تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فن الإرواء العاطفي... مفيد للمتزوجين



mohammad
12-11-2004, 12:37 AM
مجلة المنـار 08/12/2004
بقلم : رانية حسين جمبي




إن أنسى أبدا لا أنسى ذلك المشهد الذي رأته عيناي وأنا معتكفة في الحرم أيام رمضان, كل منا لازمت ركنها الذي اعتادت الجلوس فيه في مكان خاص فقط بالنساء,
فإذ بشاب ملتح ظهرت عليه أمارات الصلاح قد دخل إلى المكان المختص بالنساء أسبلت خماري على وجهي وللوهلة الأولى امتعضت لدخوله في مكان النساء لكن شدني سلوكه العجيب الذي قلَّ ما نرى مثله في حياتنا اليوم كان يعين امرأة معه على السير وكأنه يحتضنها بإحدى يديه وباليد الأخرى كان يحمل حقيبتها وحذاءها أكرمكم الله وعندما شرعت في الصلاة كان واقف بجانبها ينتظرها, فوالله لم أره يلتفت لا يمنة ولا يسرة كان طوال الوقت منكسا بصره نحو الأرض ينتظرها تنتهي من الصلاة كان منظرا جميلا للغاية أثار استغراب الجميع فوالله كنت أسمع النساء بأذني يسألن من تلك التي بجانبه؟!, أنظري إلى أدبه معها !! أكيد أكيد إنها أمه؟ ياله من ولد بار.
لم تستطع إحدى الخالات العاملات في الحرم أن تلجم كبح فضولها فذهبت إليه وسألته: أرجوا أن تكون الوالدة بخير؟ إنها ليست والدتي بل زوجتي مريضة تتألم من بطنها ولا تقوى على السير بمفردها ثم أمسك بيدها وضمها إلى عضده وأخذ يسير بها بكل حرص وهدوء كانت زوجته جدا متعبة لم تتمالك نفسها فسقطت على الأرض من شدة التعب لم نستطع التدخل لقرب زوجها منها لكن ما أثار استغراب النساء حنانه العاطفي المتدفق في تعامله مع زوجته في هذه الأزمة فوالله لقد ضمها إلى صدره ووضع يده الأخرى على بطنها وأخذ يرقيها بكتاب الله وكأني به قد كسر أغلال جمود العادات والتقليد ولم يأبه بها على جمع من الناس مع أنه يبدو عليه أنه من أبناء الجزيرة .
بل إن ما أثار الضحك والحزن معا في نفسي أمام هذا الموقف ما رأيته بأم عيني وسمعته بأذني وأحسست به عن مدى النقص والحرمان العاطفي الذي يفتقده النساء من أزواجهم على الأقل، في ذلك الحضور رأيت النساء يتجمعن وكأنهن للمرة الأولى يرون زوجا يرقي زوجته على ملأ من الناس, بل كانت صديقتي تقول لي :أنظري كيف يحبها ؟ أنظري كيف يتعامل معها وتقول أخرى يا ليت أزواج بناتي كهذا يحبونهم ويقدرونهم وإذا بأخرى تتجه نحو القبلة وتقول يا رب أرزقني زوجا يحبني كهذا، الكل ينظر إليهم بنظرة حالمة وكأنهن عطشى قد وردوا على عين ماء في صحراء قاحلة.
بل لم أستطع أن أكتم الضحك بين خلجات نفسي عندما سمعت إحداهن تتأفف وتقول ما هذا فليذهب بها إلى المستشفى لماذا يمسكها هكذا؟ قلت لها عزيزتي..إنها زوجته. قالت أعلم أنها زوجته ولكن سوف يصابان بعين؟ أيقنت حينها مدى الفقدان العاطفي الذي يتعطش إليه نساءنا وإلا لم العين في مشهد جميل كهذا؟!, لو أن كل زوجة قد ارتوت عاطفيا من زوجها وكل ابنة اعتادت أن ترى ذلك التدفق العاطفي بين أمها وأبيها لما كان ذلك الإنبهار والاستغراب والتساؤل.
تساءلت كثيرا بعد هذا الموقف لِمَ نعجز ونستحي كزوجين أن نظهر أجمل ما لدينا من تدفق عاطفي في حين يتنافس أعداء الإسلام وأتباع الهوى في إظهار أجمل ما لديهم في علاقة محرمة آثمة.
بل لم يمتنع الزوج أو تمتنع الزوجة أو كلاهما معا عن التعبير عن أرهف مشاعر الحب بكلمة حب حالمة ولمسة متلهفة وقبلة دافئة في حين يرفع أعداء الإسلام راياتهم بذلك؟!. بل لم لا يجيد كلا الزوجين فن إيصال التدفق العاطفي وإروائه بكلماتهم ونظراتهم ولمساتهم بل وحتى دموعهم الصادقة كبرهانٍ عن مدى عمق حبهم؟ أيستطيع البعض تفعيل هذا الفن في علاقة محرمة آثمة ويعجز بل ويتقاعس أن يستخدمها مع زوجته وشريكة حياته؟! أخبروني بربكما ما قيمة الجوهرة الثمينة إن حبست ولم تظهر ولم يتزين بها؟
كذا الحب ومشاعر الشوق والود بين الزوجين ما قيمتها إن كانت حبيسة القلب واللسان؟ لم لا يكون كلا الزوجين بحرا من الحب لا ساحل له يغمر بعذب وصاله كل أفراد العائلة حتى لا يشعر أي فرد منهم بالعطش بعدها؟!. لم يعجز الزوج أقصد يستحي أن يقول لزوجته أنت حبيبتي, أنت شطر روحي, إني أحبك ولولا انشغالي لقضيت العمر كله معك, أو ليست كلمة طيبة تؤجر عليها,أليس لها فعل السحر في عناق أرواحكما.
أخبرني بربك أليس قدوتك صلى الله عليه وسلم ؟ اسمعه بل تأمل واستشعر معي قوله لعائشة: (ما أبالي بالموت بعد أن عرفت أنك زوجتي بالجنة) مشاعر متدفقة, بحر لا ساحل له من الحب قد امتد حتى الآخرة. أيها الزوج إن عجز لسانك عن البيان عما في قلبك من الحب والامتنان فاجعل عينيك تخبرها بذلك .
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك
واجعل لمسات يدك تهمس إليها بذلك واجعل من أفعالك برهانا على ذلك. وأنت أيتها الزوجة بيديك أسقه الحب, اجعلي لمسات أناملك الناعمة تخبره بذلك, لا تنسي, عطرك وجمال هندامك ودلالك سيكون بريد حب إن أردت أنت ذلك. اكتبي على الورق مشاعر الحب نحوه وألصقيها بالجدار واجعليها تستقبله عند دخوله البيت. جربي ولترينَّ عليه أبلغ الأثر.
أتعجب كيف يمتنع الزوج أو الزوجة أو كلاهما معا عن ممارسة الإرواء العاطفي بينهما وبين أبنائهم على الرغم من شدة أهميته في حياتهما إن الحب يقلب البيت جنة والحزن فرحة والدمعة بسمة فبالحب تقال العثرات وتمحى السيئات وتشهر الحسنات فما الزواج إلا تفاهم عقلين وتعانق قلبين وتجاذب جسدين وما أروع ذلك إن كان بالحب . ولننظر إلى أثر الحب لو جف ماؤه بين الزوجين وانعدم عذب وصاله بين الروحين :
طال السهاد وأرقت عيني الكوارث والنوازل
لما جفاني من أحب وراح تشغله الشواغل
أين الحديث العذب منك وأين ولى سحر بابل
إني أسائل أين عهدك في الهوى إني أسائل
فوالله لو تأملنا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مع زوجاته لرأينا عجبا في مدى التدفق العاطفي الذي يتعامل به مع زوجاته ألا يدل تقبيله لزوجاته حتى عند صيامه وذهابه للصلاة على كثرة تقبيله لهم؟ ألا يدل ذلك على مدى التدفق العاطفي الذى كان يغمرهم به؟ ألم يكن صلى الله عليه وسم يضع رأسه على فخذ عائشة وهي حائض ويقرأ القرأن؟ كم لذلك من أثر أن يضع الزوج رأسه على فخذ زوجته أو في حجرها وهو يتحدث معها ويداعبها أقسم أنها عبادة ألم تسمع قوله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (إن الرجل إذا نظر إلى امرأته نظر الله إليهما نظرة رحمة فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبه من خلال أصابعهما) بل تأمل معي أروع من ذلك، إلى آخر لحظة من حياته صلى الله عيه وسلم وتدفقه العاطفي مازال ينبض مع آخر نفس استل من جسده الطاهر وكأني به صلى الله عليه وسلم وهو في حضن حبيبته عائشة مابين سحرها ونحرها وعش معي بإحساسك مشاعر الحب المتضرمة في ذلك الوقت العصيب حبيبها وقرة عينها في حجرها مابين سحرها ونحرها وبعينها تترقب آخر لحظات حياته؟ أتعجب كيف لقلبها الصمود ؟ مشاعر مخنوقة تريد الصراخ ؟ تتشبث روحها بروحه وهو في حضنها, تتوجع الدموع وهي تفجع بفقد حبيبها لتترك في نفسها ذكرى حالمة عذبة تذكره بها . حتما ستذكر كلماته لها (ما أبالي بالموت بعد أن عرفت أنك زوجتي بالجنة).

fakher
12-12-2004, 10:13 AM
:D