلاة والسلام .

‏ وهذه المعجزة النبوية قد انطبقت حتى الآن على الألف والأربعمائة وخمس وعشرون عام السابقة من ُعمر الأمة الإسلامية،ومن المؤكد أنها ستنطبق على ماتبقى من ُعمر هذه الأمة . لكن الشاهد هنا من الحديث : أن منهاج النبوة في الحكم لم ُيتاح له أن يحكم الأمة أكثر من بضع عشرات من السنين وهي فترة الخلافة الراشدة ، أما مابعدها أي من بداية الدولة الأموية من عهد معاوية رضي الله عنه وحتى عصرنا الحالي فإن منهاج الحكم كان ملكياً إما عاضاً أو جبرياً ، وعلينا أن ننتظر ( أو نسعى ) نحن المسلمين حتى يكتب الله عزوجل لنا ُحكماً إسلامياً على منهاج النبوة ..!!

وأسلوب الملوك في الحكم حتى لو كانوا أنبياء أو صالحين هو حكم متسلط وجبري وصفه الله عزوجل على لسان بلقيس عليها السلام بقولها: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة .. وصادق عزوجل على وصفها بقوله : وكذلك يفعلون ..!!

ولذلك فإن نبي هذه الأمة عندما خيّره رب العباد بين أن يكون ملكاً نبيا، أو عبداً نبيا .. إختار الأخيرة حتى يكون متماشياً مع ماكتبه الله عليه من صفات الُخلق العظيم والُبعد عن الفظاظة وغلاظة القلب التي يتصف بها الملوك في حكمهم المتسلط والمتجبر على خلق الله وعباده ..

وللأسف فإن الجماعات السياسية الإسلامية على ُكل تصنيفاتها سواء الجهادية أو السرورية أو حتى الإخوانية والتحريرية، والتي تدعي أنها تسعى لإقامة وإعادة الخلافة الراشدة نراها انتهجت وتنتهج سلوكاً جبرياً في تعاملاتها وتطبيقاتها العملية أسوأ مما عليه ُحكام وملوك الأمة الإسلامية .. وكأن لسان حال الأمة تجاههم يقول: جيتك يا عبدالمعين حتى تعينني،لقيتك ياعبدالمعين تنعان ..!!

ولعل تجربة الأخوان في عهد النميري ، والجهاديين في عهد طالبان ، والجماعات الإسلامية في مصر والجزائر .. كل هذه التجارب دليل على أن خطاب الإسلاميين المعاصرين لادخل له بأسلوب ومنهاج النبوة اللهم إلاّ بالإسم والعنوان ..

ولعل الأمة إن شاءت أن تستجلب ُحكماً على منهاج النبوة أن تعمل على نشر الأسلوب النبوي المتسامح والرحيم البعيد عن سوق عامة الناس وخاصتهم بالجبر والتسلط‏ ، وأن ننشر ثقافة الدعوة الى الله بالحكمة وبالطريقة والمنهاج النبوي،لا بالأسلوب الفظ والمتجبر الذي تنتهجه جماعات الإسلام السياسي ومن ينهج نهجها ..

والله وحده ولي التوفيق .