تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نريد بناء لا ركاما



منال
11-24-2004, 11:15 AM
نريد بناء لا ركاما

محمد غالب حسين



الأصل أن يكون المسلمون جماعة واحدة في العالم كله، فضلاً عن أن يكونوا جماعة واحدة في القطر الواحد، ففرقة المسلمين مرض، والمرض لا يشفى بمجرد التمني، بل لابد من علاجه واستئصال أسبابه.



ومن هنا كان الدافع لكتابة هذه السطور إلى الحركة الإسلامية المعاصرة قيادةً وأعضاءً بكل أطيافهم واهتماماتهم، فهو نداء موجه إلى كل جماعة تدين بالإسلام وتمارسه وتدعو إلى إقامة نظامه في الأرض بالطرق المشروعة، نداء من داخل الحركة وليس نقداً من خارجها، رغبة في تحسين أوضاعنا الداخلية.



ونحن معاشر الدعاة إلى الإسلام في طول البلاد وعرضها، نملك من الطموحات والآمال مثل غيرنا بل أكثر، ونحتاج إلى أن نكون على قدر المسؤولية وعلى مستوى المرحلة الراهنة والتغيرات القادمة.

إن من شروط تقدم مسيرتنا الدعوية، مناقشة الأوضاع، ثم الاعتراف بالأخطاء وتصويبها وعدم الاستمرار عليها.



لذا أحب أن أقف هذه الوقفات مع المحاور التالية:

1 - الشورى بين التنظير والممارسة:

الشورى مَعْلم من معالم النظام الإسلامي وسماته، انقطعت صلتها بالأمة منذ زمن بعيد، ومازالت الأمة تطمح إليه وتنشده. والحركة الإسلامية أشد حاجة اليوم إلى نظام للشورى ملزم ومؤسس على قواعد وأسس علمية منظمة، ولابد من مشاركة قطاع كبير ممن بلغ مستوى في العلم والتربية وبضوابط للمشاركة، في صنع القرار وتنفيذه والمحاسبة الدقيقة عند الإخلال بل ومراقبة سير الأمور، وهذه نقلة ضرورية للحركة الإسلامية لتنتقل من العمل الفردي إلى العمل الجماعي والمؤسسي.



2 - روح الفريق "العمل المؤسسي":

لقد تمكنت الحركة عبر برامجها التربوية من تكوين أفراد على مستوى ممتاز، لكن المشكلات تنشأ عندما يُطلب من هؤلاء الأفراد العمل معاً في برامج مشتركة، وذلك لأن الحركة ظلت ومازالت في معظم الأحايين تحت قيادة أفراد معدودين بدلاً من فرق عمل جماعية، لقد تمخض عن ذلك بيئة قوامها "قيادة الرجل الواحد".



لقد استحوذ هذا النظام وهذا النمط على معظم نواحي الحياة، ولو تفحصنا الساحة الدولية لوجدنا أن الولايات المتحدة قد تفوقت على أوروبا في "صهر" مختلف القوميات في إطار الجدية والمثابرة، أما اليابان فقد سبقت أوروبا والولايات المتحدة بإضافة روح الفريق الجماعية والولاء للتقاليد والمعتقدات الدينية.



3 - العمل النسوي والأسرة:

هناك إخفاق إلى حد ما في مجال العمل النسوي ورعاية الطفولة، فهما من أهم شرائح المجتمع المنسية، ورغم محاولات الحركة بذل المستطاع في هذا الاتجاه إلا أن الحركة النسوية ليست بالفاعلة، وذلك لعدم إشراكهن في النشاط أو إعدادهن أو مساندتهن، في الوقت الذي ندَّعي فيه أهمية المرأة وأنها تربي قادة الأمة ورجالاتها، ويظل هذا الأمر يمثل تقصيراً يمكن سحبه كذلك في مجال إعداد الأطفال، فنسبة الأدبيات الإسلامية المتخصصة ضئيلة جداً وتحتاج لتركيز وعناية خاصة.



4 -غياب المؤسسات:

اعتمدت الحركة في معظم نشاطها على الأفراد موكلة المهام إليهم، الأمر الذي أدى إلى اعتماد الوظائف على الأشخاص، وبالتالي عدم الاستقرار وكثرة التغيرات ونقص في تغطية بعض الأدوار.



5 -النزعة الإقليمية والقومية:

إن الحركة نظرياً مقتنعة بوحدة الأمة وعالمية الدعوة، إلا إننا نعكس في سلوكنا أحياناً توجهات وطبائع قبلية وإقليمية واضحة، ومازالت تتعامل من منطلق "الوطنية" في كثير من القضايا، وهذا يجعلنا لا نستفيد من بعضنا البعض بالشكل المطلوب.



6 - غياب أو ضعف التخطيط:

إن الحركة غالباً ما تعيش من يوم إلى يوم تكافح لمجرد البقاء فقط، وقلما أتيحت لها فرصة لوضع خطط مستقبلية، فهي تدير عملها من خلال مواجهات الأزمات، وكثيراً ما تتحول الأعمال الروتينية إلى حالات طوارئ، لقد أدى غياب التخطيط المسبق إلى عدم وضوح الأهداف، وسوء توزيع الموارد، وخلط في تحديد الأولويات وفقدان تحديد الوجهة، وعليه فإننا نمضي غافلين عن نتائج أعمالنا غير عابئين بالتخطيط السليم.



7 -البديل الإسلامي:

لقد ظلت الحركة الإسلامية مشغولة بإثبات صلاحية الإسلام وتفوقه على غيره من الأيديولوجيات، وعملت في نطاق هذه العموميات، مع شيء من الإسهام في إيجاد البديل الإسلامي للاستغناء عن المؤسسات الرسمية التي لا تنطلق من روح الإسلام، علماً بأن البديل الإسلامي ليس عملاً تطوعياً، بل واجب، ومن أولويات الحركة، ولم يعد من الممكن أن يوكل هذا الواجب إلى أفراد من العلماء أو الحركة، إذ لابد أن يكون مجهوداً جماعياً وهو عمل مستمر لا يكفيه الاعتماد مرحلياً على المؤيدين والمتعاطفين، إنه شرط لابد منه لبداية النهضة الحضارية لمشروعنا الإسلامي، وسيظل تفوق النظام الإسلامي من دونه مجرد قناعة عاطفية، هناك حاجة إلى نموذج إسلامي حي مستنير يجذب الغرب والشرق نحو حضارة الإسلام.



8 - الغايات والوسائل:

يعاني بعض أعضاء الحركة الإسلامية قدراً من البلبلة والخلط بين الغايات والوسائل، وكثيراً ما نلاحظ أن مصلحة الحركة أصبحت معياراً للعمل والنجاح، رغم أن الحركة ما هي في الحقيقة إلا وسيلة لخدمة هدف إصلاح المجتمع، وقد أدى ذلك اللبس إلى انشغال الحركة بنفسها أكثر من انشغالها بالمجتمع وإصلاحه، والاضطلاع بدور حقيقي في المجتمع ككل، ولهذا السبب فإن جمهور الناس لا يبدي أي اهتمام أو تعاطف تجاه ما قد يقع على الحركة من ظلم واضطهاد، وتترافق هذه الظاهرة مع فقدان الإسلاميين بعض يكتسبونه من المواقع للعلمانيين نتيجة قلة التعاون بين الحركات الإسلامية.



وينبغي التأكيد على ضرورة تبني الحركة لمشكلات الأمة عامة وإيجاد الحلول لها كتحدٍّ مباشر تواجهه الحركة، ولكي تطمئن الأمة إلى أن الحركة حارسها الأمين.



9 - أزمة الفكر:

إن التفكير الصحيح هو الأساس في كل انطلاقة حضارية، وبتأمل واقعنا المعاصر نجد الحركة مقصرة إلى حد ما في تحقيق الاتساق والوحدة الفكرية بين أعضائها، ونظراً لتمسك الحركة بالعموميات، فقد برزت الخلافات الداخلية المتعددة حول الأمور التفصيلية، كما انصبت معظم جهود الحركة على العمل والنشاط أكثر من اهتمامها بالفكر والثقافة أو التوازن في ذلك، مع غياب بعض المواقف الرسمية المعلنة للحركة تجاه بعض القضايا الرئيسة العامة، مما كون لدى أتباع الحركة آراءً متباينة.



10 - غياب أو ضعف الحوار:

وترتب على ذلك بعض الركود الفكري ونوع من ال عجز عن الإثراء المطلوب لإنضاج الحركة وتجددها.



11 - إهمال وسائل الإعلام:

لقد قصرت الحركة الإسلامية إلى حد ما في مجال الاتصالات مع العالم المحيط بها، فأصبحت في عزلة لا تشعر بها، ولم توجه العدد الكافي من أعضائها إلى سد هذه الفجوة في وقت مبكر، مما جعل تأثيرها في المجتمع أقل مما ينبغي، ومكَّن منافسيها من السيطرة على وسائل الإعلام ورسم صورة مشوهة للحركة، دون أن تتوافر لها الفرصة العادلة للدفاع عن نفسها بشكل فعَّال، وأحياناً يتم إسقاط "المشاريع الإعلامية الإسلامية"، خوفاً من ردود الأفعال وليس اقتناعاً.



كما أن الحركة لم توجه عدداً كافياً من أعضائها للتخصص في مجالات الإعلام، ولقد كان الأولى بنا التنبه لذلك منذ زمن، فمعظم الجهود الإعلامية الموجودة محدودة الانتشار، ولا تخاطب إلا شرائح معينة، بل هي موجهة فقط للأعضاء، وبذلك تنازلت الحركة عن قطاع كبير من الأمة، وتركت هذا الثغر يتسلل منه من شاء من أصحاب التوجهات المناهضة للدين، وعاشت الحركة نوعاً من عزلة جعلها تتقوقع على ذاتها، مما عطَّل الطاقات وجمدها، وجعل الآخرين يكتسحون مواقع كثيرة على حساب ما بنته الحركة بجهود مضنية، بواسطة هذا الإعلام الذي أصبح المعلّم والموجه للمجتمع بكل فئاته.



12 - ترتيب الأولويات:

إن الحاجة لتحديد الأولويات تزداد إلحاحاً وأهمية مع مرور الزمن وتلاحق الأحداث، فلا يكفي أن يؤدي المرء الواجبات المهمة، ولكن عليه أن يؤدي الواجبات الأهم منها أولاً، فقد يؤدي المرء بكفاءة عملاً ولكنه ثانوي، إن لترتيب الأولويات أسبقية؛ لأن المهام أكثر بكثير من الموارد المتوافرة للقيام بها، وعليه يصبح تحديد الأولويات أمراً ضرورياً للغاية حتى لا يمضي الوقت.



13 - بين السرية والعلنية:

إن الظروف هي التي تملي أسلوب العمل، وعلى الرغم من أن هذه القضية حسمت، إلا أنه يجب على الحركة أن تكون مفتوحة على الناس كلما سمحت الظروف المحيطة بذلك، وليس للعمل السري أفضلية أو قدسية إذا ما سُمح بالعمل المعلن، مع أخذ الاحتياطات اللازمة، والرأي السليم هو اعتبار العمل العلني، كقاعدة أساسية ولا يلجأ إلى العمل السري إلا استثناءً، وحينئذ تطبق عليه قاعدة الضرورات تقدر بقدرها، أو كما يقال "التنظيم سري والدعوة علنية".



14 - ضعف قياس التجاوب الفاعل:

تدار الحركة بنظام الدورة المفتوحة غير المحكمة، فلا توجد مراجعة دائمة ومنظمة وعلمية على حد علمي لنتائج الأعمال أو تصحيحها من خلال المعلومات الواردة، فجهد الحركة منصبّ على تبليغ الرسالة بدون رصد آثارها المنشودة، واختلط على الكثيرين مفهوم "الأجر أهم من وجود الثمرة"، فبددوا كثيراً من الجهود من دون تحقيق للنتائج والمنجزات.



لقد أسأنا كثيراً في التعامل مع مفهوم "علينا العمل والنتائج بيد الله"، الأمر الذي أدى خطأً إلى عدم التركيز على الأداء والإنجاز، لقد حان الوقت الذي يوجب على الحركة أن تستخدم أفضل من لديها من المتخصصين في الإدارة والاتصالات والعمل الجماهيري والعلوم السياسية والعلاقات العامة، لترفع من مستوى أدائها لتمحيص أعمالها وأثر تحركاتها في الناس ومدى تجاوبهم معها، فإن هذا النوع من المراجعة ضروري جداً لتعديل مناهج العمل وتصحيحها إذا كانت في حاجة إلى ذلك، والتفاعل مع الآخرين.



15 - أدب الاختلاف:

مما يؤسف له، أننا عندما نختلف أحياناً، لا نمتثل للتوجيهات النبوية في أدب الاختلاف، وبدلاً من أن يصبح الاختلاف رحمة وإثراءً للآراء قد يحدث نوع من التفكك والتعنت والتأويلات المتعنتة، ويتحول الخلاف الفكري إلى اختلاف في القلوب والمشاعر، وربما يتطور الحال فيصبح خلافاً منهجياً، وعلى الجهات الإسلامية الناصحة ممارسة دور إيجابي للإصلاح خصوصاً في مثل هذه الفترات الحرجة.



16 - جدول أعمال مطوَّل:

تقع الحركة الإسلامية من حين إلى آخر في فخ مطالبة معارضيها فجأة بكل شيء دفعة واحدة.

إن الدرس الذي يجب أن نعيه جميعاً، أن يكون جدول أعمالنا قصيراً وواضحاً ومختصراً، وبمجرد إنجازه يوضع جدول أعمال زمني آخر مدروس.



لقد نجح الشيوعيون والقوميون في تطبيق هذا الأسلوب بفاعلية في الوطن الإسلامي، وكانت شعاراتهم بسيطة وجذابة ونفاذة، فرسخت في ذاكرة الناس لشدة اختصارها ووضوحها.

http://www.ala7rar.net المصدر:

انتظر تعليقاتكم لانى مش بفهم فى الجماعات ولا اعرف حد منها بس بالراحة على والا.....