الحمد لله و الصلاة على محمد صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه اجمعين....
اما بعد:
فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:
اتيت لنبي صلى الله عليه و سلم قلت:
ابايعك على الاسلام فشرط عليّ ( و النصح لكل مسلم) فبايعته على هذا.

و للنصيحة اداب و احكام و منها:
علم قبل النصح و حلم اثناءه و صبر بعده.
و للنصح عدة اساليب فمنها الكتابة و منها المشافهة...
و لا بدّ من اللين اثناء النصح و لو مع افجر اهل الارض, فهذا موسى عليه السلام يأمره ربه قائلا"\ اذهبا الى فرعون انه طغى \ فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى\
و احيانا تكون الشدة انفع للمنصوح و هذا موسى عليه السلام و في شأنه يقول المولى و على لسان هارون \قال يبنؤمّ لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي اني خشيت ان...\

ايها الاخوة الكرام:
فهذه رسالة ارسلت اليّ من اخ غيور على دينه و احب ان يقوم بواجبه الشرعي ( فبارك الله فيه) من تصحيح لبعض المفاهيم التي وقعت في رسائلي ( رخصة رمضانية و غيرها...)
و من باب_هل جزاء الاحسان الا الاحسان-كتبت هذه الرسالة و تصحيحا" لرسالته سائلا" المولى ان يلهمه القبول و الصبر اثناء القراءة...اللهم آمين.

فقال حفظه الله:
(بداية اقول باننا لسنا جهال هذه الامة و لا متفلسفيها او من متعصبيها و لكننا نحاول قدر الامكان اجتنب الشبهات و ما امساكنا عن الطعام قبل الوقت المعلوم بدقائق الا لأجل هذه الغاية و هنا اورد حديث الرسول صلى الله عليه و سلم اذ يقول: الحلال بين و الحرام بين....)

قلت:
و لا بد من وجود الجهل في هذه الامة المباركة و هذا هو تقسيم المولى في القرآن و ذلك في قوله\فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون\ فالناس بين قسمين:
1-قسم جاهل
2- قسم عالم
و الجاهل اما ان يكون جاهلا جهلا مطلقا او بسيطا او مركبا و هذا ما تقرر في علم الاصول.
اذا اطلاق كلمة الجهل في مكانها و الناس يدورون بين الجهل و العلم بل بين الجهل المطلق و المركب و البسيط.
و الجهل صفة المتكلم اما ان يكون جاهلا و الجهل ملازمه و اما ان يكون جاهلا ببعض احكام دينه...
اذا هو جاها بقدر ما يجهله فتنبّه!
ثم قلت:
و أي شبهة في هذا الحكم؟ اليست ااية واضحة؟
\كلوا و اشربوا حتى يتنين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر...\
و هل هناك اوضح من هذه العبارة؟
و ما هي علاقة حديث النعمان رضي الله عنه: الحلال بين...بهذا الموضوع!

ثم قلت:
و هل بعد هذا التعصب تعصبا"! فنهمل الاية و غيرها من الاحاديث تبعا" لأهوائنا و نزعم انّ تعصبنا هذا هو عين الاحتياط!
و شتّان شتّان بين التعصب و الاحتياط...و هل كان الاحتياط يوما في غير اتّباع سنة الرسول صلى الله عليه و سلم؟

ثم قال حفظه الله:
(و من اجل ذلك فيجب اخذ الحيطة و لو بدقائق قبل اذان الفجر لمن كان صائما")

و قال ايضا":
(اما ان كنت تسمينا جهالا و متفلفين من قبيل الالقاب فان الله عز و جل يقول\ و لا تنابزوا بالالقاب\)

و قلت :
و بعد هذه النصيحة الطيبة قال:
(الالباني خاصتكم)

ثم قلت:
اليست كلمة خاصتكم هي عين اللمز و الغمز...سامحك الله.

ثم قال:
(اما بخصوص الحديث فلم اسمع به من قبل)

فقلت:
و هل عدم سماعك لشيء عدم وجوده!!
فكم من حديث غاب عن كثير من طلبة العلم فضلا عن العلماء...

ثم قال:
(و لذلك اقول و القول لي بأن رميك الناس بالبدع و الضلالات ليس من اخلاق اهل السنة و الجماعة في شيء)

قلت:
بل رمي الناس بالبدع و الضلالات من اخلاق اهل السنة و الجماعة..
فأين انت من عمر رضي الله عنه عندما قال لذلك الصحابي الجليل(حاطب بن بلتعة)و عندما نافق في مسألة ما...فقال عمر لرسول الله صلى الله عليه و سلم:
دعني اضرب عنق هذا المنافق.

ام اين انت من ابن عباس رضي الله عنه و عن ابيه و ذلك في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام:
قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: ان نوفا يزعم ان موسى ليس بموسى بني اسرائيل انما هو موسى آخر فقال:
كذب عدو الله:
حدثنا ابيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه و سلم.....البخاري رقم الحديث 122

و تعليقا على هذا الحديث قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
و اما تكذيبه فيستفاد منه ان العالم اذا كان عنده علم بشيء فسمع غيره يذكر فيه شيئا بغير علم ان يكذبه.
و قال ابن التين رحمه الله:
لم يرد ابن عباس اخراج نوف عن ولاية الله و لكن قلوب العلماء تنفر اذا سمعت غير الحق فيطلقون امثال هذا الكلام لقصد الزجر و التحذير منه و حقيقته غير مراده.

و قال الشيخ بازمول:
شاع عند بعض الناس انهم لا يطلقون لفظ ( الكذب) الا على الاخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه على سبيل العمد.
و لغة الصحابة رضوان الله عليهم اوسع من هذا, فهم قد يطلقون الكذب على ما يخالف الواقع و لو على سبيل الخطأ دون قصد.

ثم قلت:
و اين انت من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:
ان سبيعة بنت الحارث وضعت حملها بعد وفاة زوجها بخمس عشرة ليلة فدخل عليها ابو السنابل فقال:
كأنك تحدثين نفسك بالباءة؟ ما لك ذلك حتى تنقضي ابعد الاجلين!
فانطلقت الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فاخبرته بما قال ابو السنابل فقال صلى الله عليه و سلم:
(كذب ابو السنابل)

ثم قال صاحب الرسالة:
(بالنسبة لاعياد النصارى و اعياد المسلمين فلا خلاف على ذلك عندنا سوى قضية التكفير التي ذكرتها)
قلت:
الكفر ينقسم الى قسمين كما ان الكفر منه مقيد و منه مطلق,منه عام و منه خاص...
و هناك كفر عمليّ و كفر اعتقاديّ و الاول منهما لا يخرج من المللة الا بحالات نادرة بعكس الاخر...
و هناك فرق شاسع بين تكفير المطلق العام و المعين الخاص فالاول يجوز اطلاقا كقوله عليه الصلاة و السلام:
(من حلف بغير الله فقد كفر)
و الثاني لا يجوز اطلاقه حتى تتوفر فيه بعض الشروط.
و بهذه المناسبة يقول ابن عثيمين رحمه الله:
الحكم المعلق بالاوصاف(قلت) كحديثنا السابق الذكر...لا ينطبق على الاشخاص الا بتحقيق شروط انطباقه و انتفاء موانعه.

قلت:
و موانع التكفير يشتمل على اربعة موانع:
1-الخطأ
2-الجهل
3-العجز
4-الاكراه

وشروط التكفير شرطان:
1-قصد المعين الكفر
2-قيام الحجة

نعم قلت في رسالتي انه من زعم ان للمسلمين عيد رابع اكتسب خصلتين كفريتين...
و هل كل من اكتسب خصلة من خصال الكفار يكون كافرا"- بشرط ان تكون الخصلة عملية-

و هذا الرسول صلى الله عليه و سلم يقول:
(اربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا و من كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها...)
فكما ان هذا فيه خصلة من خصال المنافقين فذالك فيه خصلة من خصال الكفار و لا فرق فتنبه.

ثم قال صاحب الرسالة:
(لذلك اقول ما دام الرجل يقول لا اله الا الله محمد رسول الله يعمل باركان الاسلام فلا يجوز تكفيره اطلاقا لانه ربما عاد عن ذلك)

قلت:
و من قال انّ من اتى باركان الاسلام و ارتكب خصلة اعتقادية من خصال الكفار لا يجوز لنا تكفيره بعد قيام الحجة عليه؟
بل لعلك اردت( اللعنة) و هناك فرق بين اللعنة و التكفير فالاولى منهما دعاء و الثانية حال...فتنبه

و الى هنا ينتهي الموضوع سائلا المولى بأن يتقبله مني و يثيب صاحب الرسالة خير الثواب...