تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : غزوة الأحزاب .. وأحزاب الغزو الجدد !!



bill
12-08-2004, 07:52 PM
غزوة الأحزاب .. وأحزاب الغزو الجدد !!

د. أحمد محمد بحر

روى ابن هشام في سيرته أنه كان من حديث الخندق أن نفراً من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضري وحيي بن أخطب النضري وكنانة بن حقيق النضري وهوذه بن قيس الوائلي في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل، وهم الذين حزَّبوا الأحزاب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، خرجوا حتى قدموا على قريش مكة فدعوهم إلى حرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقالوا: إنا سنكون معكم حتى نستأصله، فقالت قريش: يا معشر يهود إنكم أهل كتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه فهم الذين أنزل الله تعالى فيهم: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً* أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا " النساء آية51-52.

فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاجتمعوا لذلك واتّعدوا له. ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا إلى غطفان فدعوهم إلى حرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه، وأن قريشاً قد تابعوهم على ذلك فاجتمعوا معهم فيهم، وفي رواية أن اليهود أغروا غطفان بأن يدفعوا لهم مقابل ذلك كل تمر خيبر لسنة واحدة فوافقوا على ذلك. ونجح اليهود في تأليب قريش وغطفان ليكون معهم عشرة آلاف مقاتل ضد محمد (صلى الله عليه وسلم) أربعة آلاف من قريش وأحلافها، وستة آلاف مقاتل من غطفان وأحلافها. يقول الشهيد سيد قطب معقباً على هذا الحادث في ظلاله 2/681 "وكان عجيباً أن يقول اليهود: إن دين المشركين خير من دين محمد ومن معه، وأن المشركين أهدى سبيلاً من الذين آمنوا بكتاب الله ورسوله ولكن هذا ليس بالعجيب من اليهود ... إنهم يشوهون بوسائل الدعاية والإعلام التي في أيديهم كل حركة إسلامية ناجحة على ظهر الأرض، ويعينون عليها أهل الباطل لتشويهها وتحطيمها بالضبط كما كانوا يعينون مشركي قريش ويستنصرون بهم في الوقت ذاته لتشويه الحركة الإسلامية الأولى وتحطيمها. ولكنهم أحياناً لخبثهم ولتمرسهم بالحيل الماكرة ولملابسات العصر الحديث قد لا يثنون ثناء مكشوفاً على الباطل وأهله. بل يكتفون بتشويه الحق وأهله ليعينوا الباطل على هدمه وسحقه. ذلك أن ثناءهم المكشوف في هذا الزمان أصبح متهماً، وقد يثير الشبهات حول حلفائهم المستورين، الذين يعملون لحسابهم، في سحق الحركات الإسلامية في كل مكان".

وما أشبه اليوم بالبارحة فقد تجمعت الأحزاب في غزوة الخندق لاستئصال شأفة الإسلام في المدينة المنورة فردهم الله خائبين مخذولين " وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا" الأحزاب آية25.

واليوم تتجمع الأحزاب من صليبية حاقدة، وصهيونية ماكرة، وكفر بواح ونفاق مأجور كلهم يرمون المسلمين عن قوس واحد في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي كل مكان تظهر قوة الإسلام ترى الأحزاب تتجمع من كل حدب وصوب لمحاربة الحق والقضاء عليه، ففي فلسطين حين برزت المقاومة وعلى رأسها حركة حماس تجمع الأحزاب من عجم وعرب في شرم الشيخ عام 1996م للقضاء على روح المقاومة فلم يفلحوا، بل زادت جذوة المقاومة فأقضت مضاجع العدو الصهيوني وكبدته الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات، حاولوا تجفيف منابع المال عن المسلمين، وفي نفس الوقت أغرقوا المنطقة بالمال لتكون في يد السفهاء ظانين أن خطتهم ستجدي نفعاً فلم يفلحوا أبداً " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ " الأنفال آية36.

وأخيراً كان اغتيال أبي عمار لإكمال خطة مبرمجة لإنهاء القضية الفلسطينية وكسر شوكة المقاومة في فلسطين وكان تصريح شارون الذي يطلب فيه أن تكون حكومة فلسطينية معتدلة تقوم بالقضاء على الفصائل الفلسطينية المقاتلة وعلى رأسها حركة حماس حيث لم يتمكن طوال فترة أربع سنوات من القضاء على المقاومة .

أما الحرب الشرسة على الفلوجة فقد بات واضحاً أنها حرب صليبية صهيونية شيعية على السنة في الفلوجة ، فقد دخلت قوات الاحتلال الأمريكي الفلوجة الباسلة وهي ترفع الصلبان على الدبابات ، ثم تقوم تلك الدبابات بتدمير المآذن والمساجد على رؤوس أصحابها الآمنين ، فهدمت ما يقرب من 33 مسجداً ، وعاث الجنود بأحذيتهم مساجد الفلوجه وداسوا على مصاحفها ، وقاموا بارتكاب جرائم القتل البشعة في بيوت الله ، وتعمدوا رسم الصليب على بيوت الفلوجة ومنازلها عقب تفتيشها .

إن هذا الإجرام لم يكن إلا بإشارة من اليهود على بوش بعد فوزه بالانتخابات بولاية ثانية بضرورة تصفية المقاومة في مدينة الفلوجه تمهيداً لظهور العراق الديمقراطي الحر ، ولم يكتف الصهاينة بذلك بل شاركوا في المعركة جنباً إلى جنب مع الأمريكان ، فقد أفادت صحيفة هآرتس الصهيونية أن عدد الجنود اليهود في العراق يتراوح بين 800- 1000 جندي وضابط ، فيما يبلغ عدد الحاخامات 37 .

أما الشيعة فقد أفتى المرجع الشيعي السيستاني بحرمة القتال الأمريكان ، ووقف صامتاً أمام دماء أهل الفلوجة البطلة ، بل الأدهى والأمر أن قوات الشيعة ساندت القوات الأمريكية في هجومها على الفلوجة حيث ظهرت صور بعض جنود الحرس الوطني العراقي على مداخل الفلوجة وهم يحملون صوراً للسيستاني ، كما كانت أعلام الحوزة الشيعية السوداء ترفرف على سيارات الحرس الوطني العراقي أثناء دخولها الفلوجة .

إنه ورغم تجمع الأحزاب في الخندق الذين بلغوا عشرة آلاف مقاتل ومعهم من الجمال ألفان وخمسمائة ، ومن الخيول ثلاثمائة ، أما المسلمون فقد بلغوا ثلاثة آلاف مقاتل معهم من الخيول ست وثلاثون فرساً ، انتصر المسلمون في هذه الغزوة رغم قلة عددهم وعدتهم مقابل جيش الأحزاب ، لأن الله علم صدق نيتهم وإخلاصهم وإقبالهم على الموت في سبيل الله فاستحقوا نصر الله ، وكان الريح جنداً من جند الله سخرها لتخلع خيامهم وتكفأ قدروهم وتطفئ نارهم ، وكان سلمان الفارسي جندياً من جنود الله وكذلك نعيم بن مسعود " وما يعلم جنود ربك إلا هو "

فمهما خطط الأحزاب وجمعوا كيدهم ومكرهم لضرب الإسلام فلن يفلحوا أبداً مادام المؤمنون معتصمين بحبل الله ومتيقنين بنصر الله معتزين بقوة الله فالنصر لهم بإذن الله تعالى " وكان حقاً علينا نصر المؤمنين "