تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مانع سعيد العتيبة في قصيدة تفيض حزناً على ابنته الصغيرة



mohammad
12-11-2004, 11:47 PM
مانع سعيد العتيبة في قصيدة تفيض حزناً على ابنته الصغيرة والتي افتقدها وهي لم تكمل عامها الثاني إثر تسللها إلى حوض السباحة في غفلة من عيون الأهل ، وكانت نهاية مفجعة تركت في نفس الأب الشاعر ألاماً مبرحة وحزناً عميقاً عبرت عنه أبيات قصيدة الرثاء هذه التي نظمها في وداع طفلته .



بَـشـائـرُ نـاداك قلبي أجيبي****ولا تـتـركـيني لِصمتٍ رهيبِ

أنـا جـئـتُ حتى أراكِ فقولي****كـمـا اعْتَدْتِ بابا حبيبي حبيبي

فـصَـوتُـكِ كـان يُريحُ عنائي****ويَـلْـمَـسُ دائـي بكف الطبيبِ

فـكـيـفَ يـغـيـبُ بِلا عودةٍ****غِـنـاء الـحساسينِ والعندليب

بــشـائـرُ رُدِّي ولـو مـرةً****وقـولـي : أحـبكَ بابا وغيبي

فـمـا لي احتجاجٌ على ما أرادَ****إلـهـي وهـذا الـغيابُ نصيبي

لـك الـحمدُ يا ربُّ في كل أمرٍ****وإنـك تـعـلـمُ مـا في القلوبِ

وأنـتَ الـرحـيـمُ وأنت الكريمُ****وأنـتَ الـمُـفَـرِّجُ لَيْلَ الكُروب

وهـبـتَ وأجـزلتَ فينا العطاءَ****وإن ْ تَـسْـتَـرِدَّ فما منْ هروبِ

لـكـل ابـتـداءِ خِتامٌ وشمسي****قـبـيل الشروق مَضتْ للغروبِ

بـشـائـرُ كـانـت كَزَهْرةِ فُلٍ****شـذاهـا يَـضُوعُ بأجملِ طيبِ

وكـنـتُ إلـيـهـا أحجُّ بشوقٍ****لأرتـاح مـن طاحنات الحروبِ

وأنـسـى لـديـها جراح فؤادي****وكـيـدَ الأعادي وشوكَ الدُّروبِ

بـشـائـرُ كانت ضِياءَ الأماني****ونـبضَ الأغاني فيا عينُ ذُوبي


وهَـاتـي دُمـوعَ الـعَزاء فإني****أرى الـحُزنَ يُنشِبُ أنياب ذِيبِ


وأشـعـرُ أنّ سـمـائي غزاها****مـع الـصـبحِ جيشُ لليلٍ كئيبِ

ولـولا يـقـيـنـي بِعَدْلِكَ ربي****لـزَلْـزَلَ شُـمَّ الـجبال نَحيبي

دخـلـتُ إلـى الدار بعد الغياب****فـمـا غابَ عني شعورُ الغريبِ

وقـالـتْ لـي الدارُ في لوعةٍ ****عَـهِـدتُـكَ صلباً أمام الخطوبِ

فـما لي أرى الحزن في مقلتيك****يَصُبُّ على الوجهِ لوْنَ الشحوبِ

تـجـلـدْ فـإنَّ ( بشائرَ ) رُوحٌ****إلـى الله تـمـضي بغيرِ ذنوبِ

جـنـانُ الـخلودِ بها استبشرتْ****فـمـا منْ خطايا وما منْ عيوبِ

ومـا قـالـتِ الـدارُ إلا الـذي****أُحـسُّ بـهِ كـانـدفـاع اللهيبِ

نـعـمْ لسْتُ أنكِرُ حُزني العميقَ****ولا نـبـضَ قلبي يُداري وجيبي

بـشـائرُ كانت غزالي الصغيرَ****وهـذا الـغـزالُ كـثيرُ الوثوبِ

وفي جُبِّ حَوضِ السباحة غاصتْ****عـلـى غفلةٍ من عيون الرقيبِ

وضـاعـتْ بـشـائرُ في لحظةٍ****ومـا الـموتُ غيرَ البعيدِ القريبِ

إرادةُ ربـي ومـالـي احـتجاجٌ****فـيـا قـلبُ صَلِّ ويا نفسُ تُوبي

وداعـاً بـشـائـرُ يـا مهجتي****فـأنـتِ إلـى دارنـا لنْ تؤوبي

ولـكِـنـنـي سوف ألقاكِ حَتْماً****لـقـاءِ الـخـلـودِ بيومٍ مَهيبِ

تَـحـمَـلْـتُـكِ آخِرَ يَوْمٍ وقلبي****يَـدُقُّ عـلى الصدر كالمستريبِ

وحـيـنَ تـواريتِ تحتَ الترابِ****تّـذكرتُ ضِيقَ الوجودِ الرحيبِ

وقـفـتُ أمـام الـقبور بصمتٍ****كـأنـي الـمُسَمَّرُ فوق الصليبِ
حـبـستُ دُموعي لِكي لا تفيض****فـأعـجزُ عنْ صَدِّ دفقِ الصّبيبِ

فـلا حـولَ عِـنـدي ولا قـوةً****هُـوَ اللهُ حَـسْبي ونِعم الحسيبِ