تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : :::بل من أجل الدعوة :::



منال
12-17-2004, 04:13 AM
:::بل من أجل الدعوة :::
لفضيلة الشيخ
سلمان بن فهد العودة

هذه أمة ولود، ودود، معطاء، لا تزال غضة الإهاب، موفورة الشباب، قادرةً -بإذن الله- على تعويض النقص الذى يطرأ عليها كلَّ حين.. تبدلت دول، وذهب رجال، وتحطمت مشاريع وأعمال، لكنَّ الأمة باقية.
ومصير الإسلام مربوط بمصير الأمة، لا بمصير فرد، ولا جماعة، ولا مؤسسة، ولا حتى دولة، الإسلام أكبر من كل ذلك، وإن من الخطأ أن نربط مستقبل الإسلام، أو مستقبل الدعوة الإسلامية بما يؤول إليه أمر هذه الجماعة أو تلك، أو بمقدار ما يمنحه هذا الفرد أو ذاك، أو بسبب استمرارية نشاط نعتقد أنه إيجابي وبنّاء.

نعم، ثمة جهات كثيرة ذات تأثير واضح في دفع عجلة الدعوة، وثمة أحداث بارزة، وشخوص وأعمال، ولكن هذه كلها وسائل قد يقوم غيرها مقامها، وقد يموت شخص فتحيا أمة، أو يبدل الله الناس خيرًا منه.

إذا مات فينا سيـد قام سيد >> >>قؤول لما قال الكـرامُ فعـولُ

وما مات فينا سيد حتفَ أنفه >> >> ولا طُلَّ منا حيث كان قتيل

يقرب حبُّ الموتِ آجالـنا لنا >> >> وتكرهـه آجالُهم فتطـول

إن مما يؤذي النفس أن يربط الناس مصير الدعوة في بلد أو أمة بمصير أشخاص، مهما عظموا وجلّوا في عيون الناس؛ فالإنسان بشر محدود العمر، محدود المواهب، محدود الإمكانيات، وهو عرضة لأن يجتهد فيخطئ ويصيب، كما هو عرضة لأن يفعل شيئًا دون اجتهاد، وهو رهن المؤثرات المحيطة به: الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والنفسية، ولا ينفك عنها بحال.
الكثيرون يجعلون أيديهم على قلوبهم، نخاف أن يوصد هذا الباب، أو يمنع هذا السبيل، أو يحال بين هذا الخطيب ومنبره، وبين هذا الكاتب وقلمه، وأقول: كان ماذا؟ وكم لله من خطيب، وكاتب، وداعية؟ وكم للخير من أبواب وأسباب ؟ !

نعم، ليس عليك من حرج أن تحزن لغلق باب من أبواب الخير، لكن الحرج أن تعتبر مصير الدعوة مرتهنًا بهذا الأمر، ولا يلام الناس إذا تأثروا بخفوت صوت، أو غياب كلمة حرة صادقة، لكنهم يلامون إذا كانوا يعدون مستقبل الدعوة تحطم وانتهى بسبب هذا.

الأمة -معاشر الأحباب- معطاء، ولود، وإذا سكت صوت خلفه ألف صوت، وإذا مات خطيب فسوف يأتي الله بألف خطيب، كلهم يقتفون الأثر، ويتبعون السبيل.

إننا بهذه الطريقة نحمّل الناس ما لا يحتملون، ونَئِدُ- شئنا أم أبينا-كل نابتة خير في الأمة، فمن ذا الذي يملك أن يتحمل مستقبل الدعوة، فيحاسب على أنه هو "الدعوة"، وهو "المستقبل"، وهو "الواقع"، مَن؟

إنما العدل أن يوضع كل شخص في مكانه الطبيعي، وبحجمه المعقول، لا نبخس الناس أشياءهم، ولا نهضمهم حقوقهم، ولكننا لا نرفعهم فوق قدرهم، ولا نحمّلهم ما لا يحتملون، ولا يطيقون.
وفي فترات الضعف والتردي، إذا تهيأ للناس واجهة علّقوا عليها كل شيء، وبدلاً من توزيع الأدوار والمسؤوليات والتبعات، يستسهل العامة الإلقاء بالأمر على " أقرب مذكور"؛ ولهذا تجد الكثيرين يسرقون أنفسهم من الأضواء، ويختفون من الساحة في صمت؛ لأنه لا قبل لهم بهذه الأعباء الثقال، التى تولدت عن إلباسهم جُبَّة اسمها "الدعوة"، واعتبارهم ناطقين باسمها، ومعبرين عنها.

إن الله تعالى يقول: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور:21]،

ويقول سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر:38]،

ويقـول جل جلاله : (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا) [النحل:111]،

ويقول عز من قائل: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء:13]،

فمن أيِّ نص أخذ بعض أهل الزمان أن من كان شيئًا يجب أن يكون كل شيء؛ ليلقوا المسؤولية عن أعناقهم وكواهلهم، ويبرئوا ساحاتهم؟

إن الفرق بينك وبين فلان، هو أنه قام بواجب ما قمت به أنت، فجزاه الله خيرًا وبارك في علمه، وأصل التكليف بينكما واحد، ولا يبعد أن لديك من الذكاء الفطري، أو قوة الحفظ، أو سعة العقل، أو شمولية الشخصية ما ليس عند غيرك، فلماذا تنسى نفسك، وتدفن مواهبك، ثم تعاتب من تحامل على نفسه، وعمل بما يستطيع، وقصر هنا أو غفل هناك؟

mohammad
12-17-2004, 04:56 AM
:فلماذا تنسى نفسك، وتدفن مواهبك، ثم تعاتب من تحامل على نفسه، وعمل بما يستطيع، وقصر هنا أو غفل هناك؟





لأن الانسان بطبيعته يعمى عن نفسه مهما عملت، وهو شديد التمييز لأخطاء الآخرين........إلا من رحم ربي

منال
12-17-2004, 05:23 AM
ومن هنا نحاول تطبيق ((رحم الله امرىء اهدى الى عيوبى))

بارك الله فيك اخ محمد وزادك ايمانا وتقى