لا جدال في أن الناس يوم القيامة ليسو سواء فمنهم شقي بسيئاته وعقابه ومنهم سعيد بحسناته وثوابه، وهذا عدل الله تعالي لا ريب فيه ولا مراجعة، يقول تعالي، (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره). ولكن مع علمنا بكل ذلك وإيماننا به لا ينتبه كثير منا في غمرة الحياة إلي وسائل الرقابة الإلهية الدقيقة علي سلوكنا وتسجيل حسناتنا وسيئاتنا ولا يحس الإنسان منا إحساسا قوياً بأنه مراقب ممن لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء قد جعل الله سبحانه وتعالي للإنسان نفسه من أعضائه رقيبا عليه وشهداء علي عمله يقول سبحانه وتعالي (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون). كذلك فان هناك ملكين موكلان به يسجل احدهما حسناته ويسجل الأخر سيئاته يقول عز وجل (ما يلفظ من قول إلا لدية رقيب عتيد). والآن تعال معي نستعرض يوما من أيام حياتنا وما يبدر فيه من ذنوب لا ننتبه إلي عاقبتها ولا نتذكر حينئذ الرقيب علينا .

أتعرف انك حين تستهل صباحك بلفظة نابيه تقولها لأحد من الناس أو تنطق بكلمة كاذبة تتخلص بها من موقف أو تتخذ من زملائك في العمل مادة للسخرية أو لذم والنميمة أو أطلقت لسانك بغير الحق هل تدرك في هذه المواقف أن الرقيب يسجل عليك ممارساتك وان لسانك هذا الذي تتفوه به هو شاهد عليك بما قلت وليس هناك من سبيل لان تكذب شهادة لسانك عليك وهل نسيت توجيه الدين لك في قولهم تعالي ( وإذا قلتم فاعدلوا ...) وهل تدرك حين تتطاول علي بريء بالاذي أو تكيد لأخر بان تكتب ضده شكاوى كيدية أو وشاية لتضره أو لتأخذ من حق غيرك ما ليس لك بحق وهل تعرف انك لو مددت يدك إلي مال الغير بالسرقة أو اختلاسا هل تذكر أن الرقيب سوف يسجل عليك ما فعلته وان كل هذا سوف تشهد به عليك يدك وهي أداتك التي ارتكبت بها جرما وظلما وعدوانا .

وحين تمشي في طريق السوء وتجتمع في مكان مع شرار الخلق فتجاملهم حيث يكونون وتخوض معهم فيما يخوضون هل تذكر حينذاك أن الرقيب يسجل ما حدث وان رجليك اللتين سرت بهما سوف تكونان شاهدتين عليك يوم تنكشف الأستار ؟